بحث عن التقدم العلمى - بحث مفصل عن التقدم العلمى
الثورة العلمية (بالإنجليزية: Scientific revolution) أو التقدم العلمي (بالإنجليزية: Scientific progress)، هو فكرة أن العلم يزيد من قدرة حل المشكلة من خلال تطبيق بعض الأساليب العلمية. إن الهدف الأساسي من كل تقدم علمي هو تذليل الصعاب التي تواجه الناس، وتأمين حياة أكثر رخاء وسعادة لهم وهو الهدف نفسه الذي سعى إليه العلماء لتحقيقه من خلال المخترعات الجديدة التي يطالعون العالم بها كل يوم، وهذه المخترعات ليست وقفا على عصر محدد أو فترة تاريخية معينة, بل هي محصلة جهود متصلة وأفكار وتطبيقات متتالية، فكأنما هي بناء شامخ يرسى أحدهم لبنته الأولى ثم تتابع السواعد لترفع جدرانه العالية، وتنعم الأجيال الجديدة بما أبدعه السلف من منجزات في ساحة الحياة الرحيبة.
خصائص التقدم العلمي
كثرة المنجزات العلمية وتسارع الكشف والاختراع.
تزايد العلماء والباحثين بمعدل مذهل.
تكامل الطرق العلمية وتمايز العلوم وانفصالها عن الفلسفة.
تفرغ العلماء للبحث العلمي في المعاهد والجامعات والمختبرات ومراكز الأبحاث.
تخصص العلماء في علم واحد أو بالأحرى بجانب واحد من جوانب العلم.
التعاون وتبادل الخبرات والمعلومات ونتائج التجارب والأبحاث العلمية بين العلماء في شتى أرجاء العالم.
ازدياد الاهتمام بالتطبيق العلمي للعلوم واتجاه المؤسسات الصناعية من أجل تطوير إنتاجها إلى إنشاء المختبرات ومراكز البحث العلمي وتجنيد الخبراء والعلماء للعمل لحسابها.
ظهور الثورة الصناعية وانتشارها ومظاهرها
ظهرت الثورة الصناعية في إنجلترا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وانتقلت بعد ذلك إلى دول غرب أوروبا ومن ثم إلى جميع أنحاء العالم ، و قد كانت إنجلتراالدولة الأولى التي ظهرت فيها الثورة لعدة أسباب ,منها انها كانت قوية اقتصاديا و أنها تتوفر على موقع جغرافي هام كما أنها كانت منعزلة عن المشاكل داخلها.
ظهور الثورة الصناعية في بريطانيا
كانت بريطانيا أسبق دول العالم في تحقيق النهضة الصناعية. فمنذ منتصف القرن الثامن عشر انطلقت بها الثورة الزراعية التي أدت إلى تحسن المستوى المعيشي لسكان الأرياف فتزايد إقبالهم على استعمال المعدات الزراعية المتطورة واعتماد جانب من مدخراتهم في تطوير المشاريع الصناعية. كما أدت الثورة الزراعية وإدخال الآلات وطرق الاستغلال الحديثة إلى سيطرة الملكيات الكبيرة والاستغناء عن نسبة هامة من العمال الزراعيين فتوفرت بذلك يد عاملة رخيصة وكثيرة العدد للمصانع.
وبالإضافة إلى ما حققته الثورة الزراعية تجمع لدى بريطانيا رصيد ضخم من المال من تجارتها الواسعة مع مستعمراتها وظهرت فيها المصارف التي شجعت على بعث العديد من المشاريع الصناعية. وقد تمتعت بريطانيا باستقرار داخلي بعيدا عن مخاطر الحروب القارية الأمر الذي ساعد على استمرار نموها الاقتصادي وبروز العديد من الاختراعات الجديدة التي ضمنت لها التفوق على بقية منافسيها.
انتشار الثورة الصناعية
لم تتمكن بريطانيا من الاحتفاظ طويلا بأسرار تفوقها وثروتها فسرعان ما راحت العديد من الدول الأوروبية الأخرى تسعى إلى تحقيق ثورتها الصناعية وتطمح إلى الدخول في منافسة معها. ولم يوشك القرن التاسع عشر على نهايته إلا والثورة الصناعية قد امتدت إلى مناطق مختلفة من العالم خصوصا أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأيضا اليابان.
مظاهر الثورة الصناعية
شمل التطور الصناعي العديد من الميادين فازدهرت صناعة الغزل والنسيج وظهرت المصانع والأفران عالية الحرارة لصهر الحديد. وأصبحت الآلات بحاجة إلى مصادر جديدة للطاقة فاستخدم الفحم الحجري ثم البخار فالكهرباء في تشغيل المحركات والآلات وفي تسيير البواخر والقاطرات.
نتائج الثورة الصناعية
ساهمت الثورة الصناعية في تنشيط الحياة الاقتصادية فظهر نظام اقتصادي جديد كان له بالغ الأثر على المجتمع الأوروبي. وقد ادت الثروة الكبيرة إلى تقدم إنجلترا وجعلها من اغنى دول العالم فزاد ايرادها إلى 800مليون جنية في عام1914 وقد مكنتها مقدرتها المالية على اقراض الدول المختلفة ومنها مصر والدولة العثمانية وسائر الحكومات التي احتاجت إلى المال .
وجدت رؤؤس الاموال مجالات متسعة خارج حدود إنجلترا تستخدم فييه على نطاق واسع كذلك أيضا تزايدت مطالب العمال وحدث صدام بينهم وبين اصحاب رؤوس الاموال وأصبح التوفيق بين مطالب الطرفين من المسائل ذات الاهمية .
النتائج الاقتصادية
أدت الثورة الصناعية إلى قيام نظام اقتصادي رأسمالي يرتكز على حرية العمل والمبادلات فبرز دور المؤسسات الإنتاجية الكبرى في تنمية الاقتصاد وتحسنت الأوضاع المعيشية للناس وازدهرت حركة العمران كما ازداد الإنتاج الصناعي بشكل كبير بفضل تطور المعدات والآلات واعتماد التقنيات الجديدة. فانخفضت كلفة الإنتاج وظهرت صناعات جديدة واتسع الاستثمار في الزراعة فقد أدى الاستعمال المكثف للآلات والأسمدة إلى تحول الإنتاج الزراعي من إنتاج معيشي مخصص أساسا لاستهلاك المزارع وعائلته إلى إنتاج تجاري موجه إلى السوق. لذلك تحولت الزراعة إلى عنصر فعال في تطور القطاع الصناعي بعد أن وفرت له حاجاته من المواد الأولية مما زاد من مستوى الإنتاج واستوجب تأمين أسواق خارجية لترويج فوائضه كما تطلبت التجارية الدولية تطوير المعاملات المالية فأنشأت المصارف المتخصصة واعتمد الذهب كقاعدة في المعاملات.
النتائج الاجتماعية
أسهمت الثورة الصناعية في القضاء على المجتمع القديم وأقامت مكانه مجتمعا جديدا تميز ببروز طبقتين : طبقة أرباب العمل المنتسبين إلى البرجوازية والتي تكونت من أصحاب المؤسسات الصناعية والتجارية والمصرفية. وقد سيطرت هذه الطبقة على الحياة الاقتصادية بامتلاكها لوسائل الإنتاج. وطبقة العمال التي تكونت من سكان المدن والنازحين من الأرياف بحثا عن فرص العمل التي وفرتها المصانع. فظهر التفاوت الاجتماعي الذي اقتضى تدخل الدول للحد من سلبياته. فقد صدرت تشريعات عمالية تتعلق بعمل النساء والأطفال وتحدد ساعات العمل والحد الأدنى للأجر وتتناول الشئون الصحية للعمل. وظهر في بعض الدول كألمانيا وبريطانيا ضمان المرض وضمان الحوادث والشيخوخة. كذلك قضت الثورة الصناعية على الروابط العائلية التي كانت مصدر تكافل اجتماعي واقتصادي. فمع هذه الثورة أنشأت المصانع في مناطق دون أخرى فاستقطبت إليها العمال. وكان الآباء أول من اختطفتهم الصناعة ثم بدأت المصانع بتشغيل النساء والأطفال فقضت بذلك على تلاحم الأسرة وتسبب في تفاقم ظاهرة النزوح من الأرياف سعيا وراء فرص العمل التي وفرتها الصناعات الجديدة. فتضخمت المدن بشكل هائل وتفوق العرض على الطلب فانخفضت الأسعار وكثر عدد العاطلين عن العمل وتزايدت حدة البؤس. ظهرت من انتعاش النشاط الاقتصادي من خلال حركة البنوك والوكالات التجارية ومراكز التوزيع والتسويق.
النتائج السياسة والثقافية
كان للثورة الصناعية عدة نتائج على المستويين الثقافي والسياسي. أما بالنسبة للمستوى السياسي فقد أدت الثورة الصناعية إلى :
تطبيق المبادئ الدستورية التي منحت للعمال والنساء حق الانتخاب
برز أحزاب سياسية تدافع عن مصالح العمال وتشارك في الحياة السياسية.
احتدام التنافس بين الدول الصناعية للسيطرة على مصادر المواد الخام والأسواق الخارجية مما أنتج تفاقم الاستعمار وانقسام العالم إلى جزأين جزء مهيمن تمثله البلدان الصناعية وجزء مستغل تمثله بلدان أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.
أما بالنسبة إلى الجانب الثقافي فقد رافقت الثورة الصناعية انتعاشة ثقافية كبيرة كان من ثمارها الإيمان بقدرة العقل البشري وبأهمية العلم والتقدم. وقد نشطت الحياة الثقافية عبر مراكزها التي انتشرت في كل مكان من أوروبا. وأثرت المدينة على حياة الفرد الذي أخذ ينهل مما توفر له من أسباب التعلم والثقافة. فأسهم ذلك في رفع مستوى الوعي.
اثر الثورة الصناعية على العالم
لم تقتصر الثورة الصناعية على أوروبا بل تعدتها إلى دول أخرى من العالم كالولايات المتحدة الأمريكية التي استفادت من المنجزات الأوروبية لتطوير اقتصادها واستغلال مواردها حتى تمكنت من السيطرة على القارة الأمريكية بعد أن تقلص الدور الأوروبي فيها.
واستوعب اليابان من جانبه منجزات الغرب العلمية محققا بذلك ثورته الصناعية.
وقد تأثرت الدول العربية إلى حد ما بمنجزات الثورة الصناعية وقام بعض من حكامها بإنشاء المصانع واستقدام الخبراء من دول أوروبا لتنمية الصناعة فيها. كما قاموا بإرسال الطلبة المتفوقين إلى تلك الدول للاطلاع على مدى تقدمها الصناعي والعلمي والاستفادة من خبراتها الجديدة.