بحث عن المواطـنة - بحث مفصل عن المواطـنة جاهز للطباعة
المواطنة في الماضي: لم تكن المواطنة تثير نقاشاً أو جدلاً في التاريخ الإسلامي الماضي، في مراحله المختلفة، وأدواره التي عاش فيها المسلمون مع غيرهم، عيشة هانئة مستقرة، قائمة على الاعتراف بالذات، سواء في ديار المسلمين غيرهم، لوضوح الاعتبارات الإسلامية في معاملة المسلمين لغيرهم، والتزام معاييرها وتطبيق مقتضياتها، لأن المسلم سواء أكان حاكماً أم شخصاً عادياً يتميز بالتزامه الدقيق بشريعة الإسلام في القضايا الحساسة، ولرغبة المسلمين في تقديم أنموذج طيب عن رسالة الإسلام، ونشر دعوته في الآفاق الداخلية والخارجية، ليكون التعامل طريقاً جذَّاباً لقبول عقيدة الإسلام ومناهجه وشرائعه كلها.
المواطنة في عصرنا:
أما اليوم في عصرنا الحاضر فقد أصبحت المواطنة من أهم المشكلات المثيرة للجدل والبحث، في بلاد المسلمين أو في غيرها، بإيحاءات المفاهيم الغربية، وتعقيد المسائل، وإرباك الموقف الإسلامي دولاً وشعوباً، وكثرة السكان وقلة الموارد.
هذا مع العلم بأن الإسلام هو أول شرعة كبرى دعا إلى الوحدة الإنسانية الشاملة ليعيش الناس في تفاهم ومودة وتعاون وأمن واستقرار، في نصوص كثيرة، منها قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ..﴾(1)، وقول النبي e: «أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى»(2).
مفهوم المواطنة:
وأما المواطنة في المفهوم المعاصر أو الدولة الديمقراطية: فهي انتماء الإنسان إلى دولة إقليمية معينة. فهي تتطلب وجود دولة بالمعنى الحديث، ووجود وطن ذي أنشطة وفعالية أو إقليم محدد، وعلاقة اجتماعية بين الفرد والدولة، والتزام بالتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، ومشاركة في الحقوق والواجبات، واحترام نظام الدولة وعلاقته بالحاكم على المستوى الدستوري والقانوني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فيعبر المواطن في الدولة عن رأيه ومصالحة بحرية في مظلة ضمانات مقررة.
أسس المواطنة:
وهذا يتطلب توافر أساسين للمواطنة، الأول: الحرية وعدم استبداد الحاكم، والثاني: توافر المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرف. ولا يتوافر هذان الأساسان إلا بوجود نظام سياسي لخدمة الديمقراطية التي هي حكم الشعب بالشعب وللشعب، ونظام قانوني لمعرفة حقوق الإنسان المواطن وواجباته، ونظام اجتماعي يعتمد على حب الوطن، ومعرفة حقوق الوطن، والسلوك العملي المعبِّر عن احترام حقوق الوطن على أبنائه، كالدفاع عنه وعن المواطنين وحقوقهم وعن حقوق الدولة.
خصائص المواطنة:
إن المواطنة في الإسلام مفهوم سياسي مدني، وفي غيره مفهوم ديني كمفهوم الأخوة في الإسلام. لذا حققت المواطنة في الإسلام توازناً في المجتمع على الرغم من التنوع العرقي والديني والثقافي، بينما سارت المواطنة في المجتمعات الأخرى نحو الصراع العرقي والديني والثقافي، والغرب في قمة هذه الصراعات، لأنه جعل المواطنة ذات اتجاه عنصري كما عبرت عنه الحربان العالميتان في القرن العشرين.
والمواطنة في الإسلام :
تستوعب جميع المواطنين في دياره، دون إهدار حقوق الأقليات غير المسلِمة، أو المسلمة، من غير إثارة للنعرات القومية الطورانية والكردية والبربرية والعربية ونحوها.
المواطنة في المنظور الإسلامي تضمن لجميع المواطنين حقوقهم المتمثلة بحقوق الإنسان لقيامها على قاعدة التسامح، فهي تحترم الواقع وليست مجرد شعارات، وهي أداة بناء واستقرار، لا وسيلة تهديم وتفريق وزرع مشكلات كما هو الشائع في الغرب، إنها مفهوم يعتمد أساساً على الحرية والمساواة.
وأساليب المواطنة الإسلامية هي الدعوة الجادة والحازمة إلى الألفة والوفاق وإشاعة الأمن والوئام انطلاقاً من الآية القرآنية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا.. ﴾(3).
تأصيل فكرة المواطنة بالمفهوم الإسلامي: إن التأصيل الشرعي لمفهوم المواطنة ينبع مما يأتي:
1- "وحدة الأصل الإنساني أو النزعة الفطرية الإنسانية: فكل الناس سواء في أصلهم وجنسهم وميولهم الفطرية التي تقتضي التمسك بالمواطنة وحب الوطن، حتى إنه جعل الإخراج من الوطن معادلاً لقتل النفس، بصريح قوله - تعالى -: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ..﴾(6) فالتمسك بالوطن أو الانتماء الوطني غريزة أو نزعة إنسانية أو فطرة مستكنة في النفس الإنسانية، قال الخليفة عمر t: " لولا حب الأوطان لخرب بلد السوء " أي إن الوطنية ملازمة للإنسان، حتى ولو كان البلد فقيراً وأهله أشراراً.
2- وحدة المصالح المشتركة والآمال والآلام:
إن الوطن وعاء المواطنة، فمصالحه واحدة، وآماله بجعله عزيزاً كريماً وسيداً محصناً منيعاً هي واحدة، والآلام والمضار التي قد تجعله معرَّضاً للمخاطر مشتركة، كل ذلك يدفع المواطن إلى الالتقاء مع بقية المواطنين على خطة واحدة، وعمل واحد، سواء بالتحرر من الدخيل المحتل، أو ببنائه على أسس وقواعد قوية تحميه من كل ألوان العدوان والتخلف وصونه من الأزمات والانتكاسات، لأن الخير للجميع، والسوء أو الشر يعمُّ الجميع، وهذا يدفع المواطنين إلى الوقوف صفاً واحداً، والتعاون يداً واحدة لرفع كيان الوطن، وصون عزته وكرامته، مما يجعل الوطن الذي هو وعاء المواطنة حقاً عاماً لاستيطان جميع المواطنين.
3- المفهوم العام للمواطنة:
من المعلوم أن المسلم كالسمك في الماء لا وطن له، فجميع البلاد التي تسودها الشريعة الإسلامية، وتطبق أحكام الإسلام هي وطن المسلم. والتوفيق بين الانتماء للوطن والانتماء للأمة في التصور الإسلامي سهل واضح، لأن الإسلام وضع منهجاً واضحاً للدفاع عن الوجود الوطني بالبدء بأهل الدار أو الوطن الصغير، ثم الانتقال إلى الجوار، ثم الأقرب فالأقرب حتى يعم جميع البلدان والأقطار في العالم الإسلامي شرقاً وغرباً.
وتكون المواطنة في الإسلام في أصل مفهومها أوسع من الحدود الجغرافية الإقليمية الضيقة للوطن الإسلامي، ويكون كل فرد مسلم أو معاهد مواطناً، لأنه عضو من الأمة الإسلامية، له كل الحقوق، وعليه كل الواجبات.
المثال أو الأنموذج الأول للمواطنة- صحيفة المدينة:
كان الاتجاه الإسلامي منذ عهد النبوة سبَّاقاً لإعلان مبدأ المواطنة قبل ظهور مفهوم الدولة الإقليمية المعاصرة منذ معاهدة وستفاليا سنة 1856م، ثم بلورة النظام الدولي الحديث في ميثاق فرانسيسكو والاتفاق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من كانون الأول(ديسمبر) 1948.
المرجعية في ظل المواطنة في بلاد الإسلام:
إن قضية المرجعية في العالم تحددها القوانين النافذة، وغالب هذه القوانين ومنها الشريعة الإسلامية إقليمية التطبيق، لا شخصيته بحسب جنسية الإنسان، مع وجود استثناءات نخدم مبدأ المواطنة كما تقدم.
أما في ظل الإسلام في دلالاته الواضحة، فالنظرة لغير المسلمين نظرة إيجابية وذات أفق بعيد، لأن الإسلام دين الرحمة العامة بالعالمين، وتطبيقه لا يسيء إلى أحد من غير المسلمين، ومبادئه -كما تقدم- تقوم على إرساء معالم الحق والعدل والإحسان في المعاملة والمساواة.
ومن أهم المعارف الضرورية العلم بأن علاج ما قد يثور من مشكلات في مظلة الإسلام هو:
أولاً- الحوار الثقافي والحضاري الجادّ والهادف والقائم على احترام الثقافات الأخرى المحلية واحترام رأي الآخرين.
وثانياً- اعتماد قاعدة التسامح في الإسلام، فهو الذي يوفر الأمن والاستقرار، ويمنع كل ألوان التعصب والكراهية والحقد ضد الآخرين.
وثالثاً- التزام الحفاظ على مقوّمات السلم والأمن والوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والغلو والإفراط لاستئصال ما يشوِّه عقول الآخرين من زرع أفكار مغلوطة، وتصورات وهمية، ولمواجهة عصابات التطرف والغلو، ومكافحة الإرهاب، واجتثاث جذور الإرهاب الدولي في فلسطين وبقية دول العرب والإسلام.
ورابعاً- الدعوة الدائمة إلى احترام أصول العلاقات الدولية السلمية القائمة على حب الخير، والتعايش الودي المشترك، وإنهاء التوترات والنزاعات المسلحة، والتدخل المسلح في شؤون الآخرين، وقمع العدوان، ومحاربة الاحتلال، ومقاومة المعتدين ونهب ثروات المسلمين.
وكل ذلك لا يتم من جانب واحد لإرساء معالم المواطنة أو الوطنية، بل على الآخرين غير المسلمين التحاكم إلى هذه القواعد الأربع المتقدمة، لتصفية ما يعكر مفهوم المواطنة المسؤولة، واحترام الحقوق والواجبات، سواء في بلاد المسلمين وبلاد غير المسلمين، وعليهم أيضاً فهم الإسلام الصحيح ونبذ الفهم أو الفكر المشوة عن الإسلام. وعلى الجميع الإصغاء لكلمة الحق والعدل والمساواة والتزام مبادئ الأخلاق الكريمة، والاحتكام لنداء الضمير والوجدان من جميع الأطراف والأشخاص والجماعات والدول، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
اهداف المواطنة
1- التمسك بالعقييدة والعبادات والقيم .
2- تنمية الوعى لدى الطلاب باحقوق والواجبات
3- تحقيق الديمقراطية
4- تحقيق المساواة بين الطلاب
5- تنمية استعداد الطلاب لدراسة المشكلات المحلية وكيفية التصدى لهذة المشكلات .
6- غرس حب الوطن فى نفوس الطلاب من اجل العمل على تقدمة واعلاء شانة
7- تبادل الخبرات والمعلومات
8- استثمار وقت الفراغ بالنسبة للطلاب بما يعود عليهم وعلى مجنمعهم بالنفع
9- توفير بيئة نظيفة والمحافظة عليها والاستخدام الامثل لمواردها
وللموضوع