بحث عن ظاهرة التعصب الديني - بحث علمى عن ظاهرة التعصب الديني كامل بالتنسيق
.. هل نحن ابرياء
فهمنا التعصب الديني بصفته الحقيقية وهي المغالاة الشديدة، وعرفنا كثيرا من مبررات المنتمين إليه، وبعد زمن طال من نقاش دائر يتواتر بين اللهجة الجافة إلى التراشق بأحجار اللغة، لا بد بعد كل هذا أن نعي الوضع براحة عقلية ونفسية ما أمكن، لنصل إلى الحلول مهما كانت الحلول صعبة أو قاسية أو تتسم من وهلتها الأول وكأنها غير عملية. وأخذ الوقت في التبصر بالأمور مهم جدا لنكتشف التعصب من خلال ضفافه، لنلاحق الحل ونحن على منصة العقل، العقل الذي يسمح بأن تصب فيه كل الآراء ثم يقيس ويحلل ويعادل ويزن.. وهذه ليست عملية سهلة، ولكن هناك أثمان ندفعها مقابل الوصول لأي هدف، فكيف إذا كان الهدف خلق الوئام والأمان في الأمة.. وبين الناس.
لا بد أن نعي بالبدء منطقا وفهما للطبيعة السلوكية البشرية، أنه ليس حلا أن تحول متعصبا دينيا إلى معتدل تماما، خصوصا بالمواصفات التي يطرحها أصحاب الحساسية ضد الفهم الديني من أساسه، حين يرون أن الدين حدوده العبادات، ثم يجب ألا نتعدى ذلك. إننا يجب يقينا وإيمانا في سبيل محاولة تخفيف هذا التركيز التعصبي، أن نكون بنياتنا وبإدراكنا وبمعارفنا وبمناهجنا نقف على الأرضية الدينية الحقيقية بروحها السامية ونصوصها الكاشفة، فإنك عندما تريد أن تخفف سائلا بعينه، لا يمكن بأي حال أن تعمل لتحويله إلى سائل آخر، من قوام إلى قوام.. هذا غير صحيح وغير مجد.. بل قد أضعه، عقلا ومنطقا، من مسببات التعصب الأكيدة.. فهنا ستشب المقاومة للمحافظة على صفات الكينونة. لأجعلك في الصورة أكثر، أن نقتنع بأننا ومن نراهم متعصبين نقف على أرض واحدة، ومفهوم واحد، وإنما الذي حصل هو مبالغة في العاطفة حبا أم بغضا، ثم أن هذا الحب والتفاوت وصل في بعض الواقفين أقصى مؤشراته فصار البعض متعصبا، والتعصب أيضا درجات، فهناك متعصبون يتكلمون ويشرحون وهم الأقل ضراوة، وهناك من لا يتكلمون بل يفعلون.. ثم يكون اللوم وهو الذي يؤدي إلى فوضى الخلاف، والاحتراب.
إذن، يجب أولا ألا نوجه كل اللوم إلى أبنائنا وشبابنا في قضية التعصب هذه، ولا بد أن نبحث بيننا، في قراراتنا، وفي برامجنا الاجتماعية، وفي تصوراتنا الفكرية والثقافية، وفي متطلبات الأصوات المسموعة والظاهرة على الناس عن الخطأ الذي جعل التعصب يظهر بيننا، وينبت على أرضنا من أرضنا. يعني لك أن تتهم المتعصبين. ولكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يوجهه كل واحد منا في موقعه المؤثر، وبصراحة سافرة مع النفس: وماذا عنا، هل نحن أبرياء؟ إني أعتقد أن طرح السؤال قبل الإجابة عنه من الأسباب الواعدة التي تدعو للتفاؤل في أي قضية.. أي أن يراجع الإنسان قدرته على تسبيب الأخطاء حوله، وما مقدراها، وكيف.. ثم إن هناك عقاب يطول دائما مَن يخرق هناءة المجتمع بأعمال التعصب، ولسنا من الذين يقولون لا تعاقبون مَن لا يخطئ، بل نطالب بذلك إيمانا بأن مجتمعا لا يسوده الحكم الصارم العادل سيهوي إلى فوضى عارمة، حينها تختلط التهم، وتضيع الصفات أو تتوزع بيننا جميعا صفات أكبر من التعصب.. ولكن هل هناك عقاب يطول الناحية الأخرى أيضا، أي هذه الأصوات التي تأتي متشنجة وتطالب بصرامة وبدون ترو أن تستأصل الظاهرة، وهذا يعني أن تستأصل فئة من الشباب، ثم يمضي هذا التشنج (التشنج، أليس تعصبا أيضا؟) بلا رادع.. حين يأتي مَن يشكو لأنه فقد عينا.. ألا يحق أن نتروى لترى المشتكي عليه، فربما فقد العينين.
أولا وآخرا التعصب لا نقبله، ولا نريد أن يفهم أحد أن التعصب مبرر بأي حال، ولكن يجب وبصراحة عادلة وهادئة ومتفهمة أن ندرس تماما دورنا نحن في إثارة نعرة التعصب، وتسعير نيرانها، حتى لو كانت نياتنا الحقيقية أن نطفئ لهبها، ونحصر امتدادات ألسنتها.. ليس خيار بأي حال ألا ننظر في مدى مساهمتنا في تفعيل التعصب، ومساهمتنا في تخفيف حدته.. في رأيي، وفي يقيني، أنه لا خيار، فبدونه سيكون التعصب مرسلا زمنا وراء زمن.
حتى نفهم التعصب لا بد أن نعرف عناصره، ومن ثم التعامل معها.. فهو معادلة من عنصر التدين الصارم، وعناصر خليطة من المؤثرات النفسانية، والاجتماعية، والأبعاد السياسة. ويجب أن نفهم كل عنصر من هذه العناصر تماما، حتى نعرف البيئة التي تخصِّب تعاظم قوتها، لنجد المقاومات لهذا التخصيب لإيجاد بيئة موائمة ماصة للغضب والتماوجات النفسية وردود الأفعال السلوكية الطافرة.
وباختصار أرجو ألا يكون مخلا.. فهو البحث في تصرفاتنا نحن، وطرق نهج الحياة التي اتخذناها، والنظم التي تبنيناها لتسيير شؤون مجتمعاتنا في مضامير مختلفة. ما الذي عمله المجتمع سلبا لتثور هذه الظاهرة؟ أو ما الذي لم يعمله المجتمع فنشأت هذه الظاهرة؟ سؤال مهم لا يمكن أن أجيبه وحدي، وإن أجبته وحدي فلا شك أني سأضع نفسي في أرض ألغام من قلة إلمامي وتخصصي في كل موضوع، وحراجة الأمر لا تسمح مطلقا في الاجتهاد بلا علم مكين، أو خبرة راسية، أو علم ضليع في أمور الدين والاجتماع والمجتمع والسياسة والاقتصاد والصحة النفسية.
السؤال باختصار: نحن مجتمع مسلم، في دولة تطبق الإسلام.. فهل مرت كل قراراتنا وقضايانا وفكرنا وإعلامنا ومناهجنا كلها من هذه القناة؟
أترككم مع السؤال، وقد يقدر الله أن من وراء إجابته الحكيمة والمتأنية والخالية من أي حكم مسبق.. الحل، أو طرق الحل!
أشكال التعصب
والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد
إن الجمعية العامة،
إذ تضع في اعتبارها أن أحد المبادئ الأساسية في ميثاق الأمم المتحدة هو مبدأ الكرامة والمساواة الأصيلتين في جميع البشر، وأن جميع الدول الأعضاء قد تعهدت باتخاذ تدابير مشتركة ومستقلة، بالتعاون مع المنظمة، لتعزيز وتشجيع الاحترام العالمي والفعال لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين،
وإذ تضع في اعتبارها أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان تنادى بمبادئ عدم التمييز والمساواة أمام القانون والحق في حرية التفكير والوجدان والدين والمعتقد،
وإذ تضع في اعتبارها أن إهمال وانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا سيما الحق في حرية التفكير أو الوجدان أو الدين أو المعتقد أيا كان، قد جلبا على البشرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حروبا، وآلاما بالغة، خصوصا حيث يتخذان وسيلة للتدخل الأجنبي في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وحيث يؤديان إلى إثارة الكراهية بين الشعوب والأمم،
وإذ تضع في اعتبارها أن الدين أو المعتقد هو، لكل امرئ يؤمن به، أحد العناصر الأساسية في تصوره للحياة، وأن من الواجب احترام حرية الدين أو المعتقد وضمانها بصورة تامة،
وإذ تضع في اعتبارها أن من الجوهري تعزيز التفاهم والتسامح والاحترام في الشؤون المتصلة بحرية الدين والمعتقد، وكفالة عدم السماح باستخدام الدين أو المعتقد لأغراض تخالف ميثاق الأمم المتحدة وغيره من صكوكها ذات الصلة بالموضوع، وأغراض ومبادئ هذا الإعلان،
وإذ تؤمن بأن حرية الدين والمعتقد ينبغي أن تسهم أيضا في تحقيق أهداف السلم العالمي والعدالة الاجتماعية والصداقة بين الشعوب، وفى القضاء على أيديولوجيات أو ممارسات الاستعمار والتمييز العنصري،
وإذ تسجل مع الارتياح أنه قد تم اعتماد عدة اتفاقيات، بدأ نفاذ بعضها، تحت رعاية الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، للقضاء على عديد من أشكال التمييز،
وإذ تقلقها مظاهر التعصب ووجود تمييز في أمور الدين أو المعتقد، وهى أمور لا تزال ظاهرة للعيان في بعض مناطق العالم،
ولما كانت مصممة على اتخاذ جميع التدابير الضرورية للقضاء سريعا على مثل هذا التعصب بكل أشكاله ومظاهره، ولمنع ومكافحة التمييز على أساس الدين أو المعتقد،
تصدر هذا الإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد:
المادة 1
1. لكل إنسان الحق في حرية التفكير والوجدان والدين. ويشمل هذا الحق حرية الإيمان بدين أو بأي معتقد يختاره، وحرية إظهار دينه أو معتقده عن طريق العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، سواء بمفرده أو مع جماعة، وجهرا أو سرا.
2. لا يحوز تعريض أحد لقسر يحد من حريته في أن يكون له دين أو معتقد من اختياره.
3. لا يجوز إخضاع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته إلا لما قد يفرضه القانون من حدود تكون ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
المادة 2
1. لا يجوز تعريض أحد للتمييز من قبل أية دولة أو مؤسسة أو مجموعة أشخاص أو شخص على أساس الدين أو غيره من المعتقدات.
2. في مصطلح هذا الإعلان، تعنى عبارة "التعصب والتمييز القائمان على أساس الدين أو المعتقد" أي ميز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الدين أو المعتقد ويكون غرضه أو أثره تعطيل أو انتقاص الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على أساس من المساواة.
المادة 3
يشكل التمييز بين البشر على أساس الدين أو المعتقد إهانة للكرامة الإنسانية وإنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن يشجب بوصفه انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والواردة بالتفصيل في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، وبوصفه عقبة في وجه قيام علاقات ودية وسلمية بين الأمم.
المادة 4
1. تتخذ جميع الدول تدابير فعالة لمنع واستئصال أي تمييز، على أساس الدين أو المعتقد، في الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وفى التمتع بهذه الحقوق والحريات.
2. تبذل جميع الدول كل ما في وسعها لسن التشريعات أو إلغائها حين يكون ذلك ضروريا للحؤول دون أي تمييز من هذا النوع، ولاتخاذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقدات الأخرى في هذا الشأن.
المادة 5
1. يتمتع والدا الطفل أو الأوصياء الشرعيون عليه، حسبما تكون الحالة، بحق تنظيم الحياة داخل الأسرة وفقا لدينهم أو معتقدهم، آخذين في الاعتبار التربية الأخلاقية التي يعتقدون أن الطفل يجب أن يربى عليها.
2. يتمتع كل طفل بالحق في تعلم أمور الدين أو المعتقد وفقا لرغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه، حسبما تكون الحالة، ولا يجبر على تلقى تعليم في الدين أو المعتقد يخالف رغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه، على أن يكون لمصلحة الطفل الاعتبار الأول.
3. يجب أن يحمى الطفل من أي شكل من أشكال التمييز على أساس الدين أو المعتقد، ويجب أن ينشأ على روح التفاهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية، واحترام حرية الآخرين في الدين أو المعتقد، وعلى الوعي الكامل بوجوب تكريس طاقته ومواهبه لخدمة أخيه الإنسان.
4. حين لا يكون الطفل تحت رعاية والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه، تؤخذ في الحسبان الواجب رغباتهم المعلنة، أو أي دليل آخر علي رغباتهم، في ما يتصل بالدين أو المعتقد، علي أن يكون لمصلحة الطفل الاعتبار الأول.
5. يجب ألا تكون ممارسات الدين أو المعتقدات التي ينشأ عليها الطفل ضارة بصحته الجسدية أو العقلية، أو بنموه الكامل، مع مراعاة الفقرة 3 من المادة 1 من هذا الإعلان.
المادة 6
وفقا للمادة 1 من هذا الإعلان، ورهنا بأحكام الفقرة 3 من المادة المذكورة، يشمل الحق في حرية الفكر أو والوجدان أو الدين أو المعتقد، فيما يشمل، الحريات التالية:
(أ) حرية ممارسة العبادة أو عقد الاجتماعات المتصلة بدين أو معتقد ما، وإقامة وصيانة أماكن لهذه الإغراض،
(ب) حرية إقامة وصيانة المؤسسات الخيرية أو الإنسانية المناسبة،
(ج) حرية صنع واقتناء واستعمال القدر الكافي من المواد والأشياء الضرورية المتصلة بطقوس أو عادات دين أو معتقد ما،
(د) حرية كتابة وإصدار وتوزيع منشورات حول هذه المجالات،
(هـ) حرية تعليم الدين أو المعتقد في أماكن مناسبة لهذه الأغراض،
(و) حرية التماس وتلقى مساهمات طوعيه، مالية وغير مالية، من الأفراد والمؤسسات،
(ز) حرية تكوين أو تعيين أو انتخاب أو تخليف الزعماء المناسبين الذين تقضي الحاجة بهم لتلبية متطلبات ومعايير أي دين أو معتقد،
(ح) حرية مراعاة أيام الراحة والاحتفال بالأعياد وإقامة الشعائر وفقا لتعاليم دين الشخص أو معتقده،
(ط) حرية إقامة وإدامة الاتصالات بالأفراد والجماعات بشأن أمور الدين أو المعتقد على المستويين القومي والدولي.
المادة 7
تكفل الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان، في تشريع كل بلد، على نحو يجعل في مقدور كل فرد أن يتمتع بهذه الحقوق والحريات بصورة عملية.
المادة 8
ليس في أي من أحكام هذا الإعلان ما يجوز تأويله على أنه يقيد أو ينتقص من أي حق محدد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.