بحث عن الازدحام والسلوك - بحث مفصل عن الازدحام والسلوك كامل بالتنسيق
الازدحام والســــــــــــلوك
تعريف الازدحام:
يعد الازدحام من اهم نماذج التقارب بين البشر ، وعلي الرغم من انه في شكله العام يمثل منظومة اجتماعية يتجه من علاقات اجتماعية ، الا ان هذه المنظومة تتم بعدم الثبات النسبي ، كما انها منظومة ضعيفة اذا ما قورنت بغيرها من المنظومات الاجتماعية الاخري
وطبقآ لما يقوله (ترنر) 1985 Turner فان الازدحام له خصائصه المميزة التي تجعل منه حقلآ فريدآ للدراسة ، فالافراد في ظل الازدحام يتكون لديهم شعور بالمجهولية ، والاستجابة السريعة لمقترحات الآخرين ، وانتقال الآراء والافكار بسرعة والقابلية الشديدة للاستشارة.
والواقع ان اغلب نماذج الازدحام المعروفة يستشعر من يعيشون تحت تاثيرها " المجهولية " حيث يتصرف الفرد بطريقة تختلف عن تلك التي يتصرف بها في محيط ضيق غير كثيف ، يعرفه من حوله ويمكنهم ملاحظة سلوكه . ونطرآ لان الازدحام منظومة ليس لها هيكل ثابت او متوقع ، فيتكون لدي المتزاحمين نوع من الطواعية لقبول مقترحات الآخرين . وخاصية انتقال الآراء والافكار او ما يمكن ان يطلق عليها " العدوي الجماعية " ترتبط بالشعور " بالمجهولية " و " الطواعية " .
ولقد عرفها ( ترنر) العدوي الجماعية بانها " تكبير العلاقات الاجتماعية المتداخلة في الازدحام .
وعندما يتعامل البشر اجتماعيآ تحت تاثير الازدحام فان الاستجابة للاحداث والمواقف تحدث بصورة مكثفة وشديدة ، فاذا ما قام البعض بالتصفيق او الهتاف فان هذا السلوك ينتقل الي الآخرين ، وتزداد شدة العدوي كلما ازداد التقارب بين البشر . وبالنظر للخصائص الثلاثة السابقة ، نجدها تساعد بشكل ملحوظ علي حدوث الخاصية الرابعة وهي " القابلية للاستشارة " .
وعندما تمتزج الخصائص الاربعة فان سلوك الافراد تحت تاثير الازدحام يكون من الصعب فهمه وتحديده . ومن الممكن ان تلاحظ الخصائص الاربعة في اغلب حالات الازدحام ، ولكن تختلف درجة كل منهم في الظهور ، وبعض حالات الازدحام تسمح " بالمجهولية " بصورة اكثر وبعضها يسمح " بالعدوي الجماعية " ، وربما لا تظهر احدي هذه الخصائص في بعض حالات الازدحام .
ولكن ظهور او اختفاء بعض تلك الخصائص يمكن استخدامه كاحد العوامل المحددة " لمنظومة الازدحام والاهتمام هنا سوف ينصب علي الازدحام الحضري . وهو ليس مجرد ملمح منفرد للحياة المنزلية في المدينة في بعض بلاد العالم الثالث ، ولكنه جزء هام ومكون اساسي من مكونات ظاهرة حضرية مرضية تعرفها مدن العالم الثالث ، هي ما يطلق عليه علماء الاجتماع الحضري : "التحضر الرث" ، وهو ما نصادفه في كثير من العواصم الافريقية و الآسيوية ، والبيئة الحضرية الرثه احياء في قلب المدينة او علي اطرافها ، قد تكون عتيقة ، وقد تكون حديثة النشاة ، مساكنها في مستوي مختلف ، ليست بها شبكة مرافق او شبكة مرافقها منهاره او غير مكتملة ، وفي جميع الاحوال تعاني من كثافة سكانية عالية ، تضغط ليس فقط علي تلك المرافق ولا علي المساحات القليلة الضيقة ، ولكنها – وهذا هو المهم – تصور نسقآ من العلاقات الاجتماعية المضطربة .
محددات الازدحام واسبابه
يشير( ستوكوليس ) 1972 Stokolis الي امكانية رجوع الازدحام الي عوامل اجتماعية او غير اجتماعية ويحدث الازدحام غير الاجتماعي نتيجة القيود الفيزيقية ، اما الازدحام الاجتماعي فهو يتمثل في ادراك الفرد بان القيود المكانية هي نتيجة لوجود الآخرين وعلاقته بهم .
ويرجع الازدحام الحضري يرجع الي العوامل الاجتماعية وغير الاجتماعية ، فالافراد يعانون من زيادة الحمل علي الحيز المتاح ، وايضآ نقص الخصوصية ، وكلاهما يمثلان العوامل الاجتماعية وغير الاجتماعية .
والباحث يقترح مجموعة من العوامل المحددة للازدحام تتداخل فيها الجوانب الاجتماعية وغير الاجتماعية وهي : المكانية ( الاقليمية ) ، والحيز الشخصي ، والخصوصية ، يكون من الاهمية تحديد ماهية " الحي المزدحم " علي النحو التالي :-
- الحي الذي يتجاوز الحدود المثلي للكثافة السكانية ( عدد الافراد / كم2 ) .
- وايضآ في الوقت نفسه يتجاوز الحدود المثلي لمعدل الازدحام ( عدد الافراد / الغرفة ) .
والكثافة المثلي تقدر ب 1100 نسمة / فدان ( 2و16 الف نسمة / الكيلو متر المربع ) .
ومعدل الازدحام الامثل يحدده (ايتلسون ) 1974 Ittelson et al, علي انه 01و1فرد في الحجرة .
ويري مكتب الاحصاء الامريكي ان الازدحام يكون متحققآ بالفعل اذا بلغ عدد الافراد للغرفة 5و1 فرداً .
خبرة الازدحــــــــــــــــتام
عرف Stokolisالازدحام بانه " الحالة التي يوجد عليها الفرد عند ادراكه نقص الحيز المتاح له او ان مطلبه من ذلك الحيز يزيد عما هو متاح له فعلآ .
ويري Stokolisان الازدحام متغير سيكولوجي بالدرجة الاولي ، فلا تتوقف معايشة الازدحام علي الكثافة السكانية ( عدد الاشخاص في وحدة المساحة ) ، فحسب ، بل تتوقف ايضآ علي الظروف التي في ظلها تحدث الكثافة السكانية .
وقد ربط (التمان)1975 Altman بين الازدحام ونقص الخصوصية ، واعتبر الازدحام علي انه الموقف الذي لا يتحقق فيه مستوي الخصوصية المرغوبة لدي الافراد.
بينما نجد ان (ويكان ) Wikan في دراستها الانثربولوجية لاحد الاحياء الكبري تربط بين الازدحام وتداعي بعض القيم المعيشية التي يرتبط بها الافراد ، ومن ثم نجدها تقيس الازدحام علي اساس درجة شعور السكان انفسهم بما يعتبرونه قيمآ معيشية اساسية ولكنهم يعجزون عن تحقيقها بسبب ضيق الحيز ، ومن بين تلك القيم :-
1- ان يكون لكل فرد الفرصة في ان ينام في سرير .
2- ان تخصص غرفة مستقلة لكل من الوالدين والابناء الذين يزيد عمرهم عن اربع سنوات .
3- ان تخصص غرف نوم مستقلة لكل من الاخوة والاخوات عند البلوغ .
4- ان تتوفر فرصة استقبال الضيوف الذكور غير الاقارب في غرفة لا تكون مخصصة لنوم او جلوس النساء .
5- ان يكون للاسرة مطبخ خاص معزول عن عيون الزوار الفضوليين .
لذا فان تعريف الازدحام المبني علي حيز وعدد الاشخاص فقط ، لا يعتبر حاسمآ في فهم ظاهرة الازدحام وتاثيرها علي الانسان ، ومن ثم فان خبرة الشخص السيكولوجية ، والقيم التي يتبناها يؤديان دورآ هامآ بالاضافة الي المقياس الفيزيقي ، في تكوين خبرة الازدحام .
وقد لاحظ (سكيمدت ) 1979 Schmidt ان المناقشات النظرية عن الازدحام بنيت علي رايين اساسيين :-
الاول : يتعلق بمفهوم " طاقة الحمل " وان الازدحام يمثل زيادة المثيرات علي هذه الطاقة .
الثاني : يتعلق بمفهوم " القدرة علي تنظيم البيئة الاجتماعية " والتي تمكن الفرد من الاحساس بالخصوصية عندما يرغب في ذلك .
وايد (ديسور) 1979 Desor الراي الاول عندما عرف الازدحام بانه استقبال الفرد لاثارة تزيد عن " طاقة الحمل " عن مصادر اجتماعية ، واسهل في شرح فكرة نظام " طاقة الحمل " . وفي بحث مفيد قدم (ميلجرام ) 1970 Milgram تحليلآ لكيفية تكيف الافراد للمثيرات التي تزيد عن طاقة الحمل نتيجة الازدحام في البيئة الحضرية . واوضح ان الافراد لديهم العديد من اساليب الاستجابة لهذه المثيرات التي تزيد عن " طاقة الحمل " ، وهذه الاساليب ( والتي اطلق عليها ميكانيزمات ) تاخذ احيانآ شكل التصفية المتعمدة ( او الطرد المتعمد ) لتلك المثيرات.
وهذه الاساليب ( او الميكانيزمات ) يمكن ملاحظتها في عديد من الظواهر في البيئة الحضرية تبدا من تجنب مساعدة الآخرين او ارشاد الغرباء عن المنطقة وتصل الي ضعف الاحساس بالمسئولية الاجتماعية ، وضعف الانتماء ، والاحساس بالمجهولية .
وبالنظر الي هذين المفهومين : " طاقة الحمل " " القدرة علي تنظيم البيئة الاجتماعية " ، يتضح ما يلي :-
1 – ان كلا المفهومين ينطويان علي ان خبرة الازدحام ترتبط بزيادة المثيرات الاجتماعية .
2- ان كلاهما يمكن ان يفسر في اطار التلازم بين نقص الخصوصية والاحساس بالازدحام .
3- ارتباط خبرة الازدحام بالاطار الثقافي للافراد ، ذلك ان زيادة المثيرات الاجتماعية غالبآ ما تكون علي شكل متطلبات اجتماعية ، يتحتم علي الفرد استقبالها من خلال تلك المثيرات ، وثقافة المجتمع تحدد بدورها نوعية هذه المتطلبات واساليب الافراد عند الاستجابة لها . فزيادة المثيرات في النهاية ( الضغط علي طاقة الحمل ) ، يتم الاستجابة لها من خلال اساليب تبني في الاطار الثقافي وتكون وتحدد ( القدرة علي تنظيم البيئة الاجتماعية ) .