بحث عن شروط التعلم الجيد - بحث علمى عن شروط التعلم الجيد
إن التعلم يحدث في كل زمان بل وفي كل مكان. فإن هذا قد يعني أن نترك لهذه العملية العنان لتسير بصورة طبيعية دون تحكم منا في سرعتها أو في اتجاهها. وفي الواقع انه إذا ما وافقنا على ذلك, فإننا نكون كمن وافق على بقاء السفن في صورتها البدائية تسير وفق الريح أو بقاء الزراعة بصورتها التقليدية حيث يبذر الفلاح الحبوب في التربة وينتظر نزول المطر. فقد تطورت السفن فصنعت لها المحركات القوية لتمكينها من السير حتى في اتجاه معاكس للرياح أو التيارات المائية, كما ابتكرت وسائل حديثة لحفر الآبار وصنعت محركات قوية لرفع المياه منها, مما أسهم في تقدم الزراعة. وقد ساير مجال التعليم التقدم العلمي في شتى المجالات بل وعمل على قيادته فكانت نشأة المدرسة بشكلها الحديث, ولعل ذلك يبرز أن من أهم وظائف المدرسة الحديثة ومن ثم المناهج والمعلمين التحكم في سرعة التعلم واتجاهه وهو ما يمكن تحقيقه من خلال التعرف على شروط التعلم الجيد.
1- النضج:
يقصد بالنضج توفر القدرات الطبيعية العقلية أو الجسمية أو الانفعالية اللازمة لحدوث التعليم .
مثال على النضج الجسمي :
الطفل قبل سن السادسة يصعب تعليمه الكتابة وقد يجهد بعض الآباء أنفسهم في هذا المجال ويحاولون إرغام أطفالهم على تعلم الكتابة ومن المعروف أن عضلات الأصابع التي تمكن الطفل من الإمساك بالقلم والتحكم في رسم الحروف تنضج فيما بين الخامسة والسابعة وهو ما يعني عدم إرغام الطفل الكتابة وإذا ما تبين عدم قدرته على ذلك .
مثال على النضج العقلي:
بينت الدراسات حول مراحل النمو العقلي أن الأطفال يمكنهم تعلم موضوعات محددة في أعمار محددة. لا يمكن أن تقول لطفل في الصف الثاني الابتدائي أن الأرض كروية وأنها تدور حول الشمس، لأنه يعيش مرحلة عقلية تجعله لا يدرك إلا ما يحسه بحواسه. ومن ثم فمن الصعوبة عليه إدراك أو تخيل مثل هذه المعلومات لذا يجب أن يستفيد المعلم من هذه الحقيقة ويتعرف على قدرات تلاميذه الجسمية والعقلية حتى لا يضيع وقته عبثًا في محاولة تعليمهم أشياء لا تؤهلهم مرحلتهم العمرية لتعلمها. كما يجب أن يعلم المعلم أن إجبار التلميذ على التعلم قبل وصوله لمرحلة النضج اللازمة قد يؤدي إلى مشكلات نفسية أو جسمية كما يؤدي إلى نفور التلميذ من المدرسة.
خلاصة القول/أنه لا تعلم بدون توفر النضج العقلي والجسمي اللازم لهذا التعلم.
2- الدافعية:
يقصد بالدافعية وجود مثير أو دافع أو حافز أو غرض للتعلم لدى المتعلم . قبل ظهور المدارس كان التعلم يتم بصورة تلقائية لدى كل طفل وذلك لإشباع حاجاته الأساسية فهو يتعلم الأكل ليشبع حاجته إلى الطعام ويتعلم السباحة حتى لا يغرق عند اشتغاله بالصيد ومع تقدم سبل الحياة فإن هذه الدوافع التقليدية تضاءلت أهميتها وأصبح على المدرسة أن تبحث عن دوافع جديدة لحث التلاميذ على التعلم حيث نجد كثيرا من أبنائنا في الوقت الراهن يقولون: لماذا نتعلم ؟ ولماذا نذهب إلى المدرسة؟ ولعل مبعث هذه الأسئلة يكمن في محورين:
الأول: أن حاجاتهم الأساسية مشبعة تماما فهم ينعمون بحياة رغيدة هنيئة .
الثاني: أن المعلمين في المدرسة يؤدون عملهم بشكل روتيني يبعث على الملل.
ويقودنا ذلك إلى أن نؤكد أن الدافعية للتعلم والتحصيل مسئولية مشتركة بين المدرسة والمنزل. ولعلنا نفهم من ذلك أن الدافعية قد تأخذ أشكالا متنوعة يمكن توضيحها فيما يلي:
أ- الثواب والعقاب:
وهو مبدأ يكون الثواب في صورة مادية أو في صورة معنوية وينطبق الكلام على العقاب أو التوبيخ وغالبا ما يستخدم المعلمون المدح كنموذج للثواب والذم كنموذج للعقاب وقد وجد أن الإسراف في العقاب قد يؤدي إلى الشعور بالنقص.
ب- النجاح والفشل:
يعتبر النجاح دافعا قويا للتعلم لدى التلاميذ ولا يقصد بالنجاح النجاح بمفهومه الضيق في الإجابة عن أسئلة المعلم، أو النجاح في الظهور بمظهر جيد في الفصل أو النجاح في الحياة بصفة عامة. ويمكن الاستفادة من الفشل في شحذ الهمم.
ج- الأهداف التعليمية:
يرى كثير من التربويين أن تعريف التلاميذ بأهداف الدروس وإعلانها مهم عن طريق كتابتها على السبورة أو تقديمها لهم مكتوبة على أوراق في بداية كل درس ويمثل حافزا قويا للتلاميذ على مواصلة العمل من أجل تحقيق هذه الأهداف المعلنة لهم.
3-الممارسة:
يقصد بالممارسة النشاط الذي يقوم به المتعلم لتحقيق التعلم أو لظهور المخرجات السلوكية المعبرة عن حدوث التعلم.
فالتلميذ لا يستطيع أن يتعلم الطرح عندما يستمع إلى شرح المعلم ولكنه لا بد وأن يجري بنفسه عدة عمليات معتمدا على فهمه للمعلم وباستمرار ممارسة التلميذ لحل مسائل الطرح، ويكتسب مهارة في هذا المجال. والسباح أيضا لم يكن ليتعلم السباحة عند مشاهدته لسباح آخر يسبح، أو عند سماعه لشرح المعلم أو المدرب ولكنه لابد وأن ينزل إلى الماء ويمارس عملية السباحة مرة بعد مرة حتى يتقن هذه العملية.
فالنضج والدافعية والممارسة شروط لابد من توافرها لحدوث التعلم الجيد ومعرفة المعلم لهذه الشروط يجعله يوفر كثيرا من وقته وجهده . فيبدأ عمله دائمًا من قاعدة علمية مستمدة من البحث التربوي والنفسي، الأمر الذي يجعل هذا العمل مدعاة للاحترام والتقدير من قبل الفئات الأخرى في المجتمع.