بحث عن البلطجة واحصائياتها - بحث مفصل عن البلطجة واحصائياتها
هل تحولت مصر إلي دولة البلطجية؟ هذا السؤال لابد وأن يثار ونحن أمام تنظيم سري شبه عسكري يضم ميليشيات من الخارجين عن القانون والمسجلين خطر وبعض العناصر الأمنية التي كانت تعمل بتوجيهات من وزارة الداخلية في عهد حبيب العادلي والحزب الوطني مباشرة.
والأمر الذي يثير الرعب أن تفشي ظاهرة البلطجية في المجتمع المصري في السنوات الأخيرة أثمر 10 ملايين قضية بلطجة منظورة أمام القضاء المصري وتراكم مليون و300 ألف حكم قضائي أمام شرطة تنفيذ الأحكام التابعة لوزارة الداخلية. مما جعل المواطن البسيط يفقد الثقة في حصوله علي حقه بالوسائل القانونية المشروعة وأدي إلي ظهور ما يعرف بشركات الأمن والاستشارات القانونية الخاصة تضم بين موظفيها عددا من مفتولي العضلات المدججين بالأسلحة الخفيفة لتنفيذ الأحكام بنفسها بدلا عن وزارة الداخلية.
- ولعل أخطر ما في ظاهرة البلطجة أن المواطنين العاديين بدلا من أن يلجأوا إلي أقسام الشرطة في نزاعاتهم وخلافاتهم حول المسائل المادية والشخصية بدأوا يستأجرون البلطجية للحصول علي نتيجة سريعة لصالحهم بدلا من الانتظار سنوات طويلة أمام أبواب المحاكم والشرطة ولا عزاء لدولة القانون!
وقد أكدت إحصائيات رسمية عن وزارة الداخلية أن مصر تضم 92 ألفا و680 بلطجيا ومسجل خطر وهم الخارجون عن القانون المرتبطون بجرائم عنف متكررة ما بين القتل العمد أو الشروع في القتل والاغتصاب والبلطجة وجرائم الخطف والحرق والتبديد والضرب المسبب لعاهات مستديمة والضرب المفضي إلي الموت.
ويذكر المحامي خالد فؤاد نائب رئيس حزب الشعب أن مصر عرفت في السنوات الأخيرة بانتشار ظاهرة البلطجية والتي تعني استعانة شخص أو جهة ما بأصحاب السوابق وفي ظل كثرة قضايا البلطجة أمام القضاء المصري التي تصل إلي 10 ملايين قضية بلطجة وتراكم الأحكام التي تصل إلي مليون و300 ألف حكم أمام شرطة تنفيذ الأحكام التابعة لوزارة الداخلية فإنه لم يعد بمقدور المواطن البسيط الحصول علي حقه بالوسائل القانونية بسهولة.
بل إن انتشار دور البلطجية في مصر كان السبب وراء ظهور نوع جديد من الشركات حصل بعضها علي تراخيص مثل شركات الأمن والاستشارات القانونية تتولي بنفسها تنفيذ الأحكام مقابل عمولة تصل إلي 30% من قيمة المستخلصات التي تنهبها بواسطة رجالها المفتولي العضلات المدججين بجميع أنواع الأسلحة الخفيفة!
- المرشدون بداية دولة البلطجية
ونشأة دولة البلطجة في مصر كشفتها الوثائق التي عثر عليها في أمن الدولة أخيرا فمع بداية تولي اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق المسئولية عام 1997 اتجهت إدارتا مباحث أمن الدولة والمباحث العامة بوزارة الداخلية إلي اتباع سياسة تجنيد فئة من البلطجية والمسجلين خطر في نقل المعلومات عن حركة بيع المخدرات والأسلحة وكذلك أماكن الفارين من الأحكام القضائية وهم من عرفوا بين العامة باسم (المرشدين) ويكون المرشدون غالبا من المجرمين الذين يعملون في معاونة رجال المباحث مقابل غض النظر عن تحركاتهم ومصالحهم الشخصية.
لكن هؤلاء المرشدين تحولوا مع الوقت إلي شركات خاصة يديرها رجال المباحث من داخل مكاتبهم، حيث تورد بلطجية للضرب أو هتيفة بالساعة في موسم الانتخابات لصالح الحزب الوطني أو كمبارس لحضور المؤتمرات الانتخابية أو سيدات مسجلات خطر للتحرش بالسيدات المؤيدات للمرشحين المنافسين في الانتخابات ومعاونين في قمع وبهدلة وسحل المعارضين ومنفذين للمظاهرات الوهمية ومتظاهرين ومعتصمين وهميين مهمتهم الاندساس وسط المضربين والمعتصمين ونقل أخبارهم إلي المباحث وإجهاض الإضرابات وقت الحاجة عن طريق افتعال المشاجرات وقلب الاعتصام أو المظاهرات إلي معركة بلطجية.
وبذلك تحولت طائفة البلطجية إلي تنظيم سري شبه عسكري له سلطة قانونية يمارس كل مخالفاته القانونية من بلطجة واتجار وفرض سيطرة بحماية من القانون أو بحماية القائمين علي تنفيذ القانون.
وقد رصد موقع "الكرامة" علي شبكة الإنترنت من واقع الوثائق التي توصل إليها أفراد من الشعب بعد الحريق الكبير لوثائق مباحث أمن الدولة أخيرا وثيقة تضم أشهر أسماء المرشدين المحترفين وزعماء شبكات الإرشاد وكل زعيم من هؤلاء المرشدين يعمل تحت يده عشرات المرشدين الصغار المتعاونين مع المباحث في معظم محافظات مصر.
ومن ناحية أخري جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق المصرية حول التجاوزات التي وقعت خلال ثورة 25 يناير أن هناك تنظيما سريا شبه عسكري يضم (البلطجية) وعناصر أمنية تتبع الحزب الوطني مباشرة.
وأشار التقرير إلي أن هذا التنظيم السري يضم ميليشيات من البلطجية وعناصر أمنية هدفها هو جرائم القتل العمد والعشوائي وإصابة وخطف واعتقال المواطنين وارتكاب أعمال بلطجة ضد المتظاهرين محملا الحزب الوطني المسئولية المباشرة عن أحداث موقعة الجمل.
50 ألف مسجل خطر في مصر
وفي دراسة علمية للباحثة د.فادية أبوشهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حول ظاهرة البلطجة أن حوالي 50% من المسجلين خطر تتراوح أعمارهم بين 18 ـ 30 عاما وأن أغلبهم يتركزون في محافظات القاهرة وبورسعيد والشرقية بواقع 8،49% من المسجلين خطر علي مستوي الجمهورية.
وأن محافظات الوجه البحري تضم 31% من المسجلين خطر ومحافظات الوجه القبلي تضم 24% والإسكندرية وحدها تضم 7،9% وبورسعيد 5،2% والسويس 9% بينما تقل ظاهرة البلطجة في محافظات الحدود وهي شمال وجنوب سيناء ومطروح وأسوان.
والخطير في هذه الدراسة ما أشارت إليه الباحثة من تزايد دور النساء المسجلات خطر في السنوات الأخيرة في مصر حيث يوجد 50 ألفا و733 مسجلة خطر في مصر.
وتتركز أنشطة البلطجية والمسجلين خطر في ارتكاب الجرائم التي تخل بالأمن العام ويتخذون من الوسائل غير المشروعة وسيلة للعيش وتتعدد مثل الإرهاب والقتل والسرقة والخطف والاتجار بالمخدرات.
وتشير الدراسة إلي أن 57% من البلطجية يعملون بمفردهم بينما 34% يعملون في تشكيلات عصابية والباقون يشتركون في الجرائم الفردية أو جرائم العصابات.
وتكشف الدراسة أن 65% من البلطجية والمسجلين خطر غير متزوجين و27% من المتزوجين و6،8% من المطلقين وأقل من 1% أرمل.
وأن أكثر من 3/2 المسجلين خطر هم من الأميين وأن أقل من 2% منهم يجيدون القراءة والكتابة وأن العلاقة بين الإجرام والأمية علاقة عكسية وأن 5،1% من المسجلين خطر من الجامعيين بمعني أن الثقافة والتربية والتعليم صمام الأمان أمام وقوع الشباب في عالم البلطجية.
- توحش البلطجية
ومع توحش ظاهرة البلطجية مع الانفلات الأمني الذي حدث في أحداث 25 يناير أصبح البلطجية العدو الأول للشعب المصري وفقدان الأمان هو التحدي الأكبر لأية حكومة مصرية تسعي لتحقيق الاستقرار اللازم للنهوض بالاقتصاد المصري.
ومن هنا أقرت حكومة عصام شرف مشروع قانون جديد لمواجهة البلطجة يتضمن عقوبات تصل إلي الإعدام ضد من يتسببون في ترويع الشعب المصري ومضاعفة عقوبة الحبس فيما يتعلق بعمليات التخويف والترويع والبلطجة ضد المواطنين والإعدام في حالة وجود وفاة.
ولكن يظل السؤال الذي يحير المواطنين من الذي يحرك هذه الدولة في الخفاء؟ من الذي يمول ويدبر ويحدد الأهداف التي ينقض عليها البلطجية لإثارة الذعر والرعب في الشارع المصري؟!