بحث عن المكتبات العامه - بحث علمى عن المكتبات العامه , بحوث جاهزه للنسخ
تعريف المكتبة العامة : هي التي تقدم خدماتها بالمجان لجميع فئات المستفيدين بدون تمييز ، وهي تقدم خدماتها لجميع الأعمار .
الأهداف العامة للمكتبة : نشر الثقافة ، والوعي الفكري في جميع اتجاهاته الإيجابية، وتنويع مصادر معرفته لدى المواطن العادي والموظف والتلميذ صغيراً أو كبيرا على مستوى المنطقة أو المحافظة أو المركز .
الفهرسة والتصنيف : ويطبق نظام التصنيف في معظم المكتبات العامة عن طريق اختيار رقم التصنيف من جداول تصنيف ديوي العشري المعدل ووضعها على كعب الكتاب . وذلك يسهل على مرتادي المكتبة سرعة الوصل إلى الكتاب بكل يسر وسهولة .
الخدمات التي تقدمها المكتبة العامة
1) تنظيم المواد للاستخدام بواسطة إعداد وتصنيف الكتب وترتيبها على الرفوف وإتباع إجراءات استعارة الكتب بحيث تلائم هذه الإجراءات الجمهور العام المستخدم للمكتبة .
2) الاهتمام بعقد المحاضرات العامة والندوات وجماعات مناقشة الكتب والأفلام بالإضافة إلى عرض الأفلام والبرامج ، أي أن تتبع المكتبة كل الأساليب التي من شأنها تحقيق اللقاء المباشر بين الكتاب والمعلومات والجمهور العام.
3 ) إعداد معارض للكتب في موضوعات معينة أو حسب مناسبات وطنية او اجتماعية أو غيرها وكذلك تحديد ساعات للقصة .
أهمية المكتبات العامة : ا لمكتبة العامة مؤسسة ثقافية وتثقيفية يحفظ فيها التراث الثقافي والإنساني الحضاري وتعمل على تربية جيل مثقف وواع قادر على تحمل المسؤولية في المستقبل من خلال انسجام الفرد في الإطار الثقافي العام انسجاما ً يؤدي إلى تكيفه وإلى حسن قيامه بنشاطاته المختلفة وتعتبر المكتبة العامة من المؤسسات المهمة التي أنشأتها الدولة لتتولى المساهمة فى تربية وتعلم وتثقيف الشباب والأطفال وإثراء فكر الباحثين فهي جهة التنمية الثقافية بمعناها العام .
ومن هذا المنطلق تكون أهمية المكتبات العامة علي النحو التالي :
أولا ً : ـ حلقة الوصل في نقل التراث الثقافي إلي المجتمع الذي توجد فيه .فمع ازدياد وسائل المعرفة اصبح من الصعب على الإنسان أن ينقل ثقافته من جيل إلى جيل فكان لابد من إنشاء مؤسسة تؤدي هذه الهمة .
ثانيا: ـ تؤدي المكتبات العامة دوراً رائداً في نشر الوعي الثقافي بين أفراد وذلك عن طريق ما تحويه من كتب ومجلات ومراجع تعين على كسب المجتمع العلم والمعرفة والخبرة وتمكن الباحثين والطلاب من الوصول إلى مصادر الفكر والثقافة
.ثالثا ً : تقوم المكتبات العامة بتقديم الثقافة للمجتمع وذلك من خلال التصنيفوالإعداد والترتيب بشكل متدرج يتناسب مع المستويات والفئات الفكرية .
رابعاً : ـ تتولى التصدي للمشكلات الاجتماعية والثقافية بعرضها وإتاحة الفرصة لها لفئات المجتمع المختلفة للمساهمة في حلها وذلك من خلال الندوات والمحاضرات .
خامسا ً : تعمل على أن تعوّد فئات المجتمع المختلفة وخاصة الأطفال منهم على التمتع بأوقات فراغهم والشعور بالسعادة وذلك بتدريبهم على ارتياد المكتبة واستعمال الكتب لإكسابهم خبرات تعينهم بعد تخرجهم من المدارس على البحث والإطلاع .
أهداف المكتبات العامة
المكتبة العامة هي التي تقدم خدماتها بالمجان لجميع فئات الشعب لدى فأنها تهدف إلى عدة أهداف وهي :
1- إتاحة جميع مصادر المعلومات المتوفرة بها بالمجان لجميع من يرغبون في الإطلاع على هذه المصادر دون أن يعترضهم في تحقيق ذلك أي حواجز مادية أو أي تدخل من السلطات السياسية أو الدينية .
2- أن تعكس مقتنياتها احتياجات المجتمع الفعلية الحالية والمحتملة وذلك دون تدخل من الرقابة في فرض مطبوعات معينة أو حجب مطبوعات عن القارئ وذلك احتراما للقارئ في اختيار ما يريد الإطلاع عليه للوصول إلى قرارات متوازنة .
3- أن توفر إمكانيات وخدمات البحث الحر والثقافة الذاتية وذلك لمعاونة الفرد على النمو الثقافي طبقا لاحتياجاته واهتماماته ورغباته وقدراته .
4- أن توفر خدمات حية ومتكاملة اجتماعيا من اجل نشر الأفكار والمعلومات بالمجتمع .
5- المعاونة في تحقيق أهداف التعليم الرسمي المدرسي ، وذلك لان المكتبة تعمل على تعميق أفق الطالب وفهمه لموضوعاته الدراسية .
6- تشجيع وتدعيم عادة القراءة لدى المواطنين عن طريق تقديم الخدمات والكتب التي ترضي مختلف الاحتياجات والأذواق .
7- تزويد القراء بالمعلومات اللازمة لهم في تحديث أعمالهم في وظائفهم بالمجتمع وفي إدارة شئونهم العملية .
8- أن تكون أداة للتوعية والتطوير الثقافي والروحي وإعدادهم بذلك للحياة التعاونية بالمجتمع الديمقراطي .(1)
وظائف المكتبات العامة
تهتم المكتبات العامة بجميع مجالات المعرفة ولها أربع وظائف أساسية وهي الوظيفة التثقيفية ،والوظيفة التعليمية ، والوظيفة الإعلامية ، والوظيفة الترويحية .
فالمكتبة العامة تحرص على توفير الموارد وتقديم الخدمات التي تكفل للمستفيد منها التذوق الفني والجمال فضلا عن التكيف مع ظروف المجتمع وهذه هي الوظيفة التثقيفية وللوظيفة التعليمية للمكتبة العامة جانبان أساسيان اولهما دور المكتبة في دعم وظيفة المكتبة المدرسية أما الجانب الثاني فيتمثل في دور المكتبة العامة في تعليم الكبار أما ما يتعلق بالوظيفة الإعلامية فان المكتبة العامة عادة ما تحرص على توفير مقومات الاحاطة بالإحداث الجارية والقضايا التي تهم مجتمع المستفيدين
الوظيفة الترويحية لهذه المكتبات تتمثل في حرصها على اقتناء المواد التي تفيد أفراد المجتمع في قضاء وقت الفراغ ، سواء كانت هذه المواد من الكتب أو المجلات العامة أو المطبوعات بوجه عام ، أو التسجيلات السمعية والبصرية .(2)
ولا تقتصر مهمة المكتبات العامة على الأنشطة القرائية وإنما تحرص بعض المكتبات الآن على تهيئة مقومات الأنشطة الثقافية الأخرى كالندوات والمحاضرات والعروض المسرحية والحفلات الموسيقية ... إلى أخر ذلك من الأنشطة المرتبطة بأهداف هذه الفئة من المكتبات التي تلبي احتياجات بعض الفئات كالمعاقين والأميين
خصائص المكتبات العامة
تكتسب المكتبة العامة صفة العمومية من خصائص أربعة تميزها عن سائر أنواع المكتبات :
1- فهي عامة لأنها تفتح أبوابها لجميع القراء دون تمييز على اختلاف أعمارهم ودرجات تعليمهم وألوانهم وجنسهم وهي من هذه الزاوية رمز حي لديمقراطية الفكر إذ هو حق للجميع
2- وهي عامة لأنها تضم خليطا من مواد نقل المعرفة البشرية في جميع العلوم والمعارف من ديانات إلى علوم اجتماعية إلى علوم بحتة ... وغير ذلك ، ليس كتبا فقط إنما أيضا دوريات ومواد سمعية بصرية ومصغرات فلمية .
3- وهي عامة لأنها تقدم هذا كله بالمجان ودون أي مقابل لأنها تتبع الدولة حق لكل مواطن كسائر الخدمات ، وهي لا تترك القارئ يسعى إليها وحسب بل تسعى إليه أيضا .
4- وهي عامة لأنها تجبر أحدا على ارتيادها وليس ثمة إكراه على الدخول إليها على النحو الذي نصادفه في المكتبات المدرسية أو مكتبات الكليات أو المكتبات الجامعية فارتياد المكتبة العامة يخضع لرغبة الشخص في تثقيف نفسه .
و المكتبة العامة لا تقف مكتوفة الأيدي تنتظر القراء حتى يأتون من تلقاء أنفسهم بل تخرج لتدعوهم إلى القراءة وهي تضع برنامجا واسعا للعلاقات العامة لتعرف القراء بنفسها وتتعرف على القراء لتهيئ لهم ما يناسبهم من المواد القرائية وهذا البرنامج يسير في ثلاثة اتجاهات :
1- علاقات عامة تقوم بها المكتبة داخل المكتبة نفسها من حسن معاملة للجمهور حين يأتي ومن أناقة المبنى ونظافته وتلبية طلبات القراء باستمرار أو الاعتذار بأدب حين يصعب أو يتعذر تلبية طلبات المستفيدين لسبب أو أخر و وضع لوحات إرشادية لترشيد القراء إلى كيفية استخدام المكتبة .
2- علاقات عامة تقوم بها المكتبة داخل البيئة أو المجتمع الذي تخدمه ،حيث تدعو القراء إلى ارتياد المكتبة و الانتفاع بخدماتها ومواردها و وسيلتها في ذلك المحاضرات العامة داخل المؤسسات ...الخ وكذلك تدعو الجمهور من خلال الإذاعة والتلفزيون وبعض المطبوعات الخاصة بها .
3- علاقات عامة يقوم بها الجمهور نفسه داخل المكتبة كالمعارض التي يقيمها داخل المبنى الخاص بالمكتبة الفنانون المحليون والمحاضرات التي يلقيها الأفراد المثقفون في المجتمع المحلي.(4)
المكتبات العامة وأثرها في تثقيف الأمة
إن تيسير أسباب المطالعة من أهم عوامل الثقافة، ومهما أوتي المرء من قدرة على اقتناء الكتب فإنه أعجز من أن يظفر بمجموعة كبيرة منها تحتوي مختلف أنواع الكتب أو المجلات أو الصحف، كما أنه أكثر عجزاً من أن تكون لديه مكتبة تضم الآلاف أو عشرات الآلاف من الكتب.
لهذا كانت المكتبات الكبرى من الأمور المتعذر تأمينها لدى الأفراد إلا ما ندر، وإذا ما وجدت لدى البعض مثل هذه المكتبة فإنها لا تتعدى أن تكون مكتبة خاصة ذات نطاق ضيق ومحصور من حيث نوع الكتب وكميتها واقتصارها على صاحبها. والتعطش إلى الثقافة غير محصور بنوع من المعرفة، وإنما هو عام ويشمل العديد من فروع العلم والمعرفة، ويتمشى انتشار الثقافة طرداً وعكساً مع تقدم الأمة أو تأخرها.
والمثقف من أبناء الشعب هو الذي يجمع إلى معلوماته الخاصة بناحية معينة من المعلوم حصيلة اطلاعاته على كثير من الكتب في مختلف العلوم والفنون، مع ما اكتسبه من خبرات اجتماعية أو إنسانية في حسن معاشرته للآخرين أو تتبعه لأخبارهم أو أسلوب معيشتهم أو طراز حياتهم؛ لأن كل هذه الأمور تدخل في نطاق الثقافة، وترفع مستوى أصحابها.
وليس أدل على حب العلم والازدياد منه في هذه البلاد وفي غيرها من البلدان العربية من كثرة هذه المدارس والجامعات، وحرص الموجهين فيها على استيعاب جميع أبناء الأمة، ومن يفد عليها من الأمم الأخرى، ضمن نطاق ما تتسع له.
والعلم كما هو معروف لا يأتي إلا بالتعلم، والكتاب وسيلة لهذا العلم، والمدرسة مفتاح ومنطلق للتزود منه ومهما توسعت برامج التعليم فإنها قاصرة عن أن تشتمل على جميع عناصر المعرفة، ولا بد للمتعلم في سبيل توسيع معرفته من أن يعب من مناهل العرفان المبثوثة في بطون الكتب وما يلحق بها من وسائل الثقافة العامة، كالمجلات على اختلاف أنواعها والصحف والندوات العلمية.
وإن حرص المملكة على بث البرامج الإذاعية عن طريق الراديو والتلفزيون وتوسيع هذه البرامج وتعميمها لأنحاء المملكة كافة ما هو إلا دليل على رغبة الدولة في نشر الثقافة والتوجيه العام؛ لينال كل فرد من أفراد هذه الأمة نصيبه من هذا الجهد المشكور.
والبرامج الإذاعية - عن طريق الراديو والتلفزيون - ذات تأثير كبير على توجيه الشعب فيما إذا روعي فيها صدق هذا التوجيه وحسن الرقابة عليها؛ لأنها أصبحت تدخل إلى بيوت الناس، وتنقل إليهم ما تبثه الإذاعة والشاشة وتفرض نفسها عليهم بشكل يجعل لها تأثيراً على التربية الاجتماعية يعطي ثماره في مستقبل هذه الأمة، لذلك كانت خطورة التلفزيون ومحاربة البعض له باعتباره أداة قد يكون لها من التأثير ما ذكرنا أو أكثر، فيما لو تغافل عنه المسؤولون في انتقاء ما يعرض على المشاهدين من هذه البرامج المتنوعة من أجنبية أو عربية أو محلية.
ولكن هل تغني هذه البرامج على اختلاف مواضيعها عن اقتناء الكتب أو الاطلاع على بعض ما فيها عن طريق المكتبات العامة، إن تعذر على البعض - أو على الكثير من أفراد الأمة - تأمين ذلك من مواردهم الخاصة؟
هذه البرامج التوجيهية نوع من أنواع الثقافة تقدمه الدولة إلى الشعب وتيسر له سبيله، ولكنه كما قلنا لا يكفي في تزويد أبناء الشعب مما ترجوه لهم - منهم - الدولة، والكتاب وحده هو الزاد الحقيقي الذي يتعطش إليه الراغب في العلم؛ لأنه أداة العلم ووسيلته.
وتجدر رقابة الكتب والصحف والمجلات كرقابة الإذاعة والبرامج التلفزيونية أو أشد؛ لأن للكتب وغيرها من المطبوعات تأثيراً كبيراً في وعي الأمة وعقليتها وسلوكها، لذلك كانت الرقابة وحسن التوجيه مطلوبين أيضاً على هذه الوسائل التثقيفية، بما يتفق وعقيدة هذه الأمة ورايتها التي تحمل شعار التوحيد وما يستلزم هذا الشعار من عمل واعتقاد.
والإسلام - كشأنه في شتى أموره - أسبق من غيره في تقديم هذا الزاد إلى أتباعه خاصة وإلى الناس كافة، وقد أنزل عليهم رب العالمين كتابه لينهلوا من زاده الذي لا ينضب له معين، وصدق الله العظيم: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ}
والتزود من هذه الدنيا بخير زاد بالنسبة للمفهوم الإسلامي يدخل في شموله التزود من العلم حيث قال سبحانه وتعالى موجهاً رسوله الكريم أن يسأله الزيادة فيه: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} والعلم يبقى أجره لصاحبه بعد وفاته إلى يوم القيامة.
ويحدثنا القرآن العظيم في قصة ملكة سبأ مع سليمان عليه السلام، أن قدرة العفريت في جلب عرش بلقيس كانت دون قدرة صاحب العلم الذي أخذ علمه من الكتاب، فتمكن من أن يأتي لسليمان بالعرش المطلوب قبل أن يرتد إليه طرفه.
فالسر في هذه القدرة الخارقة كامن في هاتين الكلمتين اللتين نوه عنهما رب العالمين: {عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} أي العلم ووسيلته التي هي الكتاب.
فهلا عملنا على توفير الكتاب للشعب وتيسير الحصول عليه وتمكين أفراده من التزود منه علماً ومعرفة وتقوى بأيسر السبل وأقربها تناولاً؟
ومن جملة العوامل التي تساعد على اقتناء الكتب وتشكيل مكتبات خاصة، عدم ارتفاع أسعار هذه الكتب وإسهام الدولة في تخفيض هذه الأسعار، وفي طباعة الكتب المخطوطة أو تجديد طبع ما نفد من أمهات الكتب، ومساعدة المؤلفين على طباعة إنتاجهم، وتقديم الجوائز التقديرية لهم، وإيجاد متفرغين منهم لينكبوا على إخراج بعض الموسوعات أو المعاجم التي نشهدها، وإيجاد مجامع علمية، وغير ذلك مما يساعد على تدعيم هذه النهضة والارتفاع بها إلى المستوى اللائق بأمة قال عنها رب العالمين: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
وإن النهضة التي نلمس أثرها في شعب المملكة بشكل خاص لم تترك مجالاً من مجالات التقدم والرقي إلا شاركت فيه، وهذا شيء تحمد عليه، وسوف يذكر لها التاريخ هذه النهضة ولا يبخس حق العاملين في سبيلها.
وتدشين المكتبة العامة في مدينة الرياض من سنتين خلتا والإعلان عن تعميم المكتبات في جميع مدن المملكة مثل حي وبارز من الأمثلة العديدة لآثار هذه النهضة، ودليل عملي على الاتجاه الذي تسير فيه الدولة وبشرى للشعب في تعميم هذا الخير على جميع أبنائه في مختلف أطراف المملكة، مدنها وقراها.
ولهذا نستطيع أن نطمئن ذاك الرجل الذي تمنى أن تكون في جدة، هذه المدينة الرئيسية من مدن المملكة، والتي هي من دلائل نهضة هذه المملكة مكتبة عامة كبرى أو مكتبات تفي بحاجة الشعب للتزود من هذا الزاد المشروع المندوب، نطمئنه بأنه ستكون هنالك مكتبة عامة كبرى بإذن الله.
وفي هذه المدينة بالذات يوجد رجل من أبنائها، صاحب مكتبة خاصة تعتبر من أغنى المكتبات بالكتب العلمية، ينبئك عن أمثاله من أبناء جدة في حرصهم على اقتناء الكتب والتزود منها علماً ومعرفة وديناً، وهو الشيخ محمد نصيف، أمد الله في عمره ونفع به وبآثاره ومخلفاته، وقد بلغنا أنه أهدى مكتبته (هذه) القيمة إلى مدينة جدة لتكون نواة لمكتبة عامة، فجزاه الله عن بلده وأمته خير الجزاء وأكثر من أمثاله.
ولما كان التسابق العلمي في عصرنا هذا بلغ شأواً بعيداً جداً، لم يكن ليدرك أو يتوصل إليه لولا تسهيل أسباب العلم والمعرفة لأبنائه وإذ كانت الأندية الثقافية والجمعيات العلمية، وقاعات المحاضرات العامة والمراكز الثقافية، والمكتبات العامة الكبرى، والمكتبات الخاصة بالمراكز العلمية والجامعات والمدارس والمعاهد، ومكتبات البلديات، والمكتبات العامة المتنقلة بين القرى، مع وسائل التثقيف الأخرى التي تشارك في تعميم الثقافة وتيسير إيصالها إلى أبناء الشعب في مختلف مدنه وقراه، من أكبر العوامل المشاركة في هذه النهضة العلمية المعاصرة.
لذلك فإن الإكثار منها معناه المساهمة في الأخذ بأسباب هذه النهضة وتبويئها المكانة اللائقة بها.
ولما كانت الغاية من هذا البحث هي (تسيلط الأضواء) إن صح هذا التعبير على المكتبات العامة وعلى أثرها في تثقيف الأمة، لهذا يجدر بنا أن نضرب مثلاً على ذلك ما كانت عليه دورنا العميلة وما كانت تحتويه من كتب، في وقت لم تتوفر فيه أسباب الطباعة كما هي عليه الآن إذ كانت الكتب تكتب باليد، ويستنسخ منها المئات لتعميمها ونشرها بين الناس، وكثرة الكتب المخطوطة التي تطبع في وقتنا الحاضر والموجود منها في مكتبات العالم الكبرى لأكبر دليل على مدى ما توصلت إليه حضارتنا في العصور الماضية.
وينقل لنا (آدم متز) في كتابه (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري) عن بعض المراجع الإسلامية أنه كان في كل جامع كبير مكتبة؛ لأنه كان من عادة العلماء أن يوقفوا كتبهم على الجامع، ويقال إن خزانة الكتب بمرو كانت تحتوي كتب يزدجرد لأنه حملها إليها وتركها، ص 322 .
وفي هامش هذه الصفحة يقول: "وقد ترنم ياقوت بذكر مكاتب مرو مع تأخر الزمن به، وكان قد أمضى بمرو ثلاث سنين، فتغنى بأيامه فيها شعراً جميلاً، وكان بها على عهده اثنتا عشرة خزانة بأحدها نحو من اثني عشر ألف مجلد"، يقول ياقوت: "وكانت (الخزائن) سهلة التناول لا يفارق منزلي منها مائتا مجلد وأكثر بغير رهن تكون قيمتها مائتي دينار، فكنت أرتع فيها وأقتبس من فوائدها وأنساني حبها كل بلد، وألهاني عن الأهل والولد" (معجم البلدان ج4 ص 509-510)من الطبعة الأوروبية.
ويقول في الصفحة 325: "وقد عمل علي بن يحيى وكان ممن جالس الخلفاء، حوالي منصف القرن الثالث الهجري خزانة كتب عظيمة في ضيعته وسماها خزانة الحكمة، وكان يقصدها الناس من كل بلد، فيقيمون فيها ويتعلمون منها صنوف العلم، والكتب مبذولة لهم والصيانة مشتملة عليهم، والنفقة في ذلك من مال علي بن يحيى" .
ويقول أيضاً في الصفحة 329 : "على أنه قد ظهرت إلى جانب دور الكتب مؤسسات علمية أخرى تزيد على دور الكتب بالتعليم أو على الأقل بإجراء الأرزاق على من يلازمها، فيحكي عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي الفقيه الشافعي المتوفى عام 323هـ، أنه أسس داراً للعلم في بلده، وجعل فيها خزانة كتب من جميع العلوم وقفاً على كل طالب علم، لا يمنع أحد من دخولها، وإذا جاءها غريب يطلب الأدب، وكان معسراً أعطاه ورقاً وورقاً (أي الفضة)".
وقد حدثتنا كتب التاريخ أن بغداد كان فيها من المكتبات ما لا يحصى عدده، حتى جاءها الغزو الوحشي فقضى على معالمها، وقد تغير لوم مياه دجلة من مداد الكتب التي ألقيت فيها.
وأثر هذه النهضة العلمية الإسلامية بارز وناطق في مكتبات العالم الكبرى حيث حرصت هذه المكتبات على جمع الكتب والمخطوطات الإسلامية، وإن كل زائر لهذه المكتبات ليدهش مما تحتويه من آثارنا الخالدة التي تهيب بأبناء الأمة الإسلامية أن يعيدوا هذا الماضي المجيد في مستقبل مشرق رائد.
وبالإضافة إلى هذه المكتبات العامة الكبرى - في عواصم العالم - فإن إلى جانبها مكتبات عامة أخرى على نطاق أضيق، منها ما هو مستقل بذاته، ومنها ما هو مرتبط بالمعاهد والكليات.
وجميع هذه المكتبات تيسر لروادها المراجعة، حتى إنها تفتح أبوابها في الوقت الذي يسهل على راغب المطالعة الحضور إلى هذه المكتبات في غير أوقات الدوام الرسمي للموظفين أو المعاهد العلمية، أي أنها لا تقتصر على دوام واحد لمدة ثماني ساعات فقط، وإنما تمتد إلى ضعف هذه المدة، فيتمكن بذلك الموظف والعامل والطالب وغيرهم من الاستفادة من هذه المكتبات بالحضور إليها خارج أوقات عمله.
وهناك في بعض المدن الكبرى مكتبات عامة تعرف باسم (المكتبات البلدية) وهي منتشرة هناك بكثرة، وتابعة لكل قسم من أقسام المدينة، وهي تسهل على أبناء هذا القسم أو المنطقة التزود من الكتب والإطلاع عليها في المكتبة، واستعارتها بإخراجها من المكتبة وفقاً للشروط التي يلتزم بها المستعير، ولا يدفع المستعير أي ضمان لقاء استعارته الكتب من المكتبة، وإنما يملي استمارة باسمه ومحل إقامته واسم الكتاب الذي يريده ورقمه، والمدة التي سيبقى الكتاب عنده فيها.
كما أن تيسير إعارة الكتب يحقق وجود أكثر من نسخة لكل كتاب، ومن هذه الاستعارة أو من المطالعة بشكل عام تتمكن الدولة من معرفة أي اتجاه يتجه إليه أبناؤها في مطالعتهم لهذه الكتب، وأي عنصر من عناصر الثقافة يقبلون عليه، وعلى ضوء ذلك تعمل الدولة على توجيه أبنائها الوجهة التي تراها أصلح لهم في دعم هذا الاتجاه أو تحويله، بأساليبها الخاصة إلى الوجهة الأخرى.
وهناك مثل آخر على تيسير سبل الثقافة لغالبية أبناء الشعب ممن يسكن بعيداً عن المدن، كسكان الأرياف والمناطق الزراعية البعيدة، فإن الدولة تؤمن لهم مكتبات عامة متنقلة تيسر على سكان تلك المناطق النائية استعارة الكتب في فترات محددة، حيث تطوف عليهم هذه المكتبات المتنقلة في كل أسبوعين مرة أو في كل شهر على أبعد تقدير.
ولا أريد أن أتوسع في هذه الاستشهادات ولكني أردت أن أضرب المثل على اعتناء بعض الأمم بأبنائها من هذه الناحية العلمية الهامة بتيسير أسباب العلم والثقافة لهم بشتى الطرق والوسائل.
والإسلام الذي تقوم رسالته على العلم والتزود من العلم إلى جانب الأسس الأخرى التي يدعو إليها، لم يسبقه أحد، في هذه الناحية، حتى إن أول آية أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم تتضمن الأمر بالقراءة وتكرار الأمر بالقراءة وربط القراءة بالقلم الذي هو ربط وسيلة الكتابة، والكتاب الذي هو مصدر القراءة .
يقول تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ, خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ, اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ, الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ, عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فهي دعوة صريحة إليه، ورأس الكتب جميعاً هو كتاب الله سبحانه الذي يدعونا إلى قراءته وتدبره والعمل بأحكامه.
يقول عز وجل: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (القمر 17) .
ويقول سبحانه: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد 24) .
ويقول أيضاً: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} (ص 29) .
وعلى هذا تكون المكتبات العامة ذات أثر كبير على تثقيف أبناء الأمة، ويكون إيجادها والإكثار منها، وتيسير أسباب المطالعة فيها من الأمور التي يدعو إليها الإسلام ويرغب فيها؛ لأنه دين العلم والإشادة بالعلم والعلماء، والعلم - كما قلنا في مطلع هذا البحث - لا يأتي إلا بالتعلم، والكتاب هو الوسيلة الأولى لهذا العلم، وتوفير هذا الكتاب وتيسير الوصول إليه وتعميمه على أبناء الأمة هو من مقتضيا المصلحة الكبرى التي يقوم على تحقيقها الحكم الصالح في كل زمان ومكان.
آداب المجالس
إذا جلست فأقبل على جلسائك بالبشر والطلاقة، وليكن مجلسك هادئاً، وحديثك مرتباً واحفظ لسانك من خطئه، وهذب ألفاظك، والتزم ترك الغيبة، ومجانبة الكذب والعبث بأصبعك في أنفك، وكثرة البصاق والتمطي والتثاؤب والتشاؤم، ولا تكثر الإشارة بيدك، واحذر الإيماء بطرفك إلى غيرك ، ولا تلتفت إلى من وراءك، فمن حسنت مجالسته ثبتت في الأفئدة مودته ، وحسنت عشرته، وكملت مروءته.
المراجع
1- احمد بدر .المدخل إلى علم المعلومات والمكتبات ._ الرياض : دار المريخ ، 1985 . ص ص 209 - 210 .
2- حشمت قاسم . مدخل لدراسة المكتبات وعلم المعلومات ._ القاهرة : مكتبة غريب ، 1990 . ص ص 102 - 103 .
3- حشمت قاسم . المكتبة والبحث ._ ط2 ._ القاهرة : مكتبة غريب ، 1993 . ص 17 .
4- شعبان عبد العزيز خليفة . أوراق الربيع في المكتبات والمعلومات ._ القاهرة : العربي للنشر والتوزيع ، 1988 .ص ص 183-184 .