بحث عن الدوله العثمانيه الحروب والمعارك بين العثمانيين والمماليك معركة الريدانية
معركة الريدانية بصحراء العباسية خارج القاهرة قامت في 11 يناير 1517 بين العثمانيين والمماليك قرب حلب، انتهت بهزيمة طومان باى وإعدامه على باب زويلة بالخازوق. وانهاء حكم المماليك وبداية السيطرة العثمانية لمصر. قاد العثمانيين سليم الأول وقاد المماليك طومان باي. تمزق جيش المماليك بسبب الخلافات الداخلية.
وبهزيمة المماليك، خلع سليم الأول الخليفة العباسي, المستمسك بالله , وانتقلت الخلافة إلى الدولة العثمانية وأصبح سليم الأول أول خليفة عثماني
البداية
بعد أن انهى السلطان سليم فتح الشام, والإنتصار الذي حققه سنان باشا على جانبردي الغزالي في خان يونس بدأ التقدم باتجاه مصر.
وقبل التوجه لمصر أرسل السلطان سليم رسولا إلى الزعيم الجديد للمماليك طومان باي يطلب منه الخضوع له والطاعة للدولة العثمانية وذكر إسمه بالخطبة وعرض عليه أن تكون مصر له بدءا من غزة ويكون هو واليا عليها من قبل السلطان العثماني على أن يرسل له الخراج السنوي لمصر وحذره من الوقوع فيما وقع فيه سلفه قانصوه الغوري. لكن طومان باي رفض العرض وقتل الرسل بتأثير من أتباعه الجراكسة مما يعني اعلان الحرب على العثمانيين
التوجه إلى مصر
بعد قتل رسل السلطان سليم الأول قرر التوجه بجيشه صوب مصر بجيش مقداره مئة وخمسون ألفا مقاتل وصحبه كثير من المدافع واجتاز الصحراء مع جيشه ووصل العريش بتاريخ 17 ذي الحجة 922 الموافق 11 يناير 1517 فقطع صحراء فلسطين[5] وقد نزلت الأمطار على أماكن سير الحملة مما يسرت على الجيش العثماني قطع الصحراء الناعمة الرمال وذلك بعد أن جعلتها الأمطار الغزيرة متماسكة مما يسهل اجتيازها[4]وفي اثناء عبور الجيش العثماني للصحراء تعرض إلى غارات البدو, وكان السلطان المملوكي يحث البدو على القيام بهذا العمل وكان يدفع مقابل كل رأس تركي وزنه ذهبا, وقد اشتدت غارات البدو لدرجة خاف الوزير الأعظم من حدوث معركة كبيرة وقد كادت أن تكلف حياته هو الآخر.
المعركة
جمع طومان باي 40 ألف جندي نصفهم من أهالي مصر والنصف الآخر من العسكر المماليك، وفي قول آخر كان عدد جيشه 30 ألف مقاتل. وقد استقدم 200 مدفع مع مدفعيين من الفرنجة ووضعها في الريدانية والهدف منها هو مباغتة العثمانيين عند مروره والإنقضاض عليه وحفرت الخنادق وأقيمت الدشم لمئة مدفع وكذلك الحواجز المضادة للخيول على غرار ما فعله سليم الأول في معركة مرج دابق ولكن استخبارات العثمانيين تمكنت من اكتشاف خطة الجيش المصري كما فصل ذلك د. فاضل بيات: تمكن والي حلب المملوكي خاير بك والذي دخل بخدمة العثمانيين من تأمين خيانة صديقه القديم جانبردي والذي كان على خلاف مع السلطان طومان باي وهو الذي أشار على السلطان سليم بالإلتفاف على جيش المماليك. وقد علم طومان باي بالخيانة بعد فوات الأوان وتردد بمعاقبته خوفا من أن يدب الخلل في صفوف الجند.
قام السلطان العثماني بعملية تمويهية بعيد اكتشافه للخطة المصرية, بأن أظهر نفسه سائرا نحو العادلية ولكنه التف وبسرعة حول جبل المقطم ورمى بكل ثقله على المماليك بالريدانية وكانت تلك حيلة جانبردي الغزالي الذي أبلغ خاير بك ذلك, فوقعت المواجهة بتاريخ 29 ذي الحجة 922 الموافق22 يناير 1517.
ماقاله ابن اياس
يقول ابن اياس بكتابه (بدائع الزهور في وقائع الدهور): وصلت طلائع عسكر ابن عثمان عند بركة (الحاج) بضواحي القاهرة, فاضطربت أحوال العسكر المصرية, وأغلق باب الفتوح وباب النصر وباب الشعرية وباب البحر.. وأغلقت الأسواق, وزعق النفير, وصار السلطان طومان باي راكبا بنفسه وهو يرتب الأمراء على قدر منازلهم, ونادى للعسكر بالخروج للقتال, وأقبل جند ابن عثمان كالجراد المنتشر, فتلاقى الجيشان في أوائل الريدانية, فكان بين الفريقين معركة مهولة وقتل من العثمانية ما لا يحصى عددهم). ويستطرد ابن إياس فيقول: (ثم دبت الحياة في العثمانية, فقتلوا من عسكر مصر ما لا يحصى عددهم). انتهى كلام ابن اياس.
استمرت المعركة الضارية بين العثمانيين والمماليك مابين 7-8 ساعات وانتهت بهزيمة المماليك وفقد العثمانيون خيرة الرجال منهم سنان باشا الخادم وقد قتل بيد طومان باي الذي قاد مجموعة فدائية بنفسه واقتحم معسكر سليم الأول وقبض على وزيره وقتله بيده ظناً منه أنه سليم الأول. وأيضا فقد من القادة العثمانيين وأمراء الجيش بسبب الشجاعة المنقطعة للمماليك ولكنهم لم يستطيعوا مواجهة الجيش العثماني لمدة طويلة فقد خسر المماليك حوالي 25 ألف قتيل, وفر طومان باي من المعركة ودخل العثمانيون العاصمة المصرية وقد استغرق منهم الكثير من الوقت والرجال حتى استكملوا سيطرتهم بالكامل على القاهرة.
أسباب هزيمة المماليك
يرجع الفضل للنصر المؤزر للعثمانيين على المماليك بعقر دارهم مع أن المماليك رجال حرب وشجعان إلى الأسباب التالية:
تحول ولاءات بعض القادة المماليك إلى السلطان سليم كخاير بك و جان بردي الغزالي الذي اعطى معلومات مهمة جدا لخطط المماليك للعثمانيين فكوفئ بحكم دمشق.
تفوق العثمانيين في الأسلحة الحديثة والمدافع والخطط الحربية المستمدة من الغرب:
1- الأتراك اعتمدوا على الأسلحة النارية على عكس المماليك الذين لايزال اعتمادهم على السيف والرمح, ومن الطريف أن المماليك عرفوا الأسلحة النارية قبل العثمانيين، بمقدار ستون عاما ومتأخرين عن أوروبا بأكثر من 40 عاما, ولكنهم لم يستغلوا تلك المعرفة بحكم أن ذلك يتطلب تعديلا جذريا بتنظيم الجيش وأساليبه القتالية, مما يحوله إلى جيش مشاة ويلغي الفروسية والسهم والسيف والخيل.
2- سلاح المدفعية العثماني يعتمد على مدافع خفيفة يمكن تحريكها بجميع الإتجاهات على عكس المدفعية المملوكية والتي تعتمد على مدافع ضخمة لاتتحرك. وهذا مما حيَد مدافع المماليك عند التفاف العثمانيين عليهم بتلك المعركة.
معركة مرج دابق
مرج دابق هو اسم معركة قامت في 24 أغسطس 1516 بين العثمانيين والمماليك قرب حلب، قاد العثمانيين سليم الأول وقاد المماليك الغوري. تمزق جيش المماليك بسبب الخلافات الداخلية.
ساءت العلاقة بين العثمانيين والمماليك، وفشلت محاولات الغوري في عقد الصلح مع السلطان العثماني "سليم الأول" وإبرام المعاهدة للسلام، فاحتكما إلى السيف، والتقى الفريقان عند "مرج دابق" بالقرب من حلب في (25 رجب 922هـ = 24 أغسطس 1516م).
وأبدى المماليك في هذه المعركة ضروبا من الشجاعة والبسالة، وقاموا بهجوم خاطف زلزل أقدام العثمانيين، وأنزل بهم خسائر فادحة، حتى فكّر سليم الأول في التقهقر، وطلب الأمان، غير أن هذا النجاح في القتال لم يدم طويلا فسرعان ما دب الخلاف بين فرق المماليك المحاربة، وانحاز بعضها إلى الجيش العثماني بقيادة "خاير بك".
وسرت إشاعة في جيش المماليك أن الغوري سقط قتيلا، فخارت عزائمهم ووهنت قواتهم، وفرّوا لا يلوون على شيء، وضاع في زحام المعركة وفوضى الهزيمة والفرار، نداء الغوري وصيحته في جنوده بالثبات والصمود وسقط عن فرسه جثة هامدة من هول الهزيمة، وتحقق للعثمانيين النصر الذي كان بداية لأن يستكمل سليم الأول فتوحاته في الشام وأن يستولي على مدنه واحدة بعد أخرى، بعدها سلَّم معظمها له بالأمان دون قتال.
الحياه العلميه والادبيه للدوله العثمانيه
عناية باللغة العربية: منذ أن تولى الأمير «عثمان» مؤسس الدولة العثمانية الحكم سنة (680 هـ= 1281م) وحكم (37) سنة أحاط نفسه بعلماء قبيلته ومشايخها الذين كانوا يعنون بحفظ القرآن الكريم وتحفيظه، ومع تولى «أورخان» الحكم خرج التعليم من المسجد إلى المدرسة، حيث فتح أول مدرسة فى مدينة «إزميد» التى فتحها سنة (728 هـ= 1327م)، وكان أول مدرس بها هو «داود القيصرى»، ودرست بها كثير من الكتب، فدرّس فى مادة التفسير كتابى «تفسير الكشاف» للزمخشرى، و«تفسير البيضاوى» لناصر الدين « عبد الله بن عمر البيضاوى»، وفى الحديث كتب الصحاح الستة، وهى: «صحيح البخاري»، و«صحيح مسلم»، و«سنن الترمذي»، و«سنن أبي داود»، و«سنن النسائي»، و«سنن ابن ماجه»، وكتاب «مصابيح السنة» للبغوى. ودرس فى مادة الفقه كتاب «الهداية» لشيخ الإسلام «برهان الدين على بن أبى بكر المرغنانى»، وكتاب «العناية فى شرح الوقاية» لعلاء الدين «على بن عمر الأسود»، وفى أصول الفقه كتاب «التلويح» للتفتازانى، و«منار الأنوار» للنسفى، و«المغنى» لجلال الدين عمر، و«مختصر ابن الحاجب».
وتقرر فى العقائد كتاب «القاضى الإيجى»، وكتاب «النسفى» و«الطحاوى»، وفى علم الكلام كتاب «تجريد الكلام» للطوسى، و«طوالع الأنوار» للبيضاوى، و«المواقف» للإيجى، وفى علم البلاغة كتاب «مفتاح العلوم» للسكاكى، و«تلخيص المفتاح فى المعانى والبيان» للقزوينى، وفى المنطق كتاب «الإيساغوجى»، و«مطالع الأنوار» لسراج الدين الأرموى، وفى الفلك كتاب «الملخص» لمحمود بن محسن الجغمينى.
ومن الكتب المقررة فى النحو: «ألفية ابن مالك» و«العوامل» للشيخ «عبد القادر الجرجانى»، و«الكافية فى النحو» لابن الحاجب، وكتب «ابن هشام»: «شذور الذهب»، و«قطر الندى»، و«مغنى اللبيب»، ودرس فى الصرف كتاب «أساس التصريف» لشمس الدين الغنارى، و«الشافية» لابن الحاجب وغيرهما.
وبرز كثير من علماء الدولة العثمانية فى مجال الثقافة الإسلامية المكتوبة باللغة العربية، مثل: «حاجى خليفة» صاحب كتاب «كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون»، وهو كتاب ببليوجرافى مهم، وله مكانته فى الدراسات العربية الإسلامية، جمع فيه أسماء (14500) كتابًا لتسعة آلاف وخمسمائة مؤلف، وتناول فيه نحو (300) فن أو علم، وقد حوى هذا الكتاب أمهات المصادر فى الفكر الإسلامى مما صنف باللغة العربية أو الفارسية أو التركية.
ومن هؤلاء العلماء - أيضًا - «طاشكو برى زاده» وهو «عصام الدين أبو الخير أحمد بن مصطفى» صاحب كتاب «الشقائق النعمانية فى علماء الدولة العثمانية»، تناول فيه تراجم أكثر من (500) عالم وشيخ من علماء الدولة العثمانية من عهد الأمير «عثمان» حتى السلطان سليمان القانونى، منهم: ابن كمال باشا «شمس الدين أحمد بن سليمان» الذى اشتهر بكثرة تآليفه ورسائله، وهو يشبه فى ذلك «السيوطى» و«ابن الجوزى» و«ابن حزم» ممن اشتهروا بكثرة مؤلفاتهم. يقول «اللكنوى» بأن لابن كمال باشا رسائل كثيرة فى فنون عديدة، لعلها تزيد على ثلاثمائة غير تصانيف له فى لغات إسلامية أخرى كالفارسية والتركية، وكان ذلك فى عهد السلطان «سليم الأول».
وزخر عهد السلطان «محمد الفاتح» بالمصنفات العربية، وبخاصة أساتذته الذين قاموا بتعليمه وتثقيفه، مثل الشيخ «الكورانى»، والشيخ «خسرو»، كما ظهر فى عهد «سليمان القانونى» شيخ الإسلام «أبو السعود أفندى» صاحب التفسير المعروف «إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم».
وكانت اللغة العربية هى السائدة فى جميع المدارس والجامعات العثمانية، على حين استخدمت اللغة التركية فى الأعمال الحكومية فقط.
وعنى السلاطين العثمانيون بالأدب والشعر، فكان السلطان «مراد الثانى» (805 - 855 هـ= 1402 - 1451م) يعقد مجلسًا فى قصره، يدعو إليه الشعراء ليتسامروا ويقرضوا الشعر بين يديه، وكان يشجع حركة الترجمة من العربية إلى التركية، وجعل من قصره مكانًا للمترجمين،فأصبح كأنه أكاديمية علمية.
ثم خلفه ابنه «محمد الفاتح» الذى وصفه المؤرخون بأنه راعٍ لنهضة أدبية، وشاعر مجيد، وكان يجيد عدة لغات، ويداوم على المطالعة وبخاصة الكتب العربية التى ملأت مكتبته، ويعنى بالأدب عامة والشعر خاصة، ويصاحب العلماء والشعراء ويصطفيهم، وقد استوزر منهم الكثير، مثل: «أحمد باشا» و«قاسم الجزرى باشا»، وعهد إلى الشاعر الأناضولى «شهدى» أن ينظم قصيدة تصور التاريخ العثمانى باللغة الفارسية على غرار «الشاهنامة» التى نظمها «الفردوسى».
وكان «محمد الفاتح» إذا سمع بعالم متبحر فى فن من الفنون فى الهند أو فى السند استماله بالإكرام، وأمده بالمال، وأغراه بالمناصب، ومثال ذلك: أنه استقدم العالم الكبير «على قوشجى السمرقندى» وكانت له شهرته فى الفلك، كما كان يرسل كل عام مالاً كثيرًا إلى الشاعر الهندى «خواجه جهان» والشاعر الفارسى «جامى».
وبرع «الفاتح» نفسه فى نظم الشعر، حتى اتخذ لنفسه اسمًا شعريا يستخدمه فى أشعاره التى تعكس رقة إحساسه، ورهافة مشاعره، وتبرز تكوينه الدينى.
وخلفه ابنه «بايزيد الثانى» وكان عالمًا فى العلوم العربية، وفى الفلك، ومهتما بالأدب ومكرمًا للشعراء والعلماء.
وكان السلطان «سليم الأول» شغوفًا بالشعر والشعراء والعلم والعلماء، حتى إنه صحب معه فى حملته على «فارس» الشاعر «جعفر ُلبى»، واصطحب فى حملته على «مصر» و«الشام» الشاعر «ابن كمال باشا».
وقد ازدهر الأدب التركى منذ القرن الثامن الهجرى، وبلغ أوجه فى القرن الحادى عشر، وتأثر بالأدب الفارسى، كما ازدهر نوع من الشعر الشعبى الموزون فى أوساط سكان «الأناضول» و«الروملى»، وساهمت الترنيمات الصوفية لشاعرهم «يونس إمره» المتوفى سنة (721 هـ= 1321م) فى تجسيد هذا الأدب الذى حافظ على وجوده واستمراريته فى المراكز الصوفية، ومن هذا الشكل الشعبى من الأدب التركى انطلق الأدب التركى الحديث متأثرًا به وبالأدب الغربى.
التاريخ والجغرافيا
قام العثمانيون بدور جيد فى مجال التاريخ، وبدأت المحاولات الأولى لتدوين التاريخ العثمانى تدوينًا منظمًا فى عهد السلطان «بايزيد الأول» على يد المتصوف «أحمد عاشق باشا»، ثم اهتم الباب العالى منذ القرن العاشر الهجرى بكتابة التاريخ، فعين المؤرخين الرسميين أمثال «سعد الدين» المتوفى سنة (1007 هـ= 1598م).
وتعد الجغرافيا أحد العلوم التى أجاد فيها العثمانيون نسبيا، وأشهر الأعمال الجغرافية ما كتبه الرحالة البحرى أو أمير البحر «بيرى رئيس» من كتب تتضمن رحلاته فى «البحر المتوسط»، واكتشافات الإسبان والبرتغال فى «إفريقيا»، كما ألف كتابًا عن الملاحة أطلق عليه اسم «بحريت»، وفى سنة (919 هـ= 1513م) رسم خريطة للمحيط الأطلسى والشواطئ الغربية من «أوربا» وأهداها للسلطان «سليم الأول» بالقاهرة، ورسم خريطة أخرى تمثل اكتشافات البرتغاليين فى «أمريكا الجنوبية» و«الوسطى» و«نيوزيلاندا»، كما أسهمت كتب «حاجى خليفة» و«أوليا ُلبى» الجغرافية إسهامًا كبيرًا فى هذا المجال.
الطب
وفى مجال الطب كانت تلقى المحاضرات العلمية الطبية نظريا، ويجرى تطبيقها عمليا فى مدرسة الطب، وزاول الطلبة تدريباتهم فى المستشفيات، وكانت الكتب المقررة تشمل كتاب «ابن سينا» المشهور «القانون» وكتب «ابن عباس المقوس».
وقام بالتدريس فى المدارس الطبية العثمانية عدد من العلماء والأطباء الذين تلقوا تعليمهم فى البلاد العربية و«إيران» و«تركستان»، ومن أهم الأطباء فى ذلك العصر: «قطب الدين العجمى»، والطبيب «شكر الله الشرواني»، و«يعقوب الحكيم»، و«إلياس القراماني».
نظام القضاء
كان «القاضى عسكر» هو رئيس الهيئة القضائية، وهذا المنصب استحدثه السلطان «مراد الأول»، ثم أضاف إليه السلطان «محمد الفاتح»، والسلطان «سليم الأول» قاضيين آخرين، واحدًا لأوربا، والآخر لإفريقيا، ولم تكن سلطتهم تقتصر على الشئون العسكرية بل تعدتها إلى الشئون المدنية، فهم الذين يعينون القضاة ونوابهم، وكل الموظفين القضائيين الآخرين، ويشكلون محكمة الاستنئاف العليا.
ويأتى العلماء الكبار بعد قضاة الجيش من حيث الترتيب، وهم يؤلفون قضاة العاصمة وعواصم الولايات، ثم يليهم العلماء الصغار الذين يزاولون القضاء فى المدن الثانوية، ويليهم قضاة الدرجة الثانية وما دونها.
العلماء والفقهاء
كان مفتى «إستانبول» (شيخ الإسلام) هو الشخصية الثانية التى تخضع لها الهيئات القضائية الدينية.
وخضع الموظفون الدينيون فى العاصمة لسلطة المفتى مباشرة، وكان ينوب عنه فى الولايات الكبرى قضاة العسكر.
وكان ترتيب الموظفين الدينيين فى الجوامع الكبرى كما يلى: الخطيب - الإمام المقيم - المؤذن، ويقوم المرشحون لهذه المناصب بالتعلم فى المدارس الدينية الكثيرة التى شيدها السلاطين، وكان الطلاب فيها ينقسمون إلى ثلاث فئات:
1- الصوفتا.
2- المعيدون، حيث يحمل الطالب عند التخرج منها لقب «دانشمند» أو «عالم».
3- فئة «المدرس».
أما مشايخ الطرق الصوفية فقد تعلقت بهم قلوب كثير من الناس، وقد سادت هذه الطرق معظم أرجاء «آسيا الصغرى» كالنقشبندية والمولوية والبكتاشية،وكان لهم دور فى تهذيب العامة، وحضهم على التمسك بالفضيلة والأخلاق الإسلامية الحميدة.
ومن أشهر الفقهاء العثمانيين: «أحمد بن إسماعيل الكورانى» المتوفى سنة (893 هـ= 1487م)، والمولى «خسرو» الذى دعى بأبى حنيفة زمانه من قبل السلطان «محمد الثانى»، وتوفى سنة (885 هـ).
ومن العارفين والمتصوفة الشيخ «محمد بن حمزة» الشهير بلقب «آق شمس الدين» و«عبد الرحمن جامى» الذى توفى سنة (898 هـ= 1492م).
ومن العلوم العقلية والنقلية، ظهر اسم: «شمس الدين الفتارى» الذى خلف مكتبة بها (10) آلاف مجلد.
العمارة عند العثمانيين
بلغ فن العمارة عند العثمانيين درجة عالية وخلَّف العثمانيون العديد من الآثار العمرانية العظيمة أهمها:
1- جامع آيا صوفيا: وهى الكنيسة السابقة التى حولها السلطان «محمد الثانى» إلى مسجد، يمثل الجامع الرئيسى فى العاصمة عقب فتح «القسطنطينية» مباشرة، وعُدِّلت لتلائم التقاليد الإسلامية، حيث غطيت الرسوم التى تمثل الفن البيزنطى، وشكل محراب وسط الجناح الجنوبى من الكنيسة، كما نصب المنبر على عمود الكنيسة الجنوبى الشرقى الكبير، وفى عهد السلطان «مراد الرابع» كتبت بعض الكلمات ذات الأحرف الكبيرة التى تحمل اسم الجلالة، واسم الرسول، والخلفاء الراشدين، وذلك على لوحات مستديرة شيدت على جدران المسجد، وهى بخط الخطاط «بيشكجى زاده مصطفى شلبى» الذى كتب حرف الألف وحده على سبيل المثال طوله عشرة أذرع، وكلها بخط متشابك بديع، وواصل باقى السلاطين إدخال تعديلاتهم وإصلاحاتهم بها.
2- جامع السلطان محمد: الذى شيده المهندس اليونانى «خريستو دولوس» بأمر من السلطان «محمد الثانى»، ويقع وسط العاصمة «إستانبول».
3- جامع السلطان أيوب: وكان السلاطين العثمانيون يتقلدون فيه مقاليد الحكم فى احتفال رسمى، وقد شيده السلطان «محمد الثانى» قرب ضريح الصحابى «أبى أيوب الأنصارى» رضى الله عنه.
4- مسجد بايزيد: وشيده السلطان «بايزيد»، ويعد من أبرز الآثار العمرانية التى تمتاز بنفاسة المواد البنائية الزخرفية التى جرت على الطريقة الفارسية.
5- جامع السليمانية، ويعد من أجمل آثار الفن المعمارى العثمانى، وشيده السلطان «سليمان»، وصممه المهندس المعمارى «سنان الدين باشا»، على أعلى قمة جبلية فى «الأستانة». إلى جانب العديد من الجوامع العظيمة التى تزيد على الخمسمائة جامع، بخلاف المدافن والتكايا (الزوايا).
أما القصور فأهمها قصر «سراى طوب قابو» التى تمتاز بفخامتها وامتدادها الواسع، ومبانيها، وحدائقها، وساحاتها الواسعة، و«سراى دولمة بهجة» على «البسفور» وتمتاز ببهوها الكبير، وكانت مسكنًا للسلطان «محمد رشاد». وسراى «جراغان» وسراى «يلدز» وسراى «بكر بك» التى توفى بها السلطان «عبد الحميد الثانى» بعد خلعه.
وأشهر المهندسين المعماريين فى الدولة العثمانية هو «سنان باشا»، الذى كان نصرانيا ثم أسلم وعمره (23) عامًا، واشترك فى الحملات العثمانية والفتوحات فى المشرق والمغرب، واطَّلع على كثير من الطرز والأعمال المعمارية التى جذبت انتباهه فى «تبريز» و«حلب» و«بغداد» ودول «أوربا». وعندما عاد إلى «إستانبول» تولى منصب كبير معمارى الخاصة السلطانية، وأصبح المسئول عن إقامة الأعمال المعمارية من قصور وجوامع ومدارس ومطاعم وحمامات وأضرحة، وبلغت أعماله المعمارية نحو (441) عملا موزعة فى مختلف أرجاء الدولة العثمانية، منها «جامع صقوللو محمد باشا»، و«جامع رستم باشا»، و«جامع شهر زاده»، و«جامع السليمانية»، و«جامع محمد باشا البوسنوى»، إلى جانب العديد من الأعمال فى البلدان العربية، وتشهد أعماله بالأصالة ويسودها المعرفة العميقة والتكنيك الهندسى، وفهمه الكبير للفن، ورقة ذوقه، وقد مكنه كل ذلك من إضافة أشكال جديدة للفن المعمارى. وتوفى عمره يقارب المائة عام، بعدما عاصر خمسة من سلاطين العثمانيين.
فن الرسم العثمانى: لم يظهر هذا الفن إلا فى عهد السلطان «محمد الفاتح» الذى دعا فنانين إيطاليين مشهورين إلى القصر السلطانى، وأوكل إليهم إنجاز بعض اللوحات للسلطان، وليقوموا بتدريب بعض العثمانيين على هذا الفن، وكان من أشهرهم «ماستورى بافلى» و«كونستانزى دافيرارى»،وظهرت كثير من المواهب الوطنية مثل «سنان» تلميذ «ماستورى بافلى» و«حسام زاده». ومن فنانى ذلك العهد «أحمد شبلى زاده» و«بابا مصطفى» و«تاج الدين بن «حسين بالى» و«حسن شلبى». ويبدو فى هذه الأعمال أثر المدارس الإيرانية، ويبرز اسم «المطرقى» الذى رسم لوحات تمثل حملات الجيش العثمانى ومناظر القلاع والموانئ والمدن؛ مما كان له أثر فى تطور فن الرسم الزيتى العثمانى. وفى عهد «سليمان الأول» وصل فن المنمنمات العثمانى إلى أوجه، وقدم «كاتب الشيرازى» - الذى اتخذ اسمًا مستعارًا هو «عارفى» - وثائق الحوادث السياسية والاجتماعية التى جرت خلال حياة «سليمان الأول»، وكتب ورسم «عارفى» عملا من مآثر السلاطين العثمانيين حتى عهده هو «شاهنامة آل عثمان» فى خمسة مجلدات. ومن فنانى المنمنمات فى ذلك العصر: «على شلبى»، و «مولى قاسم»، و«محمد البورحى» و «أوستان عثمان»، و«لطفى عبدالله» و «رئيس حيدر». وفى عهد السلطان «مراد الثالث» وصل فن المنمنمات إلى أوجه، ومن أبرز الأعمال فى عصره «خورنامه» و«شاهنشاه نامه» المؤلفة من أشعار مكتوبة بالتركية والفارسية معًا، وتحكى توضيحاتها قصة فتوحات الجيش العثمانى الظاهر، والنشاطات الاجتماعية المتعددة لذلك العصر. ووجدت فى ذلك العصر مدرسة الفن الزيتى فى «بغداد» فى نهاية القرن (16م)، ولكن هذا الفن سرعان ما ضعف وتدهور فى القرنين السابع عشر والثامن عشر.