بحث عن الخلافة العباسية - بحث تعليمى عن عقيدة بنى العباسى كامل بالتنسيق
عـقـيدة بـني الـعـباس
وحمايتهم للدين والعقيدة والسنة
قال النبي الهاشمي صلى الله عليه وآله وسلم ( أيها الناس قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله و عترتي أهل بيتي ) صحيح الجامع .
جمعه وأعده
الشريف أبو عبدالرحمن الشريف أبو العباس
عبدالمحسن بن حاتم بن أحمد العباسي عبدالإله بن حاتم بن أحمد العباسي
الفهرس
الموضوع الصفحة
المقدمة .................................................. ....................... 5
الفصل الأول :- عقائد بني العباس
1- عقيدة أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس القادر بالله .............................. 8
2- عقيدة القاضي الشريف أبو علي ابن أبي موسى الحنبلي العباسي ............... 12
الفصل الثاني :- ثناء الأئمة على بني العباس ................................... 15
الفصل الثالث :- عقيدة وجهود أفراد بني العباس
1- حبر الأمة الصحابي عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب ......................... 18
2- علي السجاد بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب ............................ 18
3- أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس السفاح ...................................... 19
4- أمير المؤمنين الخليفة أبو جعفر المنصور ...................................... 20
5- أمير المؤمنين الخليفة أبو موسى المهدي ....................................... 21
6- أمير المؤمنين الخليفة الهادي ................................................ 25
7- أمير المؤمنين الخليفة هارون الرشيد .......................................... 26
8- أمير المؤمنين الخليفة الأمين ................................................. 29
9- أمير المؤمنين الخليفة أبو الفضل المتوكل على الله .............................. 30
10- أمير المؤمنين الخليفة المهتدي بالله .......................................... 35
11- أمير المؤمنين الخليفة المعتز بالله ............................................. 35
12- أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس المعتضد بالله ................................ 36
13- أمير المؤمنين الخليفة المقتدر بالله .......................................... 38
14- أمير المؤمنين الخليفة الراضي بالله .......................................... 39
15- أمير المؤمنين الخليفة المتقي لله ............................................. 39
16- أمير المؤمنين الخليفة أبو بكر الطائع لله ..................................... 39
17- أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس القادر بالله ................................. 40
18- أمير المؤمنين الخليفة القائم بأمر الله ........................................ 42
19- أمير المؤمنين الخليفة المستضيء بالله ........................................ 43
21- أمير المؤمنين الخليفة الظاهر بالله ............................................44
22- أمير المؤمنين الخليفة أبو أحمد المستعصم بالله ................................ 44
23- الأمير محمد بن سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس ........................ 45
24- الأمير عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ............... 45
25- الإمام سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبدالله بن عباس ............... 46
25- الأمير موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ..... 46
26- الإمام هارون بن العباس بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس .... 47
27- الإمام إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ... 47
28- الشريف أبو جعفر عبد الخالق ابن أبي موسى الحنبلي العباسي ................ 48
29- الشريف القاضي أبو علي محمد ابن أبي موسى الحنبلي العباسي .............. 51
30- أبو البركات عبدالله بن الحسين السويدي العباسي .......................... 52
31- العلامة الشريف علي بن محمد بن سعيد بن عبدالله السويدي العباسي ........ 52 32- العلامة الشريف أبو الفوز محمد أمين بن علي بن سعيد السويدي العباسي .... 52
الفصل الرابع :- بعض من شذ فخالف هذا الإعتقاد من بني العباس
1- أمير المؤمنين الخليفة المأمون ................................................. 57
2- أمير المؤمنين الخليفة المعتصم بالله ............................................ 59
3- أمير المؤمنين الخليفة الواثق بالله ............................................. 63
4- أمير المؤمنين الخليفة الناصر لدين الله ......................................... 66
الفصل الخامس :- المراجع .................................................. . 67
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :-
فإن بني العباس بن عبدالطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعصبته أحد البيوت الأربعة من بيوت آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وهذا الأمر عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد روى مسلم أن زيد بن أرقم سئل عن آل البيت فقال هم آل العباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي , وهذ باتفاق أهل السنة والجماعة أيضا ولم يخالف في ذلك إلا المبتدعة فقد قال ابن تيمية في منهاج السنة (4\359):- ( اتفق العلماء على أن بني العباس وبني الحارث بن عبدالمطلب من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة ويدخلون في الصلاة ويستحقون من الخمس).
وأثبت بنو العباس بأقوالهم وأفعالهم أنهم من آل البيت تدينا وعقيدة وليس نسبا فقط , فقد نصروا الدين و عقيدة السلف وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ودافعوا عنها وقاموا بحمايتها أتم حماية وشهد لهم بذلك أهل العلم في كتبهم , ولم يخالف ذلك منهم إلا من شذ فتبرأوا منه , ولا نعلم قبيلة أو عشيرة من بني هاشم بل من قريش بل من العرب بل من العجم قامت بعشر معشار ما قام به بنو العباس من نصرة الدين والعقيدة والسنة وحمايتها وذلك من نعمة الله ومنته عليهم ( ولكن الله يمن على من يشاء من عباده ) , ولذلك رماهم أهل البدع والأهواء والحاسدون والحاقدون عن قوس واحدة فتكلموا فيهم وكذبوا عليهم وشوهوا تاريخهم وحاربوهم بشتى الوسائل ولكن ( إن الله يدافع عن الذين ءامنوا ) .
فأصبح من شعار أهل البدع التبرؤ من بني العباس كما قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص 490) :- قال القاضي أبو بكر ابن الطيب عن الباطنية وكيفية إفسادهم لدين الإسلام قال يقولون للداعي : يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما أن تجعل التشيع عنده دينه وشعاره واجعل المدخل من جهة ظلم السلف لعلي وقتلهم الحسين والتبري من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس . انتهى .
وأصبح كل من أثنى على بني العباس وذكر أخبارهم ناصبيا مهددا من الروافض , كما حصل مع الخطيب البغدادي عندما أخرج من دمشق بسبب أنه ناصبي يروي فضائل الصحابة وأخبار خلفاء بني العباس في الجامع فكان ذلك سبب إخراج الخطيب من دمشق كما ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق (14\285) .
فهذا كتاب عظيم جمعنا فيه مجموعة من العقائد التي كتبها بنو العباس بأنفسهم واعتقدوها , وجمعنا أيضا نقولات عن الأئمة يثنون فيها على بني العباس وعقائدهم , وذكرنا أيضا عقيدة بعض الأفراد من بني العباس وجهودهم في حماية ونصرة الدين والعقيدة والسنة , وجعلنا بعد ذلك مختصرا لعقيدة بني العباس التي ذكرت في هذا الكتاب , وتكلمنا في نهاية الكتاب عن بعض من شذ عن بني العباس وخالف طريقتهم , وجمعنا لهذا الكتاب له عدة أسباب منها :-
1- هدية لبني العباس كلهم حتى يعلموا عقيدة أسلافهم , فمن كان عليها فليحمد الله , ومن خالف شيئا منها فليتق الله وليعتقد ما اعتقدوه حتى يكون منهم نسبا وعقيدة .
2- حتى يعلم عامة الناس أن هذه عقيدة آل البيت وليست عقيدتهم الأشعرية أو الزيدية أو الرفض أو التصوف البدعي أوالشركي .
3- الرد على بعض من تطاول على بني العباس فوصفهم بأوصاف سيئة وطعن في عقيدتهم .
4- أن هذا من حقوق أجدادنا وأسلافنا علينا , فإن الخمسمائة سنة الأخيرة من تاريخ المسلمين كانت سنوات نحسات اندرس فيها العلم وانخفتت فيها أنوار العقيدة , فجهل كثير من بني العباس ما كان عليه أسلافهم وأجدادهم , فتبيين ما كانوا عليه حق لهم علينا .
وهنا كلمة نوجهها لبني العباس فنقول لما كان بنو العباس أهل ديانة متمسكين بالسنة مبعدين ومحاربين للمبتدعة كانت دولتهم قوية عزيزة , فلما أظهر المأمون البدع لم تمكث إلا 14 سنة فسرعان ما أزالوها وأعادوا السنة وتمسكوا بها واستمروا على ذلك , ودخل الضعف فيهم لما ظهرت فيهم المعصية لكن مع التمسك بالعقيدة والسنة وقد فسدت عقائد كثير من الناس فكانت الدول تنشأ وتسقط دولة بعد دولة وهم باقون , فلما قويت ديانتهم قويت دولتهم ولم يكن لأحد معهم كلمة إلى أن جعل الخليفة المستعصم وزيره رافضيا بإختياره فحصلت القاصمة , مع أن المستعصم كما سيأتي كان على عقيدة السلف وكان الرافضة مهانين في وقته , فكان السقوط عقابا من الله لبني العباس لتقريبهم أهل البدع والله أعلم , فعلى بني العباس أن يتعظوا مما حصل مع أسلافهم فيكونون أهل ديانة وعقيدة معادين لأهل البدع والضلال وقدوة للناس .
ونحن نحمد الله عز وجل حمدا كثيرا طيبا على أن جعلنا من بني العباس وعلى عقيدتهم , وهذه النعمة وهي نعمة النسب ليس للإنسان أي يد فيها , فإن الإنسان يولد و معه نسبه ولم يبذل في تحصيله أي مشقة بعكس نعمة المال والصحة فإنها غالبا ما تحتاج إلى نوع من المشقة .
ومن حقوق القراء علينا أن نسرد نسبنا , فإن الإنتساب إلى بني هاشم لابد له من بينة ولا سيما أنه قد كثر في هذه الأيام ادعاءات النسب الهاشمي بمختلف فروعه .
فنحن عبدالمحسن وعبدالإله ابنا حاتم بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن سليمان بن أحمد بن الحسين بن علي بن علاء الدين بن علي بن هاشم بن أبي بكر بن محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن أحمد بن جعفر بن علي بن شرف الدين بن تقي الدين أبي بكر بن موسى بن تقي الدين أبي بكر ابن جعفر بن الخليفة الطائع لله بن الخليفة المطيع لله بن الخليفة المقتدر بالله بن الخليفة المعتضد بالله بن الأمير الموفق طلحة بن الخليفة المتوكل على الله بن الخليفة المعتصم بالله بن الخليفة هارون الرشيد بن الخليفة المهدي بن الخليفة أبي جعفر المنصور بن الإمام محمد بن علي السجاد بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي .
وهذا النسب مذكور في الصك الصادر من نقابة الأشراف العباسيين في صفد عام 985 هـ وهو موجود اليوم مع الإضافات الملحقة به إلى يومنا هذا .
وأخيرا فكما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من لا يشكر الناس لا يشكر الله ) فبعد شكر الله عز وجل نشكر صاحب الفضل الأكبر علينا منذ الصغر من بعد فضل الله تعالى الوالد الشريف النسابة أبا عبدالمحسن حاتم بن أحمد العباسي فقد كانت له توجيهات مهمة استفدنا منها , ونشكر أيضا العم الأكبر الشريف النسابة أبا أحمد حسني بن أحمد العباسي الذي له جهود كبيرة في خدمة النسب العباسي وتعريف الناس بهم ومعه الوالد , وقد شجعانا على القيام بهذا الجمع المبارك , حفظهما الله من كل شر وسوء ومكروه ووفقهما لكل خير وسدد خطاهما وأيدهما على ضعاف الدين والأمانة والمبتدعين .
كتبه عبدالمحسن وعبدالإله ابنا حاتم العباسي - جدة - 10\6\1430 هـ
( الفصل الأول :- عقائد بني العباس )
1- عقيدة أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس القادر بالله (422 هـ) :-
وهذه نبذة عنه :
قال بن كثير في البداية والنهاية (15\637) عنه :-
وقد كان حليما كريما، محبا لاهل العلم والدين والصلاح، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان على طريقة السلف في الاعتقاد، وله في ذلك مصنفات كانت تقرأ على الناس، وكان أبيض حسن الجسم طويل اللحية عريضها يخضبها، وكان يقوم الليل كثير الصدقة، محبا للسنة وأهلها، مبغضا للبدعة وأهلها، وكان يكثر الصوم ويبر الفقراء من أقطاعه، يبعث منه إلى المجاورين بالحرمين وجامع المنصور، وجامع الرصافة.
وقال الذهبي في السير (15\128):-
وصنف كتابا في الأصول، ذكر فيه فضل الصحابة، وإكفار من قال: بخلق القرآن , وكان ذلك الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث، ويحضره الناس مدة خلافته، وهي إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر .
قال ابن الجوزي في المنتظم (4/326):-
أخبرنا سعد الله بن علي البزار أنبأ أبو بكر الطريثيثي، أنبأ هبة الله بن الحسن الطبري قال: وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر بالله الخليفة فقهاء المعتزلة، فأظهروا الرجوع وتبرأوا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام، وأخذت خطوطهم بذلك، وأنهم متى خالفوا أحل فيهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم، وامتثل محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين في ذلك واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها، في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة، وصلبهم وحبسهم ونفاهم، وأمر بلعنهم على المنابر، وأبعد جميع طوائف أهل البدع ، ونفاهم عن ديارهم، وصار ذلك سنة في الإسلام.
قال بن تيمية في نقض التأسيس 2/331 :-
(وكانت قد انتشرت إذ ذاك دعوة الملاحدة المنافقين،وكان هذا مما دعا القادر إلى إظهار السنة، وقمع أهل البدع، فكتب الاعتقاد القادري.. وأمر باستتابة من خالف ذلك من المعتـزلة وغيره).
وقال الحافظ الذهبي في العبر 3/98 :-
(وفيها استتاب القادر بالله – وكان صاحب سنّة- طائفة من المعتـزلة والرافضة، وأخذ خطوطهم بالتوبة.(
وقال ابن القيم في الصواعق المرسلة 4/1268 :-
(وكان [القادر] قد استتاب من خرج عن السنة من المعتـزلة والرافضة ونحوهم.. فتحرك ولاة الأمور لإظهار السنة).
وقال بن كثير في البداية والنهاية 15/626 :-
(وعزل خطباء الشيعة، وولى خطباء السنة ولله الحمد والمنة على ذلك وغيره.
وجرت فتنة بمسجد براثا، وضربوا الخطيب السني بالآجر، حتى كسروا أنفه وخلعوا كتفه، فانتصر لهم الخليفة وأهان الشيعة وأذلهم، حتى جاؤوا يعتذرون مما صنعوا، وأن ذلك إنما تعاطاه السفهاء منهم).
ونود التنبيه أن بعض أهل الأهواء والبدع في بعض المنتديات غاظهم هذا الاعتقاد ، فكذبوا وزعموا أن القادر كان خليفة ضعيفا وجاهلا بالشرع "هكذا خرصا من عندهم" فكيف يكتب اعتقادا وكيف تعتمدانه أنتما وتبدآن به كتابكما ، فنقول
قال ابن الأثير في الكامل 9/415:-
(وكانت الخلافة قبله قد طمع فيها الديلم والأتراك، فلما وليها القادر بالله أعاد جدّتها، وجدّد ناموسها، وألقى الله هيبته في قلوب الخلق، فأطاعوه أحسن طاعة وأتمها).
ومما يدل على أن القادر بالله يعدّ من أهل العلم وساداتهم، أن ابن الصلاح في كتابه طبقات الشافعية 1/324 عدّه من فقهاء الشافعية، وأنه من خيار خلفاء بني العباس وأحبارهم ، وقد ذكر أيضا في طبقات الشافعية للأسنوي 2/310
وأخيرا ، فقد وصفه صاحب ذيل تجارب الأمم الروذراوري 3/207، 208 قائلا :-
(سلك من طريق الزهد والورع ما تقدمت فيه خطاه، فكان راهب بني العباس حقاً، وزاهدهم صدقاً ساس الدنيا والدين، وأغاث الإسلام والمسلمين، واستأنف في سياسة الأمر طرائق قويمة، ومسالك مأمونة، لم تعرف منه زلة، ولا ذمت له خلة، فطالت أيامه، وطابت أخباره، وأقفيت آثاره، وبقيت على ذريته الشريفة أنواره).
قلنا : كل من بعده من الخلفاء في بغداد والقاهرة من ذريته رحمه الله ، وهم اليوم بالآلاف.
وهذه عقيدته كما ساقها بن الجوزي :
قال ابن الجوزي في المنتظم (4\384) :-
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال: أخرج الإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين أبو جعفر ابن القادر بالله في سنة نيف وثلاثين وأربعمائة الاعتقاد القادري الذي ذكره القادر فقرئ في الديوان وحضر الزهاد والعلماء وممن حضر الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني فكتب خطة تحته قبل أن يكتب الفقهاء وكتب الفقهاء خطوطهم فيه
أن هذا اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد فسق وكفر, وهو:-
يجب على الإنسان أن يعلم أن الله عز وجل وحده لا شريك له .
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
لم يتخذ صاحبة ولا ولدا .
ولم يكن له شريك في الملك .
وهو أول لم يزل وآخر لا يزال .
قادر على كل شيء غير عاجز عن شيء .
إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون .
غني غير محتاج إلى شيء لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم .
يطعم ولا يطعم .
لا يستوحش من وحدة ولا يأنس بشيء .
وهو الغني عن كل شيء .
لا تخلفه الدهور والأزمان وكيف تغيره الدهور والأزمان وهو خالق الدهور والأزمان والليل والنهار والضوء والظلمة والسموات والأرض وما فيها من أنواع الخلق والبر والبحر وما فيهما وكل شيء حي أو موات أو جماد .
كان ربنا وحده لا شيء معه .
ولا مكان يحويه فخلق كل شيء بقدرته وخلق العرش لا لحاجته إليه فاستوى عليه كيف شاء وأراد لا استقرار لراحة كما يستريح الخلق .
وهو مدبر السموات والأرضين ومدبر ما فيهما ومن في البر والبحر ولا مدبر غيره ولا حافظ سواه يرزقهم ويمرضهم ويعافيهم ويميتهم ويحييهم .
والخلق كلهم عاجزون والملائكة والنبيون والمرسلون والخلق كلهم أجمعون .
وهو القادر بقدرة والعالم بعلم أزلي غير مستفاد .
وهو السميع بسمع والمبصر ببصر يعرف صفتهما من نفسه لا يبلغ كنههما أحد من خلقه .
متكلم بكلام لا بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين .
لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه عليه السلام .
وكل صفة وصف بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم فهي صفة حقيقية لا مجازية .
ويعلم أن كلام الله تعالى غير مخلوق تكلم به تكليماً وأنزله على رسوله صلى الله عيه وسلم على لسان جبريل بعدما سمعه جبريل منه فتلاه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم وتلاه محمد على أصحابه وتلاه أصحابه على الأمة ولم يصر بتلاوة المخلوقين مخلوقاً لأنه ذلك الكلام بعينه الذي تكلم الله به فهو غير مخلوق فبكل حال متلواً ومحفوظاً ومكتوباً ومسموعاً ومن قال أنه مخلوق على حال من الأحوال فهو كافر حلال الدم بعد الاستتابة منه .
ويعلم أن الإيمان قول وعمل ونية وقول باللسان وعمل بالأركان والجوارح وتصديق به يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
وهو ذو أجزاء وشعب فأرفع أجزائه لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان .
والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد .
والإنسان لا يدري كيف هو مكتوب عند الله ولا بماذا يختم له فلذلك يقول مؤمن إن شاء الله وأرجو أن أكون مؤمناً ولا يضره الإستئناء والرجاء ولا يكون بهما شاكاً ولا مرتاباً لأنه يريد بذلك ما هو مغيب عنه من أمر آخرته وخاتمته .
وكل شيء يتقرب به إلى الله تعالى ويعمل لخالص وجهه من أنواع الطاعات فرائضه وسننه وفضائله فهو كله من الإيمان منسوب إليه .
ولا يكون للإيمان نهاية أبدا لأنه لا نهاية للفضائل ولا للمتبوع في الفرائض أبداً .
ويجب أن يحب الصحابة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ونعلم أنهم خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأن خيرهم كلهم وأفضلهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
ويشهد للعشرة بالجنة ويترحم على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن سب سيدتنا عائشة رضي الله عنها فلا حظ له في الإسلام .
ولا يقول في معاوية رضي الله عنه إلا خيراً .
ولا يدخل في شيء شجر بينهم ويترحم على جماعتهم، قال الله تعالى: " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " وقال فيهم: " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين " .
ولا يكفر بترك شيء من الفرائض غير الصلاة المكتوبة وحدها فإنه من تركها من غير عذر وهو صحيح فارغ حتى يخرج وقت الأخرى فهو كافر وإن لم يجحدها قوله صلى الله عليه وسلم بين العبد والكفر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر .
ولا يزال كافراً حتى يندم ويعيدها فإن مات قبل أن يندم ويعيد أو يضمر أن يعيد لم يصل عليه وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف .
وسائر الأعمال لا يكفر بتركها وإن كان يفسق حتى يجحدها .
هذا قول أهل السنة والجماعة الذي من تمسك به كان على الحق المبين وعلى منهاج الدين والطريق المستقيم ورجى به النجاة من النار ودخول الجنة إن شاء الله تعالى .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله , قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم .
وقال عليه السلام: أيما عبد جاءته موعظة من الله تعالى في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه فإن قبلها يشكر وإلا كانت حجة عليه من الله ليزداد بها إثماً ويزاد بها من الله سخطاً .
جعلنا الله لآلائه من الشاكرين ولنعمائه ذاكرين وبالسنة معتصمين وغفر لنا ولجميع المسلمين.
2- عقيدة القاضي الشريف أبو علي محمد ابن أبي موسى الحنبلي العباسي (428هـ)
قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة (2\53):-
قرأت على المبارك بن عبد الجبار من أصله في حلقتنا بجامع المنصور قلت له: حدثك القاضي الشريف أبو علي قال: باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب الديانات.
حقيقة الإيمان عند أهل الأديان الاعتقاد بالقلب والنطق باللسان:
أن الله تعالى واحد أحد فرد صمد لا يغيره الأبد ليس له والد ولا ولد .
وأنه سميع بصير بديع قدير حكيم خبير علي كبير ولي نصير قوي مجير ليس له شبيه ولا نظير ولا عون ولا ظهير ولا شريك ولا وزير ولا ند ولا مشير .
سبق الأشياء فهو قديم لا كقدمها وعلم كون وجودها في نهاية عدمها .
لم تملكه الخواطر فتكيفه ولم تدركه الأبصار فتصفه .
ولم يخل من علمه مكان فيقع به التأبين ولم يقدمه زمان فينطلق عليه التأوين .
ولم يتقدمه دهر ولا حين ولا كان قبله كون ولا تكوين .
ولا تجري ماهيته في مقال ولا تخطر كيفيته ببال ولا يدخل في الأمثال والأشكال .
صفاته كذاته ليس بجسم في صفاته جل أن يشبه بمبتدعاته أو يضاف إلى مصنوعاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
أراد ما الخلق فاعلوه ولو عصمهم لما خالفوه ولو أراد أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه .
خلق الخلائق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم .
لا سمي له في أرضه وسماواته على العرش استوى وعلى الملك احتوى وعلمه محيط بالأشياء.
كذلك سئل الإمام أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه عن قوله عز وجل ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا فقال: علمه.
والقرآن كلام الله تعالى وصفة من صفات ذاته غير مخلوق ولا محدث .
كلام رب العالمين في صدور الحافظين وعلى ألسن الناطقين وفي أسماع السامعين وأكف الكاتبين وملاحظة الناظرين برهانه ظاهر وحكمه قاهر ومعجزه باهر.
وأن الله عز وجل كلم موسى تكليماً وتجلى للجبل فجعله دكاً هشيماً .
وأنه خلق النفوس وسواها وألهمها فجورها وتقواها , والإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره .
أن مع كل عبد رقيباً وعتيداً وحفيظاً وشهيداً يكتبان حسناته ويحصيان سيئاته .
وأن كل مؤمن وكافر وبر وفاجر يعاين عمله عند حضور منيته ويعلم مصيره قبل ميتته.
وأن منكراً ونكيراً إلى كل أحد ينزلان سوى النبيين فيسألان ويمتحنان عما يعتقده من الأديان .
وأن المؤمن يخبر في قبره بالنعيم والكافر يعذب بالعذاب الأليم .
وأنه لا محيص لمخلوق من القدر المقدور ولن يتجاوز ما خط في اللوح المسطور.
وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
وأن الله جل اسمه يعيد خلقهم كما بدأهم ويحشرهم كما ابتدأهم من صفائح القبور وبطون الحيتان في تخوم البحور وأجواف السباع وحواصل النسور.
وأن الله تعالى يتجلى في القيامة لعباده الأبرار فيرونه بالعيون والأبصار .
وانه يخرج أقواماً من النار فيسكنهم الجنة دار القرار .
وأنه يقبل شفاعة محمد المختار في أهل الكبائر والأوزار .
وأن الميزان حق توضع فيه أعمال العباد فمن ثقلت موازينه نجا من النار ومن خفت موازينه أدخل جهنم وبئس القرار .
وأن الصراط حق يجوزه الأبرار .
وأن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم حق يرده المؤمنون ويذاد عنه الكفار.
وأن الإيمان غير مخلوق وهو قول باللسان وإخلاص بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.
وأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وأفضل المرسلين .
وأمته خير الأمم أجمعين وأفضلهم القرن الذين شاهدوه وآمنوا به وصدقوه .
وأفضل القرن الذي صحبوه أربع عشرة مائة بايعوه بيعة الرضوان وأفضلهم أهل بدر إذ نصروه
وأفضلهم أربعون في الدار كنفوه , وأفضلهم عشرة عزروه ووقروه شهد لهم بالجنة وقبض وهو عنهم راض , وأفضل هؤلاء العشرة الأبرار الخلفاء الراشدون المهديون الأربعة الأخيار .
وأفضل الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي عليهم السلام .
وأفضل القرون القرن الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يتبعونهم.
وأن نتولى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأسرهم ولا نبحث عن اختلافهم في أمرهم ونمسك عن الخوض في ذكرهم إلا بأحسن الذكر لهم.
وأن نتولى أهل القبلة ممن ولي حرب المسلمين على ما كان فيهم من علي وطلحة والزبير وعائشة ومعاوية رضوان الله عليهم ولا ندخل فيما شجر بينهم إتباعاً لقول رب العالمين والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم .
( الفصل الثاني :- ثناء الأئمة على بني العباس )
كان الخلفاء من بني أمية يسبون آل البيت إلا عمر بن عبدالعزيز ويزيد بن الوليد .
قال ابن حزم الأموي مولاهم في رسائله عن بني العباس (2\147) :- إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة، رضوان الله عليهم ، بخلاف ما كان بنو أمية يستعملون من لعن عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه ، ولعن بنيه الطاهرين من بني الزهراء ؛ وكلهم كان على هذا حاشا عُمر بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد رحمهما الله تعالى فإنهما لم يستجيزا ذلك .
قال ابن تيمية في منهاج السنة (8\170) :- وأعظم ما نقمه الناس على بني أمية شيئان أحدهما تكلمهم في علي والثاني تأخير الصلاة عن وقتها .
قلنا : ومن أخطائهم أيضا تأخير الصلاة عن وقتها بل أحيانا إخراجها عن وقتها , وتقديم الخطبة على الصلاة في العيدين , والتأذين لصلاة العيدين , وأنهم كانوا يخطبون قعودا , واستمروا على هذا حتى أماتوا السنن وظن الناس أن البدع هي السنن , فلما جاء بنو العباس رضوان الله عليهم أحيوا هذه السنن التي أميتت وأوقفوا سب الصحابة ولعنهم .
وهذه نصوص عن الأئمة في الثناء على بني العباس وعقيدتهم :-
1- قال ابن كثير في البداية والنهاية (14\396) :-
قال البيهقي ولم يكن في الخلفاء قبله - أي المأمون - من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم، فلما ولي هو الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك وزينوا له .
2- قال أبو عبيد الآجري في السؤالات (1\290) :-
حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن عبدة قال: سمعت معاذ بن معاذ قال لما قدم بنو العباس بدأوا بالصلاة قبل الخطبة، فانصرف الناس وهم يقولون: بدلت السنة بدلت السنة يوم العيد .