اثر القنوات الفضائية العربية على الاسرة والطفل - بحث علمى عن أثر القنوات الفضائية العربية على الاسرة والطفل
أثبتت الدراسات الحديثة على الأطفال مكوثهم أمام شاشات التلفاز إلى مدة تصل إلى عشرات الساعات بحيث يقضي الأطفال في العالم العربي ودول الخليج ما يزيد عن 33 ساعة أسبوعياً في فصل الصيف و24 ساعة في فصل الشتاء وأن هنالك آثار نفسية واجتماعية وسلبية من ذلك.
أوضح ذلك اختصاصيون في الصحة النفسية والأعصاب والإعلام وعدد من الأكاديميين... بداية أشار استشاري المخ والأعصاب والصحة النفسية في المستشفى السعودي الألماني الدكتور إيهاب رمضان إلى أن الأطفال يقضون حوالي 7 ساعات يومياً أمام البرامج الكرتونية التي تخاطبهم بشكل سنوي وأكد رمضان أن تعرض الطفل للتلفاز يؤدي إلى آثار نفسية سيئة وأضاف أن التعرض لموجاته الكهرومغناطيسية تسبب للأطفال القلق والاكتئاب والشيخوخة المبكرة
وأوضح أن الحل لا يمكن أن يكون في البعد عن التلفاز نهائيا ولكن لا بد أن يكون وفق نظام محدد ولا بد من تشجيع التواصل العاطفي والنفسي بين الأسرة الواحدة والتركيز على إعطاء الطفل القيم الاجتماعية وتعريفه الصواب والخطأ وأشار الدكتور إيهاب إلى أن هنالك بحوثا أجريت على الأطفال أكدت أن 74% من إجمالي المشاهد التي يراها الأطفال في البرامج الكرتونية تؤدي إلى سلوك إجرامي حيث إن 43% من هذه القصص مستقاة من الخيال.
من جانبها أشارت الإعلامية مريم الغامدي إلى أن التلفاز في عديد من برامجه يحاور الطفل من جانب واحد وأن المحطات العربية بحاجة إلى صناعة برامج خاصة بالأطفال تقدم لهم الحوار والمساهمة نظراً لأن عديدا من برامج الأطفال تعتمد على الرسوم المتحركة والتي تبعد عن الواقع من حيث صعوبة تقليدها وتغرس في نفوس الأطفال نوعاً من الانهزام فلا بد أن يكون الطفل طرف إيجابي ومؤثر ومن المهم مشاركته.
وحول مكوث الأطفال أمام شاشات التلفاز وآثاره وسلبياته تحدثت لـ "الوطن"
عميدة مركز الدراسات الجامعية في جامعة الملك سعود الدكتورة حصة عبدالعزيز المبارك قائلة
إن هنالك أضرارا نفسية لمتابعة الطفل للتلفاز لفترات طويلة وأضافت أن المختصين قد وجهوا للوالدين بعدم تعريض الأطفال للتلفاز لأكثر من ساعة في اليوم وأضافت أن انشغال الآباء عن أبنائهم يولد الرغبة لدى الأطفال للمكوث أمام شاشات التلفاز لمدة طويلة ومن هنا تنشأ الغربة بين الأطفال والوالدين .
وفي إطار ذلك أشار رئيس قسم التربية وعلم النفس في كلية المعلمين في أبها الدكتور صالح أبو عراد الشهري قائلاً :
تعد مسألة مكوث الأطفال أمام الشاشات لوقت طويل واحدة من أكبر المشكلات التي يشتكي منها الآباء، والتي لا يكاد يخلو منها بيت في مجتمعنا المعاصر؛ ولعل ذلك راجع إلى عدة أمور منها :
1) وقت الفراغ الطويل الذي يعيشه الأطفال في الوقت الحاضر، الأمر الذي لا يجدون معه بديلاً للبقاء أمام الشاشة التي يرون أنها جديرة بأن تملأ وقت فراغهم وتشغله.
2) عدم توافر البرامج والمناشط الأخرى التي لا شك أن وجودها سيسهم بدرجة كبيرة في صرف اهتمام الأطفال عن كثير من برامج التلفزيون.
3) عدم عناية الوالدين بوقت الفراغ عند الأطفال، وعدم إدراكهم لخطورة بقائهم أمام الشاشة (أياً كان نوعها) لوقت طويل. ويزداد الأمر خطورة عندما نعلم أن البعض ربما يفرح ويستبشر بذلك لما يترتب عليه من حصول شيء من الهدوء في المنزل.
4) وفرة القنوات التي تتبارى في كثرة ما تقدمه من البرامج الجاذبة، المصحوبة بالدعاية الإعلامية القوية التي تسهم في إغراء المشاهد (ولا سيما في هذه السن) بالمكوث فترة أطول أمام الشاشة.
أما علاج هذه المشكلة فعلى الرغم من أنه ليس سهلاً؛ إلا أنه في الوقت نفسه ليس مستحيلاً، إذ يمكن أن يتحقق متى تم إدراك مدى خطورتها، ومتى تعاونت مختلف المؤسسات الاجتماعية مثل: المنزل، والمدرسة، ووسائل الإعلام وغيرها؛ في ضبط أوقاتها وإيجاد البديل المناسب لبيئتنا المسلمة وواقعنا المعاصر، ومتى حرصت الأسرة على تنظيم الأوقات بصورة إيجابية؛ وبخاصة في أيام العطلات والإجازات. إضافة إلى أهمية التركيز على نشر الوعي اللازم الذي يبين مخاطر ومضار ومساوئ المكوث الطويل أمام الشاشات صحياً وفكرياً واجتماعياً.
غدت من أكبر مشاغل الناس ، ومن أعظم همومهم . وإذا كانت جموع المؤمنين ترفع أكفها إلى السماء ليسقيها ربها ماءاً غدقاً فإن أكثر مَنْ في الأرض يُرهفون أسماعهم ، ويوسِّعون حدقات عيونهم ، ويُبيحون حِماهم لاستقبال رسائل مستعمري الفضاء التي لا يحمل أكثرها إليهم إلا ما يؤدي إلى عبودية الإنسان للإنسان ، واستغلال الأقوياء للضعفاء ، والأغنياء للفقراء ، وسيادة الكذب ، وتواري الصدق ، والدعوة للإسراف في كل شيء إلا الخير .
وهذا ما يدعونا إلى إعادة النظر في هذا الجهاز المتربع على عرش الإعلام بكل أبعاده ومقاييسه وأخطاره ، تحذيراً للغافل وتعليماً للجاهل ، وبياناً للحق في هذه المسألة التي تشغل أذهان الآباء والمربين وقلوبهم وهم يرون ما لهذا الجهاز من السيطرة على عقول المجتمعات ، وما له من الآثار على الشخصية السوية والمسلمة منها خاصة وهي الشخصية التي نرجو لها أن تسود العالم بما تحمله من الأهداف النبيلة التي يشمل خيرها الصديق والعدو ، والإنسان والحيوان ، والنبات والجماد فمن الآثار :
أولاً : الخطر العقدي
أ / من خلال نشر الشبهات والأمور المخالفة للعقيدة الصحيحة ومحاربة لله عز وجل ولدين الإسلام ونبي الرحمة والهدي ، حيث أن معظم الفضائيات الانحلالية تدعم من قبل الدول الغربية ماديا وثقافيا ، فأغلب برامجها نقل مباشر للصورة الحية لحياة الكفار وأحلامهم ، وطعامهم وشرابهم ، والموضة في ملابسهم ، ووسائل ترفيههم ، وتفاهة أفكارهم فهي أسلحة موجهة ومسلطة على محاربة دين الإسلام ، وتشويه صورته ، والنيل منه ، وإبعاد الناس عنه ، ويكفي النظر إلى الأسماء التي تظهر علي الشاشة لمعدي البرامج والمشاركين والمخرجين ، لنعلم أن أغلبهم من النصارى المدعومين بالإمكانيات من قبل الغرب لإهلاك الجيل وتقويض هويته الإسلامية ويسعون في محاولة مستميته لإذابة الفوارق العقيدة أو إخراج الصواب على شكل مقزز وجعل المخالف والمنافي للعقيدة الصحيحة هو الافضل من خلال التركيز على إخراجه في أحسن صورة
ب / وظهور أنواع السحر والكهانه التي تجعل المشاهد ينخدع بمثل هذه المشاهد ويحاول مطابقتها أو مشابهتها وقد فاقت هذه الفضائيات ما حدث في عصور الجاهلية بمئات المرات ، فهذه القنوات في الآونة الأخيرة حملت لنا أفكارا ومعتقدات طالما حاربها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحث أتباعه على تجنب الوقوع فيها أو اللجوء إليها ، فمن ذلك الكهانة والرجم بالغيب ، وقراءة الطالع أو ما يسمي بالأبراج ، فبعدما غزت هذه الآفات صفحات المجلات والصحف ، وألفت فيها كتب وتصنيفات ، تصف كيفية قراءة الكف والفنجان ومعرفة الأبراج والسحر والشعوذة ، نري هذه الأيام وللأسف الشديد أن الأمر أصبح موضة ومنافسة بين بعض هذه الفضائيات التي خصصت برامج وحلقات للأبراج ، والتوجه للمشاهدين ومحاوراتهم ومشاركتهم لمعرفة أسماء أبراجهم ، وتحديد يوم وتاريخ مولدهم لإعطائهم تحليلا عن أحوالهم وحياتهم ، والتنبؤ بمستقبل أيامهم ، وذلك بإحضار ما يسمي بالعلماء المنجمين وما في ذلك من ادعاء للغيب ، بل زاد البعض بإحضار بعض السحرة المعروفين علي نطاق العالم العربي ، والذين يتصل المشاهدون بهم ويحضر هؤلاء السحرة ما يسمونها بالبلورة ، ويتحدثون مع المشاهدين ، ويحدثونهم عن أحوالهم وأوضاعهم من خلال البلورة التي يستكشفون بها أحوالهم ، وأنهم سوف يفكون عنهم السحر ، ويحلون مشاكلهم في أمور لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالي ، من عطاء أو رزق أو كشف سوء أو إبراء مرض ، وكلها أمور يختص بها الله عز وجل ، وليست من اختصاص البشر ، وللأسف كثير ما تنطلي هذه الخزافات علي بعض السذج من هذه الأمة الذين لم يتعلموا العلم الشرعي ولا يحصنون بعقيدة سليمة ، فيصدقون هؤلاء السحرة الذين يفسدون العقل ويخربون المعتقدات .
ج / ومن التأثير الخطير الذي تحدثه متابعة معظم هذه النوعية من الفضائيات إضعاف عقيدة الولاء والبراء ، ومن المعلوم أن هذه العقيدة لها أصلها الأصيل من هذا الدين ، كيف لا وقد قال الله تعالي :{ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُون} ( ) ، فالواجب هو محبة المسلمين ومحبة الخير لهم والفرح بكل ما به خيرهم ، ويجب بغض الكفار والتبرؤ منهم والحذر من مودتهم ، فمن البرامج ما يقدمه بعض النصارى الرجال والنساء ، فتجد المتابع أو المتصل بالهاتف يبدي إعجابه وتعلقه بهم ، وخاصة إذا كانت المقدمة أو المذيعة امرأة ، وأيضا من خلال المقابلات مع الممثلين والمغنيين المنحلين والذي حازوا ظلما وزورا علي مصطلح الفنانين ، تجد جمهورا عريضا يتابعهم ويتابع إنتاجهم ويتصل بهم عبر هذه الفضائيات ويطلب التوقيع على أوتوجراف ، ويفرح بذلك ويفاخر به بين أهله وعشيرته ، ولا شك أن هذه محبة لهم ، وقد ثبت من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي قال : ( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) ( ) ، وهذا عام في الرجال والنساء .
د / ومن تأثير الغزو العقدي الناجم عما تبثه كثير من الفضائيات المختلطة ، التشبه بالكفار والانبهار بعاداتهم وتقاليدهم ، وذلك أن معظم ما تبثه كثير من هذه الفضائيات يظهر المجتمعات الغربية المنحلة بوجهها الجميل فقط ، وجه القوة والنظام والإنتاج والإبداع ولا غرابة في ذلك ، إذ أن إنتاج تلك المواد الإعلامية هو تحت نظر وسمع الغرب والمنبهرين بهم المتشبهين بثقافاتهم ، لكن أين ذلك التصوير الحقيقي لحياتهم التي يعيشونها الآن ، من إحساس الغرب بالخواء الروحي المرير والشقاء والحيرة والاضطراب والتفكك الأسري والانحلال الخلقي ، والتشتت الاجتماعي والذي يهربون منه إلي جحيم المخدرات والمغامرات الحمقاء ، والشذوذ في مختلف مناحي الحياة ، الشذوذ في الحركات والمظاهر واللباس والطعام ، الشذوذ الأخلاقي والسلوكي الذي أورث أمراضا عصبية ونفسية لا حصر لها ، وجعلتهم لا يجدون في الحياة ما هو جدير بالبقاء بها ، هذه الصورة لا تعرضها القنوات الفضائية عن واقع الغرب ، ولكن تعرض الصورة علي منحي آخر ، وأن ما لدي الغرب من غرائب في سلوكيات الحياة هو قمة التحضر والتقدم ، ونتيجة لذلك لا نكاد نمر في طريق إلا ونجد واحدا من أبناء المسلمين والبنات المسلمات ، إلا وقد تأثروا بشيء من تلك السلوكيات ، وهذا التشبه يورث المحبة ولا شك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة ، حتى إن الرجلين إذا كانا من بلد واحد ثم اجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والموالاة والائتلاف أمر عظيم ، وإن كانا في مصرهما لم يكونا متعارفين أو كانا متهاجرين ، وذلك لأن الاشتراك في البلد نوع وصف اختصا به عن بلد الغربة بل لو اجتمع رجلان في سفر أو بلد غريب وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو الثياب أو الشعر أو المركوب ونحو ذلك لكان بينهما من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما ) ( ) .
ثانياً : إلباس الحق بالباطل :
بجعل الباطل في أعين الناس حقا وأمراً مشروعا جعله الواقع الفضائي كذلك وحقيقته أن الشرع قد حرمه وبين حرمته فمن ذلك جعل أن الفن رسالة وأنه عمل مشروع ورسالة تستحق التقدير ولذا الفنان يستحق أن نجعله من وجهاء المجتمع ومن شاماته التي تقتدي وللأسف سعوا إلى تمييع المفاهيم والثوابت الإسلامية التي لا مجال للمساس بها ، حتى بلغ الأمر أن يعتبر بعض مقدمي البرامج وممثلوا القنوات الفضائية الرقص والخلاعة والتمثيل والغناء والباليه عملا لا يؤاخذ الله عليه حيث يندرج عندهم تحت الكسب من خلال العمل الشريف فنجد أن أحد هؤلاء النجوم يقول عن نفسه بأنه رجل ملتزم بأوامر الله أما ما قدمه من أفعال محرمة في مسلسله هذا وفيلمه ذلك فيكون بحجة الفن ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ). و راقصة سئلت عن حكم الشرع في الرقص فكان جوابها الرقص عمل والعمل عبادة إذا فالرقص عبادة والعياذ بالله .
وعلى سبيل المثال يستبدلون اسم الخمر بالمشروبات الروحية والربا بالعائد الإستثماري والعري بالموضة والفن حتى أصبح للعري أربع مواسم في السنة وأصبحت قلة الأدب والإنحلال تسمى حرية شخصية ونشوز المرأة عن طاعة زوجها أيضاً حرية شخصية أما إذا تحللت المرأة وغنت أمام الأجانب فيدعونها سيدة الغناء العربي والفنانة المبدعة .
حيث إن أمثال هؤلاء من الفنانين والفنانات يعملون على غرس الحرام في النفوس وجعل الناس يحبون فعله وقد نسوا قول الله تبارك وتعالى في سورة النور ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )
وسعوا إلى تقبيح اسم الحلال : فمثلاً يتسبدلون اسم الأخوة الإسلامية بالفتنة الطائفية و الحشمة والعفاف بالتزمت والتخلف والغيرة بالعقد النفسية والحجاب بالكفن ، حتى يضعفوا تمسك الناس بها ويظهرون أن المتمسك بها هو الإنسان المنبوذ الذي خالف المجتمع الذي يعيش فيه.
ثالثا : تشجيع الناس على النظر إلى الحرام وتسهيل الوقوع فيه :
وذلك ببث كثير من الأخلاقيات المنحرفة على أنها من المسلمات ومن الطبيعي إتيانها فمن ذلك ترك أمر الله تعالى بغض البصر ، حيث اعتاد الناس على مشاهدة العري في الأفلام والمسلسلات وحتى نشرات الأخبار حيث تخرج المذيعة بأبهى زينة وكأنها راقصة والرجال ينظرون إليها متجاهلين قول الله تبارك وتعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) .
تقول لأحدهم : غض بصرك يقول لك وهو قد أدمن النظر : اغسل عينيك بذاك الجمال ، عن جرير رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة قال : اصرف بصرك .
وقد أظهر استطلاع من خلال مجموعة كبيرة ممن يقتنون أجهزة استقبال للقنوات أن: 62% منهم يرى أن القنوات الفضائية تعتمد على المرأة بشكل أساسي وذلك لجذب المشاهدين، وقال 89% منهم أن أكثر ما تقدمه هذه القنوات يتعارض مع قيمنا وعاداتنا، وطالب 95% منهم بفرض رقابة على ما تبثه هذه القنوات لخطره .
ومن الطبيعي أن يكون النظر إلى الحرام يؤدي للوقوع في الزنا ومنه ينتشر الايدز .
كل المصائب مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
فقد بدأ مرض نقص المناعة المكتسبة بخمسة عشر مريضاً ثم انفجر الرقم ليصل إلى ما يزيد على 42 مليون مصاب يتوزعون في شتى بقاع الأرض ، ومنذ ظهوره حتى اليوم قتل المرض المرعب عشرين مليون إنسان منهم حوالي ثلاثة ملايين هذا العام وما زال مستمراً .
إنه باختصار مرض يتكلم بالملايين فيما البشرية تواجهه باستهتار وتناقض ، فوسائل الإعلام التي تحذر من المرض وتتبنى الحملات الإعلانية هي نفسها إلا من رحم ربي التي تقوم بتجهيز المواد الأولية اللازمة لانتشاره عبر الآف المواد المحرضة على الرذائل ، وهي التي تقوم بتغليف هذه المواد بأغلفة فاقعة الألوان كالسياحة والفنون ومسابقات الجمال وإطلاق الحريات المبيحة للشذوذ وتعاطي المخدرات وقبل ذلك وبعده يبرز التجاهل التام لتقاليد الحشمة والعفاف واعتبارها من مخلفات العصور الماضية .
بل انها تسعى لتييسير الوقوع في الحرام وتصويره اأنه أمر سهل وبسيط بل تفتح له مجال الوقوع من خلال مواقف يومية وحياتية معاشة فتكرار رؤية الإنسان للأفعال المحرمة وكأنها أمرٌ عادي مرافقاً لنوع من الكوميديا يدفعه إلى التفكير فيها ومن ثم فعلها ( الزنا ، السرقة ، التدخين ، علاقات العشق والغرام )
فعلى سبيل المثال : ترى في الأفلام مشهد الممثل وهو يفتح شباك غرفته فيرى جارته بالصدفة أمامه فينشأ بينهما قصة حب أو قصة معصية .
مثال آخر : ترى مشهد يتكرر كثيراً فيه المدرس الخصوصي مع تلميذته في خلوة أو دخول أخت الطالب وهي سافرة متبرجة وكأنه أمراً عادياً .
إن تكرار رؤية الأفعال المحرمة وسماع الكلام الفاحش يولد عند الإنسان تعود الرؤية والاستماع إلى ما هو محرم ومن تكلم أو نصح ينهر ولا يجد أذانا صاغية ..( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) .
نحن نجد مشاهدي التلفاز على سبيل المثال قد ألفوا رؤية الممثلة وهي شبه عارية تفتح الباب لرجل أجنبي أو أن يقبلها أجنبي دون أدنى تحرج في ذلك وأنه أمر طبيعي متناسيا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العينان تزني وزناهما النظر واليدان تزني وزناهما اللمس والأذنان تزني وزناهما السمع والفرج يصدق كل ذلك أو يكذبه ) .
رابعا : التسطيح الفكري :
وذك من خلال الكم الهائل السخيف الذي يقدم من برامج منوعه ليس لها من ذوق أو طعم فكري أو ثقافي إنما همها هو إشغال عقول الناس بالسيئ عن المفيد الجاد وذلك من خلال تخصيص فترة الذروة للبث في تقديم سخافات إعلامية لاتبني فكرا جادا بل تسعى إلى تعميم السخافة في قالب فكاهي فيه من تسطيح عقلية المشاهد وكأن أهم ما يقدم هو الضحك أو السخف في زمن نحن بحاجة إلى أن نركز على قضايا الأمة المصيرية ونناقشها بكل جدية في هذا الواقع المؤلم .
ويقول الدكتور علي الأنصاري (رئيس مجلس طلاب تقنية الشارقة) حول هذه النقطة : أصبح الاعلام المبثوث فضائياً في بعض بلداننا نسخة أخرى للإعلام الغربي، حيث لا نجد في بعض معلوماته غير المتابعات السطحية وبرامج اللهو الخليع التي تزيد في سطحية التفكير وضآلة العقل والبعد عن أساسيات الحياة، وبالتالي تقتل فيه روح المعرفة والعلم والإبداع.
ويقول محمد خالد مذيع في فضائية وإذاعة الشارقة: فلم تعد الفضائيات تهتم بهوية الأمة العربية والإسلامية، إذ أصبحت تقلد الغرب وما يسير عليه من خطوات غير مدروسة، وهذا يتأتى في الكليبات والأفلام الهابطة التي نراها صباح مساء، والجانب الآخر هو ضياع الهوية العربية لدى الشباب العربي، ويبدو جلياً من خلال رسائل SMS والاتصالات الهاتفية على البرامج المفتوحة، ونستطيع القول بأن تواري الأخلاقيات لدى بعض المسؤولين والقائمين على هذه القنوات، وغياب ميثاق الشرف الإعلامي المعمول به لدى الفضائيات أدى لمثل هذه الظواهر السيئة .
خامساً : التأثير على العلاقة بالأسرة :
من خلال شغل الأوقات المنـزلية في المشاهدة لهذه القنوات وخصوصا اذا انتشر التلفاز في كل غرف المنزل فأصبحت بعض بيوت المسلمين أشبه ما تكون بالفنادق أو المطاعم المليئة بالشاشات والأكل فقط فلم يعد هناك وقت للتواصل الأسري بين الأب وأبنائه فلم يعد هناك اللقاء الأسري على الوجبات والنقاش والحوار حول مفاهيم الحياة لأنك تجد التلفاز هو الموجه الرئيس حتى في وقت الأكل بل أصبح لكل اهتمامه في مشاهداته وهذا ما يسبب القلق والشقاق والخلاف فهذا يريد أن يشاهد مباراة على قناة الرياضة وآخر فيلم على قناة الأفلام وأخرى برنامج عن الموضة والأزياء على قناة ثالثة فيدب الخلاف والنزاع والتشتت والتشرذم بسبب قلة الرقابة من الوالدين وتغلغل مثل هذا الداء في منازلنا دونما رقيب وللأسف بل تجد أن الكثير قد يلغي كثيرا من التواصل الاجتماعي بسبب إذاعة برامجه التي يهتم بها في هذا الوقت وأصبحت هي الشغل الشاغل له عن كثير من مسئولياته المهمة وتواصله مع الأقارب والمجتمع من حوله
سادساً : تغيير الثقافة الاسلامية :
وذلك بنشر الحلول الجاهلية عند عرض المشكلات الحياتية فتنشر الثقافة الغربية في أجمل وأبهى صورة وان فيها الحلول لمشاكلنا وذلك باقتفاء آثرهم في حل المشكلات الحياتية ، كأننا عدمنا التجربة من أهلها والخبرة في التعاطي مع مشكلاتنا في ضوء ما نحمل من مبادئ وحلول فتجد أنه يروج للهروب من مشاكلك بتعاطي الخمور والمخدرات أو الانتحار كما تعرضها لنا المسلسلات المكسيكية المدبلجة لإنهاء حالة من التأزم في علاقة حب محرمة فقد خلالها حبه فأصبح يقدم مثل هذا كحل لمشكلات الناس .
وكأنه يراد أن يشكل الوعي والثقافة على هذا المنوال الفاسد الذي أهله قد لفظوه واعترفوا بأنهم لم يستطيعوا أن يعالجوا هذه المشاكل عندهم فمشاكل الاغتصاب والسرقات والاختطاف بأرقام مهولة جدا ولم يعالجوها فمن انعدام العقل بحث الحل عند فاقده ففاقد الشئ لا يعطيه أبدا
سابعاً : التأثير على الرأي العام وتشكيل الوعي العلماني البغيض
وذلك بأمور منها
أ- نشر الثقافة الأمريكية : ثبت من خلال تقريرين نشر جزء منها على شكل وثيقة سرية أن أمريكا بعد أن فشلت في تقديم نفسها من خلال قناة الحرة واذاعة سوا قامت بدعم قنوات عربية لها قبول لكي تسعى لتحسين صورة أمريكا ويستلزم من ذلك الإساءة إلى الإسلام من خلال البرامج التي تقدمها وهذه القنوات هي مجموعة mbc مع إذاعتها و قناة العربية سجلت المجموعة وحسب التقرير الأخير سبقاً في الانفتاح على الغرب ونشر الثقافة ومبادئ الحياة اللانمطية؟؟ فعلى مستوى الأديان سجلت المجموعة عدلا في التعامل مع الديانات المختلفة والمذاهب (ماعدا الإذاعة).
ب- ثقافةالاستهلاك: وتنتج مستهلكاً مستمراً وليس منتجاً معرفياً، وذلك بتقزيم الإبداع وثقافة الإنتاج.. ومشكلة استهلاك المعرفة هي أنها تنتج مستهلكين لا منتجين.. إذ إن النهج الأصلي والحقيقي ينتج نهجاً أصيلاً ونافعاً والثقافة العالية والقيمية تنتهج طرائق أصيلة وعالية حقيقية بعيداً عن الشعارات، وهذا يحتاج بالطبع إلى ثلاثية متكاملة وهي: الزمن والمال والجهد الدؤوب وذلك لتكريس قيم المقاومة في الثقافة والتربية والإعلام وتترسخ عن طريق الكتب والدراسات كي تعطي أكلها حتى زوال الاحتلال ولا يغرب عن البال ههنا عامل تحصين اللغة في المناهج وفي الإعلام بشكل سليم وعميق وإيقاف هذا التدني اللغوي في الإعلام العربي وبخاصة المرئي... وبالتالي أن ثقافة الاستهلاك تؤدي إلى ثقافة الاستسلام.
جـ ـ ثقافة الاستسلام: وتقوم على الاستهلاك بالطبع وتضخ المعلومات الضخمة والمستهلكون لها مراقبو دمى وليس أكثر.. وتعتمد هذه الثقافة على المناهج المكثفة التي تضخ معلومات تشلّ الذهن وليس فيها مكان للتأمل والتفكير، وتساهم في شلّ العقل والإبداع. وهذه بالنهاية يؤدي إلى ما يسمى اليوم بثقافة الانهزام. .
ــــــــــــــــــ
أثر القنوات الفضائية على المجتمع الإسلامي
دخلت الدول العربية مؤخرا عصر الاقمار الصناعية والبث المباشر وهو عصر يحمل الكثير من المتغيرات التي نشأت اساسا للتقدم المستمر المبهر في تكنولوجيا الاتصال.
والبث المباشر هو: قيام الاقمار الصناعية بالتقاط البث التلفزيوني في بلد من البلدان وبثه مباشرة الى اماكن اخرى تبتعد عن مكان البث الاصلي مسافات بعيدة تحول دون التقاط البث دون وسيط.
ومع ان البث المباشر يتيح فرصا للاعلام الدولي بنشر التعليم وتثقيف الجماهير فانه من ناحية اخرى ينطوي على اخطار عديدة منها:
أ- خطر الدعاية وتسليط ثقافة على اخرى.
ب - التهديد الاقتصادي من خلال التدخل في النظم الداخلية للدول الاخرى.
وينبغي التنبّه بشدة الى خطورة هذا البث المباشر على اجهزة التلفزيون في البيوت والمطالبة بالتصدي له للحد من نتائجه المروِّعة لما يسببه من انحراف للافكار وما ينشره من مذاهب هدامة وبرامج قد تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا فضلا عن الاعلان التجاري عن سلع كالمسكرات والمشروبات والملابس التي لا تقرها شريعتنا ويحرمها ديننا الحنيف.
ومن هنا يرى العلماء ان حوالي 75% من البرامج التي تعرض في الدول العربية والاسلامية هي ذات انتاج اجنبي وان حكومات الدول العربية والاسلامية لا تسيطر الا على 25% من المعلومات والبرامج الموضوعة والمعروضة لمواطنيها.
ويعد الوطن العربي المستهدف الاول من البث المباشر وليس أدل على ذلك من ان المنطقة العربية الآن من اكثر مناطق العالم التي يبث لها الاذاعات الموجهة من كل اتجاه وعلى مستويات متعددة مستخدمة اشكالا وأساليب مختلفة باثة في كثير منها سمومها الفكرية والثقافية في نفوس ابناء هذه المنطقة.
ولهذا كله كان لا بد من وقفة مع البث المباشر والرؤية العلمية والموضوعية التي يجب ان تكون لدينا نحوه لنصل معا للاسلوب الامثل الذي ينبغي على المسلم اتخاذه لمواجهته والتعامل معه لتلافي شره والاستفادة من خيره لأن البث المباشر يؤكد خطورته على النشء يوما بعد يوم.
ولاشك ان للبث المباشر مزايا ايجابية وان كانت اقل بكثير من سلبياته التي لا تعد ولا تحصى فمن مزاياه:
أ- النقل المباشر للأحداث والاخبار مباشرة في اللحظة نفسها والاسهام في تطوير التبادل العلمي والثقافي واتاحة فرص للتعرف على الثقافة العالمية.
ب - التوسع في امكانيات المواصلات السلكية واللا سلكية.
اذاً فالبث المباشر حقيقة يجب الا نرفضها ونعرض عنها لاننا وان ربحنا في بعض الجوانب في هذه الحالة فاننا سنخسر في جوانب اخرى ولذا يجب ان نواجه اخطار البث المباشر والاستفادة من ايجابياته.
ومن الآثار السلبية للبث المباشر واخطاره على الامة العربية والاسلامية.
1- إضعاف عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله وذلك باستمرار مشاهدة الحياة الغربية وابراز اعمال الشرق والغرب داخل بيوتنا.
2- تقليد النصارى في عقيدتهم وذلك باكتساب الكثير من عاداتهم المحرمة كالانحناء ولبس القلائد.
3- شيوع الرذيلة وسهولة ارتكابها.
4- تفجير الغرائز والبحث عن سبل غير شرعية لتصريفها كمشاهدة الافلام الجنسية.
5- تعويد الناس على وسائل محرمة كالخلوة والاختلاط.
6- انصراف المرأة للازياء العالمية.
7- دخول الكثير من العادات الغربية الى بيوت المسلمين.
ولهذا كله كان لا بد من مواجهة اخطار البث المباشر لما له من اضرار جسيمة وفتا كة على وطننا العربي الحبيب وذلك عن طريق بعض الطرق الآتية:
أ - وضع استراتيجية اعلامية وتربوية شاملة ومنسجمة والتخطيط لتطبيقها من اجل الحد من مساوىء الاهمال والارتجال ومواجهة الغزو الثقافي والاعلامي الذي يحمل في طياتها عوامل مسخ حضارتنا وذاتيتنا.
ب - تقوية الارضية الصلبة في نفوس اطفالنا وشبابنا وذلك بملء فراغ تكوينهم بأكثر ما يمكن من مبادىء ومعلومات عن هويتنا الخالصة وغرس الايمان في نفوسهم بهذه القيم والاخلاق الاسلامية الفاضلة وظهور الآباء والمربين والمسؤولين بمظهر القدوة والمثل الصالح.
ج - العمل على توجيه الاعلام المستورد باختيار ماهو صالح منه ومقاومة ما يكتنفه ضرر تربوي او اخلاقي.
وفي النهاية نأمل من الدول الاسلامية التنسيق فيما بينها والنهوض بمسؤولياتها الجسام في الدعوة الى الله وتسخير تكنولوجيا الاقمار الصناعية في الدعوة الى الله.
فيصل محمد مشعل المطيري
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم علم نفس