دراسة فى حقوق الأولاد فى الشريعة الإسلامية - بحث تعليمى عن حقوق الأولاد فى الشريعة الإسلامية
إعداد الطالب
أول الطيبى داكيلى
رقم القيد : 1475
المرحلة الدراسية : ماجستير الشريعة
كلية الدراسات الإسلامية والعربية
الجامعة الأمريكية المفتوحة
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى جعله الله رحمة للعالمين، وهدى به إلى الحق وإلى صراط مستقيم وبين سبحانه وتعالى خصائص رسالته، ومكانة دعوته، فقال سبحانه : ( يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا* وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا * وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ) الأحزاب 45 – 47
ورضى الله أحسن الرضا عن آله الأطهار الأخيار، وعن صحبه الكرام الأبرار، وعمن والأهم بإحسان إلى يوم الدين، أوائك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون.
خطة البحث :
وقد قمت بعون الله تعالى – بترتيب خطة البحث ف مقدمة، وخمسة فصول وخاتمة :
الفصل الأول : النسب
وفيه مبحثان :
المبحث الأول : أسباب ثبوت النسب
المبحث الثانى : طرق إثبات النسب
الفصل الثانى : الرضاع
وفيه ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : حق الولد فى الرضاع
المبحث الثانى : الرضاع المحرم
المبحث الثالث : ما يثبت به الرضاع
الفصل الثالث : الحضانة :
وفيه ستة مباحث :
المبحث الأول : نعريف الحضانة وحكمها وصاحب الحق فيها
المبحث الثانى : ترتيب درجات الحواضن أو مستحقى الحضانة من النساء والرجال
المبحث الثالث : شروط استحقاق الحضانة أو شروط المحضون والحاضنة
المبحث الرابع : أجرة الحضانة
المبحث الخامس : مكان الحضانة والانتقال بالصغير إلى بلد آخر وحق غير احاضنة بزيارته
المبحث السادس : مدة الحضانة
الفصل الرابع : الولاية :
التمهيد : معنى الولاية
المبحث الأول : الولاية على النفس
المبحث الثانى : الولاية على المال
الفصل الخامس : النفقات
المبحث الأول : وجوب الإنفاقا على الأولاد أو الفروع
المبحث الثانى : شروط الوجوب
المبحث الثالث : المكلف على النفقة
المبحث الرابع : مقدار نفقة الفروع وصيرورتها دينا وسوقطها وتعجيلها
الخاتمة : يتضمن النتائج والوصية
الفصل الأول : النسب :
تمهيد :
إن النسب فى الإسلام له أهمية بالغة، إذ يترتب على ثبوته أحكام سواء من الواجبات أو الحقوق أو التزامات سلبية كانت أم إيجابية. ومن ثم حرص الإسلام عليه ونظم أحكاما معينة المتعلقة به حتى لا يترك الناس على فوضى . ومن ثم لأهمية هذا النسب إذ يترتبب على ثبوته أحكام هاحة كما ذكرنا لابد أن تعرف على أسباب ثبوته وطرق إثباته.
لذلك سينقسم الحديث فى هذا الفصل إلى مبحثين
المبحث الأول : أسباب ثبوت النسب
المبحث الثانى : طرق إثبات النسب
المبحث الأول : أسباب ثبوت النسب :
أسباب ثبوت النسب من الأب فهى :
السبب الأول : الزواج الصحيح
السبب الثانى : الزواج الفاسد
السبب الثالث : الوطء بشبهة
وسينقسم الحديث فى هذا المبحث إلى مطالب :
المطلب الأول : الزواج الصحيح :
اتفق الفقهاء على أن الولد الذى تأتى به المرأة المتزوجة زواجا صحيحا ينسب إلى زوجها، لقوله صلى الله عليه وسلم " الولد للفراش" ، والمراد بالفراش : المرأة التى يستفرش الرجل ويستمتع بها . بناء على ذلك أن الطفل الذى ولدته المرأة التى لها زوجية صحيحة يلحق نسبه إلى الأب. وقد اشترط الفقهاء لهذا السبب عدة شروط وهى :
الشرط الأول : أن يكون الزواج ممن يتصور منه الحمل عادة
بأن يكون بالغا فى رأى المالكية والشافعية، ومثله عند الحنفية والحنابلة المراهق الذى بلغ اثنى عشرة سنة فى تقدير الحنفية، وعشر سنوات فى تقدير الحنابلة .
الشرط الثانى : أن يلد الولد بعد ستة أشهر من وقت الزواج فى رأى الحنفية، ومن إمكان الوطء بعد الزواج فى رأى الجمهور. فإن ولد لأقل من الحد الأدنى لمدة الحمل وهى ستة أشهر، لا يثبت نسبه من الزوج اتفاقا.
الشرط الثالث : إمكان تلاق الزوجين بعد العقد، ويكفى عند الحنفية إمكان التلاقى عقلا، حتى ولو لم يثبت التلاقى حسا، فلو تزوج مشرقى بمغربية، ولم يلتقيا فى الظاهر مدة سنة، فولدت ولدا لستة أشهر من تاريخ الزواج، ثبت النسب، لاحتمال تلاقيهما من باب الكرامة. أما الجمهور قد اشترط إمكان التلاقى بالفعل أو حسا وعادة، وإمكان الوطء والدخول، لأن الإمكان العقلى نادر، ولا تأثير له فى مجال العقود الظاهرة، والأحكام تنبنى على الظاهر المشاهد والكثير الغالب، لا القليل النادر أو الخفى غير المحتمل عادة، فلو ثبت عدم اللقاء بين الزوجين فعلا، لم يثبت نسب الولد من الزوج، كأن كان الزوج سجينا أو غائبا فى بلد بعيد غيبة امتدت إلى أكثر من أقصى مدة الحمل .
المطلب الثانى : الزواج الفاسد :
الزواج الفاسد فى إثبات النسب كالزواج الصحيح، لأن النسب يحتاط فى إثباته غحياء للولد ومحافظة عليه بشروط ثلاثة وهى :
الشرط الأول : أن يكون الرجل ممن يتصور منه الحمل :
بأن يكون بالغا عند المالكية والشافعية أو بالغا أو مراهقا عند الحنفية والحنابلة.
الشرط الثانى : تحقق الدخول بالمرأة أو الخلوة بها فى رأى المالكية، وحصول الدخول فقط عند الحنفية، دون الخلوة.
الشرط الثالث : أن تلد المرأة بعد ستة أشهر أو أكثر من تاريخ الدخول أو الخلوة عند المالكية، ومن تاريخ الدخول عند الحنفية.
المطلب الثالث : الوطء بشبهة :
هو الاتصال الجنسى غير الزنا، دون وجود عقد صحيح أو فاسد، وإنما واقعة غير مقصودة، كالمرأة المزفوفة إلى بيت زوجها دون رؤية سابقة، وقيل : إنها زوجته، فيدخل بها، أو كوطء امرأة يجدها الرجل على فراشه، فيظنها زوجته، أو كوطء المطلقة ثلاثا أثناء العدة ظنا أنها تحل له.
يثبت نسب الولد من الواطئ إن أتت المرأة به بعد مضى ستة أشهر أو أكثر من وقت الوطء، لتأكد أن الحمل منه، لا قبل تلك المدة.
المبحث الثانى : طرق إثبات النسب
يثبت النسب بأحد طرق ثلاثة هى : الزواج الصحيح أو الفاسد، الإقرار بالنسب ، والبينة
ومن ثم سينقسم الحديث فى طرق إثبات النسب إلى ثلاثة مطالب
المطلب الأول : الزواج الصحيح أو الفاسد :
الزواج الصحيح أو الفاسد سبب لإثبات النسب، وطريق لثبوته فى الواقع، متى ثبت الزواج ولو كان فاسدا، أو كان زواجا عرفيا، أى منعقدا بطريق عقد خاص دون تسجيل فى سجلات الزواج الرسمية، يثبت به نسب كل ما تأتى به المرأة من أولاد.
المطلب الثانى : الإقرار بالنسب :
والإقرا نوعان : إقرار على نفس المقر، وإقرار محمول على غير المقر
النوع الأول : الإقرار بالنسب على نفس المقر :
فهو أن يقر الأب بالولد أو الابن بالوالد، فيقول : هذا ابنى، أو هذا أبى، أو هذه أمى، ويصح هذا الإقرار من الرجل ولو فى مرض الموت، بشروط أربعة :
أولا : أن يكون المقر به مجهول النسب، غير معروف النسب من أب آخر، إلا ولد اللعان، فلا يصح ادعاؤه بالنسب وإلحاقه بغير الأب الملاعن، لاحتمال أن يرجع الملاعن ويكذب نفسه.
ثانيا : أن يصدقه الحس، بأن يكون المقر به محتمل الثبوت من نسب المقر، بأن يكون مم يولد مثل المقر به لمثل المقر، لا أن يكون أكبر من المقر أو مساويا له فى السن أو مقاربا له.
ثالثا : أن يصدقه المقر له فى إقراره إن كان أهلا للتصديق، بأن يكون بالغا عاقلا عند الجمهور، أو مميزا عند الحنفية، لأن الإقرار حجة قاصرة على المقر، فلا يتعداه إلى غيره إلا بينة أو تصديق من الغير، ولم يشترط المالكية هذا الشرط.
رابعا : ألا يكون فيه حمل النسب على الغير، سواء كذبه المقر له أو صدقه، لأن إقرار الإنسان حجة قاصرة على نفسه، لا على غيره، فإذا كان المقر ببنوة الغلام زوجة أو معتدة، فيشترط أن يوافق زوجها على الاعتراف ببنوته له أيضا.
النوع الثانى : الإقرار بنسب محمول على الغير :
أن يقر إنسان فيقول : هذا أخى، أو هذا عمى أو هذا جدى أو هذا ابن ابنى، وهو يصح بالشروط السابقة.
المطلب الثالث : البينة
البينة حجة متعدية لا يقتصر أثرها على المدعى عليه، بل يثبت فى حقه وحق غيره، أم الإقرار فهو كما عرفنا حجة قاصرة على المقر لا تتعداه إلى غيره، وثبوت النسب بالبينة أقوى من الإقرار، لأن البينة أقوى الأدلة اليوم، لأن النسب وإن ظهر بالإقرار لكنه غير مؤكد ، فاحتمل البطلان بالبينة.
ونوع البينة التى يثبت بها النسب هى شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عند أبى حنيفة ومحمد، وشهادة رجلين فقط عند المالكية، وجميع الورثة عند الشافعية والحنابلة وأبى يوسف.
والشهادة تكون بمعاينة المشهود به أو سماعه، فإذا رأى الشاهد أو سمعه بنفسه جاز له أن يشهد، وإذا لم يره أو يسمعه بنفسه، لا يحل له أن يشهد، لقوله صلى الله عليه وسلم لشاهد : " ترى الشمس؟ قال : نعم، فقال : على مثلها فاشهد أو دع".
الفصل الثانى : الرضاع
تمهيد :
الحديث فى الرضاع يكون فى ناحيتين :
الناحية الأولى الرضاع حق للطفل، باعتباره غذاء مناسبا فى دور مناسبا فى دور معين من أدوار الحياة للطفل، وأنسبه هو لبن الأم .
الناحية الثانية : باعتباره سبب من أسباب التحريم. وبالتالى سينقسم الحديث فى هذا الفصل إلى مبحثين :
المبحث الأول : حق الولد الصغير فى الرضاع
المبحث الثانى : المحرمات من الرضاعة
المبحث الأول : حق الولد الصغير فى الرضاع :
من حق الولد على أمه إرضاعه حفاظا على حياته، أثناء الزواج أو فى العدة، فالرضاع واجب عليه ديانة تسأل عنه أمام الله تعالى، لكنه مندوب عند الجمهور لا تجبر عليه، ولها أن تمتنع عنه إلا عند الضرورة.
وذهب المالكية إلى أنه واجب على الأم قضاء، فتجبر عليه إلا المرأة الشريفة لثراء أو حسب فلا يجب عليها الإرضاع، إن قبل الولد الرضاع من غيرها عملا بالعرف القائم على المصلحة.
واتفق الكل على وجوب الإرضاع قضاء فى ثلاث حالات هى ألا يقبل الطفل الرضاع إلا من ثدى أمه، وألا توجد مرضعة أخرى سواهت، أو كان الأب معدوما. ولا تستحق الأم بالاتفاق أجرة الرضاع فى حالة الزوجية أو أثناء العدة من الطلاق الرجعى، وتستحق الأجرة على الرضاع بالاتفاق بعد انتهاء الزوجية والعدة أو فى عدة الوفاة، لقوله تعالى ( فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن ) الطلاق :6 أو فى عدة الطلاق البائن، للآية نفسها.
ومدة استحقاق الأجرة بالاتفاق هى سنتان فقط للآية المتقدمة : والوالدلات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة).
المبحث الثانى : المحرمات من الرضاعة :
لقد ثبت التحريم بالرضاع بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى ( وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) وهذا نص فى تحريم الأصول والأخواتـ ولم تتعرض بنصها لغير هؤلاء. وقد فهم المفسرون من هذا تحريم الباقى من المحرمات، وذلك لنه تعالى لما سمى المرضع أما وابنة المرضع أختا، فقد نبه بذلك على أنه تعالى أجرى الرضاع مجرى النسب، فيفهم الباقى بدلالة النص، أو فحوى الخطاب، إذ كيف يحرم عليه أصوله رضاعا، وتحل له ابنة بنته رضاعا، وكيف تحرم عليه أخته رضاعا، وتحل له ابنتها، وكيف تحرم عليه من التقت معه على ثدى أمه، وتحل له أخت أمه رضاعا، بل كيف تحل له هذه، وقد حرمت ابنة أخته والعلاقة واحدة. ولقد كان الاقتصار على ذكر الأمهات والأخوات مشيرا إلى الباقى، لأن المحرمات بالنسب قسمان :
قسم الأولاد وهو ما كانت الصلة فيه من عمود النسب. وقسم الحواشى وهو ما كان غير ذلك، فذكر من عمود النسب الأمهات، ومن الحواشى الأخوات، وكان فى العبارة من التنبيه ما يجعل العقل يحكم على الباقى بالتحريم، إذ سمى المرضع أما، وأولادها أخوات، فكان ذلك موجها العقل لأن يحكم فى الباقى، وذلك من الإيجاز المعجز والبيان المحكم .
المطلب الأول : شروط الرضاع المحرم للزواج :
تشترط فى هذا ستة شروط هى :
أولا : أن يكون لبن امرآة آدمية، سواء أكانت عند الجمهور بكرا أم متزوجة أم بغير زوج، فلا تحريم بتناول غير اللبن كامتصاص ماء أصفر أو دم أو قيح، ولا بلبن الرجل أو الخنثى المشكل أو البهيمة، فلو رضع صغيران من شاة مثلا، لم يثبت بينهما أخوة، فيحل زواجهما، لأن الأخوة فرع الأمومة، فإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع.
ثانيا : أن يتحقق من وصول اللبن إلى معدة الرضيع، سواء بالامتصاص من الثدى، أم بشربه من الإناء أو الزجاجة. وهذا شرط عند الحنفية، فإن لم يتحقق من الوصول إلى المعدة بأن التقم الثدى، ولم يعلم أرضع أم لا، فلا يثبت التحريم، للشك فى وجود سبب التحريم وهو الرضاع، وألحكام لا تثبت بالشك.
ثالثا : أن يحصل الإرضاع بطريق الفم أو الأنف : فقد اتفق أئمة المذاهب عل أن التحريم يحصل بالوجور ( وهو صب اللبن فى الحلق) لحصوله التغذية به كالارتضاع. والسعوط ( وهو صب اللبن فى الأنف ليصل الدماغ) لحصول التغذى به، لأن الدماغ جوف له كالمعدة، بل لا يشترط التغذى بما وصل من منفذ عال، بل مجرد وصوله للجوف كاف فى التحريم.
رابعا : ألا يخلط اللبن بغيره : وهذا شرط عند الحنفية والمالكية، وإن خلط بمائع آخر فالعبرة عند الحنفية والمالكية للغالب.
واعتبر الشافعية فى الأظهر والحنابلة فى الراجح اللبن المشوب ( المختلط بغيره ) كللبن الخالص الذى لا يخالطه سواه، سواء شيب بطعام أو شراب أو غيره لوصول اللبن إلى الجوف، وحصوله فى بطنه. أى والمخلوط كالصافى عند غيرهم.
خامسا : أن يكون الرضاع فى حال الصغر باتفاق المذاهب الأربعة : فلا يحرم رضاع الكبير : وهو من تجاوز السنتين.
واستدل الجمهور على اشتراط كون الرضاع فى حال الصغر بما يأتى :
- بقوله تعالى ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) البقرة 233. فإنه تعالى جعل تمام الرضاعة فى الحولين، فأفهم أن الحكم بعد الحولين بخلافه. وقال
- وقال تعالى ( وفصاله فى عامين ) لقمان 14. أى فطامه، فدل على أن أكثر مدة الرضاع المعتبرة شرعا سنتان.
- بخبر ( لا رضاع إلا ما كان فى الحولين ) وخبر ( لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء فى الثدى، وكان قبل الفطام ) وخبر ( لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد احتلام) . وقال الشافعى عن حديث سهلة : إنه رخصة خاصة بسالم ، وكذلك قال الحنابلة وغيرهم، جمعا بين الأدلة.
- ثبت عن عائشة أنها قالت ( دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندى رجل، فقال : من هذا؟ قلت : أخى من الرضاعة، قال : ياعائشة ، انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة) .
سادسا : أن يكون الرضاع خمس رضعات متفرقات فصاعدا : وهذا شرط عند الشافعية والحنابلة، والمعتبر فى الرضعة والعرف، فلو انقطع الطفل عن الرضاع إعراضا عن الثدى تعدد الرضاع، عملا بالعرف، ولو انقطع للتنفس أو الاستراحة أو الملل أو الانتقال من ثدى إلى آخر أو من امرأة إلى أخرى أو اللهو أو النومة الخفية أو ازداراء ما جمعه من اللبن فى فمه، وعاد فى الحال، فلا تعدد، بل الكل رضعة واحدة، وإن رضع أقل من خمس رضعات فلا تحريم، وإن شك فى عدد الرضعات بنى على اليقين، لأن الأصل عدم وجود الرضاع المحرم، لكن فى حالة الشك الترك الأولى، لأنه من الشبهات.
وقال المالكية والحنفية : الرضاع المحرم يكون بالقليل والكثير، ولو بالمصة الواحدة ويعمل بهذا الرأى فى مصر وليبيا، ويعمل فى سورية بالرأى الأول، وهو الراجح، لما فيه من توسعة وتيسير على الناس.
المطلب الثانى : ما يثبت به الرضاع :
يثبت الإرضاع بأحد أمرين : الإقرار والبينة :
الإقرار :
فهو عند الحنفية والحنابلة اعتراف الرجل والمرأة معا أو أحدهما بوجود الرضاع المحرم بينهما.
فإذا أقر الرجل والمرأة بالرضاع قبل الزواج، بأن اعترفا بأنهما أخوان من الرضاع، فلا يحل لهما الإقدام على الزواج، وإن تزوجا كان العقد فاسدا، ولم يجب للمرأة شيء من المهر.
وإن كان الإقرار بعد الزواج وجب عليهما الافتراق، فإن لم يفترقا اختيارا، فرق القاضى بينهما جبرا، لأنه تبين فساد العقد، ويجب للمرأة الأقل من المسمى ومهر المثل.
وإذا كان الإقرار من جانب الرجل وحده، كأن يقول : هى أختى أو أمى أو بنتى فى الرضاع : فإن كان الإقرار قبل الزواج، فلا يحل له التزوج بها. وإن كان بعد الزواج، وجب عليه أن يفارق المرأة، فإن لم يفارقها اختيارا، وجب على القاضى أن يفرق بينهما جبرا، ويكون للمرأة فى التفريق قبل الدخول نصف المهر المسمى، وبعد الدخول يكون لها جميع المهر المسمى، ولها النفقة والسكنى فى العدة، لأن الإقرار حجة قاصة على المقر لا يتعداه إلى غيره إلا إذا صدقه الغير، أو ثبت بالبينة صحة الإقرار، ولكن لا يبطل حقها بالمهر والنفقة والسكنى.
وإذا كان الإقرار من جانب المرأة وحدها : فإن كان قبل الزواج فلا يحل لها أن تتزوجه، ولكن يحل له أن يتزوجها إذ وقع فى قلبها كذبها على المفتى به، لأن الطلاق له لا لها، والإقرار حجة قاصرة على المقر، ويحتمل أن يكون إقرارها لغرض خفى فى نفسها. وإن كان الإقرار منها بعد الزواج، فلا يؤثر الإقرار على صحة الزواج إلا إذا صدقها الزوج فيه.
ويجوز للمقر الرجوع عن إقراره مالم يشهد على إقراره، سواء قبل الزواج أم بعده، بأن يقول : كنت واهما أو ناسيا، لاحتمال أنه أقر بناء على إخبار غيره، ثم تبين له كذبه، فإن شهد على إقراره، لم يقبل منه الرجوع بعئذ، لوجود التناقض بين إقراره ورجوعه.
الشهادة أو البينة :
هى الإخبار فى مجلس القضاء بحق الشخص على الغير.
ويثبت الرضاع اتفاقا بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين من أهل العدلة.
ولا يثبت الرضاع عند الحنفية بشهادة رجل واحد أو امرأة واحدة أو أربع نسوة، ويثبت عند المالكية بشهادة أم الصغير فقط مع فشو الخبر، وبشهادة رجل وامرأة أو بشهادة امرأتين إن فشا الرضاع منهما أو من غيرهما بين الناس قبل العقد ( عقد الزواج).
ويثبت لدى الشافعية بشهادة أربع نسوةن، لاختصاص النساء بالاطلاع عليه غالبا كالولادة.
وتقبل عند الحنابلة شهادة المرضعة وحدها، لحديث عقبة بن الحارث المتفق عليه ( كيف وقد زعمت ذلك؟ وفى رواية النسائى ( كيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟!
الفصل الثالث : الحضانة :
ويتضمن ستة مباحث هى :
الأول : نعريف الحضانة وحكمها وصاحب الحق فيها
الثانى : ترتيب درجات الحواضن أو مستحقى الحضانة من النساء والرجال
الثالث : شروط استحقاق الحضانة أو شروط المحضون والحاضنة
الرابع : أجرة الحضانة
الخامس : مكان الحضانة والانتقال بالصغير إلى بلد آخر وحق غير احاضنة بزيارته
السادس : مدة الحضانة