بحث عن المعلومات وتطوير المدارس - بحث علمى عن المعلومات وتطوير المدارس
ان الابداع يعتمد على المعلومات الموجودة ، ولكى يبرز لا بد أن تصل هذه المعلومات الى الفرد المبدع الذى يشكلها تشكيلات جديدة ، ومن هنا تأتى الأهمية القصوى لتداول المعلومات فى المجتمع ، بالنسبة لجميع الناس وعلى الأخص بالنسبة للجيل الجديد من الأطفال الذين يعدون العناصر التى تنتظر منها حين تنضج أن تسهم إسهاما فعالا فى الابداع بكل صوره بحكم تقدم المعارف الإنسانية .
وتداول المعلومات فى المجتمع يقتضى ثورة ثقافية كاملة ، تتعلق بنشر المكتبات ومراكز المعلومات فى كل مكان لتشجيع القراءة .
والآن مع بروز الانترنت وما ستؤدى إليه من انقلاب فى الاتصال الانسانى ، أصبحت هذه الشبكة هى الوسيلة الرئيسية لتداول المعلومات فى كل مجالات النشاط الانسانى ، ويسمح البريد الالكترونى بالاتصال المباشر بين البشر مبدعين أو غير مبدعين ، إضافة الى النقاش المباشر على الشبكة . والتى تسمح للمبدعين فى مجال معين من الاتصال عالميا بزملائهم فى مختلف انحاء العالم ، وهو ما يجعلنا ندرك الفرص التربوية والخبرات المتاحة فى عصرنا لاسابقة له وفى وقت قريب سيوفر لنا " طريق المعلومات السريع " وصولا كاملا لمعلومات لا حسر لها ، فى أى زمان ومكان نرغب فيهما فى استخدامها وما يدعوا للبهجة حقا هو أن وضع هذه التكنولوجيا موضع التطبيق من أجل تحسين التعليم سوف تنجم عنه منافع كثيرة فى كل مجالات المجتمع . لذلك فان ايجاد نظام شبكى خاص متعدد الوسائط من الكمبيوترات فى شبكة واحدة وتوصيلها بخطوط عالية السرعة وربطها بالأنترنت ، وتدريب المدرسين على استخدام الكمبيوترات الشخصية وتجهيز دورات تدريب لأولياء الأمور وتشجيع الطلاب على استخدام البريد الالكترونى والانترنت سيؤدى إلي نتائج كبيرة وملموسة من أهمها أنه سيكون هناك نظام مدرسى مهيأ لتغيرات أساسية فى مناهج التدريس والمكثف فى الوقت ذاته للتكنولوجيا فى كل منزل وفصول الدراسة وهذا سيخلق مجتمع تعلم حقيقى يعزز فيه ويدعم كلا من المنزل والمدرسة أحدهما الآخر وتتمثل احدى الفوائد الأخرى للتعلم بمساعدة الكمبيوتر فى الطريقة التى سينظر بها العديد من الطلاب إلي الاختبارات ، فالاختبارات تمثل فى الوقت الحاضر ، عامل احباط بالنسبة إلي الكثير من الطلاب كما أوضحنا من قبل فهى ترتبط بالشعور بالتقصير : " لقد حصلت على درجة سيئة " ، أو " لم يسعفنىالوقت " أو " لم أكن مستعدا " وبعد فترة ربما فكر العديد من الطلاب الذين لم يؤدوا جيدا فى الاختبارات قائلين لأنفسهم : ربما كان من الأفضل التظاهر بأن الاختبارات ليست مهمة بالنسبة لى ، لأننى لن أستطيع أبدا أن أجتازها بنجاح ، والواقع إن الاختبارات يمكن أن تولد لدى الطالب موقفا سلبيا تجاه التعليم كله . وسوف تتيح الشبكة المعلوماتية للطلاب أن يمتحنوا أنفسهم فى أى وقت فى جو خال من أى مخاطرة ، ويمثل الامتحان المدار ذاتيا شكلا من أشكال استكشاف الذات ، إن عملية الاختبار ستصبح جزءا إيجابيا من عملية التعليم . ولن يستدعى خطأ ما تأنيا قاسيا ، بل سيحفر النظام إلى مساعدة الطالب على التغلب على سوء فهمه ، وإذا استعصى أمر على طالب ما فسوف يقوم الكمبيوتر بشرح الظروف للمدرس . وستكون هناك خشية أقل من الاختبار الرسمى ومفاجآت أقل ، إذ أن الامتحان الذاتى المتنامى باستمرار سيكسب كل طالب إحساسا أفضل أين يقف بالضبط ." سيمثل التعلم باستخدام الكمبيوتر نقطة أنطلاق نحو الاستفادة المستمرة من الشبكة المعلوماتية وسيقوم مدرسو المستقبل المتميزون بما هو أكثر من تعريف الطلاب كيقية العثور على المعلومات عبر الشبكات وسيكون بإمكان الطلاب من كل الأعمار وعلى اختلاف قدراتهم أن يتعاملوا بصريا مع المعلومات وأن يتفاعلوا معها ، وهكذا سيصبح بإمكان " فصل دراسى " يدرس الطقس على سبيل المثال ، أن يرى صور أقمار صناعية محاكية مبنية على نموذج لظروف إرصادية إفتراضية ، وسيطرح الطلاب أسئلة مثل ما الذى يحدث لطقس اليوم التالى لو زادت سرعة الرياح 20 كم فى الساعة ؟ سيقوم الكمبيوتر بتحليل النتائج المتوقعة ، عارضا على الشاشة المنظومة الطقسية المحاكية كما تبدو من الفضاء ، ومن ثم فإن تحويل المجتمع العربى الى مجتمع المعلومات سيؤثر تأثيرا كبيرا على الإبداع العربى .
المعلومات وتطوير المدارس
نحن نعيش فى خصم ثورات متعددة ومتداخلة مثل الثورة المعلوماتية والاتصالية والمعرفية وواكبها الثورة الاقتصادية التى غيرت مفاهيم التعاملات الدولية كلها وترتبط بالانفتاح الاقتصادى والمنافسة الشرسة ، وهو ما يسمى بقوى العولمة ، ونحن بصدد عصر
جديد ، من سماته أن نوعية سوق العمل ستختلف وستركز على القدرات الذهنية والمهارات العقلية بصورة تتلائم مع الاتجاه إلى اقتصاد المعرفة وتغير مفهوم الوظيفة بالتالى ، ومن ثم يجب أن تركز البرامج التعليمية والبحثية فى مصر عن تنمية وتطوير الصناعات الالكترونية والحاسبات وتنمية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والمواد الجديدة ذات الخصائص الفائقة والهندسة الوراثية ، والتكنولوجيا الحيوية وتأكيد الجودة ورفع القدرة التنافسية وكذلك تكنولوجيا الفضاء وتطبيقاتها .
الثورة المعلوماتية والتكنولوجية والتعليم :
نعلم جميعا أن التعليم يعد استثمارا بشريا ، له مدخلاته وعملياته وأهدافه وتدخل التقنيات الحديثة فى هذا الإستثمار لأنها تشكل منهجا منظما للعملية التعليمية ، ولذلك ازداد الإهتمام فى السنوات الأخيرة بدور التكنولوجيا فى هذه العملية ، ودار جدل كبير حول أهمية التكنولوجيا وأنواعها ، وجدوى الاستعانة بها ، وأفضل الأساليب للإستفادة منها فى تطوير التعليم ومعالجة مشكلاته ورفع اداء المعلم والطالب ، فى محاولة لبلوغ ما نصبو اليه ومواجهة تحديات العصر ، لأن التعليم ركيزة بناء الأمة والإرتقاء بالشعوب وتحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع . ونحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيا والمعلومات ، وهما المحرك لآليات التطور فى كل جانب من جوانب الحياة . ومن هنا بدأت تكنولوجيا التعليم تعمل على تطبيق المعرفة المنظمة فى حل مشكلات تتعلق بالمواقف التدريسية التى تواجهنا .
فتكنولوجيا التعليم تشمل مجالات فرعية لكل منها وظائف معينة واساليب خاصة لتحقيقها ، ومنها :
( أ ) تطوير التعليم :
وهى العملية التى نتبع بموجبها نظاما خاصا ، نقوم فيه بتحليل الحاجات وتقدير أهميتها وتصل الى المحتوى الدراسى الذى ينبغى اتقانه لمواجهة هذه الحاجات وتحديد الأهداف الأدائية ، وتصميم أو اختيار المواد التعليمية للوصول الى تحقيق هذه الأهداف ، ثم تجريب البرنامج المقترح وتعديله فى ضوء المعلومات عند نتائج تقويم اداء المتعلم وتحصيله . وتعد عملية اعداد المناهج عملا جماعيا ، لذل يتطلب إعداد المادة التعليمية المحسبة تضافر جهود فريق من المتخصصين يضم المدرس والإدارى والمبرمج الفنى لضمان جودة المادة التعليمية وتفادى هدر الإمكانات فى الجهد والمال والوقت .
ويتطلب تصميم المادة التعليمية تحضير معلوماتها العلمية وصياغتها وتجهيزها وتقسيمها الى وحدات سهلة الإستيعاب ثم التوصيف المقنن المفصل لجزئياتها وبيان ما يتخلل ذلك العرض من الشرح اللفظى والصور والأشكال البيانية والأسئلة الإختبارية . ويشترك فى تصميم المادة أيضا مبرمجو الحاسوب ومختصو اللغة ومراقبو الجودة ، حيث ينبغى أن نعد المادة التعليكية المحوسبة إعدادا يلبى مواصفات الإنتاج الجيد علميا وفنيا ، وأن تستكمل فى اعدادها اجراءات الإنتاج المتقن تخطيطا ومراجعة وتصحيحا واخراجا وانتاجا .
( ب ) الإدارة التعليمية
وهى البعد الثانى لتكنولوجيا التعليم ، ويقصد به ادارة وظائف وخدمات برامج التكنولوجيا وتطوير التعليم ، ويقصد بالإدارة هنا تطبيق الأسس العلمية ونتائج الأبحاث التى توفرت فى مجالات الإدارة والإقتصاد والعلوم الإنسانية والإلكترونيات فى تحقيق وظائف هذا المجال وفق أنظمة ونماذج خاصة فالتعليم بصفة عامة هو عصب تقدم أمم وتخلف أمم أخرى ، ولا شك أن الدول المتقدمة تولى التعليم عناية قصوى ليس لتربية العقول السليمة فحسب ، بل وللتأكد من مواكبتها ركب التطور المطرد الذى هو سمة من سمات هذا العصر ، والهدف من التعليم هو تنمية العناصر البشرية ، ويمكن تقسيمها الى أربعة أنواع رئيسية من الكوادر هى : الفنيون ، الجامعيون ، الباحثون ، المخططون وصانو القرار ، وبمكن تطوير هذه الكوادر الأربعة على أساس تخطيط واضح ، تؤخد فيه الأولويات الإستراتيجية للدولة ، ويتحدد تبعا لذلك الكم المطلوب من العناصر البشرية فى كل كادر ، سواء أكان فى التعليم الفنى أم التعليم الجامعى ، أم التعليم البحثى ، والذى هو امتداد للتعليم الجامعى ، واعداد المخططين والقادة وهم الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعى والتعليم البحثى ، وبذلك يأتى الطالب بمعلومات راسخة وقدرة على التطبيق والإبتكار فى مجال تخصصه .
وكان لإختراع متعدد الوسائط أهمية كبيرة فى حقلى التربية والتعليم ، حيث تساهم هذه الوسائط والتقنيات فى توسيع أنظمة التربية المستعملة ، وتخلق امكانات ووسائل تعليم جديدة ، وتساعد على زيادة قدرة الاستيعاب لدى مختلف الأجيال والمراحل التربوية ، وتخلق وسائل ايضاح حديدة فى نقل المحاضرات وسماعها واقامة الندوات والقاء المحاضرات وغير ذلك . كما تساعد هذه التقنيات فى ايجاد مواد تعليمية جديدة ، يشكل الحاسوب العمود الفقرى لها . وتكون المواد التطبيقية سهلة الوضوح والاستيعاب ، ومساعدة للمواد النظرية فى شرح الموضوعات المختلفة . وفى الوقت نفسه ستكون وسائل الإيضاح والتقنيات الجديدة فى خدمة المعوقين جسديا وفكريا وعصبيا ، وستساهم بشكل علمى وفعال فى انخراط هذه الفئات فى المجتمع عن طريق نقل المعلومات اليها بطريقة سهلة ، وبمساعدتها على تخطى عقدها النفسية عبر وضع امكانات الحواسيب فى خدمتها . أما على الصعيد العلمى وخصوصا البحث العلمى ، فسيكون فى استطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة ، وحتى الباحثين من الدول النامية ، الاستفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال قرون من الزمن فى الدول المتطورة والاطلاع على الأبحاث الحديثة المتقدمة التى ينتجها العلماء فى الدول المتطورة ، وهذا يشكل فى حد ذاته خطوة كبيرة الى الأمام ، تساعد على رفع المستوى العلمى والتكنولوجى للدول النامية . ويعلم الجميع مدى أهمية الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية والنشرات والموضوعات المكتشفة لتطوير العلوم وتحديثها ، وقد كان العلماء والباحثون فى الدول النامية مضطرين للسفر الى الدول المتطورة والغوص فى مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة لأبحاثهم ، مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع للوقت وهدر للأموال .
أما الآن ، فقد استطاع العلماء بوساطة الطرق السريعة للمعلومات الإطلاع على كل جديد فى أى حقل من الحقول بسرعة فائقة دون أية تكلفة ، بل يكفى أن تسمح الدول الغنية والمسؤولون فيها بتدفق المعلومات على هذه الطرق ، وباتجاه الدول غير المتطورة ، دون أى حظر على دولة دون غيرها ، أو على معلومة معينة . والواقع فإن وجود مراكز للمعلومات باتت مسألة ملحة ، لهذا كان لا بد أن تبدأ الأقطار العربية ببناء مراكز أبحاث متميزة كما هو متبع فى دول كثيرة ، بحيث تستقطب هذه المراكز الدارسين من الوطن العربى ويجب أن يكون التخطيط لمثل هذه المراكز على النظام القومى ، وليس على النظام الإقليمى ، فوجود مثل هذه المراكز يمنع إهدار الإستثمارات ببناء مراكز متشابهة فى كل قطر عربى . كذلك فإن وجود مثل هذه المراكز التى يمكن أن يلتقى فيها الباحثون العرب ، يعد بوثقة تنصهر فيها العقول العربية من أجل العمل للصالح العام ، وبعيدا عن النزعات الإقليمية ، بحيث يتحقق الوصول بالأمة العربية الى المستوى المطلوب ، وحتى لا تزداد الهوة بيننا وبين الدول المتقدمة الأخرى أكثر مما ينبغى .
والواقع ان الثورة المعلوماتية والتكنولوجية تؤثر على التعليم من ثلاث زوايا :
1- مدرسة المستقبل : اننا بحاجة لمدرسة جديدة ، مدرسة المستقبل ، مدرسة بلا أسوار ، ليس بالمعنى المادى لأسوار ولكنها مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع ، وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الناس متصلة بقواعد الانتاج ، ومتصلة بنبض الرأى العام ، وبمؤسسات الثقافة والاعلام ، ومتصلة بمؤسسات الحكم المحلى ، وتضرب بأنشطتها فى أعماق المجتمع وتمتد لكل من يستطيع أن يدلى بدلوه أو يمد يده بالمساعدة فى اعادة صياغة عقل الأمة ، وهى مدرسة لها امتداد
افقى الى المصالح والمعامل ومراكز الأبحاث وخطوط الانتاج وهى مؤسسة لها امتداد رأسى تمتد قرون استشعارها إلي
التجارب الانسانية والتربوية فى كل دول العالم ، وتمتد ببصيرتها الى كل جزء فى العالم .
2- معلم الألفية : نحن نحتاج الى معلم الألفية الثالثة ، يتغير دوره تغيرا جذريا من خريج مؤسسة كانت تهدف دائما الى تخريج موظفين وعاملين يعملون فى اطار نظم جامدة وخطوطة طولية يلتزمون بقواعد جامدة ، الى مدرسين يقومون بوظيفة رجال أعمال ومديرى مشاريع ومحللين للمشاكل ووسطاء استراتيجيين بين المدرسة والمجتمع ، ومحفزين لأبنائهم ويكتشفون فيهم مواطن النبوغ والعبقرية والموهبة ويقومون بدور الوسيط النشط فى العملية التعليمية ، فنحن نريد معلم له من خبراته التربوية وثقافته المتنوعة ومن قاعدته المعرفية العريضة ومن امكاناته الفكرية المرتفعة والتصور القائم على الاحساس بالمتغيرات ، قادر على مشاركة ابنائه فى استكمال استعدادهم للتعامل مع مستقبل مختلف كليه عن حاضر أو ماضى عايشناه ، كل ذلك يقتضى إعداد المعلم تدريبا مختلفا ، واعداد غير مسبوق وانفتاحا على كل التجارب العالمية ، وتنوعا فى الخبرات والقدرات التى تسلحون بها سواء فى اعدادهم فى كليات التربية أو معاهد المعلمين.
3- مناهج غير تقليدية : لمسايرة تطور الألفية الثالثة ولتحقيق التنمية فى القوى البشرية نحتاج الى مناهج جديدة تتسم بالمعرفة الكلية بدلا من الاختزال والتى تتسم باحتوائها على المعلومات والبحث عنها وتنظيمها وتوظيفها ، وكذلك مناهج مرتبطة بحاجات المجتمع الحقيقية ، ويجب أن تنهض المناهج بمسئولية تمكين ابنائنا من التعامل الذكى والكفء مع المتطلبات الحقيقية والمتطورة للمجتمع ، ولا بد أن تكون المناهج عملية و الممارسة فيها الأصل والتجريب هو الأساس والمشاركة فى البحث عن المعلومة وتنظيمها وتوظيفها هى الجوهر الحقيقى للعملية التعليمية ، ولا بد أن تكون المناهج فى اطار عالمى بمعايير عالمية ، ولا بد ان تكون فى اطار مستقبلى ، ولا بد أن تراعى حق الجيل الجديد فى الاختيار ، وكذلك لا بد من المرونة فى أساليب التعليم ، وتنوع فى طبيعة المناهج وطرق التدريس ومرونة فى الجدول الدراسى ، ولا بد أن يتغير هدف التعليم من تعليم للجميع الى التعليم المتميز والتميز للجميع .
ان علاقة التعليم والتكنولوجيا هى علاقة تكاملية ، ومجموعة من العمليات المتكاملة التى يتوقف نجاحها على مدى اتساقها وتناغمها معا فحين يتعلم التلاميذ وفق أساليب تكنولوجية حديثة ويلمون بطريقة التفكير المنهجى القائم على البدائل
والاحتمالات واطلاق الأفكار اللانهائية ، فسوف تتشكل الأجيال القادرة ليس فقط على التعامل مع الجديد فى عالم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، ولكن ايضا ابداع التقنيات المناسبة لحاجة المجتمع العربى .
ان مشكلة مواجهة الأمية التكنولوجية تتمثل فى اكتساب مهارات التقنيات الحديثة وهذا لا يكون الا باستخدام العمل التطبيقى ، والاحتكاك المباشر ، وليس فقط عن طريق الصور وحفظ واكتساب المعلومات النظرية .
التعلم الإلكترونى
أتاحت التطورات السريعة التى طرأت على تكنولوجيا المعلومات والإتصال الفرصة للجامعات لتضع برامجها الدراسية فى متناول الراغبين أينما كانوا ، واكتساب التأهيل العلمى والتقنى اللازم ، والحصول على الشهادة المطلوبة ، عن طريق التعلم الالكترونى .
ففى الولايات المتحدة الأمريكية اليوم ، يقوم 2000 من مؤسسات التعليم العالى ببث برنامج ( مسار دراسى ) واحد على الأقل من برامجها على شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) ويشكل هذا العدد نسبة 70% من الجامعات الأمريكية . ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة عام 2005 م الى 90% وتتفاوت هذه الجامعات فى عدد البرامج الدراسية التى تقدمها على الشبكة والتخصصات التى تتيحها فمعهد روجستر التكنولوجى يقدم خمس شهادات جامعية فى العلوم ، وجامعة ألنوى تقدم 10 شهادات مختلفة فى المراحل الجامعية الثالثة تشتمل على 220 برنامجا ، وتغطى تخصصات مختلفة مثل إدارة الأعمال ، والتسويق ، وبرمجيات الحاسب وغيرها .
طبيعة التعلم الإلكترونى
ويغطى مصطلح ( التعلم الإلكترونى ) أنواعا متعددة من التعليم والتدريب عن بعد ، تقدم بواسطة الحاسب سواء أكانت المادة التعليمية مسجلة على أقراص مرنة أو مدمجة أو تصل الى حاسب المتعلم بواسطة شبكة المعلومات الدولية ( الإنترنت ) أو شبكة المعلومات الوطنية أو الإقليمية ( الاكسترانت ) أو تبث اليه الأقمار الصناهية أو محطات التلفزة ، ويكون محتوى المادة الدراسية مسموعا أو مقروءا أو مرئيا . وينصرف الفكر عند سماع مصطلح ( التعلم الإلكترونى )الى نوعين من التعليم عن بعد هما : التعلم الحى فى فصل ( قسم أو مختبر ) افتراضى ، والتعليم المبرمج الذى يتلقاه الشخص عن طريق الشبكة الدولية للمعلومات ( الإنترنت ) وفى كلا النوعين يختار المتعلم المكان الذى يتعلم فيه ( فى المنزل أو فى المؤسسة ) والقت الذى يتعلم فيه ( فى أثناء العمل أو بعد أوقات العمل ) والمدة التى يتعلم فيها ( ساعة واحدة أو عدة ساعات يوميا ) .
التعليم عن بعد
واذا كان التعلم الإلكترونى نوعا من أنواع التعليم عن بعد ، فهو يختلف عنه من حيث طبيعة العملية التربوية ، والمضمون ، والمنهجية ، والتقويم . فالفرق الأساسى بين التعليم عن بعد والتعلم الالكترونى يكمن فى أن دور المتعلم فى النوع الأول يبقى دورا سلبيا ، اذ يتلقى المعلومات دون أن يشارك فى الدرس أو يتفاعل مع المادة التعليمية . اما فى التعلم الالكترونى فإنه يشارك فى العملية التربوية خطوة خطوة ، فقد أتاحت تكنولوجيا المعلومات والإتصال امكان إجابة المتعلم عن كل سؤاد يوجهه إليه الأستاذ الذى يراه على شاشة الحاسب والحصول فى الحال على نتيجة إجابته لتعزيز الإجابات الصحيحة وتشجيع المتعلم . فالفرق كبير بين التعليم التعلم
أما من حيث المضمون والمنهجية المتبعة فإن المادة التعليمية ، فى التعليم عن بعد ، معدة لجمع المنخرطين بينما يتغير محتوى المادة وطريقة عرضها من فرد الى آخر ومن مرحلة تعليمية إلى أخرى ، فى التعلم الإلكترونى طبقا لقدرات المتعلم واحتياجاته الآنية والمستقبلية وهذا ما سماه الدكتور محمد مصطفى القباح بـ ( فردنة التعليم ) .
وأما من حيث التقويم فإن معظم أنواع التعليم عن بعد تقوم انجازات الطالب فى نهاية البرنامج ، بينما التقويم فى التعليم الإلكترونى هو طريقة منتظمة مستمرة لجمع المعلومات عن تأثير التعلم وفاعليته ، بحيث تستخدم نتائج التقويم لتحسين التعليم نفسه فورا ، أو لمعرفة ما اذا كان المتعلم قد حقق أغراضه أو لقياس قيمة التعلم الإلكترونى للمؤسسة التى استخدمته .
فالتعلم الإلكترونى هو طريقة ثورية اتزويد القوى العاملة بالمهارات والمعرفة التى تحتاج اليها لتحويل التغيرات المستمرة فى سوق العمل لمصالحها . فنماذج التعليم فى العالم القديم لم تعد قادرة على مواجهة تحديات العالم المعلوماتى الجديد وسوق العمل المعولمة والتعلم الإلكترونى يقدم لنا الوسائل الكفيلة بمواجهة تلك التحديات .
ان التعلم الالكترونىيزاوج بين تكنولوجيا الاتصال والتربية والمعلومات والتدريب ، ويعد عنصرا جوهريا فى استراتيجيات الإقتصاد الناجح . فالاقتصاد الشبكى الجديد ( نسبة الى شبكة الانترنت ) يتطلب تطوير معرفة الأفراد العاملين وتحديثها بإستمرار . ويعتمد نجاح تقدم الأمم والأقطار ، والشركات على قدرتها على صنع المعرفة وتقاسمها ، واستثمارها بفاعلية فى الإقتصاد الشبكى الحديث القائم على المعرفة .
ولكن ينبغى التنبيه الى أن تحصيل الفرد من التعلم الإلكترونى يعتمد على مضمون هذا التعلم ووسائط تلقيه . فكلما كان محتوى التعلم ووسائطه مناسبة لغايات المتعلم كان التحصيل أكبر ، والنتائج أفضل . والتعلم الإلكترونى لا يخرج العملية التربوية بالضرورة من أسوار المدرسة وانما يمكن أن يستخدم داخل جدران القسم ، فيزيد من فاعلية التعلم بفضل المضمونات الجديدة ، والطرائق التكنولوجية الحديثة التى تسهل التعلم وتسرع به . هذا وسيكون الصراع فى هذا القرن بين الرؤية المستقبلية المسلحة بالعلم والتكنولوجيا والرؤية الماضوية اللصيقة بأنماط تربوية قديمة . وستقاس ثروة الأمم لا بما تختزنه أرضها من معادن وإنما بما يتركز عقول ابنائها من معارف وتقنيات . ولهذا فإن دول الغرب سارعت لإقتناص الفرص التربوية الجديدة الهائلة التى أصبحت متاحة بفضل التطورات العملاقة فى تكنولوجيا المعلومات والإتصال فى التسعينات من القرن العشرين .
ففى عام 1996 م أعلن وزير التربية فى الولايات المتحدة الأمريكية الخطة القومية الأولى لتكنولوجيا التربية ، وهى ترمى الى تهيئة طلاب أمريكا لمواجهة تحديات القرن الحادى والعشرين . وتتضمن هذه الخطة استعمالا فعالا للتكنولوجيا فى المدارس الإبتدائية والثانوية من أجل إعداد تربوى أفضل للآستجابة لمتطلبات سوق العمل والإقتصاد الأمريكى الجديد .
وفى عام 1999 تمت مراجعة جذرية لتلك الخطة القومية ، وأعلنت وزارة التربية الأمريكية التزامها تحقيق الأهداف الجديدة الآتية :
1- جميع الطلاب والمعلمين سيستخدمون تكنولوجيا الاتصال فى أقسامهم ومدارسهم ومنازلهم .
2- جميع المعلمين سيستعملون التكنولوجيا بصورة فعالة لمساعدة طلابهم على بلوغ مستويات أكاديمية رفيعة .
3- جميع الطلاب سيكتسبون مهارات تكنولوجيا الإتصال فى المدارس الإبتدائية ( وهو ما أسمته الخطة بـ ( محو الأمية الحاسوبية ) .
4- يضطلع البحث العلمى والتقويم بواجب تحسين الجيل القادم من التطبيقات التكنولوجية فى التعليم والتعلم .
5- تؤدى المضمونات المعرفية الرقمية والتطبيقات الشبكية الى تغيير نظرتنا الى العملية التربوية ، تعليما وتعلما ، وتجرى عليها تغيرا جذريا .
وتدل الإحصاءات على أن الحكومة الأمريكية تعمل على تنفيذ هذه الخطة . ففى عام 1999م أنفقت أمريكا ما مقداره 1.1 بليون دولار على التدريب الإلكترونى . وفى عام 2000م ، تضاعف هذا المبلغ ليصل الى 2.2 بليون دولار ، وتشير التقديرات الى أن الإنفاق على التدريب الإلكترونى سيبلغ 11.4 بليون دولار خلال هذا العام وسيكون 60%مما ينفق على مجمل التدريب مخصصا للتعلم الإلكترونى .
كما انه وقد اطلق الإتحاد الأوروبى مؤخرا مشروع ( الجامعة الأوروبية الشبكية ) الذى ينفذ اعتبارا من عام 2001 م الى عام 2003 م لتيسير التعلم الإلكترونى فى مختلف التخصصات .