بحث عن فوائد دراسة علم العقيده الاسلاميه - بحث مفصل عن فوائد دراسة علم العقيده الاسلاميه
الحمد لله رب العالمين ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى ، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فإن من المهم لطالب العلم أن يهتم بتدوين الفوائد التي تمر به, سواء أكانت خلاصات, أم فوائد في غير مظانها, أم ترجيحات, أم تعريفات, أم قواعد, أم ضوابط... إلى غير ذلك.
ويحسُن به أن يحرص في جمعه للفوائد على الأمور الآتية:
1. أن يكون معه دفتر صغير يحمله معه أينما ذهب, يدون فيه ما يمر عليه من ذلك, لأنه قد تأتي الفائدة في أي وقت, فينبغي عليك أن تكون مستعداً لتدوينها.
2. أن يكتب الفوائد بشكل مرتب ـ لكي لا تتداخل مع بعضها ـ وبخط واضح ـ لكي لا يجد عناءً في قراءتها ـ وبقلم حبر ـ لكي يبقى الخط وقتاً أطول ولا يمتحى ـ .
3. أن يرقم الفوائد, ثم يعمل فهرساً لها؛ لكي يتمكن من إيجادها بسهولة, أو يجعل في جهاز الكمبيوتر ملفات ينقل فيها الفوائد بحيث يجعل كل ملف مختصاً بعلم؛ فيجعل ملفاً للفوائد العقدية, وآخر للفوائد الفقهية, وآخر للفوائد الحديثية... وهلم جراً.
4. أن يعنون الفوائد بقدر المستطاع, لكي يستطيع إيجادها بسهولة من دون أن يحتاج لقراءة نصوص الفوائد.
5. أن يراجعها باستمرار لكي ترسخ في ذهنك.
6. أن يجعل أرشيفاً يضع فيه الفوائد التي قد حفظها حفظاً متيناً؛ لكي لا تكثر عليه الفوائد فيتكاسل عن مراجعتها, وفي نفس الوقت لا تضيع منه الفوائد التي قد حفظها.
7. أن يكتب بجانب كل فائدةٍ المصدرَ الذي نقله منها؛ حتى لا يصعب عليه البحث عن مصدرها إذا أراد تفاصيلها, أو إذا أراد نقلها لغيره معزوة إلى مصادرها.
وهذه الأمور تختلف من شخص لآخر, فكلُّ له طريقته في ذلك.
قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله: ((وينبغي لطالب العلم أن يقيد ما علمه, خصوصاً القواعد والضوابط والمسائل النادرة؛ لئلا تفوته, فكثيراً ما يستحضر الإنسان مسألة نادرة ليست قريبة يدركها الإنسان بأدنى تأمل, ثم يعتمد على حفظه ويقول: هذه إن شاء الله لا أنساها, فينساها سريعاً.
فقيّد المسائل ـ خصوصاً النادرة أو القواعد أو الضوابط ـ حتى يكون لديك رصيد.
وقد قيل: (قيدوا العلم بالكتابة)
وقيل:
العلم صيد والكتابة قَيْدُه ** قَيِّدْ صيودك بالحبال الواثقة
فمن الحماقة أن تصيد غزالة ** وتتركها بين الخلائق طالقة)) اهـ كلامه
وقد كنت دونت العديد من الفوائد ورتبتها بحسب مواضيعها, وهأنا أضعها بين أيديكم لعلكم تستفيدون منها.
ليس في كلام الله ولا رسوله، ولا كلام الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً على أن الله تعالى ليس فوق العرش وليس في السماء، بل كل كلامهم متفق على أن الله فوق كل شيء.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- وغيره من أهل العلم: إن من ظن أنه لا تحصل حاجة من حاجاته إلا بالنذر فإنه في اعتقاد محرم؛ لأنه ظن أن الله لا يعطي إلا بمقابل، وهذا سوء ظن بالله -جل وعلا-، وسوء اعتقاد فيه -سبحانه وتعالى-، بل هو المتفضل المنعم على خلقه.
العذر بالجهل
الجهل إذا كان في أمر خفي دقيق من الأمور الدقيقة الخفية يعذر, أما في أمور واضحة التي لا تخفي لا يعذر. يعني في الأمور الخفية التي مثلها يجهله يعني مثل حال هذا الشخص يمكن يجهل هذا الشيء.
أنواع الاستدلال على أنواع العبادات
وهنا قاعدة في أنواع الاستدلال على أن عملا من الأعمال صرفه لغير الله -جل وعلا- شرك أكبر، وذلك أن الاستدلال له نوعان، فكل دليل من الكتاب أو السنة فيه إفراد الله بالعبادة، يكون دليلا على أن كل عبادة لا تصلح إلا لله، هذا نوع من الأدلة، كل دليل فيه إفراد لله -جل وعلا- بالعبادة يصلح أن تستدل به على أن عبادةً ما لا يجوز صرفها لغير الله -جل وعلا-، بأن تقدم، بأن تقول: دل الدليل على وجوب صرف العبادة لله وحده، وعلى أنه لا يجوز صرف العبادة لغير الله -جل وعلا-، وأن من صرفها لغير الله -جل وعلا- فقد أشرك، وتلك العبادة الخاصة -مثلا- عندنا هنا النذر تقول: هذه عبادة من العبادات فهي داخلة في ذلك النوع من الأدلة.
والنوع الثاني من الاستدلال أن تستدل على المسائل بأدلة خاصة، وردت فيها، تستدل على الذبح بأدلة خاصة وردت في الذبح، تستدل على وجوب الاستغاثة بالله وحده دون ما سواه على أدلة خاصة بالاستغاثة، وعلى أدلة خاصة بالاستعانة، ونحو ذلك.
فإذن الأدلة على وجوب إفراد الله بجميع أنواع العبادة تفصيلا وإجمالا، وعلى أن صرفها لغير الله شرك أكبر يستقيم بهذين النوعين من الاستدلال، استدلال عام بكل آية، أو حديث فيها الأمر بإفراد الله بالعبادة، والنهي عن الشرك، فتدخل هذه الصورة فيها؛ لأنها عبادة بجامع تعريف العبادة.
والثاني أن تستدل على المسألة بخصوص ما ورد فيها من الأدلة، بهذا قال الشيخ -رحمه الله- هنا: باب: "من الشرك النذر لغير الله"، واستدل عليها بخصوص أدلة وردت في النذر، والآيات التي قدمها في أول الكتاب كقوله -جل وعلا-: (راجع الآيات في المصدر؛ لأنها لا تظهر هنا) .
هذه أدلة تصلح بأن تستدل بها على أن صرف النذر لغير الله شرك، فتقول: النذر لغير الله عبادة، والله -جل وعلا- نهى أن تصرف العبادة لغيره، وأن من صرف العبادة لغير الله فهو مشرك، وتقول: النذر عبادة؛ لأنه كذا وكذا؛ لأنه داخل في حد العبادة حيث إنه يرضاه الله -جل وعلا-، ومدح الموفين به.
الدليل الخاص أن تستدل بخصوص ما جاء في الكتاب والسنة من الأدلة على النذر؛ ولهذا الشيخ هنا أتى بالدليل التفصيلي، وفي أول الكتاب أتى بالأدلة العامة على كل مسائل العبادة، وهذا من الفقه الدقيق في التصنيف، وفقه الأدلة الشرعية، من أن المستدل على مسائل التوحيد ينبغي له أن يدرك التنويع؛ لأن في تنويع الاستدلال، وإيراد الأدلة من جهة، ومن جهة أخرى، وثالثة، ورابعة, ما يضعف حجة الخصوم الذين يدعون الناس لعبادة غير الله، وللشرك به -جل وعلا-، وإذا أتيت مرة بدليل عام ، ومرة بدليل خاص، ونوَّعت فإنه يضيق، أما إذا كان ليس ثَمَّ إلا دليل واحد فربما أوَّله لك، أو ناقشك فيه؛ فيحصل ضعف عند المستدل، أما إذا انتبه لمقاصد أهل العلم، وحفظ الأدلة، فإنه يقوى على الخصوم، والله -جل وعلا- وعد عباده بالنصر.
وقد قال الشيخ -رحمه الله- في "كشف الشبهات": "والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء المشركين"، وهذا صحيح فإن عند العوام الذين علموا مسائل التوحيد، وأخذوها عن أهلها عندهم من الحجج، ووضوح البينات في ذلك ما ليس عند بعض المتعلمين.
الإخلاص: تصفية العمل من كل شائبة، بحيث لا يمازج هذا العمل شيء من الشوائب في الإرادات، وأعنى بذلك إرادات النفس، إما بطلب التزين في قلوب الخلق، وإما بطلب مدحهم، والهرب من ذمهم، أو بطلب تعظيمهم، أو بطلب أموالهم، أو خدمتهم، أو محبتهم، أو أن يقضوا له حوائجه، أو غير ذلك من العلل والشوائب والإرادات السيئة التي تجتمع على شيء واحد، وهو: إرادة ما سوى الله عز وجل بهذا العمل، وعليه: فالإخلاص هو توحيد الإرادة والقصد، أن تفرد الله عز وجل بقصدك وإرادتك فلا تلتفت إلى شيء مع الله تبارك وتعالى .
التوكل على غير الله يكون شركا أكبر إذا فوض أمره لغير الله؛ فوض هذا الأمر؛ المصيبة التي وقع فيها، أو ما يريد إنجاحه تجارة، أو عبادة أو درس أو نحو ذلك، فوّض إنجاح هذا الأمر لغير الله، وقام بقلبه هذا التعلق، يكون شركا أكبر.
فالخشوع سكون فيه ذل وخضوع, هذا الخشوع الذي هو نوع من أنواع العبادة, وتلك الرغبة وتلك الرهبة هذه من العبادات القلبية, التي يظهر أثرها على الجوارح.
وخشوع وتطامن وعدم حركة وسكون في الجوارح والأنفاس وحتى في الألحاظ في الرؤية، وهذا كله مما لا يسوغ أن يكون إلا لله، لأن المسلم في صلاته إذا صلى فإنه يكون يقوم به الرغبة، يقوم به الرهبة المستفادة من قوله تعالى ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(3)مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾[الفاتحة:3-4], (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) تفتح له باب الرغبات وباب الرجاء، و(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يفتح عليه باب الرغبة, باب الخوف من الله جل وعلا، فتأتي عبادته حال كونه راغبا راهبا، والخشوع سكونه وخضوعه وعدم حراكه في صوته وفي عمله، هذا لله جل وعلا في عبادة الصلاة، والخشوع يكون بالصوت، ويكون بالأعمال كما قال جل وعلا ﴿وَخَشَعَتْ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾[طه:108]، فالهمس لا ينافي الخشوع في الصوت، وهذه حال المصلي حين يناجي ربه جل وعلا، فهو في حال رغبة ورجاء، وفي حال رغبة ورهبة، وفي حال خشوع لربه جل وعلا، يزيد هذا في القلب، وربما غلب عليه حتى نال المقامات العالية في تلك العبادة، وربما قلَّ وَضَعُف حتى لم يُكتب من صلاته إلا عشرها أو إلا تسعها، هذا لأنه من أنواع العبادات التي يحبها الله جل وعلا ويرضاها.
الفائدة: المتبوع و المطاع هما إما مترادفان أو متقاربان ، شخصٌ أطاعك في غير شريعة الله أو مخالفاً بذلك شريعة الله في التحليل والتحريم يقال له مطاع، ويقال له متبوع.
- هل يجوز التسمي بعبد الهادي علمًا بأنَّ بعض أهل العلم لايرون التسمي بِهذا الاسم لكون الهادي ليس من أسماء الله تعالى، وذلك لعدم ورود نص ثابت عن النَّبِي ج فِي ذلك, وبعضهم يرى الجواز لعدم دلالته على النقص كالمنعم؛ أفيدونا مأجورين؟
- يجوز التعبيد لهذا الاسم؛ لأنَّه وإن كان لَم يرد اسمًا، فإنَّه ورد صفةً تقتضي المدح كقوله جلَّ من قائل: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس: من الآية35]. وكقوله -جلَّ من قائل-: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: من الآية56]، وقد أثبت الله لرسوله ج صفة الهداية فقال له جلَّ وعلا: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾ [الشورى:52-53].
وقد قسم أهل العلم الهداية إلى قسمين:
1- قسمٌ يختص بالله.
2- قسمٌ يوصف به الرسول ج والهداة إلى الحق من الناس كالعلماء الربانيين؛ الذين عرفوا الحق من النصوص الشرعية، وآمنوا به، ودعوا إليه.
والهداية المثبتة لله المنفية عن غيره هي هداية التوفيق، وهي خلق الرغبة في الهدى، وهو خلقها في قلب العبد حتى يكون العبد محبًّا للهدى وأهله، وكارهًا للكفر، والفسوق، والعصيان؛ كما قال جلَّ من قائل: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيْمان وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ . فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الحجرات:7-8]، ولقد حرص النَّبِي ج على هداية عمه أبي طالب، فأبى الله أن يهديه لما قد سبق له فيه من الشقاوة؛ الَّتِي كتبت في الأزل، وهو اللوح المحفوظ، ولهذا قال الله تعالى في أبي طالب: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [الأنعام:26]. أمَّا هداية الدلالة، والإرشاد، والبيان، فهي مشتركةٌ بينه وبين نبيه ج وسائر الأنبياء والمؤمنين.
ولهذا أقول: أنَّ الله هو الهادي يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بعدله، فلا مانع أن نعبِّد أبنائنا لاسمه المَصُوْغُ من الهداية؛ الَّتِي انفرد بِها عمَّن سواه من المخلوقين، وهي اسمٌ مدح، وله كل الممادح والمحامد -جلَّ شأنه-، وتعالت صفاته، وبالله التوفيق.
التوكل على الله قسمان:
أحدهما: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلاّ الله، كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم من نصر، أو حفظ أو رزق أو شفاعة. فهذا شرك أكبر.
الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة، كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما أقدره الله تعالى عليه من رزق، أو دفع أذى ونحو ذلك، فهو نوع شرك أصغر. والوكالة الجائزة هي توكيل الإنسان الإنسان في فعل ما يقدر عليه نيابة عنه، لكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وُكل فيه، بل يتوكل على الله في تيسير أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه، وذلك من جملة الأسباب التي يجوز فعلها، ولا يعتمد عليها بل يعتمد على المسبب الذي أوجد السبب والمسبب.
التوكل عبادة، وأن إفراد الله به -جل وعلا- واجب، وأنه شرط في صحة الإسلام، وشرط في صحة الإيمان، وهذا كله يدل على أن انتفاءه مذهب لأصل التوحيد، ومناف لأصله إذا توكل على غير الله في ما لا يقدر عليه إلا الله -جل جلاله-.
شهادة أن محمداً رسول الله تستلزم أموراً منها:
الأول: تصديقه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر.
الثاني: امتثال أمره صلى الله عليه وسلم.
رابعاً : أن لا يقدم قول أحدٍ من البشر على قول النبي صلى الله عليه وسلم.
خامساً : أن لا يبتدع في دين الله.
وعلى هذا فجميع المبتدعين لم يحققوا شهادة أن محمداً رسول الله، لأنهم زادوا في شرعه ما ليس منه، ولم يتأدبوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثامناً: احترام أقواله، فلا تضع أحاديثه عليه الصلاة والسلام في أماكن غير لائقة، لأن هذا نوع من الامتهان، ومن ذلك: أن لا ترفع صوتك عند قبره.
وإذا رجع أمر الشفاعة على الطلب صارت الشفاعة من أنواع الدعاء، فصارت دعوة غير الله شركا أكبر، لهذا نقول طلب الشفاعة من غير الله شرك أكبر، مما لا يقدر عليه إلا الله، يعني من الأموات ونحو ذلك فإن هذا شرك أكبر؛ لأنه دعاء والدعاء يجب أن يكون مخلصا فيه لله جل وعلا.
أصل شرك العالَم كان في جميع الفئات والطوائف كان على أحد جهتين:
- أما الجهة الأولى، الشرك بالاعتقاد بروحانيات الكواكب، كما كان شرك قوم إبراهيم عليه السلام؛ فإن إبراهيم أتى إلى قومه يعبدون الأصنام التي هي مصوّرة على صور روحانية الكواكب؛ الكواكب الخاصة التي يعتقدون أن لها تأثيرا في الملكوت، عبدوا الأصنام أو الأوثان؛ لأن أرواح تلك الكواكب تحِلّ فيها؛ الشياطين تحل في تلك الأصنام والأوثان وتخاطبهم، وربما حصلت لهم بعض ما يريدون، فوقع الأمر بأن أشركوا، وزادوا في الشرك على اعتقاد أن الكواكب هي التي تفعل، وروحانية الكوكب هي التي تخاطب؛ قال جل وعلا ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ(75)فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي﴾[الأنعام:75-76], والعلماء اختلفوا هل كان ناظرا أو مناظرا؟ والصحيح الذي يضعف غيرُه؛ أن إبراهيم عليه السلام كان في قوله (هَذَا رَبِّي) كان مناظرا لا ناظرا.
- والنوع الثاني من أنواع الشرك؛ شرك قوم نوح عليه السلام، وهو الشرك من جهة الاعتقاد بروحانية وأرواح الصالحين؛ قال تعالى ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾[نوح:23] فثبت في صحيح البخاري؛ في حديث عطاء عن ابن عباس أنَّه قال هذه أسماء رجال صالحين كانت في قوم نوح، ووقع الشرك بهؤلاء الرِّجال لأنهم صالحون، العرب ورثوا الشرك بالصالحين؛ فعبدوا أصناما متعددة، وأوثانا؛ عبدوا اللاّت؛ واللاّت كان مكان, كان قبرا تحل فيه روحانية ذاك كما يعتقدون، ومثّلوا عليه صنما فصاروا يعبدونه، وهي شياطين تتلاعب بهم، وكذلك العُزّى؛ والعزّى شجرة، ومَناة صخرة، وكان عند الشجرة رجل صالح يتعبد، وكان عند مَناة صالح يتعبد، وجعلوا الصالحين وأرواح الصالحين، والاعتقاد فيهم، وجَعل أولئك أولياء، جعلوا ذلك سببا لكي يرفع أولئك الحوائج لهم إلى الله جل وعلا.
إذا تأملت حال العرب، وجدت أن الشرك حصل من العرب، كما أراد الشيخ رحمه تقريره في هذه القاعدة الثانية؛ أن الشرك حصل من العرب في أناس -كما سيأتي- صالحين، أو أن الشرك وقع من آلهة لأجل طلب القربة والشفاعة، لا لأجل أن هذه مستقلة لها شيء من الربوبية، أو لها شيء من الألوهية الاستقلالية، لا، ولكن لها ألوهية على جهة السبب، تُعبد لكن على أنها واسطة وليست آلهة مستقلة، ولهذا قال جل وعلا ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾[ص:5], فإنهم يعتقدون وسائل على جهة القربة والشفاعة.
ولذلك من نواقض الإسلام، العاشر من نواقض الإسلام : الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، الذي لا يتعلم دين الله يعني ما يصح إسلامه به، ولا يعمل به هذا ليس من المسلمين وإن عاش بينهم.