بحث عن أسباب الأزمة المالية العالمية - بحث علمى عن أسباب الأزمه الماليه العالميه
عندما تقوم المؤسسات المالية الوسيطة " البنوك بوجه خاص " بتمويل الأفراد فإنها تحل في الواقع مديونية هذه البنوك التي تتمتع بثقة كبيرة لدي الجمهور محل مديونية عملائها.
ولكن ما إن يحصل العميل علي تسهيل البنك فإنه يتصرف في هذا التسهيل كما لو كان نقوداً لأن البنوك تتمتع بثقة عامة في الإقتصاد.
وهكذا لعب القطاع المصرفي " والقطاع المالي بصفة عامة " دوراً هائلاً في زيادة حجم الأصول المالية المتداولة وزيادة الثقة فيها ، ومن هنا بدأت بوادر أو بذور الأزمات المالية وهي بدء إنقطاع الصلة بين الإقتصاد المالي والإقتصاد العيني ومن هنا تظهر حقيقة الأزمة المعاصرة بإعتبارها أزمة مالية بالدرجة الأولي كيف؟
يرجع ذلك إلي المؤسسات المالية التي أسرفت في إصدار الأصول المالية بأكثر من حاجة الإقتصاد العيني، وبذلك زاد عدد المدينين، وزاد بالتالي حجم المخاطر إذا عجز أحدهم عن السداد، وهناك ثلاثة عناصر متكاملة يمكن الإشارة إليها وتفسر هذا التوسع المجنون في إصدار الأصول المالية.
أما العنصر الأول فهو زيادة أحجام المديونية أو ما يطلق عليه اسم الرافعة المالية ، فما هو المقصود بذلك؟ المبالغة بإصدار أسهم بقيم مالية مبالغ فيها عن القيمة الحقيقية للأصول التي تمثلها، ولكن يظل الأمر محدوداً، لأنه يرتبط بوجود هذه الأصول العينية ، أما بالنسبة للشكل الآخر للأصول المالية وهو المديونية، فيكاد لا توجد حدود علي التوسع فيها، وقد بالغت المؤسسات المالية في التوسع في هذه الأصول للمديونية، وكانت التجارب السابقة قد فرضت ضرورة وضع حدود علي التوسع في الإقتراض وربطه بالأصول المملوكة.
ولذلك حددت إتفاقية " بازل " للرقابة علي البنوك حدود التوسع في الإقراض للبنوك بألا تتجاوز نسبة من رأس المال المملوك لهذه البنوك، فالبنك لا يستطيع أن يقرض أكثر من نسبة محددة لما يملكه من رأسمال وإحتياطي وهو ما يعرف بالرافعة المالية.
ورغم أن البنوك المركزية تراقب البنوك التجارية في ضرورة إحترام هذه النسب، فإن ما يعرف بإسم بنوك الإستثمار في الولايات المتحدة لا تخضع لرقابة البنك المركزي!!!
ومن هنا توسعت بعض هذه البنوك في الإقراض لأكثر من " ستين ضعفاً " من حجم رؤوس أموالها كما في حالة" UBS"، ويقال إن الوضع بالنسبة لبنك ليمان براذرز كان أكبر، وهذه الزيادة الكبيرة في الإقتراض تعني مزيداً من المخاطر إذا تعرض بعض المدينين لمشكلة في السداد كما حدث بالنسبة للأزمة العقارية ،ولكن لماذا تتوسع المؤسسات المالية في الإقراض ؟
لسبب بسيط" الجشع "فمزيد من الإقراض والإقتراض يعني مزيداً من الأرباح،أما المخاطر الناجمة عن هذا التوسع في الإقراض فهي لا تهم مجالس الإدارة في معظم هذه البنوك والتي تهتم فقط بالأرباح قصيرة الأجل ، حيث يتوقف عليها حجم مكافآت الإدارة، ومن هنا ظهرت أرباح مبالغ فيها ومكافآت مالية سخية لرؤساء البنوك، وهكذا أدي الإهتمام بالربح في المدة القصيرة إلي تعريض النظام المالي للمخاطر في المدة الطويلة.
وزاد على ذلك أن النظام المالي في الدول الصناعية قد إكتشفت وسيلة جديدة لزيادة حجم الإقراض عن طريق إختراع جديد إسمـه المشتقات المالية" financial derivatives" و عن طريقه توليد موجات متتالية من الأصول المالية بناء علي أصل واحد .
كما حدث فى قطاع العقارات فى الولايات المتحدة ، فماذا حدث في هذا المجال، وهو المرتبط بما يعرف بأزمة الديون العقارية.
ولدت الأزمة الأخيرة نتيجة ما أطلق عليه أزمة الرهون العقارية، فالعقارات في أمريكا هي أكبر مصدر للإقراض والاقتراض، فالحلم الأمريكي لكل مواطن هو أن يملك بيت مناسب، ولذلك فهو يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار، والأزمة بدأت فيما عرف بالرهون العقارية الأقل جودة" subprime"، فماذا حدث؟
يتري المواطن بيته بالدين مقابل رهن هذا العقار، ثم ترتفع قيمة العقار، فيحاول صاحب العقار الحصول علي قرض جديد نتيجة إرتفاع سعر العقار، وذلك مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية، ومن هنا التسمية بأنها الرهون الأقل جودة.
وبالتالي فإنها معرضة أكثر للمخاطر إذا إنخفضت قيمة العقارات، ولكن البنوك لم تكتف بالتوسع في هذه القروض الأقل جودة، بل إستخدمت المشتقات المالية لتوليد مصادر جديدة للتمويل، وبالتالي للتوسع في الإقراض.. كيف؟
عندما يتجمع لدي البنك محفظة كبيرة من الرهونات العقارية، فإنه يلجأ إلي إستخدام هذه "المحفظة من الرهونات العقارية " لإصدار أوراق مالية جديدة يقترض بها من المؤسسات المالية الأخري بضمان هذه المحفظة،ما يطلق عليه التوريق" securitization"، فكأن البنك لم يكتف بالإقراض الأولي بضمان هذه العقارات ، بل أصدر موجة ثانية من الأصول المالية بضمان هذه الرهون العقارية فالبنك يقدم محفظته من الرهونات العقارية كضمان للإقتراض الجديد من السوق عن طريق إصدار سندات أو أوراق مالية مضمونة بالمحفظة العقارية، وهكذا فإن العقار الواحد يعطي مالكه الحق في الإقتراض من البنك أكثر من مرة ،وأيضا البنك يعيد إستخدام نفس العقار ضمن محفظة أكبر،للإقتراض بموجبها من جديد من المؤسسات المالية الأخري .
وتستمر العملية في موجة بعد موجة، بحيث يولد العقار طبقات متتابعة من الإقراض بأسماء المؤسسات المالية واحدة بعد الأخري، هكذا أدي تركز الإقراض في قطاع واحد وهو العقارات علي زيادة المخاطر، وساعدت الأدوات المالية الجديدة أو المشتقات علي تفاقم هذا الخطر بزيادة أحجام الإقراض موجة تلو الموجة.
# ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل قامت شركات التأمين بتأمين تلك السندات مما أدى إلى زيادة الإقبال عليها مما أدى إلى إنهيار شركات تأمين عالمية كبرى مثل" AIG" .
ويأتي العنصر الثالث والأخير وهو نقص أو إنعدام الرقابة أو الإشراف الكافي علي المؤسسات المالية الوسيطة.
حقاً تخضع البنوك التجارية في معظم الدول لرقابة دقيقة من البنوك المركزية ، ولكن هذه الرقابة تضعف أو حتي تنعدم بالنسبة لمؤسسات مالية أخري مثل بنوك الإستثمار وسماسرة الرهون العقارية .
وقد تكاتفت هذه العناصر علي خلق هذه الأزمة المالية، ولم يقتصر أثرها علي التأثير علي القطاع المالي بزيادة حجم المخاطر نتيجة للتوسع في الأصول المالية، بل إنه هدد أحد أهم عناصر هذا القطاع وهو"الثقة.
فرغم أن العناصر الثلاثة المشار إليها كافية لإحداث أزمة عميقة ، ويزداد الأمر تعقيداً نتيجة للتداخل بين المؤسسات المالية في مختلف الدول، فجميع المؤسسات المالية وبلا إستثناء تتعامل مع بعضها البعض، وأي مشكلة كبيرة تصيب إحدي هذه المؤسسات، لابد أن تنعكس بشكل مضاعف علي بقية النظام المالي العالمي " العولمة " .
وهكذا نجد أن الأزمة المالية الحالية هي نتيجة للتوسع غير المنضبط في القطاع المالي في الولايات المتحدة ومن ورائه في بقية دول العالم المتقدم .
والسؤال: هل يمكن التجاوز عن هذا الإقتصاد المالي بأدواته المتعددة ومؤسساته الكثيرة؟ للأسف لا يمكن.
وذلك لأن الأصول المالية أصبحت مثل الدورة الدموية في الجسم، وهكذا أصبح الإقتصاد لا يكتفي بالمصانع والأراضي الزراعية، بل إن ما يحركها هو أصول مالية مثل الأسهم والسندات والنقود، وهناك الإدخار والإستثمار الذي يتحقق من خلال أدوات مالية، ولذلك فإن علاج الأزمة المالية ضروري ولا يمكن تجاهله.
تأثير الأزمة المالية على البورصات العالمية
الأسباب الرئيسية لتراجع البورصات
زادت الأمور توترا بعد فشل بنكي الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والبنك المركزي الأوروبي في التخفيف من حدة تراجع المؤشرات على الرغم من ضخ نحو 121.6 مليار دولار لطمأنة المستثمرين ووقف نزيف التراجع، حيث إنه خلال يوم واحد من التعامل فقد مؤشر داو جونز قرابة 400 نقطة في حين تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز بواقع 150 نقطة.
ومن أهم تلك العوامل والأسباب الرئيسية التى جعلت البورصات العالمية تتدهور هى :
- العامل الأول
توسع المؤسسات المالية في منح الإئتمانات عالية المخاطر للشركات والمؤسسات العاملة في مجال الرهن العقاري، والتي لا تتوافر لديها الضمانات المالية الكافية لسداد إلتزاماتها تجاه الجهات المقرضة ووصل الأمر إلى حد معاناة هذه الجهات من عدم توافر السيولة اللازمة لتمويل أنشطتها.
- العامل الثاني
يكمن في عدم قدرة مؤسسات التمويل العقاري على القيام بعمليات الإستحواذ التي أعلنت عنها الحكومة الأمريكية أخيرا، وذلك بسبب عدم توافر التمويل اللازم للقيام بهذه العمليات، وهو ما أعطى مؤشرا سلبيا لأداء الإقتصاد الأمريكي.
- العامل الثالث
الذي كان له بالغ الأثر في تراجع البورصات الأمريكية هو عجز الحكومة عن توفير فرص العمل التي كانت قد أعلنت عنها في وقت سابق، مما ولد شعورا لدى المستثمرين بأن أكبر إقتصاد على مستوى العالم يمر بأزمة حقيقية، ومن المعروف أن أسواق المال بالغة الحساسية لمثل هذه المؤشرات فكان التراجع الحاد في كافة مؤشرات البورصات الأمريكية.
- العامل الرابع
هو عدم ثقة المستثمرين فى الإقتصاد الأمريكى و الحكومة والإجراءات التى تتخذها مما أدى إلى عذوف المستثمرين عن الإستثمار فى البورصة .
ومن المعروف أن السوق الأمريكية ترتبط إرتباطا عضويا بالإقتصاد الأوروبي والآسيوي، بمعنى أن الشركات الصناعية في هذه الدول تعتمد بنسبة تتعدى 70% على ترويج منتجاتها داخل السوق الأمريكية، وفي حالة تراجع نشاط الإقتصاد الأمريكي تعاني هذه الشركات من إنخفاض حجم مبيعاتها وتراجع ربحيتها، وعندما تظهر مؤشرات على هذا التراجع مثلما حدث خلال الأسابيع الماضية تبدأ البورصات العالمية في الإنحدار والتقهقر، نظرا لأن صناديق الإستثمار ومؤسسات رأس المال تبدأ في التخلص عما بحوذتها من أسهم، مما يؤدي إلى تراجع القيمة السوقية للأسهم وإنخفاض أسعارها على المستوى العالمي، أخذا في الاعتبار أن مؤسسات المال العالمية سواء كانت أمريكية أو أوروبية تحرص على تنويع محافظها المالية عن طريق الإستثمار في كافة بورصات الأوراق المالية بما فيها البورصات الناشئة، وذلك لتقليل درجة المخاطر المترتبة على تراجع الأسهم في أي من البورصات العالمية.
والعاصفة لم تهدأ بعد تواصل إقتلاع مؤسسات أخرى في مقدمتها المجموعة الأمريكية العالمية التي تعد واحدة من أكبر شركات التأمين في العالم التي بدأت تترنح مع خسارة أسهمها لنحو 61% من قيمتها.
كما أن أعراض العدوى بدأت تصيب عددا من المؤسسات الأخرى مثل بنك واشنطن ميوتوال ونزلت قيمة أسهم جنرال إليكتريك وتملك الخوف باقي البنوك التي بدأت تضيق الخناق على عمليات الإقراض مما يهدد المحرك الرئيسي للإقتصاد الأمريكي المتمثل في الائتمان فيما بلغ الدولار أضعف حالاته أمام الين الياباني منذ نحو 10 سنوات.
وتراجعت أسهم سيتي جروب، وتلاه بنك أوف أمريكا بنسبة وخسرت أسهم أمريكان إكسبريس، أكبر شركات بطاقات الإئتمان الأمريكية، كما هبطت أسهم جولدمان ساكس وتراجعت أسهم جي بي مورغان تشيس آند كومباني ، أما مورجان ستانلي أكبر شركات التعامل في الأوراق المالية للخزانة الأمريكية، فقد هبطت ايضاً بنسب كبيرة .
الجدير بالذكر أنه قد إختفى 11 بنكا من الساحة، من بينها بنك إندي ماك الذي يستحوذ على أصول بقيمة 32 مليار دولار وودائع تصل إلى 19 مليار دولار.
وتوقع كريستوفر والين، العضو المنتدب لشركة أبحاث " تحليلات المخاطر المؤسسية " أن يتم إغلاق ما يقرب من 110 بنك تصل قيمة أصولها إلى حوالي 850 مليار دولار وذلك بحلول منتصف العام القادم.
ويصل العدد الإجمالي لمؤسسات المال الواقعة تحت مظلة التأمين الفيدرالي إلى 1800 مؤسسة تستحوذ كلها على ما يقرب من 13 تريليون دولار من الأصول والممتلكات .
على أية حال فإن الأزمة الراهنة هي في الواقع جزء من أزمات أكبر ضربت النظام المالي الأمريكي في السنوات الأخيرة وكانت قد بدأت بإنفجار فقاعة " الدوت كوم " إلى ذوبان قطاع العقارات، والإنتهاء بإفلاس مصارف كبرى كانت معتمدة على هذين القطاعين.
الأزمة الإقتصادية و نتائجها
انطلقت الأزمة الإقتصادية لسنة 1929 من الولايات المتحدة الأمريكية لتنتشر في أوربا ثم باقي العالم مخلفة عدة نتائج اقتصادية و اجتماعية و سياسية ، فما هي أسبابها؟ و ما هي المخلفات الناتجة عنها؟
1 - ترجع الأزمة الإقتصادية العالمية لعدة عوامل :
* عرف الإقتصاد الأمريكي انتعاشا ما بين سنوات 1929 - 1922 نتيجة تدهور الإقتصاد الأوربي من جهة.و ازدهار الصناعة الأمريكية نتيجة اتباع الأساليب العلمية في الإنتاج ( كالعمل المتسلسل ، تنميط الإنتاج .... ) من جهة أخرى إضافة إلى توفر رؤوس الأموال و الثروات الطبيعية و السوق الإستهلاكية الواسعة، فانتشرت المضاربة داخل البورصة و ارتفعت أسعار الأسهم...
* كان ارتفاع سعر الأسهم اصطناعيا لأنها لم تكن مسايرة لتطور الإنتاج الإقتصادي مما تسبب في عرض متزايد لها و خاصة يوم 24 أكتوبر 1929 الخميس الأسود حيث انهارت الأسهم في بورصة وول ستريت الأمريكية و أدى ذلك إلى أزمة مالية و اقتصادية خاصة بعد انخفاض الأجور و الإستهلاك.
* بعد إفلاس الأبناك الأمريكية سحبت أموالها من من أوربا فتأثر الإقتصاد الأوربي و انعكس ذلك على مستعمراتها فأصبحت الأزمة عالمية
2 - خلفت الأزمة العالمية عدة نتائج اقتصادية و اجتماعية و سياسية:
* أفلست المقاولات نتيجة ضعف الإستثمارات و القروض، و انخفاض الإنتاج و الإستهلاك فارتفعت نسب البطالة و تضررت الفلاحة بعد انخفاض أسعار منتوجاتها، وتواترت الهجرة القروية و تضخم عدد العاطلين فازداد البؤس الإجتماعي
* اضطرت الدول المتضررة للتدخل في الشؤون الإقتصادية معتمدة على عدة خطط منها الخطة الجديدة( New Deal ) التي وضعها الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت و التي تعتمد بالأساس على : إنجاز الأشغال الكبرى لتشغيل اليد العاملة، و تخفيض قيمة العملة تشجيع الإستهلاك عن طريق القروض، تقليص عدد ساعات العمل مع منع تشغيل الأطفال و وضع حد أدنى للأجور ، تقليص المساحات المزروعة مع تعويض الفلاحين عن المساحات المستغنى عنها.
* و لقد دفعت الأزمة الإقتصادية الدول الصناعية إلى تطبيق قوانين الحمائية مما عرقل طموحات بعض الدول كألمانيا و إيطاليا و اليابان فازدادت رغبتعا في التوسع