Labza.Salem Admin
عدد المساهمات : 43954 نقاط : 136533 تاريخ التسجيل : 12/09/2014 العمر : 29 الموقع : سيدي عامر
| موضوع: حكاية ابو يزيد البسطامي قدس الله سره مع الراهب الثلاثاء 21 مارس - 1:03 | |
| حكاية ابو يزيد البسطامي قدس الله سره مع الراهب
دخل ابو يزيد البسطامي الى بلاد الروم واذا براهب قد امسك بيده الى منزله واخلى له مكانا في داره فأقام يعبد الله تعالى في ذلك المكان والراهب يأتيه كل يوم بالأكل والشرب بكرة وعشيا مدة شهر ، فقال ابو يزيد يوما لنفسه : يا نفس أنا اريد أن أكسرك وأراك لا تنكسرين ؟ فبينما يخاطب نفسه واذا بالراهب قد دخل عليه وقال : ما أسمك ؟ قال ابو يزيد . فقال الراهب : ما أحسنك لو كنت عبد المسيح . فصعب ذلك على ابو يزيد وأراد الخروج من عنده ، فقال له الراهب : أقم عندنا الى تمام اربعين يوما ، فأن لنا عيدا عظيما وأريد أن تحضر هذا العيد ولنا واعظ يعظنا من السنة الى السنة مرة واحدة . فأجابه . فلما كان تمام الاربعين دخل عليه الراهب وقال له : قم فقد أتى يوم عيدنا . فلما قام قائما قال له : كيف تمضي معي وتحضر بين ألف راهب وأنت على هيئتك هذه ، فأني أخشى عليك ، ولكن أخلع ثيابك والبس هذا البرنس وشدّ وسطك بالزنار وعلق الانجيل على صدرك . فلما سمع كلام الراهب صعب عليه ذلك ، فنودي في سره : يا أبا يزيد افعل ذلك فأن لنا فيه أرادة ومشيئة ، فعند ذلك خلع ثيابه ولبس البرنس ، وشد وسطه بالزنار ، وحمل الانجيل على صدره وتوجه معه الى البيعة وجلس مع الرهبان فلم يتعرفوا عليه ، فبينما هو كذلك رأوا أعظمهم قد اقبل ولم يتكلم ، فقالوا له : لم لا تتكلم كعادتك ؟ كيف اتكلم وبينكم رجل محمدي ؟ فقالوا : قل لنا عليه حتى نقطعه بسيوفنا . فقال : والله ما ادلكم عليه حتى تحلفوا انكم لا تؤذونه ، ولا توشوشون عليه . فحلفوا على ذلك ، فقال الراهب عند ذلك : أقسمت عليك أيها المحمدي بالله إلا ما قمت من بين الجماعة . فوثب ابو يزيد قائما على قدميه فقال الراهب : انظروا اليه . فقالوا : صدق ايها الشيخ . فقال له : ما اسمك ؟ قال : ابو يزيد . قال : اتعرف شيئا من العلم ؟ قال : اعرف الذي علمني ربي عزوجل . قال : أخبرني عن واحد ما له ثان ، وثان ما له ثالث ، وثالث ما له رابع ، ورابع ما له خامس ، وخامس ما له سادس ، وسادس ما له سابع ، وسابع ما له ثامن ، وثامن ما له تاسع ، وتاسع ما له عاشر ، وعاشر ما له ثاني عشر ، وثاني عشر ما له ثالث عشر ؟ فقال ابو يزيد : أسمع الجواب بعون الملك الوهاب : أما الواحد فهو الله لا اله الا هو ، واحد لا شريك له . أما الثاني ، فهو الليل والنهار . وأما الثالث فهو الطلاق ثلاث مرات . أما الاربعة فالتوراة والانجيل والزبور والفرقان . وأما الخمسة ، فالصلاة الخمس . وأما الستة ، فهي الايام الست التي خلق الله فيها السماوات والأرض . وأما السبعة ، فهي السماوات السبع . وأما الثمانية فأنها حملة العرش يوم القيامة . وأما التسعة فهي مدة حمل المرأة للولد . وأما العشرة ، فهم الكرام الكتبة البررة . وأما الحادي عشر ، فأخوة يوسف عليه السلام . وأما الثاني عشر ، فهي السنة : أثنا عشر شهرا . فقال له الراهب : صدقت فأخبرني عمن خُلِق من الهواء ، ومن حفظ في الهواء ، ومن هلك بالهواء ؟ فقال : خلق من الهواء عيسى عليه السلام ، وحفظ في الهواء سليمان عليه السلام ، وهلك بالهواء قوم عاد . فقال : صدقت ، فأخبرني عمن خلق من الخشب ، ومن حفظ في الخشب ، ومن هلك من الخشب ؟ فقال ابو يزيد : خلق من الخشب عصا موسى عليه السلام ، وحفظ في الخشب نوح عليه السلام ، وهلك بالخشب زكريا عليه السلام . فقال الراهب : صدقت فأخبرني عمن خلق من النار ، ومن حفظ في النار ، ومن هلك بالنار ؟ فقال ابو يزيد : خلق من النار ابليس ، وحفظ في النار ابراهيم خليل الله عليه السلام ، وأهلك بالنار ابو جهل . فقال الراهب : صدقت فأخبرني عمن خلق من الحجر ، ومن حفظ في الحجر ، ومن هلك بالحجر ؟ فقال ابو يزيد : خلق من الحجر ناقة صالح عليه السلام ، وحفظ في الحجر اصحاب الكهف ، وهلك بالحجر اصحاب الفيل . فقال الراهب : صدقت فأخبرني عن قول العلماء ، فأنهم يقولون أن في الجنة اربعة أنهار : نهر من عسل ، ونهر من لبن ، ونهر من ماء ، ونهر من خمر ، وكل ذلك يجري في مجرى واحد ، هذا لا يختلط بهذا ، ولا هذا يختلط بهذا ، فهل له مثال في الدنيا ؟ قال : نعم ابن آدم في رأسه أربعة أنهار ، ماء أذنيه مرٌّ ، وماء عينيه عذب ، وماء أنفه مالح وماء لسانه حلو . قال : صدقت فأخبرني عن أهل الجنة ، فأنهم يأكلون ويشربون ولا يتغوطون ، فهل له مثال في الدنيا ؟ قال : نعم الجنين في بطن أمه ، يأكل ويشرب ولا يتغوط ، ولو تغوط في بطنه أمه لماتت . قال : صدقت فأخبرني عن شجرة في الجنة اسمها ( طوبى ) ليس في الجنة قصر ولا غرفة الا وفيه غصن من أغصانها ، فهل لها مثال في الدنيا ؟ قال : نعم الشمس أذا طلعت . قال : صدقت فأخبرني عن شجرة لها اثنا عشر غصنا ، وفي كل غصن ثلاثون ورقة ، وفي كل زهرة زهرتان في الشمس ، وثلاث زهرات في الظل ؟ فقال ابو يزيد : أما الشجرة فهي السنة اثنا عشر شهرا ، والورق بعدد أيام الشهر والزهرات فهي الصلوات الخمس ، وأما التي في الشمس فالظهر والعصر والتي في الظل فالمغرب والعشاء والصبح . فقال الراهب : صدقت ، فأخبرني عمّن حج بيت الله الحرام وطاف وليس له روح ولا وجبت عليه فريضة الحج ؟ فقال ابو يزيد : تلك سفينة نوح عليه السلام . فقال الراهب : صدقت ، فأخبرني أين يكون الليل اذا جاء النهار ، وأين يكون النهار اذا جاء الليل ؟ فقال ابو يزيد : ذلك في غامض علم الله تعالى ، فأن ذلك لا يظهر عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب ؟ فقال صدقت . ثم بعد ذلك قال ابو يزيد للراهب : أما أنت فقد سألت عن مسائل وأجبتك عليها ، وأريد أن أسألك عن مسألة واحدة ؟ فقال الراهب : سل ماشئت . فقال ابو يزيد : أخبرني عن مفتاح الجنة ما هو ، وما مكتوب على أبوابها ؟ فسكت الراهب ، فقال له الرهبان : غُلبت يا أبانا . قال : لا . قالوا فلم لا تجيبه مثل ما أجابك ؟ قال : أخاف أن أجبته عنها تقتلوني . قالوا له : وحق الانجيل أن أجبته لا نقتلك . فقال الراهب : أعلموا أن مفتاح الجنة قول لا اله الا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . فقال الرهبان عند ذلك : نشهد أن لااله الا الله ، ونشهد أن محمدا رسول الله . فقال الراهب : نحمد الله الذي اسلمتم ، فأني كنت مسلما منذ ستين سنة ، ولكني كنت أكتم ايماني خوفا منكم ، الى ان من الله علي بهذا الرجل . ثم أخربوا البيعة وجعلوها مسجدا لله تعالى ، وأقام ابو يزيد عندهم يعلمهم أمور دينهم ، ثم ودعهم ورجع الى بلاده . والحمد لله وحده ، وصلى الله على من لا نبي بعده وسلم تسليما كثيرا دائما الى يوم الدين. |
|