بحث عن نظرة الإسلام إلى وقت الفراغ والترويح وضوابطه في المجتمع المسلم
نحاول هنا مناقشة مشكلة وقت الفراغ فالوقت جعله الله للاستفادة منه بدليل قوله تعالى " وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد ان يذكر أو اراد شكور (الفرقان 62) 00 ويقول الرسول صلى اله عليه وسلم " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال عن عمره فيم أفناه ، وعمل فيه 0 وعن ماله من اين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه " رواه الترمذي 00 وأخطر ما يتردد بين أفواه الشباب هي دعواه ط تعالوا نقتل الوقت فكل يوم تقتل فيه الوقت كأنك تقتطع جزءا من عمرك 00 وهنا نوجه نصيحة للأبناء لكي يحرصوا على شغل أوقات فراغهم فيما هو مفيد لهم ويستطيع كل شاب أن يشغل وقت فراغه في الأشياء المجدية والتي تنمي قدراته وترفع من روحه المعنوية وذلك حين يكتسب الجديد من القدرات والمعلومات فوقتك يا أخي الشاب هو رأس مالك فاحسن استثماره في القراءة وفي تلاوة القرآن وفي سماع الأشرطة المفيدة والبرامج التليفزيونية الهادفة وفي الزيارات للأصدقاء وفي صلة الرحم او عيادة المريض او في اللهو المباح وكذلك يجب ترك ما يضيع الوقت مثل الحديث الطويل مع الأصدقاء في التليفون او في الطرقات بدون هدف 000 كما يجب عليك أن تنظم وقتك بالصلاة حيث جعل الله الصلاة كتابا موقوتا ولذلك ننصحك بأن تجعل بدايات ونهايات الأعمال هي مراعاة مواعيد الصلاة وكذلك يجب ان تجعل لحياتك نظاما ولا تتركها تسير كما تشاء هي أو كما يشاء من حولك 00حدد أولوياتك واجعل وقتا لراحتك وأجل ما يستحق التأجيل للأوقات الأخرى حتى يكون لك برنامج يومي منظم تستطيع فيه ان تستفيد من كل وقت وكل دقيقة 0
ونوجه كذلك كلمة للآباء حول وقت فراغ البناء 00
1. يجب على الآباء تقبل أن أبنهم يحتاج لوقت مناسب يقضيه مع أصدقائه 0
2. يجب عليهم ان يكونوا على علم ودراية بسلوك وشخصية هؤلاء الأصدقاء وأماكن جلوسهم 00 لكن لا بد أن يهتموا بالمسائل الهامة ويتركوا المسائل الصغيرة لاولادهم0
3. يجب ان يترك الابن لكي يختار ما يفعله في وقت فراغه بنفسه 00 وان نقلل التوجيه ما أمكن ذلك وأن لا يسعى الآباء الى التحكم في نشاطه 0
4. الاسترخاء والراحة في وقت الفراغ أمر مطلوب ولا يعتبر خمولا ويجب التشجيع على الانتظام في الهوايات في النوادي والمخيمات 0
5. يجب تنمية الطاقة الإبداعية لدى الابن بإظهار الاهتمام بهواياته والإجابة عن أسئلته ووضع برامج لتنمية تلك الهوايات وتشجيعه على الاستمرار في ممارسة تلك الهوايات 0
6. يجب كذلك الاهتمام بتشجيع الأبناء على الانتظام في دروس القرآن في المساجد وعمل مكافأة مجزية لكل جزء يحفظه الابن حتى ننمي لديه حب الحفظ والانتظام في تلاوة القرآن وأخيرا إذا نجحنا في تحقيق التوازن الدقيق بين روح اللهو والاسترخاء وبين ممارسة الرياضة والقراءة وحفظ القرآن فأننا بذلك نكون قد استطعنا نتغلب على مشكلة أوقات الفراغ 0
ويمكننا القول أيضا :
إن أوقات الفراغ إذا لم يُخطط لها بشكل صحيح، بحيث يكون عطاؤها إيجابيًا، يضمن سلامة الفرد والمجتمع، فسوف تنتهي إلى مسالك الانحراف التي يدمر الإنسان فيها ذاته ومجتمعه، لذلك فالعلاقة قد تكون تلازمية بين أوقات الفراغ وما قد تنتهي إليه من الضياع الذي يؤدي إلى الانحراف.
وقد عزت بعض الأدبيات التي تناولت الانحراف بشكل عام وانحراف الأحداث بشكل خاص، أسباب ذلك إلى البيئة الأسرية وما يكون فيها من تفكك أسري، أو سوء تنشئة.. إلى غير ذلك. وهناك من عزاها إلى جماعة الرفاق وأثرها على الحدث، وما ينتج عنها من مخالطة واكتساب لقيم ومعايير تلك الجماعة، ومدى تقمص الحدث لتلك المعايير، ومن ثم ترجمتها إلى سلوك عملي.. في حين أرجعت أدبيات أخرى أسباب الانحراف إلى الظروف الاقتصادية لأسر الأحداث، بينما أكد آخرون أن انحراف الأحداث إنما يعود بدرجة كبيرة إلى ( وقت الفراغ) الذي يعيشه الحدث، باعتبار أن ذلك الوقت يهيئ المناخ المناسب للانحراف من خلال ما يمارس فيه من أنشطة قد تكون سلبية، أو انحرافية.
وذكر بعض الباحثين أن مكان قضاء وقت الفراغ ونوعية المشاركين للحدث في قضاء ذلك الوقت، يعدان عاملين من عوامل الانحراف، فقد أشارت بعض الدراسات التي أجريت في بعض الدول العربية عن متعاطي المخدرات، إلى أن أغلبهم كانوا يشغلون وقت فراغهم، إما في الطرقات العامة، أو في الجلوس في المقاهي الشعبية عندما كانوا في مرحلة الشباب من عمرهم(1).
وقت الفراغ: من العوامل الأساسية التى تؤدى غالباً إلى انحراف الشباب عدم الاستفادة من وقت الفراغ الذى يتحكم فى الأحداث والمراهقين. ومن المعلوم أن الولد منذ نشأته مولع باللعب، ميال إلى المغامرة، محب للفسحة والتمتع بالمناظر الطبيعية، فيجب على المربين أن يستغلوا هذه الظاهرة فى الأطفال، وإلا فإنهم سيختلطون غالباً بقرناء سوء، ورفاق شر، ويؤدى حتماً إلى شقائهم وانحرافهم. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :”نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ” (البخارى فى صحيحه 5/2375، كتاب الرقاق، 1407).
من المشكلات الأساسية التي يعاني منها شبابنا - بصفة خاصة - والشباب العالمي بصفة
عامة مشكلة قضاء وقت الفراغ . وتزداد هذه المشكلة تفاقماً بإرتفاع مستوى المعيشة
وبتحول أعداد كبيرة من الأطفال والمراهقين والشباب إلى التعليم . كذلك تزداد هذه
المشكلة حدة بضعف سلطان الأسرة وإنشغال كل من الأب والأم بالعمل خارج المنزل .
الأمر الذي يجعل من الضروري التفكير في حلها ووضع أيدينا على الأسباب المؤدية
إلى نشأة هذه المشكلة وكذلك التعرف على الأضرار التي قد تنجم عنها .
الأضــــرار :
يؤدي وجود وقت متسع من الفراغ لدى أعداد كبيرة من الشباب إلى الإنخراط اللهو
والعبث والجلوس على المقاهي أو التسكع في الشوارع والطرقات . ومثل هذه الحالة
من اللامبالاة واللاجدية قد تنمي في الشاب عادة الإهمال ، وقد تدفعه نحو الإنحراف
والضياع ، إلى جانب عدم الإستفادة من وقته ، وعدم استغلاله أو استثماره استثماراً مفيداً .
والوقت كما يقولون من ذهب . ومن شأن وجود وقت كبير من الفراغ أن ينمي عادات سلبية
كالكسل والتراخي ، وكما يقول المثل الانجليزي السائر بأن الشيطان يجد عملاً للأيدي العاطلة لكي تعمل .
كذلك فإن الفراغ قد يدفع الشاب إلى التورط في بعض الجرائم . وضياع وقت الشاب سدى
يجعله يفقد قيمة فترة حاسمة وهامة من حياته وهي فترة المراهقة والشباب ، تلك الفترة التي
يتعين أن تكون فترة إعداد واكتساب للخبرات والمعارف والمعلومات والتكوين العلمي والخلقي
والمهني والإجتماعي للشباب . وعدم إستغلالها يجعل الشاب متاخراً في الوصول إلى حالة النضج
والرجولة . ونعني بذلك النضج الجسمي والروحي والعقلي والنفسي والاجتماعي والخلقي ،
مع الاستقلال الاقتصادي ، وتكوين الشخصية الاستقلالية التي تعتمد على نفسها . ولا شك
أن للفراغ والبطالة آثاراً عميقة مباشرة وغير مباشرة يستطيع أن يدركها المتصفح الكريم بخياله
وبصيرته . ومن الأهمية أن نتأمل سوياً في الأسباب التي تؤدي إلى وجود هذه المشكلة وأساليب علاجها
الأسباب وطرق العلاج :
لا شك أن هذه الأسباب تربوية في جوهرها ، لأن انعدام التوجيه الديني والروحي والخلقي
والتعليمي من شأنه أن يُعرض الشاب للمعاناة من مشكلة قضاء وقت الفراغ حيث لا تنمو
عنده القدرات والمهارات والعادات النافعة التي تجعله يحسن استثماروقته ليقضيه فيما ينفعه
وينفع الناس .
كذلك فإن عدم توافر الإمكانات والأنشطة الرياضية والثقافية والكشفية والترويحية والترفيهية
والاجتماعية يكمن وراء ظهور هذه المشكلة ، كذلك فإن عدم وجود أعداد كافية من الأندية
الرياضية والأدبية والثقافية والساحات الشعبية والمؤسسات الشبابية ، مسؤل عن نشأة هذه
المشكلة . كذلك فإن انتظار الالتحاق بالوظيفة بعد التخرج - في بعض البلدان العربية -
يعرض الشاب للمعاناة من البطالة والفراغ حتى يصيبه الدور في التعيين والالتحاق بعمل ما
هذه بعض العوامل التي قد تقود إلى المعاناة من وقت الفراغ ، أما عن الأساليب التي يمكن
استخدامها في العلاج فهي كثيرة ومتعددة .
طرق وأساليب العلاج :
يمكن القضاء على هذه المشكلة عن طريق ما يعرف باسم عملية التسامي أو الإعلاء بدوافع
الفرد وغرائزه ، والسمو بها من صورتها البدائية والفجة والحيوانية أو الشهوانية إلى صور
راقية وحضارية ونافعة من التعبير أو الاستغلال . ومؤدّى ذلك أن تتاح الفرصة للمراهق مثلاً لكي
يصرف فائض طاقته وحيويته الجسمية والذهنية في الأنشطة النافعة والبناءة والإيجابية التي
تصقل شخصيته وتنمي قدراته ومواهبه ، وتنفع المجتمع الذي يعيش فيه ، ومن ذلك ممارسة
النشاط الرياضي الذي يبني الجسم والعقل ، والاشتراك في مشروعات الخدمة العامة ،
والتطوع في أعمال الخير والبر والإحسان كجمع التبرعات للعجزة والأيتام أو الجرحى والمرضى
أو الاشتراك في مشاريع محو الامية أو في نظافة الحي الذي يعيش فيه المراهق أو الاشتراك
في أسبوع المرور . كذلك يمكن تنظيم المسابقات العلمية والادبية للشباب وتشجيعهم على
حفظ القرآن والتفقه في أمور دينهم
كذلك يمكن تشجيع الشباب على العادات الطيبة والإيجابية كحب القراءة والبحث والتنقيب
والاطلاع ، كذلك الاشتراك في الرحلات العلمية والاستكشافية للتعرف على معالم المجتمع
القديمة والحديثة . ويمكن تدريب الشباب على تعلم الهوايات النافعة التي يستثمرون فيها أوقاتهم .
كذلك يمكن تنظيم معسكرات للعمل في أثناء الإجازات الصيفية للإستفادة من طاقات الشباب
في أثناء هذه العطلة.
كذلك يستطيع المجتمع أن يوفر للفتاة فرص تعليم الحياكة أو الخياطة و التمريض والتطريز
وأشغال الأبرة والتدبير المنزلي ، مما يمتص طاقتها ويعود عليها أسرتها بالنفع ويتطلب حل هذه المشكلة التوسع في إنشاء الأندية وتدعيم القائم منها حاليا ً.
وهناك فئة من الناس رغم اشتغالها إلا أنها تعاني من مشكلة قضاء وقت الفراغ حيث ينتهي
دوام اعمالها ويتبقى قسط كيبر من الوقت بلا عمل . وينصح مثل هؤلاء بالبحث عن أعمال إضافية ،أو الانخراط في بعض الدراسات المسائية ، أو الاشتراك في الأندية الرياضية أو الأدبية ، أو التطوع للعمل الخيري كمحو الأمية ، أو حل مشكلات الحي ، كذلك فمن الممكن أن يفتتح الواحد منهم مشروعاً استثمارياً صغيراً يملأ وقته ويعود عليه بالنفع العام.
الفراغ والقيم الاجتماعية :
إن عالم اليوم هو عالم الفراغ كما يصف (كينيث روبرتز) ذلك في كتابه المعروف عن الفراغ، وأصبحت هناك علاقة بين ممارسة النشاطات الترويحية أو نشاطات الوقت الحر وبين القيم التي تتأسس عليها، وتترسخ هذه العلاقة اكثر كلما كان المجتمع اكثر اقتراباً من الصناعة والتكنولوجيا الحديثة، بينما تكاد تنعدم تماماً في البلدان المتخلفة، حيث المجتمعات فيها لا تفرق بين وقت الفراغ ووقت العمل لبساطة الأساليب المعتمدة في العيش، ومنها المجتمعات الزراعية والرعوية والبدوية، وقد تترتب نتائج مستقبلية على طريقة تعامل المجتمعات الحديثة مع الوقت الحر، بحيث يحصل التغير الاجتماعي الذي يوجه المجتمع إيجابيا من خلال تعامله مع عنصر الزمن، أو يركسها بحيث لا تعود قادرة على النهوض ثانية، وهناك أمثلة عديدة في هذا المجال منها، صورة المجتمع السوفياتي السابق، الذي كان لا يهرب من عبء العمل وضغوطه فحسب بل ومن حالة القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فظهرت طوابير من المعتوهين والمدهنين شكلت سمة واضحة لبعض المجتمعات التي تعيش ضمن هذه البقعة الجغرافية الكبيرة وربما يكون ذلك أحد أسباب الانهيار الكبير الذي حصل في بنية السياسية والاجتماع السوفياتي وبالتالي إلغاء كيانه الموحد من على خارطة العالم.
أما عالم الرأسمالية اليوم فهو أكثر عرضة للسقوط الاجتماعي عدا الأنواع الأخرى من السقوط، إذا ما قسناه ببنية المجتمعات الاشتراكية السابقة، وتبقى كلمات منظري المجتمع الرأسمالي حبراً على ورق، فهذا المجتمع يعيش أزمة دائمة ومأزقا يكاد يكون مقفلاً حتى أنهم ـ أي هؤلاء المنظرين ـ سلّموا بأن الفراغ هو النظام الأساسي في المجتمع المعاصر وأنه هو الذي يشكل أسلوب الحياة ككل والاتجاهات التي تطورها كما يقول دي مازدييه في كتاب (الفراغ). ولا شك فإن هذه النتجية خطيرة جداً إذا ما عرفنا أن المجتمع الأمريكي مثلاً ـ يحدد وقته الحر بنشاطات غير قادرة على تطور مجتمعه ثقافياً أو سياسياً، وعلى العكس من ذلك المجتمع الياباني الذي قفز خطوات كبيرة في سبيل إنماء ثقافته وتطورها عبر وسائل خفضت من وقت الفراغ الحر، وطورت أساليب العمل بإدخال بعض الوسائل التي يجهلها المجتمع الغربي، كالفترات الرياضية ضمن ساعات العمل مثلاً والتي تتيح للعامل قابلية الاستمرار على عمله دون الإجهاد والتعب وإعاقة قدراته الجسمية والروحية.
علاقة الفراغ بأنظمة المجتمع الأخرى
ربما لا يعير الكثيرون منا معرفة بعض المنظمات الخاصة بالفراغ وتنظيمه أية أهمية، وذلك يعود لعدم الاهتمام بالعمل فضلاً عن الفراغ، إلا أن التنظيم الذي وصل إلى حد إصدار ميثاق خاص سمي بـ(ميثاق الفراغ) (charter for leisure) يجعل من هذا الحقل الاجتماعي، مثاراً للاهتمام، وقد تبنت إصدار هذا الميثاق منظمة تطلق على نفسها (المنظمة العالمية للفراغ والترويح) ومؤدى فقرات هذا الميثاق، هو الاستفادة بأقصى ما يمكن لاستغلال الفراغ وتطوير أساليب الاستفادة الشخصية منه ومما جاء في مقدمة الميثاق.
إن وقت الفراغ هو تلك الفترة الزمنية التي تكون تحت التصرف الكامل للفرد بعد أن يكون قد انجز عمله، وأوفى واجباته الأخرى، ويعتبر استخدام هذا الوقت أمراً ذا أهمية حيوية.
وفي مقطع آخر من هذا الميثاق (إن الفراغ والترويح يخلقان أسساً ملائمة للتعويض عن كثير من المطالب التي تفرضها الحياة الحاضرة على الإنسان، والأهم من ذلك أنهما يتيحان فرصة إثراء الحياة من خلال المشاركة في الاسترخاء الجسمي، والرياضة البدنية، ومن خلال الاستمتاع بالفن والعلم والطبيعة، فالفراغ هام في كل جوانب الحياة سواء كانت حياة حضرية أم ريفية وتتيح أنشطة الفراغ للإنسان فرصة تنشيط مواهبه الأساسية والنمو الحر للإرادة والذكاء والشعور بالمسؤولية فساعات الفراغ فترة من الحرية حينما يكون الإنسان قادراً على دعم قيمه ككائن بشري وعضو منتج في مجتمعه. وتلعب أنشطة الفراغ والترويح دوراً هاماً في إرساء العلاقات الطيبة بين شعوب وأمم العالم).
وتؤكد الفقرات السبع على أن استغلال الفراغ هو مسؤولية الأفراد والمجتمع والسلطات الرسمية بحيث يجعل منه نظاماً اجتماعياً قادراً على فتح آفاق خلاقة في حياة الإنسان.
وللفراغ وكيفية التعامل معه علاقة بالطبقة الاجتماعية والمكانة المهنية كما صنفت ذلك نظرية طبقة الفراغ (theory of the leisure class) (لفيبلن) والذي ميز بين الطبقات المكتفية اقتصادياً والتي تنفرد بأقصى استغلال ممكن لوقت الفراغ وبين الطبقات الأخرى التي تقع دون هذه الطبقة، وظلت آراء فيبلن سائدة إلى ما بعد عصر النهضة وتغير الكثير من النظم الاجتماعية بما فيها الفراغ، إلا أن الدراسات قديمها وحديثها تجمع على الارتباط النسبي بين المستويات الطبقية وبين ممارسة أي نوع من نشاطات الفراغ كما أوضحت دراسات لكود وايت وساكسون جراهام وجويل كريستل وليونارد ريزمان وغيرهم، وكلها تؤكد على هذه العلاقة الطبقية باستخدامات الفراغ.
كما أن هناك ارتباطات أخرى بين الفراغ والنظام الاقتصادي والنظام الأسري والديني والأخلاقي للمجتمع وكذلك في الأنظمة التعليمية والتربوية واختلافها من بلد إلى آخر ومن نظام سياسي إلى غيره.
وقت الفراغ أم وقت العمل:
وبعد الاستعراض لمفهوم (الفراغ) وتصنيفاته نلاحظ شبه إجماع على أن تسمية هذا الوقت الحر بالفراغ لا يتعدى كونه اصطلاحاً مجازياً، فهو وقت حر لممارسة أعمال نافعة للإنسان، ومع أن هذه الأعمال شخصية الطابع إلا أنها بالمجموع تشكل نشاطاً جماعياً قادراً على إعطاء الحياة قيمتها الحقيقية.
ومن أجمل ما يمكن إيراده هنا هو قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب… (الدنيا ساعة) في مورد حديثه عن طاعة الله سبحانه وتعالى فيها، ولو اقتطعنا كل أوقات الإنسان الأخرى بعملية حسابية بسيطة لوجدنا أن فراغه لا يتعدى هذه الساعة الزمنية. فمعدل ساعات نوم الإنسان في حياته هي نصف سنوات عمره المفترض (بحساب سنوات طفولته) ومعدل ساعات عمل نهاره هي ثلثا نهاره أما الثلث الباقي فينقسم إلى قسمين، الأول لقضاء حاجاته الفسيولوجية والقسم الثاني هو الساعة المتبقية والتي يجب أن لا يبخل بها في طاعة الله تعالى، والذي خلقه فقال، ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) فأين الفراغ؟
المصادر من الانترنت :