بحث عن الشباب والهجرة الخارجية بأنواعها - بحث علمى عن الشباب والهجرة الخارجية بأنواعها
"هجرة شباب مصر ... فرار إلى المجهول "
المنظمة المصرية لحقوق الانسان
تحت عنوان " هجرة شباب مصر..فرار إلى المجهول " اصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الأحد 2/12/2007 تقريراً حول الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا ، يتناول التقرير حجم ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا ، أسبابها ودوافعها، آلياتها ووسائلها ، كيفية التغلب عليها كما يتضمن التقرير شهادات حية لأهالي بعض الضحايا من الشباب الذين التقت بهم بعثة المنظمة المصرية .
و يأتي التقرير منقسمًا إلى أربعة أقسام وهي :
القسم الأول : الهجرة غير الشرعية ..التعريف وحجم الظاهرة
ويتناول تعريف الهجرة بنوعيها الشرعي وغير الشرعي ، وحجم الظاهرة ، ومراحل هجرة العمالة المصرية إلى الخارج بصفة عامة والدول الأوروبية خاصة .
وفي هذا الصدد، أوضح التقرير أن احصائيات الأمن الإيطالية وحدها قد سجلت في الربع الأول من العام الحالي استقبال سواحل كالابريا 14 زورقًا محملة بأكثر من 1500 مهاجر غير شرعي معظمهم من المصريين ، وبلغ إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا ايطاليا عام 2007عن طريق البحر نحو 1419 مهاجراً ، لقي 500 مهاجر مصرعهم في البحر المتوسط حتى الآن مقابل 302 مهاجر فقط خلال عام 2006 بأكمله .وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الشباب المصريين الذين تم ترحيلهم من دول جنوب إفريقيا خلال عام 2006 بلغ 6748 شابًا.
وتعد محافظة الفيوم أكثر المحافظات المصرية ارتفاعا في نسبة هجرة الشباب لأوروبا، فمن أكثر القرى الفيومية التى اشتهرت بسفر شبابها إلى أوربا قرية (تطون)، حيث تعد الأشهر على مستوى الجمهورية في هجرة الشباب خاصة إيطاليا، حيث يقدر عدد أبنائها فى إيطاليا بحوالي 6 آلاف شاب من 40 ألف نسمة هم إجمالي سكان القرية ، ويقال أن اسم تطون مأخوذ عن اسم أحد شوارع إيطاليا..وتطلق القرية أسماء إيطالية على المحال التجارية بها.
القسم الثاني: الهجرة غير الشرعية ...الأسباب والدوافع
تعتبر الهجرة غير الشرعية (أو السرية) ظاهرة عالمية موجودة في كثير من دول العالم خاصة المتقدم، لكن الهجرة إلى أوروبا أصبحت إحدى القضايا المزعجة، التي تحظى باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن الدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين، والتي تشهد - غالبًا - افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين، فالفوارق الاقتصادية بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، وتتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في العديد من مناطق الجنوب بعد أن تعثرت مشاريع التنمية، ويزداد البؤس، وتتواجد أنظمة ديكتاتورية، وتوجد قضايا أقليات ونزاعات إقليمية، إلى جانب انتشار الفقر والبطالة وحدوث الكثير من الكوارث الطبيعية المتمثلة في الزلازل والفيضانات والجفاف.
و بالنسبة لأسباب هجرة المصريين ، فتتضافر عدة عوامل جاعلة الهجرة الغير شرعية للشباب المصري بمثابة ظاهرة، ولعل أهمها ارتفاع مستويات الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتفشي البطالة وعدم توافر فرص عمل ، فقد زادت نسبة البطالة خلال الأعوام الماضية، حيث وصلت إلى 10% عام 2002 ، وفي عام 2003 زادت النسبة إلى 10.7% ، وزادت هذا العام إلى أكثر من 11%، لذلك نجد الشباب يتجه إلى الهجرة غير الشرعية ، و فقدان الشباب الأمل في إيجاد فرص العمل سواء في تخصصاتهم أو حتى في غيرها التي أصبح البحث عنها كالحلم الذي يلوح من بعيد ولا يستطيع احد تداركه .
القسم الثالث : هجرة شباب مصر ..... حالات نموذجية
وفي ضوء تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ، يشير التقرير إلى وقوع الشباب في دائرة المحظور من خلال اللجوء إلى سماسرة السوق ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة الذين يتقاضون من كل شاب ما يقرب من 30 ألف جنيه للسفر، وتنتشر على الحدود مع ليبيا أو فى بعض محافظات الصعيد عصابات للنصب على الشباب، وتتقاضى منهم مبالغ طائلة بدعوى توفير فرص عمل لهم فى أيطاليا أو أوروبا ثم يهربون بهذه الأموال دون أن يحاسبهم أحد...وتنتهى رحلة الشباب إما بالموت أو السجن والترحيل. ونتيجة لعدم توفر الوعي لدى هؤلاء الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية يلقون حتفهم وهم في طريقهم إلى أحد الموانىء الإيطالية حيث يتم تسفيرهم على متن مراكب قديمة ومتهالكة والنتيجة غرقهم وسط البحر المتوسط وحتى من ينجو منهم ويصل إلى ايطاليا يعتبر مخالفاً للقوانين الإيطالية، ويتم إعادته مرة أخرى إلى أرض الوطن مرحلاً مهاناً إلى بلده مرة أخرى. فالهجرة غير الشرعية أصبحت السوق السوداء للاتجار بالشباب.
وهناك طرق عديدة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين، منها الطرق البرية عن طريق التسلل إلى ليبيا، حيث يتم تهريب المهاجرين إلى إيطاليا ومالطا وعن طريق الأردن يتم تهريب المهاجرين إلى قبرص واليونان أو تركيا.
ويتضمن هذا القسم من التقرير المنظمة المصرية أنه من الضروري التقرب أكثر من الواقع الملموس وذلك من خلال الاستماع إلى شهادات حية لضحايا الهجرة غبر الشرعية وذويهم ، وعليه قامت المنظمة بإرسال بعثات لتقصي الحقائق لمحافظات مصرية مختلفة ( الدقهلية ، الفيوم ، القليوبية ، الشرقية ) شهدت وقائع لحالات مأساوية لهجرة شباب مصر بطرق غير شرعية ، بلغ أقصاها في محافظة الفيوم ، حيث بلغ عدد الضحايا من الشباب الذين تقابلت بهم بعثة المنظمة 5 حالات وفاة .
القسم الرابع : الهجرة غير الشرعية ...آليات المواجهة
في ضوء ارتفاع أعداد الشباب المصري المهاجر بطرق غير شرعية والنتائج السلبية المترتبة على ذلك متمثلة في الخسائر المعنوية والمادية ، من حيث خسارة الأموال، والتعرض لمهانة الاعتقال والحبس والترحيل بل وتؤدي ربما إلى الموت ، فإن المنظمة المصرية تطالب الحكومة وبالتحديد وزارة القوى العاملة والهجرة بإعداد خطة استراتيجية ثلاثية الأبعاد أمنية وقانونية وإعلامية للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ووقف نزيف ضياع مستقبل آلاف الشباب باعتبارهم ثروة بشرية قومية، وفيما يلي بيانًا بأهم عناصر هذه الاستراتيجية :
1- تتولى وزارة القوى العاملة والهجرة بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية إعداد العمالة المطلوبة والمناسبة لسوق العمل الاوروبى من خلال معرفة متطلبات الدول الأوروبية من الخبرات اللازمة لسد النقص في الكفاءات والقطاعات المطلوب عمالة لها.
2- تقنين أوضاع المصريين المهاجرين هجرة غير شرعية بقدر ما تسمح به ظروف الدول المستقبلة وبما يخدم الأوضاع الاقتصادية لكل من دول المهجر ودول المنشأ، ومن خلال آليات تعاون فني وأمنى وقضائي وتشريعي ، وفي إطار الاحترام الكامل لحقوق المهاجرين .
3- توسيع دائرة الاتفاقيات الثنائية والإقليمية بين مصر ودول الإتحاد الأوروبي والسعي للوصول إلى أفضل الأطر التي تسهم في استقرار أسواق العمل والهجرة في الدول الأوروبية. وفي هذا الإطار فإنه ينبغي على وزارة القوى العاملة والهجرة في مصر توقيع اتفاقيات مع الدول الأوروبية لتنظيم الهجرة الشرعية بعيدًا عن السماسرة والوسطاء الذين كانوا يقدمون عقود عمل وهمية للعمال دون أي ضمانات لحقوقهم .
4- تشديد الحراسة على الحدود البرية والبحرية لمواجهة جماعات الهجرة غير الشرعية على الحدود وبناء معسكرات احتجاز للمهاجرين على السواحل حتى يبت في أمرهم إما بالعودة إلى بلدانهم أو بالسماح لهم بالعبور.
5- ضرورة التعاون المشترك بين وزارة الهجرة والعاملة ووزارة الإعلام المصرية لتنفيذ مشروع حملة قومية إعلامية لتوعية الشباب المصرى بمخاطر الهجرة غير الشرعية بهدف الحد من ظهور حالات الهجرة غير الشرعية وتقليل مخاطرها والتأثير بصورة إيجابية على اختيارات الشباب المصرى لفرص الهجرة وتحقيق فهم أفضل لحقائق الهجرة، وكذلك ضرورة توفير قاعدة معلوماتية عن أعداد المصريين المهاجرين بطرق غير شرعية، وتزويد جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية بهذه البيانات.
6- ضرورة قيام الحكومة بتوفير نقص احتياجات الشباب من فرص العمل التي هي الهدف الأساسي وراء هجرتهم للخارج، والتي تعد أيضاً أبسط حقوقهم في الحياة وكفلته لهم كافة الحقوق والمواثيق الإنسانية, وكذلك القطاع الخاص عليه دور رئيسي بتوسيع الاستثمار داخل مصر بدلا من الاستثمار خارجها.
7- نظرا لمعاناة دول جنوب وشرق البحر المتوسط من الهجرة غير الشرعية كدول عبور ودول إقامة غير شرعية، شأنها شأن الدول الأوروبية، فمن الضروري التعاون كشركاء متكاملين، للتعاطي المجدي مع الهجرة غير الشرعية، عبر تعزيز آليات مكافحة عصابات وشبكات تهريب المهاجرين بجهود أمنية مشتركة بين الدول المعنية.
ونهاية ، تدعو المنظمة المصرية الحكومة إلى تنظيم مؤتمر تشارك فيه وزارة الهجرة والقوى العاملة ووزارة الداخلية والإعلام وكافة الوزارات المعنية بموضوع الهجرة، وكذلك إشراك مؤسسات المجتمع المدني ذات الخبرة في المجال، بهدف مناقشة كافة القضايا والموضوعات المرتبطة بموضوع الهجرة سواء كانت شرعية أو غير شرعية .