تعليم ، كتب ، الرياضة ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات ، أدب وشعر ، الهندسة الإلكترونية بكل أنواعها ، اللغات ، التعليم التقني والجامعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style
date الإثنين 15 مايو - 11:57
date الإثنين 8 مايو - 22:14
date الأحد 19 أغسطس - 16:42
date الأحد 19 أغسطس - 15:17
date السبت 18 أغسطس - 17:10
date السبت 18 أغسطس - 17:00
date السبت 18 أغسطس - 16:56
date السبت 18 أغسطس - 14:52
date السبت 18 أغسطس - 10:07
date الخميس 16 أغسطس - 17:02
date الخميس 16 أغسطس - 16:54
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:13
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:08
date الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style

شاطر
 

 بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية  Empty
مُساهمةموضوع: بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية    بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية  Emptyالجمعة 24 مارس - 14:59

المملكـــــة العربيــــــة الأردنيـــــــة
جامعـــــة اليرمـــــــــــوك - الأردن
أردبـــــــد
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية


بحث بعنوان 
السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية


إعــداد
أ.د. هناء يحيى أبو شهبة
أستاذ علم النفس ورئيس شعبة الطفولة
وعميدة كلية الدراسات الإنسانية بنات القاهرة سابقاً



ومقـدم إلى 
مؤتمر السنة النبوية والدراسات المعاصرة 
17-18 إبريل 2007
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعـــــة اليرمـــــــــــوك - الأردن
أربدد 
السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية
أ.د. هناء يحيى أبو شهبة
أستاذ علم النفس ورئيس شعبة الطفولة
وعميدة كلية الدراسات الإنسانية بنات القاهرة سابقاً
مقدمــــــــــة: 
من المتعارف عليه أنه مهما اختلفت عقائد المتدينين، فهناك ميل فطرى للتدين،أى فى الاعتقاد بوجود قوة فوق القوى الطبيعية مسيطرة عليها وعلى القوى البشرية، وإن هذه النزعة إلى التدين قديمة لدى الإنسان وترمى إلى قيادة السلوك الإنسانى وتنظيمه. 
ويستطيع الباحث النفسى دراسة الدين ليس من أجل المراهنة على مصداقيته أو عدمه، بل لأنه يرتبط بانفعالات وإدراكات الإنسان، وهناك تشابه بين اهتمامات رجل الدين واهتمامات الباحث النفسى فرجل الدين يهتم اهتماماً شديداً بالمعتقدات الخاصة بدين ما يدينه ودين الآخرين، لأن ما يهمه هو حقيقة اعتقاده فى مقابل اعتقاد الآخرين،وكذلك فالباحث النفسى يهتم اهتماماً شديداً بالمضامين الخاصة بالدين، لأن ما يهمه هو الموقف الإنسانى الذى يعبر عنه الدين، ومدى تأثيره على الإنسان، وهل هذا التأثير حسن أم سيئ على تنمية قوى الإنسان، وهو لا يهتم بتحليل الجذور النفسية للأديان المختلفة فحسب، بل يهتم أيضاً يقيمتها. 
ويقصد بالدين لغوياً: الجزاء والمكافأة تقال (دانه) بدين (دينا) أى جازاه، ويقال (كما تدين تدان) أى تجازى بفعلك وبحسب ما عملت، ومنه (الديان) فى صفة الله و (الدين) أيضاً الطاعة تقول (دان) له بدين (ديناً) أى أطاعه ومنه (الدين) والجمع أديان ويقال دان بكذا ديانه فهو دين و (تدين) به فهو (متدين) و(دينه تديناً) وكله إلى دينه. 
(مختار الصحاح، 1984 ، ص 218) من (رشاد عبد العزيز وآخرون 1993) 
وبالإضافة إلى ذلك يقصد بالدين لغوياً: (الديان) من أسماء الله عز وجل معناه الحكم القاضى، و(الديان) القهار وقيل : الحكم والقاضى، وهو فعّال من دان الناس أى قهرهم على الطاعة، و(الدين) الجزاء والمكافأة، ودنته بفعله دينا: جزيته ، ويوم الدين: يوم الجزاء، ودانه ديناً أى جازاه، والدين: الجزاء، والدين: الحساب، ومنه قوله تعالى:- (مالك يوم الدين) سورة الفاتحة. 
(لسان العرب، د.ت، ص ص 1043-1045) من (رشاد عبد العزيز وآخرون، 1993)
حيث وردت كلمة الدين بجميع المعانى السابق ذكرها فى آيات القرآن الكريم قال تعالى:: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (الفاتحة:4) وقال تعالى يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ (البقرة: 132) لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ (البقرة:56) إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإسْلامُ (آل عمران:19). 
وقد ظهر علم النفس الدينى وانضم إلى فروع علم النفس الأخرى فى السنوات الأخيرة فى الثقافة الغربية، ثم زحف إلى ثقافتنا الشرقية الإسلامية.وظهر علم النفس الدينى (الإسلامى) بظهور أول طبعة لكتابى القرآن وعلم النفس (1982) والحديث النبوى وعلم النفس (1989) لعثمان نجاتى ثم دراسات فى علم النفس الإسلامى محمود البستانى (1988) كما كان هناك محاولات كثيرة لأساتذة علم النفس بجامعة الأزهر لإخراج علم نفس إسلامى على مستوى الدراسات النظرية والتطبيقية كدراسات سعيدة أبو سوسو وهناء أبو شهبه ورشاد موسى وآخرون. 
ولقد سبقت الشريعة الإسلامية علماء الغرب الذين عرفوا علم النفس والشخصية الإنسانية أمثال جوردن آلبورت Gordon- allport وفرويد fraud (1856-1939) وكارل يونج Carl yong (1875 -1961)، ألفرد آدلر alfreid adler (1870-1937). 
لأن هناك مئات الآيات القرآنية التى أشارت إلى النفسي فى سوائها ومرضها فقد وصف الله سبحانه النفس السوية الناضجة حينما تودع حياتها الدنيوية ذاهبة إلى الله سبحانه فى قوله تعالى يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وادْخُلِي جَنَّتِي (الفجر 27-30) 
فقد وصفها الله بالاطمئنان وعدم الخوف لأنها اخلصت فى تقربها لله تعالى بالعبادات والأعمال الصالحة والابتعاد عن كل ما يغضب الله وتحكمت بقوة فى أهوائها وشهواتها. 
وقد دعى الله سبحانه فى آيات القرآن الكريم دعوه صريحة للبحث فى النفس الإنسانية، ودراستها دراسة علمية تعتمد عى الملاحظة والتفكير كما فى قوله تعالى:  أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم (الروم:Cool
وتعتبر الصحة النفسية من أهم فروع علماء النفس التى وجه إليها علماء الغرب اهتمامهم فى أواخر القرن العشرين. وأصبحت الشخصية- ينظر إليها نظره شمولية كلية عند دراستها لبيان مدى سوائها من عدمه، وهذه النظرة الكلية استمدها علماء نفس الشخصية من علماء النفس الألمان أمثال فرتهيمر وكوفكا وكهلر أصحاب نظرية الجشتالت فى التعلم، والتى من أهم قوانينها أن الكل أسبق فى إدراكه عن الجزء- ولو طبقنا تلك النظرية على الشخصية، فسوف نقول أننا ندرك شخصية الإنسان بصورة كلية شمولية دون أن نتناول جانباً واحداً أو سمه واحدة، على اعتبار إن الإنسان يعمل ويستجيب ويتفاعل بطريقة تجعل كل أجهزته البدنية والنفسية تتآذر وتتناغم فى تفاعلاتها معا بحيث تحدد سلوكه وتشكل استجاباته، بطريقة قد تجعل كل فرد يتميز بها عن سائر الأفراد من بنى البشر. 
إلا أننى أرى نتيجة خبرتى فى مجال الصحة النفسية أن هناك دعامتين أساسيتين أو جانبين رئيسيين تعتمد عليها الشخصية، حيث يقع تحت مسئوليتهما جميع أنماط السلوك الإنسانى- سواء كان سلوكاً داخلياً (التخيل – التفكير- الفهم ....) أو سلوكاً خارجياً (التعبير بالحركة عن الغضب والعدوان... الخ) وسواء كان سلوكا سوياً أو سلوكاً غير سوى. 
هذين الجانبين أو الدعامتين هما الجانب العقلى وما يتضمنه من ذكاءات وقدرات- وسمات عقلية يتسم بها وتمتلكها الشخصية، والجانب الوجدانى وما يحتويه من صراعات شعورية، وانفعالات وعواطف ومشاعر سلبية وإيجابية) يعبر عنها بأنماط سلوكية مختلفة، وفى حالة نضج هذين الجانبين وتوازنهما يحدث توافق نفسى واجتماعى للفرد مع نفسه ومع الآخرين ومع هذين النوعين من التوافق هما مؤشران هامين من مؤشرات الصحة النفسية ويمكن تمثيل ذلك بالرسم التالى: 





وقد أشارت السنة النبوية لهذين الجانبين الهامين فى الإنسان باعتبارهما أساس السلوك السوى والسلوى اللآسوى فعلى الجانب الوجدانى الذى دائماً نعبر عنه بالقلب يقول  (الاوان فى الجسد مضفه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، إلا وهى القلب)( ).
وقد أشار الرسول¬  بالجانب العقلى والوجدانى فى وقت واحد فى قوله للأشج اشج عبد القيس: 
(إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناه)( ) وقال النووى فى شرحه لهذا الحديث: إن الحلم هو العقل، وإن الاناه التثبيت وترك العجلة وهى من حبات الجانب الوجدانى وهو ضبط وثبات الانفعالات والعواطف. فالعقل يضفى على صاحبه من الصفات الحميدة ما يجعله محبوباً من الله تعالى ورسوله  والمؤمنون لأنه يهدى صاحبه إلى الحق والخير وينأى عن الضلال والشر.
وقد سبقت السنة النبوية علماء نفس الغرب بقرون، فى توجيه الإنسان إلى السواء والصحة النفسية، فهناك العديد من الأحاديث النبوية التى تناولت النفس محاولة إقناعها، وإصلاحها، وتطورها من أجل أحداث توازن على الجانبين العقلى والوجدانى حتى يحدث التوافق النفسى، أى توافق الفرد مع نفسه، والتوافق الاجتماعى أى توافقه مع الآخرين، حيث يعتبر توازنهما أهم دعائم الصحة النفسية.
مشكلة الدراسة: 
طرأت مشكلة الدراسة الحالية نتيجة ما يأتى:- 
1- أشارت معظم نتائج البحوث التطبيقية فى مجال علم النفسى الإسلامى كدراسة هناء أبو شهية (1990) للاتجاهات الوالدية نحو تربية الأنباء تربية إسلامية كما يدركها الأنباء الذكور والإناث، ودراسة هناء أبو شهية (2004) لمدى فاعلية برنامج إرشادى نفسى دينى لتخفيف مشكلات المراهقات الجامعيات. ودراسة سعيدة محمد ابو سوس (1989) لاثر التدين على المخاوف لدى الفتيات الجامعيات، إلى أهمية استخدام علم النفس الإسلامى فى جميع فروع علم النفس وخاصة فى مجال الصحة النفسية. 
2- شهد المجتمع العربى الإسلامى تغيرا كبيراً فى الثقافة التى يتلقاها الأطفال والشباب، بسبب العولمة حيث أصبح العالم قرية صغيرة مما عرضهم للصراع الحضارى الثقافى والقيمى نتيجة رؤيتهم للقنوات الفضائية والمواقع الإباحية على الانترنت والذى يؤدى بدوره إلى اضطرابات نفسية لديهم، مما يجعلهم فى حاجة ماسة للسنة النبوية لتوجيههم الوجهة الصحيحة. 
3- هناك قصور بحثى فى الدراسات والبحوث التى اهتمت بالإسلام والصحة النفسية وخاصة فيما يتعلق بدور السنة النبوية وتوجيه المسلم للتوازن النفسى أو الصحة النفسية. 
أهمية الدراسة: 
تقدم هذه الدراسة للمكتبة العربية السيكولوجية والمكتبة العربية للدراسات الإسلامية تراثا سيكولوجيا إسلامياً، خاص بالسنة النبوية المطهره فى تناولها لفرع هام من فروع علم النفس الحديث وهو الصحة النفسية حيث، يضم مؤشرات وأساليب وطرق توجيه المسلم لكى يتمتع بصحة نفسية متوازنة على ضوء ما جاء بالسنة النبوية.
الهدف من الدراسة: 
الكشف عن الدلائل من السنة النبوية المطهرة التى تشير إلى أن السنة النبوية، قد سبقت علماء نفس الغرب، فى وضع منهج تربوى وقائى للنهوض بالشخصية الإنسانية على الجانبين العقلى والوجدانى، وما يعبران عنهما من سلوكيات سوية متزنه تصل بصاحبها إلى التوازن النفسى والصحة النفسية. 
مصطلحات الدراسة: 
السنة النبوية: متمثلة فى الأحاديث الصحيحة كصحيح البخارى ومسلم وكتب السنة لأبى داود، والترمذى والنسائى، وابن ماجه، ومسند أحمد، والدارمى. 
الصحة النفسية : Mental Health 
هى التوافق التكيفى التام أو الكامل بين الوظائف النفسية المختلفة، والقدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التى تطرأ على الإنسان مع الإحساس بالسعادة والرضا، لتأكيده لذاته، واستقلاله لقدراته وامكانياته بصورة إيجابية يرضى عنها وتتفق مع فكرة وعقيدته. 
(هناء أبو شهبة،2003)
المقصود بالجانب العقلى من الشخصية فى هذه الدراسة: هو مجموعة – الذكاءات المتعددة [الذكاء العام- العملى – والعلمى – اللفظى- النظرى- الاجتماعى- الوجدانى - ...الخ] القدرات- التفكير- القدرة على المثابرة ومقاومة الدوافع الملحة سواء الفسيولوجية الفطرية أو المكتسبة الإرادة القوية فى أداء العبادات القدرة الإيمانية- بعض السمات العقلية [الثقة بالنفس- الاعتماد على النفس- الشعور بالمسئولية- تأكيد الذات والاستقلال فى الرأى – الصبر]. 
المقصود بالجانب الوجدانى من الشخصية فى هذه الدراسة: هو كل ما يخص الحالة الشعورية سواء كانت حالة إيجابية أو سلبية، كالصراعات النفسية- مشاعر الأمن النفسى الرضا والسعادة – الانتقالات السلبية الغضب – الخوف- الكبر – العجب بالنفس والعواطف السلبية الكراهية- الحسد- الغيرة- وكذلك الانفعالات الإيمانية الخوف من الله- والعواطف الايجابية كعاطفة الحب. 
أولاً: الدراسات السابقة التى تناولت إعداد برامج الإرشاد والعلاج النفسى الدينى الإسلامى: 
دراسة إسعاد عبد العظيم البنا (1990) 
وهدفت الكشف عن مدى فاعلية أسلوب- الأدعية والأذكار- كأحد طرق العلاج الدينى، فى خفض مستوى القلق، وعما إذا كانت تلك الفاعلية بزيادة عدد الجلسات العلاجية، لتحقيق هذا الهدف فقد استخدمت الباحثة مقياس القلق الصريح لتبلور وتم تطبيقه على عينة من 20 طالبة يعانين من القلق قبل البرنامج العلاجى وبعده الذى استغرق 16 جلسة بواقع ساعة لكل جلسة. وأسفرت النتائج عن صلاحية البرنامج الدينى بالأدعية والأذكار فى تخفيف القلق عند الطالبات. 
دراسة محمد على حسين عمار(2001). 
لأثر برنامج إرشادى نفسى- دينى لتخفيف بعض الأعراض الاكتئابية لدى عينة المراهقين من طلاب الثانوية العامة مستخدماً مقياس بيك للاكتئاب بالإضافة للبرنامج الأرشادى على عينة تراوحت أعمارهم من (18: 16) عاماً اختبر منهم 60 طالباً مرتفعى الدرجة على مقياس الاكتئاب وتم تقسيمهم إلى مجموعتين أحداهما تجريبية والأخرى ضابطة، وقد أسفرت النتائج عن صلاحية البرنامج الإرشادى النفسى الدينى فى تخفيف الأعراض الاكتئابية لدى المراهقين المكتئبين. 
دراسة هناء يحيى أبو شهبة (2004). 
بهدف اختبار فاعلية برنامج إرشادى نفسى دينى لتخفيف الأحساس بالمشكلات لدى المراهقات الجامعيات مستخدمة قائمة للمشكلات 100 عبارة من أعدادها، وتضمنت المشكلات: (الوجدانية- الأسرية – الجسمية- الجنسية- الدينيةو الخلقية)، كما أعددت برنامج إرشادى نفسى دينى من منظور إسلامى اعتمدت فى إعداده على مبادئ ومفاهيم وقيم دينية وخلقية مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مطبقة على 400 طالبة بكليات البنات وطبقته بجامعة الأزهر بنات القاهرة، وقد أسفرت النتائج عن صلاحية البرنامج فى تخفيف الإحساس بالمشكلات على عينة الدراسة. 
ثانياً: الدراسات السابقة التى تنازلت القيم الدينية والخلقية والاتجاهات الوالدية فى التربية والتوافق الزواجى فى ضوء الإسلام. 
دراسة سعيدة محمد أبو سوسو (1986) لاثر التمسك بالقيم الدينية والخلقية على التوافق النفسى والاجتماعى وقد افترضت الباحثة وجود فروق دالة من الطالبات المتمسكات بالقيم الدينية وغير المتمسكات فى التوافق المنزلى- الصحى – الاجتماعى والانفعالى. مستخدمة معيار هيوم بل للتوافق – تعريب محمد عثمان نجاتى، وباستخدام مقياس القيم الفارق البعد الخاص بالتشدد فى الخلق والدين، على عينة من طالبات الجامعة حيث أخذت درجات الرباعى الأعلى وقارنته بدرجات بالرباعى الأدنى فى القيم الدينية فى أبعاد مقياس التوافق (المنزلى-الصحى- الاجتماعى والانفعالى). وأسفرت النتائج عن تمتع الطالبات الأكثر تمسكاً بالقيم الدينية بالتوافق النفسى بأبعادة الأربعة . 
دراسة سعيدة محمد أبو سوسو (1989). 
لاثر التدين على المخاوف لدى الطالبات الجامعيات مستخدمة مقياس التدين من إعدادها ومقياس المخاوف تعريب جابر عبد الحميد على عينة من ربعمائة طالبة بكلية الدراسات الإنسانية بنات القاهرة. مفترضة أن الطالبات الأكثر تديناً أقل تخوفاً وأسفرت النتائج عن صحة فروضها حيث كانت الطالبات الأكثر تديناً أقل تخوفاً فى كثير من متغيرات الخوف من المرض – الموت- المستقبل- الوحدة ... الخ. 
دراسة سعيدة محمد أبو سوسو (1991). 
لسمات شخصية الطفل المسلم حيث قارنت بعض السمات الإيجابية لشخصية الطفل المسلم باستخدام مقياس من إعدادها بين تلاميذ الابتدائى الأزهرى والابتدائى العام على عينة من ربعمائة تلميذ وأسفرت النتائج عن تمتع التلميذ الأزهرى بسمات شخصية الطفل المسلم بصورة أكبر من تلميذ الابتدائية العامة خاصة فى تحمل المسئولية- الصدق- التعاون- الالتزام ... الخ. 

دراسة هناء يحيى أبو شهبة (1990). 
الاتجاهات الوالدية فى تربية الطفل من منظور إسلامى كما يدركها الأبناء الذكور والأناث حيث أعدت مقياساً فى الاتجاهات الوالدية فى التربية مستمد أبعاده من القرآن والسنة تناول التربية الإيمانية والخلقية والاجتماعية والنفسية والجسمية والعقلية، مستعينة بأسلوب القدوة والملاحظة والموعظة والثواب والعقاب وطبقته، 150 طفلاً لأبناء السيدات العاملات وغير العاملات والمحجبات وغير المحجبات فى أعمار تتراوح من "14-18عاماً" 72 ذكراً و 78 أنثى. وأشارت النتائج إلى أن أبناء المحجبات كن أكثر اتجاهاً نحو تربية الطفل من منظور الإسلام عن غير المحجبات، كما اشارت النتائج إلى أن الأمهات العاملات كن أكثر اتجاهاً نحو تربية الطفل تربية إيمانية وخلقية من منظور الإسلام عن غير المعاملات. 
دراسة سعيدة محمد أبو سوس (2001) 
للحاجات النفسية للمرأة المصرية وعلاقتها بالتوافق الزواجى فى ضوء القرآن والسنة مستخدمة مقياس التوافق الزواجى من أعدادها، ومقياس التفضيل الشخصى من إعداد صابر عبد الحميد، على عينة من مائة وثمانى وتسعون زوجة جامعية عاملة فى أعمار تراوحت من 30 إلى 45 عاماً، وقسمت العينة إلى ثلاث مجموعات: متوافقة ومتوسطة التوافق وغير متوافق واستبعدت المجموعة المتوسطة وقارنت بين المجموعة الأعلى توافقاً والأدنى توافقاً، وأسفرت النتائج عن وجود ارتباط موجب بين أبعاد التوافق والحاجات النفسية للمرأة، كالحاجة للاستعراض، والخضوع، والنظام، والتواد، والعدوان، وارتباط سالب بين التوافق الزواجى ولوم الذات. 
دراسة سعيدة محمد أبو سوسو (2003) . 
عن أساليب المعاملة الوالدية على شخصية الطفل فى ضوء القرآن والسنة النبوية حيث ربطت الباحثة بين العلاقات السوية بين الوالدين والتى يسودها المودة والرحمة كما جاءت فى الإسلام وتأثيرها الإيجابى على شخصية الطفل كذلك ربطت بين العلاقة السوية بين الوالدين والأبناء وأثرها الإيجابى على سلوك الأبناء. 
ثالثاً: الدراسات السابقة النظرية فى مجال علم النفس الدينى: 
بالنسبة للمراجع فى علم النفس الدينى التى نشرت حديثاً فقد نشر رشاد عبد العزيز موسى. عام (2001) العلاج الدينى، وفى نفس العام العلاج النفسى فى ضوء القرآن، تم الإرشاد النفسى فى حياتنا اليومية فى ضوء الوحى الألهى (2001)، كما نشرت هناء يحيى أبو شهبه عام (2007) الإسلام وتأصيل علم النفس. 
أما عن الدراسات التنظيرية : فقدمت سعيدة محمد أبو سوس (2004) دراسة عن أساليب رعاية الطفل المعوق وذوى الاحتياجات الخاصة فى الإسلام وقدمت هناء يحيى أبو شهبة (2006). سيكولوجية المرأة بين الشريعة الإسلامية وآراء علماء الغرب حيث قدمت الدراسة دلائل من الشريعة (القرآن الكريم – السنة النبوية) على أن الإسلام سبق علماء نفس الغرب فيما يختص ببعض متغيرات البناء النفسى للمرأة [الحاجات النفسية للمرأة – أدوار المرأة الاجتماعية سمات شخصية المرأة السوية]، وفى نهاية الدراسة وضعت الباحثة بعض التوصيات فى ضوء نتائج الدراسة من أهمها استخدام علم النفس الإسلامى لتوعية الشباب وإرشادهم دينيا لأختيار المرأة السوية للزواج – وارشادهم إلى دور المرأة وحقوقها ، وحاجاتها التى اقرها الإسلام- هذا بالإضافة إلى التوصية بنشر مبادئ الإسلام، ودوره فى رفع شأن المرأة المسلمة فى العالم العربى والإسلامى، لمناهضة الأكاذيب، والافتراءات التى بثها بعض أعداء الإسلام، من الكتاب ولإعلاميين. 
كما قدمت هناء يحيى أبو شهبة (2006) التشخيص والإرشاد والعلاج النفسى فى ضوء الإسلام. 
وقد أسفرت الدراسة عن ثبوت صحة فرض الدراسة من وجود دلائل فى الشريعة الإسلامية (الآيات القرآنية والسنة النبوية) على ما جاء فى نظريات علم النفس فى الغرب والخاصة 1- تشخيص الأمراض النفسية 2- أهداف الإرشاد النفسى 
3- الصفات التى يجب أن يتخلى بها المرشد النفسى 4- الأسس التى يقوم عليها الإرشاد والعلاج النفسى 5- أساليب العلاج النفسى. 
وفى ضوء نتائج الدراسة أوصت الباحثة بإعداد برامج إرشاد نفسى دينى لإرشاد الشباب المعرض القلق النفسى وأعراض الاكتئاب الناتج عن ضغوط الحياة، يقوم بها مرشد نفسى مسلم مدرب كما توصى المعالجين النفسائين بإتباع أساليب العلاج النفسى الدينى. 
فرض الدراسة الحالية: 
هناك دلائل فى السنة النبوية تشير إلى أساليب وطرق توجيه المسلم إلى التوازن النفسى أو الصحة النفسية فى كل من الجانب العقلى والجانب الوجدانى من شخصية المسلم. 

نتائج الدراسة وتفسيرها:
أولا: السنة النبوية وتوجيه الجانب العقلى من شخصية المسلم
1. تنمية الذكاء بأنواعه.
2. الحث على التفكير السليم.
3. تقوية الجانب الروحى.
4. السيطرة على الدوافع الفسيولوجية.
5. تعلم الخصال السوية من أجل التوافق الاجتماعى.
1- تنمية الذكاء بأنواعه:
الذكاء هو القدرة العقلية العامة، الذى يتصف بها إنساناً ويتضمن عدة قدرات عقلية مثل الفهم، والتفكير، التذكر، الإدراك، وهناك فروق فردية بين الناس فى الذكاء.
فهناك الإنسان الذكى جدا وهناك النابغة، كما هناك ذو الذكاء المتوسط العادى (السوى) وهناك الغبى والمعتوه والأبلة ... الخ.
والذكاء أنواع منه الذكاء العام أى الذى يعتبر سمة أساسية فى الشخصية والذكاء العملى وهو التفوق فى المجال العملى عن النظرى كما أن هناك الذكاء العلمى وهو التفوق فى الدراسات العلمية البحتة عن النظرية والذكاء الاجتماعى وهو قدرة الفرد على عمل علاقات اجتماعية سوية نتيجة كسب رضا وحب الآخرين له، كما لا ننسى الذكاء الوجدانى وهو قدرة الفرد على ضبط انفعالاته وعواطفه وميوله واتجاهاته فى المواقف الحياتية بحيث تؤهله للتفاعل مع الآخرين بصورة سوية.
ويعتبر الذكاء من أهم دعامات الصحة النفسية وخاصة الذكاء الوجدانى والذكاء الاجتماعى اللذين يحققان للفرد قمة الصحة النفسية بتوافقه مع نفسه ومع الآخرين.
أما الشخص الغبى وجدانياً واجتماعياً فيتعثر فى علاقاته مع الآخرين ويؤدى إلى عدم توافقه النفسى والاجتماعى.
¬وهناك فروق فردية فى تلك الذكاءات وقد صنف الرسول  المسلمين بالنسبة للذكاء إلى ثلاثة أصناف. فمنهم من هو، مثل الأرض الطيبة، قادر على تحصيل العلم وحفظه والعمل به وتعليمه للغير، فينفع به نفسه، وينفع به غيره. ومنهم من هو، مثل الأرض الجدباء (وهى الأرض الصلبه التى لا تشرب الماء)، قادر على حفظ العلم ونقله إلى غيره فينفعه دون أن ينفع هو نفسه، ومنهم، مثل القيعان (وهى الأرض المستوية الملساء التى لا نبات فيها) وهم من لا ينتفعون بالعلم، ولا يحفظونه ليعلموا إلى الغير.
وقال أيضا: (نحن معاشر الأنبياء أمِرنَا أن تنزل الناس منازلهم، ونكلمهم على قدر عقولهم)( ). 
2- الحث على التفكير السليم:
يعتبر التفكير أهم قدرة عقلية يتميز بها الإنسان عن بقية مخلوقات الله سبحانه وتعالى، وقد عنى الإسلام عناية فائقة بدعوة الإنسان إلى ملاحظة الظواهر الكونية، والتفكير فى بديع خلق الله تعالى، والنظر فى السموات والأرض، وفى النفس، وفى جميع ما فى الكون من مخلوقات قال تعالىالَذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وقُعُوداً وعَلَى جُنُوبِهِمْ ويَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً (آل عمران: 191)أَوَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم (الروم: Coolقُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ (العنكبوت: 20) فَلْيَنظُرِ الإنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (الطارق:5).
ودعا الرسول الكريم  كذلك إلى التفكير فى آيات الله تعالى، وفى بديع خلقه. فعن أبى هريرة أن الرسول  قال: "تفكير ساعة خير من عبادة سنة"( ).
وعن عباس أن قوما تفكروا فى الله عز وجل فقال النبى : "تفكروا فى خلق الله ولا تتفكروا فى الله فانكم لن تقدروا قدره"( ).
وقد أوصانا رسول الله  بالتفكير فى خلق الله، ونهى عن التفكير فى ذات الله، لقصور العقل الإنسانى عن إدراك ما هو خارج نطاق قدرته.
فالعقل الإنسانى يستطيع أن يفكر جيدا فى إطار العالم المحسوس، والمعرفة الحسية التى اكتسبها عن طريق حواسه، وما استنبطه منها من مفاهيم ومعان كلية. أما فيما وراء العالم المحسوس فان العقل الإنسانى لا يستطيع أن يدرك الحقيقة، إلا بفضل من الله تعالى عن طريق الوحى والالهام الإلهى.
وقد أشاد الرسول  بالعقل الذى يقوم بوظيفة التفكير فى قوله للأشج اشج عبد القيس: "أن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحُلم والاّناه"( )
وقال النووى فى شرحه لهذا الحديث: أن الحلم هو العقل، وان الاناه هى التثبت وترك العجلة. فالعقل يضفى على صاحبه من الصفات الحميدة ما يجعله محبوبا من الله تعالى ورسوله . أن العقل يهدى صاحبه إلى الحق والخير ويناى به عن الضلال والشر. وهذا المؤشر الأول من مؤشرات الصحة النفسية.
3- تقوية الجانب الروحى لدى المسلم:
وذلك عن طريق تقوية الإيمان بالله ووحدانيته ـ التقوى ـ العبادات ـ التوكل على الله ـ الصبر ـ التوبة.
أ- تقوية الإيمان بالله:
إن الإيمان بالله هو القيمة الإنسانية العظمى التى على أساسها تقوم الشخصية السوية للإنسان، وقد قسم رسول الله  الناس على أساس الإيمان إلى نمطين رئيسين فقط هما: المؤمن والكافر ثم قسم المؤمن إلى مؤمن يولد مؤمناً ويظل متمسكاً بإيمانه حتى يموت والمؤمن الذى يولد فى بيئة كافرة ثم يؤمن ويموت مؤمناً. والكافر الذى يولد كافرا ويحيا كافراً ويموت كافراً، والكافر الذى يولد فى بيئة مؤمنة ويحيا مؤمنا ثم يرتد عن إيمانه ويموت كافراً.
فعن أبى سعيد الخدرى أن الرسول  قال: "... الا أن بنى آدم خلُقوا على طبقات شتى. فمنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت مؤمناً. ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت كافراً. ومنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت كافراً. ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت مؤمناً .. الحديث"( ).
وقد أشارت معظم الدراسات السيكولوجية فى مجال الصحة النفسية كدراسة هناء أبو شهبه (1990) لمدمنى الهيروين ودراسة هناء أبو شهبه (1992) لقاتلات الأزواج أن من أسباب انحراف الشباب وإدمانه للمخدرات والأسباب الرئيسية للجوء السيدات لقتل أزواجهن بعدهن عن الدين وضعف إيمانهم بالله سبحانه وتعالى وبقضائه وقدره.
فالمؤمن الحق هو الذى يرضى بالقضاء خيره وشره، ولهذا فهو يسلم وجهه لله تعالى، ويعتمد عليه عند توكله فى بداية الأمر ونهايته وبذلك يدفع ما قدر له من الشدائد والمصائب التى قد تحل به فى حياته عن طريق ما يهيئ به الله عبده من الاستعداد النفسى لتقبل ما قد يقع له من هذه المصائب، ولذلك يدعو الرسول  المسلم إلى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته وحده لا شريك له. وقد قضى الرسول  الثلاث عشرة سنة الأولى من الدعوة يدعو إلى عقيدة التوحيد، ويثبت جذور الإيمان فى قلوب أصحابه، ويصفى نفوسهم ويزكيها بالتقرب إلى الله تعالى وعبادته، ولقد كان للإيمان بالله تعالى أثر عظيم فى تغيير شخصيات العرب، وعلاجهم من المخاوف، كالخوف من الموت، والخوف من الفقر، والخوف من مصائب الدهر، والخوف من الناس، وأصبحوا يعيشون فى أمن نفسى.
فكان رسول الله  يدعو أصحابه إلا يخشوا إلا الله تعالى وحدة، والا يسألوا إلا الله وحده ويتضح ذلك من توجيهاته لابن عباس وهو يركب على الرحل خلفه والذى قال فيه الرسول : "إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك. ولو اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك ... الحديث"( ).
التقــوى:
ويصاحب الإيمان الصادق بالله تعالى تقوى الله. والتقوى هى أن يقى الإنسان نفسه من غضب الله تعالى وعذابه بالابتعاد عن ارتكاب المعاصى، والالتزام بمنهج الله، فيفعل ما أمره الله به، ويبتعد عما نهاه عنه.
ويتضمن مفهوم التقوى أن يتحرى الإنسان دائما فى أعماله الحق والعدل والأمانة والصدق، وان يعامل الناس بالحسنى، ويتجنب العدوان والظلم. ويتضمن مفهوم التقوى كذلك، أن يؤدى الإنسان كل ما يوكل إليه من أعمال على أحسن وجه، لأنه دائم التوجه إلى الله تعالى فى كل ما يقوم به من أعمال ابتغاء مرضاته وثوابه. وهذا يدفع الإنسان دائماً إلى تحسين ذاته، وتنمية قدراته ومعلوماته ليؤدى عمله دائماً على أحسن وجه. أن التقوى بهذا المعنى تصبح طاقة موجهة للإنسان نحو السلوك الأفضل والأحسن، ونحو نمو الذات ورقيها، وتجنب السلوك السئ والمنحرف والشاذ".
فالتقوى إذن من العوامل الرئيسية فى نضوج الشخصية وتكاملها واتزانها، وفى بلوغ التوافق الاجتماعى، وتحقيق السعادة والصحة النفسية.وأفضل الناس من وجهة نظر الإسلام، أقواهم إيمانا وأكثرهم تقوى.
قال الله تعالى: إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ "وقال رسول الله يا أيها الناس، إلا أن ربكم واحد وأباكم واحد، الا لا فضل لعربى على عجمى، ولا لعجمى على عربى، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى .... الحديث"( )
وعن عقبه بن عامر أن الرسول  قال: ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو تقوى ..." وفى رواية أخرى: "ليس لأحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح .. الحديث"( ).
العبــــادات:
إن أداء العبادات التى كلفنا الله تعالى بها من صلاة وصوم وحج وزكاة إنما ليطهر بها النفس ويزكيها ويصقل القلب ويهيئه إلى تلقى تجليات الله عليه بالنور والهداية والحكمة أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ (الزمر :22) والإنسان السوى الذى يتمتع بصحة نفسية جيدة هو الشخص الذى يستطيع تأدية العبادات بكفاءة وحق وصدق دون اللجوء إلى النفاق والرياء أو الكسل أو الامتناع عن تأديتها. 
إن أداء العبادات تكفر الذنوب ويبعث فى الإنسان الرجاء فى مغفرة الله وعفوه ويقوى فيه الأمل فى الفوز بدخول الجنة، ويثبت فى نفسه الشعور بالأمن والطمأنينة، "فعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله  قال: "فتنة الرجل فى أهله وولده ونفس وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر"( ).
أن الإخلاص فى أداء العبادات يقرب العبد من ربه ويجعله يفوز بحبه ورضاه، وإذا أحب الهل عبداً احاطة بعنايته ورعايته وكان عونا له فى جميع أموره، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله  قال : "أن الله تعالى قال: "من عادى لى وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدى بشئ أحب إلى مما افترضت عليه وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى احبه فإذا احببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ولئن سألنى لأعطيته ولئن استعاذنى لأعيذنه"( ).
أن التكاليف (الصلاة ـ الصوم ـ الحج والزكاة) عندما يؤديها الإنسان فإنها تسهم فى تهذيب النفس والسمو بها عن كل ما من شأنه أن يهبط بها فتقع فى دائرة الاضطراب النفسى من خلال ارتكاب المعاصى، وإذا ما تهذبت النفس وسمت استطاع الإنسان أن يعدل من سلوكياته حسب منهج الله وتخلص من كل آفات النفس التى تفسد عليه علاقته بالآخرين مثل (الكبر ـ العجب ـ الحقد ـ الحسد)، وأصبح من خيار الناس بحسب خلقه. قال  "إن من خياركم أحسنكم أخلاقا"( ).
فأداء العبادات بالإضافة إلى أنه يضفى على النفس الشعور بالطمأنينة والأمن فانه يعلم الإنسان كثيرا من الخصال الحميدة مثل الصبر، وتحمل المشاق، ومجاهدة النفس، والتحكم فى أهوائها وشهواتها، والطاعة والنظام وحب الناس والإحسان إليهم، ومساعدة المحتاجين منهم والتعاون والتكافل الاجتماعى.
4- السيطرة على (البدن) الدوافع الفسيولوجية
من مميزات الجانب العقلى من الشخصية الإنسانية أنه يقوم بعملية ضبط وتنظيم الإشباع للدوافع الفطرية بما يتفق مع مصلحة الفرد والجماعة.
وتدعو السنة النبوية الشريفة بناء على ما جاء بالقرآن الكريم إلى نوعين من التنظيم فى إشباع الدوافع الفطرية: الجوع - العطش ـ الجنس ـ القوم.
أ- التنظيم الأول: وهو إشباعها عن الطريق الحلال المسموح به شرعاً. ومن أمثلة هذا التنظيم إباحة إشباع الدافع الجنسى عن طريق الزواج فقط، وتحريم إشباعه عن طريق الزنا.
قال : "يا أيها الناس، إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وأن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ واعْمَلُوا صَالِحاً. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعت اغبر، بمد يديه إلى السماء يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذى بالحرام، فإنى يستجاب لذلك"( ).
ففى هذا الحديث ينهى الرسول  عن الطعام والشراب والملبس الحرام، فان ذلك يغضب الله سبحانه وتعالى، ويؤدى إلى عدم استجابته تعالى للدعاء.
كما ذكر الرسول  أن إشباع الدوافع عن الطريق الحرام لا يتفق مع حقيقة الإيمان، ولا يقع ممن يكون إيمانه صحيحاً نقياً فعن أبى هريرة أن رسول الله  قال: "لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبه ذات شرف، يرمى الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن"( ) فالشخص المؤمن إيماناً قوياً صادقاً يقيه إيمانه من ارتكاب المعاصى كالزنا، والسرقة وشرب الخمر. أما من يرتكب هذه المعاصى فإن إيمانه لم يبلغ من القوة إلى درجة تمنعه من ارتكابها.
ب- التنظيم عن طريق عدم الإسراف فى الإشباع:
دعى الرسول  أيضا إلى التوسط والاعتدال فى إشباع الدوافع الفطرية ونهى عن الإسراف فى ذلك، مؤكداً لما جاء فى القرآن الكريم من نهى عن الإسراف فى إشباع الدوافع قال تعالى:يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ (الأعراف، 31).
وجاءت أحاديث كثيرة للرسول  مؤكدة لهذا النهى القرآنى عن الإسراف من إشباع الدوافع. فعن أبى ذر أن النبى  قال: "كلوا واشربوا وألبسوا وتصدقوا فى غير إسراف ولا مخيله"( ).
وقال: "ما ملأ أدمى وعاء شرا من بطنه, بحسب ابن آدم اكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه"( ) وقال : "طعام الاثنين كافى الثلاثة، وطعام الثلاثة كافى الأربعة"( ).
فى هذه الأحاديث نهى الرسول  عن الإسراف فى المأكل والمشرب والملبس فالإسراف فى الأكل مضر بالصحة، وتؤدى إلى السمنة التى تسبب كثير من الأمراض الجسمية والأمراض النفسية. كما أن الشره فى الطعام يعتبر نوع من الاضطرابات السلوكية التى تحتاج إلى علاج نفسى وهذا ما أشارت إليه كثير من الدراسات السيكولوجية ومن أحدث هذه الدراسات دراسة (فاطمة خشبه، 2006).


1- السيطرة على الدافع الجنسى:
يعتبر الدافع الجنسى من أقوى الدوافع الفسيولوجية إلحاحا فى طلب الإشباع وخاصة فى مرحلة المراهقة والشباب، حيث يكون الإنسان فى أوج قوته وحيويته ونشاطه. وقد يشتد إلحاح الدافع الجنسى على الشاب فى بعض الأوقات إلى درجة تسبب له كثيرا من الإزعاج والاضطراب بسبب الصراع الذى يعانيه فى مغالبة هذا الدافع ومقاومته. ولاشك أن الزواج المبكر هو أفضل الوسائل للتخلص من شدة إلحاح الجنس، وما يسببه من صراع نفسى، أن لم يستطيع الشاب حله بطرق شرعية يؤدى به إما إلى الانحراف أو المرض النفسى (قلق) غير أن كثير من الشباب لا يستطيعون الزواج المبكر لأسباب اقتصادية واجتماعية ويستطيع الشاب فى هذه الحالة أن يخفف من حدة إلحاح الدافع الجنس بإتباع عدة وسائل، منها الألعاب الرياضية التى تقوم بتفريغ جزء كبير من طاقته مما يضعف الدافع الجنسى، ومنها كذلك الأعمال الأدبية والفنية والأنشطة الاجتماعية المختلفة التى يقوم فيها الإنسان بتفريغ جزء كبير من طاقته فتضعف نتيجة لذلك أيضا شدة الدافع الجنسى.
وقد عالج رسول الله  هذا الصراع الذى يعيشه الشباب بسبب إلحاح الدافع الجنسى عليهم بحثهم على الزواج فى حالة استعدادهم من حيث مؤن الزواج وتكاليفه، وفى حالة عدم استطاعتهم تكوين تكاليف الزواج فقد أوصاهم بالصوم على اعتبار أن الصوم يؤدى إلى أضعاف الدافع الجنسى بسبب قلة الغذاء من جهة، وبسبب انشغال بال الشاب أثناء صومه بعبادة الله وذكره وتسبيحه من جهة أخرى، فتنصرف صحته عن التفكير فى الجنس. 
قال رسول الله : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فانه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فانه له وجاء"( ).
والزواج هو الطريقة المثلى للسيطرة على الدافع الجنسى، فهو يؤدى إلى إشباعه بالطريق الحلال المشروع، فيساعد بذلك على غض البصر وعلى التعفف عن إشباعه بالطريق الحرام. فعن أبى ذر قال: دخل رسول الله  رجل فقال له عكاف بن بشر التميمى فقال له النبى  يا عكاف هل لك من زوجة؟ قال: لا، قال: ولا جارية؟ قال: ولا جارية، قال: وأنت موسر بخير؟ قال: وانا موسير بخير، قال: أنت إذن من اخوان الشياطين لو كنت فى النصارى كنت من رهبانهم . أن سنتنا النكاح. شراركم عزابكم، وارازل مواتاكم عزابكم، ابا الشيطان تحرسون. ما للشيطان من سلاح ابلغ فى الصالحين من النساء إلا المتزوجون أولئك المطهرون المرؤون من الخنا. ويحك يا عكاف انهن صواحب أيوب وداود ويوسف وكرسف"
فقال له بشر بن عطيه: ومن كرسف يا رسول الله؟ قال: رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة عام يصوم النهار ويقوم الليل، ثم أنه كفر بالله العظيم فى سبب امرأة عشقها وترك ما كان عليه من عبادة الله عز وجل، ثم استدرك الله ببعض ما كان منه فتاب عليه. ويحك يا عكاف تزوج وإلا فانت من المذبذبين ..( ).
وحث الرسول  الآباء على تزويج بناتهم إذا ما تقدم لهن شاب على دين وخلق، وحذر من الامتناع عن تزويجهن ممن يتقدم لهن من الشباب الذين يرضون دينهم وخلقهم، حتى لا يؤدى ذلك إلى انتشار الفساد فى المجتمع. ونحن نرى ونسمع الآن من ظهور انحرافات جنسية ناتجة عن إلحاح الدافع الجنسى لدى الشباب مع رؤيتهم مفاتن جسم المرأة فى القنوات الفضائية مما يثير فيهم الشهوة الجنسية مع نقص الوازع الدينى مما يؤدى إلى تحرشهم واغتصابهم للفتيات والأطفال الصغار.
قال رسول الله : "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد عريض"( ).
كذلك دعا الرسول  إلى حجاب المرأة وإخفاء زينتها، ونهى أن تلبس ملابس تحكى تفاصيل بدنها حتى لا يتعرض الشباب إلى ما يثير دافعهم الجنس. فعن عائشة أن الرسول  قال لأختها أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنه حينما دخلت عليه وهى تلبس ثيابا رقيقا: "يا أسماء أن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفه"( ).
ومما يساعد على السيطرة على الدافع الجنسى ألا يعرض الشاب نفسه إلى رؤية ما يثير فيه الدافع الجنسى. ولذلك نصح الرسول  بعدم إطالة النظر إلى النساء، فان ذلك من شأنه إنارة الشهوة، ما من ذلك من شأنه إثارة الشهوة. فعن بريده رضى الله عنه، قال: قال رسول الله  لعلى رضى الله عنه: "يا على لا تتبع النظرة النظرة، فان لك الأولى، وليست لك الثانية"( ).
أما عن الأطفال والصبيان فقد سبقت السنة النبوية نظريات علم النفس وخاصة نظرية التحليل النفسى لسيجموند فرويد Sigmund Freud بأربعة عشرة قرنا من الزمان والتى أشارت إلى أن الدافع الجنسى، وان كان يظهر بوضوح والى ذروته فى فترة البلوغ حينما يتم النضج الجنسى، إلا أن النضج لا يحدث فجأة، وانما يمر بمراحل نمو تمهد لظهوره فى تمام نضجه فى فترة البلوغ. فإذا تعرض الطفل لمثيرات شديدة، وخبرات مهيج لدافعه الجنسى، فان ذلك يساعد على تنشيط دافعه الجنسى فى وقت مبكر، مما يؤثر تأثيرا ضار على يسر نموه الجنسى الطبيعى فيما بعد، فتظهر بعض الميول الشاذة والانحرافات ـ وذلك بتحذيرها من تعرض الأطفال لما يثير فيهم الدافع الجنسى فى سن مبكرة ـ استجابة لتحذير الله تعالى فى آياته الكريمة حيث قال:يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاةِ الفَجْرِ وحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ ومِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ....... (النور، 58).
وقال رسول الله :"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع"( ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية    بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية  Emptyالجمعة 24 مارس - 15:00

5- السنة النبوية وتعليم المسلم الخصال المتصلة بالصحة النفسية
إن السنة النبوية قد سبقت علماء نفس الغرب الذين أشاروا فى أواخر القرن العشرين إلى مؤشرات ضرورية وهامة يجب أن تتواجد لتتوفر الصحة النفسية للإنسان، ومن هذه المؤشرات أن يتسم الإنسان ببعض السمات والخصائص التى تؤهله للتوافق النفسى أولا ثم التوافق الاجتماعى ثانيا أى توافقه مع الآخرين بالمجتمع.
فالإنسان اجتماعى بطبعه وفطرته، ولا يستطيع أن يعيش بدون وجود أناس آخرين معه يتفاعل معهم، ومن هنا كان لابد له من التواؤم والتكليف والتوافق حتى يستطيع العيش فى أمن وأمان ورضا عن حياته الاجتماعية.
والتوافق النفسى والتوافق الاجتماعى من أهم مؤشرات الصحة النفسية. ومن متطلبات ذلك ضرورة أن يتسم الإنسان ببعض السمات الخلقية والعقلية والاجتماعية. الناتجة عن إدراك وتفكير عقلى سليم (الاعتماد على النفس ـ والثقة بالذات ـ الشعور بالمسئولية ـ الاستقلال فى الرأى وتأكيد الذات .. ) والأخلاق الحميدة ـ والعادات الحسنة فى ممارستهم المختلفة فى حياتهم اليومية، كحب الناس، التعاون، مدير العون والمساعدة إلى الغير، الرضا بما قدره الله تعالى لهم).
ولقد عنى الرسول  فى السنوات الأولى من الدعوة الإسلامية بمكة ببناء الإنسان وتربيته، وإعداده لتحمل مسئوليات نشر الدعوة الإسلامية، وإقامة الدولة الإسلامية. فإلى جانب تعليمهم أصول الدين الإسلامى، وأداء العبادات، وبث جذور الإيمان والتقوى فى نفوسهم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعلمهم أيضا الاستقامة فى السلوك، والأخلاق الحميدة، والعادات الحسنة فى ممارساتهم المختلفة فى حياتهم اليومية، وفى تعاملهم مع الناس الآخرين. وكان يغرس فى نفوسهم الأمن والطمأنينة، والتحرر من الجهل والأوهام والخرافات. وكان  يوجههم أيضا إلى العناية بصحة الجسم وقوته، وتعلم الفروسية والرماية.
فكان يعلم أصحابه  كل ما هو حسن وجميل من الخصال والأخلاق التى يعتبرها علماء النفس المحدثين من مؤشرات الصحة النفسية.
فلا غرو، إذن، أن نجد الصحابة، رضوان الله عليهم، الذين تربوا فى مدرسة الرسول ، قد صقلت نفوسهم، وتحررت عقولهم، وتحسنت أحلامهم، واستقام سلوكهم، وتعاملت شخصياتهم، فظهر منهم الأبطال الذين هزموا جيوش الفرس والروم، وفتحوا البلاد، وسادوا العالم، وانشأوا الدول. كما ظهر من تسلهم العلماء والمفكرون الذين تعمقوا فى شتى ميادين العلم والمعرفة، والذين كانت كتبهم تدرس فى الجامعات الأوروبية حتى قبيل عصر النهضة الحديثة فى أوروبا، وكان لها الفضل فى تنوير عقول الأوروبيين، ونشأة النهضة العلمية بينهم.
لقد كانت لتعاليم القرآن الكريم، وتعاليم الرسول  أكبر الأثر فى تغيير شخصيات المسلمين، فتغيروا من ضعف إلى قوة، ومن تفكك إلى تكامل، ومن عادات سيئة إلى عادات حسنة، ومن انحرافات فى السلوك إلى الاستقامة، ومن أخلاق مذمومة إلى أخلاق حميدة. أى أصبحت شخصياتهم سوية، توفرت فيها الصفات التى تعتبر من المؤشرات الجيدة للصحة النفسية.
(محمد عثمان نجاتى، 1987)
وسوف أشير هنا إلى بعض هذه الصفات على سبيل المثال وليس الحصر (الاعتماد على النفس ـ الثقة بالنفس ـ تحمل المسئولية ـ تأكيد الذات والاستغلال فى الرأى).
1- الثقة بالنفس:
يتمتع الإنسان السوى بالثقة بالنفس، حيث أن هناك ارتباطا بينها وبين السواء، فتساعد على اتخاذ القرارات وإصدار الأحكام، وتمنعه من التردد فى الرأى، وأيضا تساعده على مواجهة الآخرين والتحدث معهم دون حرج، كما يمكن أن يلتقى بحشد كبير من الناس فى أعمار مختلفة ويتحدث إليهم دون أن يرتبك أو ينتابه توتر أو قلق أو خلافه .. ومن هنا كانت من أهم السمات التى يجب أن تتوافر فى الإنسان حتى يتمكن من التوافق مع نفسه ثم مع الآخرين وبالتالى يتمتع بصحة نفسية.
والسنة النبوية المطهرة عملت على تربية المسلم تربية تبعث فيه الثقة، مع تخليصه من الشعور بالنقص والضعف والخوف، وحثته على الاعتزاز بالنفس، وعلى الشجاعة فى إبداء الرأى والتعبير عن أفكاره ومشاعره دون خشية من الناس.
عن سعيد الخدرى أن الرسول  قال: "لا يحقر أحدكم نفسه" قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر احدنا نفسه؟ قال: يرى أمرا لله عليه فقال، ثم لا يقول فيه، فيقول: الله عز وجل له يوم القيامة ما منعك أن تقول فى كذا وكذا؟ فيقول خشية الناس، فيقول: فأياى كنت أحق أن تخشى"( ). 
ويتكون مفهوم الإنسان عن نفسه نتيجة معاملة الوالدين والأهل أثناء تنشئته الاجتماعية، ونتيجة خبراته الشخصية فى كثير من المواقف التى يتعرض فيها للفشل أو العقاب أو النقد. والمفهوم الإيجابى عن الذات يؤدى إلى الثقة بالذات والعكس صحيح.
وقد كان الرسول  نموذجا مثاليا فى حسن معاملته لأبنائه وأحفاده. وحث أصحابه عن حسن معاملة الأولاد فعن انس أن الرسول  قال: "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم"( ) 
وكان الرسول  يدرك أهمية الاسم فى تكوين مفهوم الذات لدى الأبناء فالاسم الحسن الجميل من أحد عوامل تكوين المفهوم الحسن عن الذات، وقد ميز بالفعل أسماء بعض أبناء المسلمين كأسم حرب مسلماً، وشهاب هشاماً، المضطجع المنبعث، كما غير العاصى، شيطان ... الخ.
عن ابن عمر، قال: ابن ابنه كانت تسمى عاصية، فسماها رسول الله  جميلة وعن أسامة ابن اخدرى أن رجلا يسمى أصرم كان فى النفر الذين أتوا رسول الله  فقال رسول الله  "وما اسمك؟ قال: أنا اصرم ، قال: بل أنت زرعة"( )

2- الاعتماد على النفس:
أن الاعتماد على النفس فى معظم أمور الحياة، وعدم الالتجاء إلى الغير لطلب قضاء الحاجة من السمات الهامة والضرورية لكى يصبح الفرد متوافق نفسياً واجتماعياً وبالتالى متمتعا بالصحة النفسية والاعتماد على النفس يعنى قوة وصلابة الإرادة.
وكان الرسول  يعلم أصحابه الاعتماد على النفس، وتولى شئونهم بأنفسهم، وعدم الاتكال على الغير فى قضاء حاجاتهم. وعن ثوبان أن الرسول  قال:
"من يكفل لى أن لا يسأل الناس شيئاً واتكفل له بالجنة؟" فقال ثوبان: أنا فكان لا يسأل أحدا شيئا"( ) 
وكان الرسول  يحث أصحابه على الاعتماد على النفس فى الكسب والحصول على الرزق، وينهاهم عن سؤال الناس. وعن أبى هريرة أن الرسول  قال: والذى نفس بيده لان يأخذ أحدكم حبلة فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتى رجلا ليسأله أعطاه أو منعه"( ).
2- الشعور بالمسئولية:
تحتوى السنة النبوية المطهرة وما بها من أحاديث شريفة على وصايا الرسول  للمسلمين للقيام كل بدوره فى الحياة ووضع لكل فرد حقوقه وواجباته تجاه المجتمع وبهذا يكون قد سبق علماء الغرب فى وصف الإنسان السوى الذى يتمتع برضا الله ورسوله ورضا المجتمع وبالتالى من يتمتع بصحة نفسية هو الذى يقوم بدوره وواجبه تجاه الآخرين ويكون بذلك متحملا المسئولية فلو كل إنسان فى جماعة يقوم بدوره سيصلح الجماعة وإذا كل الجماعات وكل الهيئات والمؤسسات فى المجتمع أدت أدوارها فما لاشك فيه سوف يصلح هذا المجتمع.
وهذا ما أوصانا به رسول الله  قبل أن يشير إليه علماء النفس والصحة النفسية حيث أشاروا بان الإنسان الذى يقوم بدوره أو بأدواره بكل إخلاص ودقة فى عمله شخص يتمتع بصحة نفسية فمن الصفات الهامة للشخصية السوية شعور الفرد بالمسئولية فى شتى صورها، سواء كانت مسئولية نحو الأسرة، أو نحو المؤسسة التى يعمل بها، أو نحو زملائه ورفاقه وجيرانه وغيرهم من الناس الذين يختلط بهم، أو نحو المجتمع عامة، أو نحو الإنسانية بأسرها.
ولقد عنى الرسول  بتربية أصحابه على الشعور بالمسئولية ـ فعن ابن عمر أن الرسول  قال: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام الذى على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وهى مسئولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"( )
وقرر الرسول  فى هذا الحديث مسئولية كل فرد نحو ما كلف برعايته أو ما يطلب منه القيام به من أعمال وواجبات. فقد خاطب جميع أفراد المجتمع ثم اخذ نماذج عامة من المسئولية الاجتماعية الإمام والحاكم ـ فى الرجل والمرأة والعبد.
3- تأكيد الذات والاستقلال فى الرأى:
من سمات الشخص السوى هو استقلاله برأيه دون التبعية للغير أى السير وراء آراء الآخرين دون فهم، فالاستقلال بالرأى أسلوب من أساليب تأكيد الذات. وقد أوصى رسول الله  المسلمين بتأكيد ذاتهم واستقلالهم بآرائهم كما كان ينمى ذلك فى أصحابه، فعن حذيفة أن رسول الهف  قال: "لا يكن أحدكم إمعه، يقول أنا مع الناس أن أحسن الناس أحسنت، وان أساءوا أسأت. ولكن وطنوا أنفسكم أن أحسن الناس أن تحسنوا، وان اساءوا تجنبوا إساءتهم"( ).
وفى هذا الحديث يوجه الرسول أصحابه على تأكيد الذات، والاستقلال فى الرأى وينهاهم عن أن يكونوا تابعين للغير، يرون ما يرى الناس، ويفعلون ما يفعل الآخرون دون أن تكون لهم إرادة واختيار فيما يرون ويفعلون.
4- الصبر:
من المؤشرات الهامة للصحة النفسية قدرة الفرد على تحمل مشاق الحياة والصمود فى مواجهة الشدائد والأزمات، والصبر على كوارث الدهر ومصائبه، فلا يضعف أمامها ولا ينهار، ولا يتملكه اليأس.
أن الشخص الذى يقابل المصائب والمواقف العصيبة بصبر وثبات، إنما هو شخص سوى الشخصية يتمتع بقدر كبير من الصحة النفسية. وقد أوصانا الله تعالى فى كثير من الآيات بالصبر (محمد عثمان نجاتى، 1993) قال تعالى: واسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصَّلاةِ وإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ (البقرة: 45).
وكان الرسول  يعلم أصحابه أن ما يحل بهم من أمراض أو مصائب إنما هو ابتلاء من الله تعالى، يرفعهم بها درجات، ويمحو بها عنهم خطايا، ويكتب لهم حسنات. وكان هذا التعليم النبوى يقوى منهم عادة الصبر على شدائد الحياة، ويحمل مصائبها بنفس راضية بقضاء الله تعالى فعن أبى هريرة وابى سعيد أنهما سمعا رسول الله  يقول: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته"( )
وعن انس أن الرسول  قال: "إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة فى الدنيا. وإذا أراد بعبد الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة"( )
ثانياً: السنة النبوية وتوجيه الجانب الوجدانى من شخصية المسلم
أ- السنة النبوية والسيطرة على الانفعالات السلبية:
1-انفعال الغضب:
الغضب انفعال فطرى يظهر عندما يعاق أحد الدوافع الأساسية أو الهامة عن الإشباع. فإذا منع عائق ما الإنسان عن الوصول إلى هدف معين يحقق إشباع أحد دوافعه الأساسية أو الهامة، فانه يغضب ويثور ويقاوم هذا العائق من أجل التغلب عليه وازالته حتى يستطيع الوصول إلى هدفه وإشباع دافعه. وتتوقف درجة شدة الغضب على درجة شدة الدافع، وتبعاً لاهمية الهدف المراد بلوغه.
وهناك غضب محمود وآخر مذموم، ولقد اثنى الله تعالى على رسوله  وأصحابه لغضبهم على الكفار فى كفاحهم من أجل نشر الدعوة الإسلامية. قال تعالى مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (الفتح: 29) والشدة على الكفار نتيجة غضبهم من اعتدائهم على الإسلام.
والغضب المذموم هو الغضب بسبب عرض زائل من أعراض الدنيا التافهة أى أمر غير أساسى أو ضرورى، وكان الرسول لا يغضب لشخصه، وانما يغضب للحق، وإذا اجترئ على حد من حدود الله. قال على رضى الله عنه: "كان رسول الله  لا يغضب للدنيا، فإذا اغضبه الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له"( ) وللغضب تغيرات فسيولوجية وصفها الرسول  فى قوله:"ألا وان الغضب جمرة فى قلب ابن ادم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه، وانتفاخ اوداجه ... الحديث"( )
وقد أوصى رسول الله  المسلمين بالسيطرة على انفعال الغضب فعن أبى هريرة قال: أن رجلا قال للنبى  اوصنى قال "لا تغضب" فردد مرراً قال: "لا تغضب"( ) وعن عبد الله بن عمر وانه سأل رسول الله  ماذا ينقذنى من غضب الله؟ قال: "لا تغضب"( )
ونستطيع أن نفهم من هذين الحديثين أهمية التحكم فى الغضب فى حياة المؤمن لأنه ينقذه من غضب الله. ونستطيع كذلك أن نفهم القيمة العظيمة لمجاهدة النفس فى التحكم فى الغضب، فمن يستطيع أن يملك نفسه عند الغضب، يستطيع كذلك أن يملك نفسه فى مواجهة شهوات نفسه واهوائها، ومغريات الدنيا وملذاتها وفضلا عن ذلك، فان التحكم فى الغضب مؤدى إلى حسن العلاقات والتوافق النفسى والاجتماعى، وهما مؤشران هامان فى الصحة النفسية.
وكان الرسول  يُرَغَب أصحابه كثيرا فى التحكم فى الغضب. مثال ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود أن الرسول  قال لأصحابه: "ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذى لا تصرعه الرجال. قال: "لا" ولكنه الذى يملك نفسه عند الغضب"( ).
وفى هذا الحديث يعلم الرسول  المسلمين معنى جديدا للقوة، وهو معنى خُلُقى نبيل يختلف عن المعنى الذى كان سائدا بين العرب فى الجاهلية، فليست القوة هى قوة البدن، والقدرة على صرع الرجال والبطش بهم، وانما القوة هى مجاهدة النفس والتحكم فى انفعال الغضب.
وكان الرسول  يحث أصحابه على التحكم فى الغضب، ويعد من يفعل ذلك بالثواب العظيم فى الآخرة. فعن معاذ بن انس أن النبى  قال: "من كظم غيظا وهو قادر أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخير من الحور العين ما شاء"( ).
كذلك أوصى الرسول  أصحابه بالعفو عن خدمهم ومملوكيهم، وعدم ضربهم وايذائهم عن أبى مسعود البدرى، قال: "كنت اضرب غلاما لى بالسوط، فسمعت صوتا من خلفى يقول: اعلم أبا مسعود فلم افهم الصوت من الغضب. فلما دنا منى إذا هو رسول الله  يقول اعلم أبا مسعود. فالقيت السوط من يدى. فقال: اعلم ابا مسعود أن الله اقدر عليك منك على هذا الغلام" قال، فقلت لا اضرب مملوكا بعده أبدا"( )
وقد سبق رسول الله  علماء نفس الغرب الذين اشادوا بعلاج حالة الغضب بالاسترخاء. فقد أشار  إلى هذه الحقيقة حينما نصح أصحابه بالجلوس إذا غضبوا وهم قائمون، فان لم يذهب الغضب فليطجهوا فعن أبى ذر أن الرسول  قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع"( )
فالجلوس أو الاضطجاع فى حالة الغضب يؤديان إلى استرخاء البدن، مما يساعد على مقاومة التوتر الذى أحدثه الغضب، ويعلل حدة العدوان. 
والوضوء كذلك من الأساليب التى نصح الرسول  أصحابه بها أيضا من أجل السيطرة على الغضب. فعن عروه بن محمد بن السعدى أن الرسول  قال: "أن الغضب من الشيطان، وأن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا اغضب أحدكم فليتوضأ"( )
2- السيطرة على انفعال الكبر:
الكبر، وهو التعالى عن الناس واحتقارهم، حالة انفعالية مكروهة، وسمة خلقية مذمومة، قد ذمها القرآن الكريم وذمها الرسول  وتوعد المتكبرين بعقاب شديد. فعن ابن مسعود أن رسول الله  قال:"لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل: أن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً. فقال: أن الله تعالى جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمض الناس"( )
ففى هذا الحديث وعيد لمن يرد الحق ويرفضه كبرا، ولمن يتعالى على الناس ويحتقرهم، بالحرمان من دخول الجنة. وعن أبى سعيد وابى هريرة قال الرسول  راويا عن ربه عز وجل: "قال الله تعالى: الكبرياء ردائى، والعز ازارى، فمن نازعنى شيئا منهما عذبته"( )
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن الرسول  قال: "يُحشر المتكبرون أمثال الذر يوم القيامة، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن فى جهنم يقال له بُولس، تعلوهم نار الانيار، يسقون عصاره أهل النار، طينة الخيال"( )
وعن ثوبان أن الرسول  قال: "من مات وهو برئ من ثلاث: الكبر والغلول والدين، دخل الجنة"( )

3- السيطرة على انفعال الحزن:
يشعر الإنسان بالحزن عندما يفقد شخصا عزيزا، أو شيئا هاما له قيمة. ويحدث الحزن فى الإنسان شعورا بالكدر والضيق. وقد تعوذ منه الرسول  فى دعائه المعروف "اللهم انى أعوذ بك من الهم والحزن .... الحديث"( )
وقد دعى الرسول  المسلمين إلى السيطرة على الحزن إذا ما حلت بهم مصيبة الموت، أو أى مصيبة أخرى من مصائب الدنيا. وليس المقصود بالسيطرة على الحزن عدم البكاء، وعدم الشعور بالحزن فى القلب لموت شخص عزيز، فان البكاء والشعور بالحزن فى مثل هذه المواقف أمر طبيعى، وانما المقصود بالسيطرة الامتناع عن المبالغة فى البكاء بصوت مرتفع، وعن النياحة، والندب.
فعن ابن عمر أن رسول الله  عاد سعد بن عباده، ومعه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وعن عبد الله بن مسعود، فبكى رسول الله ، فلما رأى القوم بكاء رسول الله  بكوا، فقال: "ألا تسمعون؟ أن الله لا يعذب بدمع العين ولا يحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم وأشار إلى لسانه"( ). 
ب- السنة النبوية وتوجيه الانفعالات الايجابية:
1- انفعال الخوف:
الخوف من الانفعالات الفطرية التى يولد الإنسان مزود بها، ويشعر به الإنسان فى مواقف الخطر التى تلحق به الأذى والضرر، أو التى تهدد حياته بالهلاك أو الموت. فالخوف مفيد للإنسان، فهو يساعده على التهيؤ لمواقف الخطر، وعلى الاستعداد لمواجهتها.
ودلت الدراسات التجريبية الحديثة فى مجال علم النفس على أن الخوف إذا كان معتدلا وغير مسرف، فانه يكون مفيداً فى دفع الإنسان إلى حسن الأداء فيما يقوم به من أعمال. أما إذا كان الخوف على درجة عالية من الشدة أدى ذلك إلى اضطراب الإنسان والى سوء أدائه لما يقوم به من أعمال فالخوف المعتدل يؤدى إلى حسن استعداد التلميذ للامتحانات الدراسية.
وان أهم أنواع الخوف التى يكون لها أعظم الفوائد فى حياة الإنسان هو خوفه عذاب الله تعالى، فهو يدفعه إلى التمسك بواجباته الدينية.
ولذلك كانت آيات الترهيب من عقاب الله وعذابه فى القرآن ذات أثر فعال قال تعالى: وخَافُونِ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (آل عمران: 175).
عن أبى هريرة أن الرسول  قال: "ما من أحد يموت إلا ندم" قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟ قال: أن كان محسنا ندم ألا يكون ازداد، وان كان مسيئا ندم ألا يكون نزع"( )
وعن أبى هريرة أن الرسول  قال: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن فى الضرع ..."( ).
فكما أن من المستحيل أن يعود اللبن إلى الضرع بعد خروجه منه، فكذلك من المستحيل أن يدخل النار من خاف الله وبكى من خشيته. ويدل هذا الحديث على أن فى الخوف من الله منجاه من النار، إذ أنه يدفع المرء إلى الطاعات ويبعده عن المعصيات.
على أن الخوف الشديد جدا من عذاب الله قد يؤدى إلى اليأس من رحمة الله، وحينئذ تضطرب شخصية الإنسان، وقد يسوء أداؤه لواجباته الدينية ليأسه من النجاه من عذاب الله. ولذلك، كان من الضرورى، ومن المفيد أن يصاحب الخوف من عذاب الله، الرجاء فى رحمة الله.
ج- السنة النبوية والسيطرة على العواطف السلبية:
1- عاطفة الكراهية:
من العواطف السلبية التى تنتاب الإنسان نتيجة تكرار سلوك أو مواقف سلبية من الآخرين مما يسبب له الكدر والألم والضيق والغضب ونتيجة تكرار الإحساس بتلك الأحاسيس تتكون هذه العاطفة والكره مضاد للحب، وهناك علاقة ما بين عاطفة الكراهية والسلوك العدوانى والشجار والمقاتلة. وإذا لم تعالج عاطفة الكراهية أدت إلى قطع العلاقات الاجتماعية واضعاف وحدة المجتمع وتماسكه وخاصة إذا طغت على شخصية الفرد وأصبحت سمة عامة يمكن أن تؤدى به إلى السيكوباتية وهى من أسوأ اضطرابات الشخصية.
وقد أشار الرسول  إلى ذلك فى قوله: "دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ... الحديث"( )
والإنسان السوى المؤمن الصادق الإيمان لا مكان للكره والحقد فى قلبه لاى عرض من أعراض الدنيا الغائبة، وانما المؤمن يكره لله ويبغض لله. فهو يكره أن يعتدى أحد على حق من حقوق الله، ويكره أن يرى أحدا يظلم الناس، أو يفسد فى الأرض، أو يسفك الدماء بغير حق.
فالبغض لله من علامات استكمال الإيمان، هو بغض الشر بكل صوره، وبغض إيذاء الناس والإساءة إليهم، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة للمجتمع، أو الوطن، أو للإنسانية جمعاء.
وقد أوصى رسول الله  المسلمين بالتحاب والتواد، ونهاهم عن البغضاء أو الشحناء والكراهية. فعن أبى أيوب أن رسول الله  قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا،ويعرض هذا، وخيرهما الذى يبدأ السلام"( )(محمد عثمان نجاتى، 1993)
كما توعد الرسول  بالعقاب الشديد فى الآخرة لمن يستمر فى هجرانه لأخيه المسلم أكثر من ثلاثة 
"لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ذلك فمات دخل النار"( )
2- عاطفة الغيرة:
عاطفة تسبب لصاحبها الكدر والألم، وتنشأ لدى الأبناء منذ مرحلة الطفولة الأولى بسبب التفرقة فى معاملة الآباء وتحيزهم لأحد دون الآخر مما يثير غيرته وحقده على أخيه، وتستمر مشاعر تلك العاطفة لمرحلة المراهقة وتزيد ثم الرشد، ويصقلها الظروف البيئية الاجتماعية التى تعمل على إثارتها كغيرة الرجل من زميله فى العمل إذا نافسه فى الحصول على تقدير رؤسائه، أو غيره شاب من زميله إذا نافسه فى الحصول على حب شخص معين عزيز عليه.
وقد نهت السنة النبوية المطهرة عن تلك العاطفة المكدرة لصاحبها وعن أبى هريرة أن الرسول  قال: "أن الله يغار والمؤمن يغار وغيره الله أن يأتى المؤمن ما حرم الله"( )
وكانت عائشة تغير على النبى  فعنها أن الرسول  خرج من عندها ليلا. قالت فغرت عليه أن يكون اتى بعض نسائه، فجاء فرأى ما اصنع، فقال: "أغرت؟ فقلت: وما لمثلى لا يغار على مثلك؟ فقال : لقد جاءك شيطانك .... الحديث"( ) 
وعن عائشة أيضا قالت: ما رأيت صانعة طعام مثل صفية، صنعت لرسول الله  طعاما وهو فى بيتى فأخذنى افكل فارتعدت من شدة البرد فكسرت الإناء ثم ندمت، فقلت يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ فقال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام"( )
والغيرة نوعان: غيرة محمودة ومستحبة كالغيرة على الأهل إذا كان هناك مبرر حقيقى يستدعى ذلك فأمر محمود ومحبوب، أما الغيرة بسبب التنافس على أعراض الدنيا التافهة، أو بسبب الشكوك والوساوس التى لا أساس لها ولا مبرر فهى مكروهة ومذمومة. فعن جابر بن عتيك أن الرسول  قال: "من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله. واما التى يحبها الله عز وجل فالغيرة فى الريبة. واما التى يبغضها الله فالغيرة فى غير الريبة .... الحديث"( )
3- عاطفة الحسد: 
تنقسم عاطفة الحسد إلى نوعين: أحدهما هو كراهة الفرد رؤية الغير أفضل منه فى نعمة ما، ولذلك فهو يتمنى الحصول عليها، مع تمنى زوالها عن الغير.وهذا هو الحسد المذموم، والحرام والمنهى عنه شرعاً. 
والنوع الثانى: هو كراهه الفرد رؤية الغير أفضل منه فى نعمه ما، ولذلك فهو يتمنى الحصول على مثل هذه النعمة التى لدى الغير، ولكن مع عدم تمنى زوالها عنه. ويسمى هذا النوع من الحسد أيضاً بالغبطة لست عاطفة مذمومه مطلقاً بل هى محمودة فى أعمال البر والخير. 
وقد ذك عاطفة الحسد المذموم فى القرآن الكريم فى قوله تعالى : ومِن شَرِّ حَاسِدٍ (الفلق3) وذكر الرسول  هذا النوع من الحسد المذموم فى كثير من الأحاديث فعن ابن عباس أن الرسول  قال:" إن لنعم الله أعداء" فقيل من هم؟ فقال : "الذين يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله"( ) وقد ذم الرسول  هذا النوع من الحسد فى كثير من الأحاديث الأخرى يذكر منها: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"( ). 
كما نهى أيضاً الرسول  عن الحسد المذموم فى قوله عن أنس: 
"لا تباعضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله اخواناً"( )...." وفى هذين الحديثين توجيه للمسلمين بضرورة التخلص من تلك العاطفة المذمومه (الحسد المذموم) لأنها تذهب الحسنات، وتقطع روابط الأخوة كما يأمر الرسول  المسلمون بأن يكونوا كالاخوه فى تحابهم. 
4- السيطرة على الزهو والعجب بالنفس: 
الزهو والعجب هذه العاطفة من العواطف التى يتسم بها بعض الشخصيات المضطربة وجدانيا كالشخصية الهستيرية، والشخصية البارانوية أو الفصامية، وإذا استسلم الإنسان لهذه الصفة البذيئة فإنه سوف يندرج تحت فئة المرض النفسى، أو العقلى كمرض الفصام أو البارانوية. 
لقد ذم القرآن الكريم الزهو والعجب بالنفس فقال تعالى: ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ولا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (لقمان :18) . 
وعن أبى هريرة أن الرسول  قال: بينما رجل يمشى فى حُله تعجبه نفسه مُرَجّل رأسه، يختال فى مشيته أو خُسِفَ به فى الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة"( ) وعن ابن عمر أن رسول الله  قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"( ) ويتضح من هذين الحديثين أن الرسول  كان يدعو أصحابه إلى السيطرة على انفعال الزهو والعجب بالنفس، وطاعتهم على ذلك بالترهيب من العذب فى الحياة الآخرة.
د- السنة النبوية وتوجيه عاطفة الحب وتدعيمها بصورة ايجابية. 
1- عاطفة الحب: 
تعتبر عاطفة الحب من العواطف الهامة فى حياة الإنسان، لأنها بمثابة مفتاح السعادة والرضا عن الذات، والرضا عن الآخرين، فالحب هو الأساس فى تكوين الاسرة، وفى ترابط أفرادها وتماسكهم وتعاونهم، وبالحب يستطيع الآباء والأمهات تربية أبنائهم وتكوين شخصيتهم بصورة سوية بعيدة عن الاضطرابات والأعراض النفسية، فإحاطة الوالدين للطفل بمشاعر المحبة، والحنان والعطف يبث في نفسه الشعور بالأمن والطمأنينة، فتنمو شخصيته نموا سليماً سوياً متوافقاً نفسياً واجتماعياً. 
أما إذا حُرِمَ الطفل من الشعور بحب الوالدين، لأى سبب من الأسباب، فإنه يفقد الشعور بالأمن والطمأنينة، ويصيبه القلق، وتضطرب شخصيته ويصبح عُرضه مستقبلاً للإصابة بالمرض النفسى. 
وقد خاطبت السنة النبوية المسلمين قبل قرون من ظهور آراء علماء الغرب بشأن تلك العاطفة البناءه للصحة النفسية: فقد تعرض الرسول  فى كثير من أحاديثه إلى عدة أنواع من الحب. كحب الله وحب الرسول وحب الناس، وحب الحيوان، وحب الكون، وحب الزوج أو الزوجة، وحب الأبناء، حب المال ..... الخ. 
2- حب الله: 
هو اسمى أنواع الحب الإنسانى، وأكثرها تحقيقاً للسعادة والمتعة الروحية. وهو الأساس الذى تقوم عليه جميع أفعال المؤمن، وهو القوة الموجهة لسلوكه . وحث الرسول  الناس على حب الله لنعمه الكثيرة عليهم. فعن ابن عباس أن رسول الله  قال: "احبوا الله لما يخذوكم من نعمه ... الحديث( )". 
وعن عبد الله بن يزيد الخطمى الانصارى أن الرسول  كان يقول فى دعائه: اللهم أرزقنى حبك، وحب من ينبغى حبه عندك ..... الحديث"( ). 
وعن الرسول  قال( ): من أحب لله، وابغض لله، وأعطى لله، فقد استكمل الإيمان". 

3- حب الرسول 
يأتى حب الرسول فى أعلى درجات الحب الإنسانى رقياً وكمالاً. وحب الله تعالى، وحب الرسول  يكونان معاً ذروه الحب الإنسانى، وأعلى درجاته روحانية وصفاء ونقاء 
وقد أمرنا الرسول  بحبه وحب أهل بيته . وبعدما نزلت آية 24 من سورة التوبة يامرنا فيها الله سبحانه بحب الله والرسول: فقال رسول الله  أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، واحبونى بحب الله . واحبوا أهل بيتى بحبى( ) ويحب أن يكون حب المسلم للرسول  أشد من حبه لنفسه، أو لوالدية او أولاده أو لاى إنسان آخر. فعن أنس أن رسول الله  قال لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"( ). 
ويجد المؤمن فى حبه لله ورسوله  لذه وسعادة لا تعدلها أية لذه وسعادة فى هذه الدنيا، ويشعر بها فى نفسه بحلاوة الإيمان. فعن أنس أن رسول الله  قال: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان. ان يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف به فى النار( )".
4- حب الناس 
ألذ وأمتع شئ فى الدنيا أن الإنسان يحب الآخرين ويشعر بحبهم له وخاصة لو كانوا من أسرته، وأقاربه، وجيرانه، ومجتمعه فالسعادة كل السعادة حينما يشعر الفرد أنه استطاع أن يكون علاقات متعددة تتسم بالمشاركة الوجدانية والاجتماعية والفكرية والثقافية وغير ذلك من أنواع العلاقات الإنسانية التى تربط بكثير من أفراد مجتمعة بداية من أفراد أسرته.
والطفل الذى ينشأ على الحب والحنان والتعاطف والتعاون والود والوفاء والإخلاص، أى الذى ينشأ نشأ سويه يشعر عادة بمحبة للناس جميعاً حيث لا يرى من الدنيا إلا كل شئ جميل، ترى الدنيا من نافذة النور فيقبل على الحياة، ويمد يد العون إلى من يحتاج منهم إلى عون ومساعدة مما يشعره بالرضا، والسعادة وهى من أهم مؤشرات الصحة النفسية ومن هنا تتضح حكمه اهتمام السنة النبوية بدعوة الناس التى التآلف والتواد والتحاب، والتعاون، فارتباط الإنسان بالآخرين بالمودة والمحبة، يقوى انتماءه إلى الجماعة، ويخلصه من الشعور بالقلق الذى ينتج عن الوحدة والعزله عن الجماعة، وهو شعور يعانى منه عادة المريض النفسى. 


فعن الزبير أن رسول الله  قال: "... والذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا ادلكم على ما تحابون به؟ افشوا السلام بينكم"( ). 
عن أبى هريرة أن رسول الله  قال: "المؤمن ما ألف، ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف"( ) 
وعن أبى هريرة أن النبى  ذكر سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ومن هؤلاء: "رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرق عليه....."( )¬¬¬. 
عن أبى هريرة أن النبى  قال فى حديث طويل جاء فيه " ..... أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلماً ......."( ) 
وفى هذا الحديث دعا الرسول المسلمين إلى أن يكون حبهم للناس الآخرين صادقاً وخالصاً من عوامل الاثره أو الشح. 
وحب المؤمن للناس يجب أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى، لا لمنفعه عاجلة أو لغرض شخص، أو سعياً وراء مال أو منصب أو جاه. 
4- حب الأبناء
دعى الرسول  إلى حب الأبناء وحسن تأديبهم ورعايتهم،وكان عليه السلام أسوه حسنه للمسلمين فى ذلك. فقد كان يحب الحسن والحسين رضى الله عنهما، وكان يحنو عليهما، ويعانقهما، ويقبلهما، ويحملهما فوق ظهره. عن البراء، قال:  رأيت النبى  والحسن على عاتقه يقول اللهم أنى أحبه فأحبه وعنه ايضاً : أن النبى  قال اللهم :انصر حسنا وحسينا إنى أحبهما فأحبهما"( ). 
كما كان الرسول  ينصح المسلمين بحسن رعاية الفتيات، فعن ابن عباس أن النبى  قال "من كانت له انثى فلم يئدها ، ولم يهنها، ولم يؤثر ولده عليها( ) أدخله الله الجنة".

وعن عائشة، قالت: جاءتنى امرأه ومعها اثنتان تسألنى فلم تجد عندى غير تمره واحده، فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت. فدخل النبى  فحدثته، فقال: "من بلى من هذه البنات بشىء فأحسن اليهن كن له سترا من النار".
السنة النبوية وتوازن الشخصية
1- الصراع Conflict 
تشير هناء أبو شهبة (2003) إلى أن أهم أسباب اعتلال الصحة النفسية للفرد هو معاناته من الصراع النفسى، والصراع هو العمل المتزامن أو المتوقف للدوافع أو الرغبات المتعارضة أو المتبادلة. وينتج عن وجود حاجتين لا يمكن إشباعهما فى وقت واحد، أو هو اصطدام بين قوتين واحدة تدفع والأخرى تمنع، مما يؤدى إلى التوتر الانفعالى أو القلق واضطراب الشخصية ولا يخلو فرد من الصراع خلوا تاماً ولكن المطلوب والمرغوب أن يكون هذا الصراع فى الحد الأدنى بحيث لا يستنفذ طاقة الفرد النفسية، ويبددها.... ويمكن تمثيل الصراع بين دوافع الفرد وحاجاته بالحرب الأهلية داخل الشخصية فتنهك قواها على سبيل المثال إذا دفع الإنسان تحت تاثير دافعين قوتين متساويين فى القوه ومتضادين فى الاتجاه، فيجذيه أحد الدافعين إلى هدف ما، ويجذبه الدافع الآخر إلى هدف آخر مضاد للهدف الأول، فيشعر الإنسان بحاله من الحيرة والتردد، لا يستطيع معها أن يتجه إلى أى من هذين الهدفين. 
فهو إن اتجه إلى الهدف الأول، فإن قوة الدافع الذى يجذبه إلى الهدف المضاد تشتد فتوقف حركته، وتأخذ فى شدة نحو الاتجاه المؤدى إلى الهدف الآخر المضاد. فإذا أبتعد قليلا عن الهدف الأول تشتد قوة الدافع الذى يجذبه إليه فتوقف حركته... وهكذا يقع الفرد فى حالة من التردد والحيرة بين هذين الهدفين لا يستطيع أن يصل إلى أى منهما وتعرف هذه الحالة بالصراع النفسى. 
وقد وصف الرسول  حالة الصراع النفسى الذى يشعر به المراهق فى تردده بين الانضمام إلى جماعة المسلمين أو إلى جماعة الكفار، وشبهه بحالة الشاه الحائره بين مجموعتين من الضم، فتنضم إلى أحداهما مره وإلى الأخرى مره، ليس لها ثبات فى الاستقرار فى إحدى المجموعتين فعن ابن عمر أن النبى  قال: "مثل المنافق كمثل الشاه العائره بين الغنمين تصير إلى هذه مرة ولى هذه مرة"( ) 
كما وصف رسول الله  الصراع النفسى بين الجانب المادى والجانب الروحى فى الإنسان وصفاً دقيقاً بتمثيله بمثال واقعى يصور هذا الصراع تصويراً حياً دافعياً فقال : "مثلى كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها، جعل الفراش وهذت الدواب التى فى النار يقعن فيها، وجعل يجزهن ويقلبنه فيتحمن فيها، فذلكم مثلى ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار، هلم عن النار، هلم عن النار، فتفلبونى وتقحمون فيه"( ). 
وقد صور رسول الله  فى هذا الحديث صورة الصراع بين الشهوات الحية ومغريات الحياة الدنيوية من جهة، والدوافع الدينية والروحية التى تحث الإنسان على عدم الانغماس فى شهواته وأهوائة من جهة أخرى. 
ولكل من البدن والروح حاجات تتطلب الأشباع. فالبدن يحتاج إلى الغذاء والماء والنوم، وتجنب الحرارة والبرودة والألم، كما يحتاج إلى أليف من الجنس الآخر، وغير ذلك من الحاجات البدنية الضرورية لحياته وبقائه، وللروح أيضاً حاجاته الخاصة به، فهو يتشوق إلى معرفة الله تعالى وعبادته والتقرب إليه بالطاعات والأعمال الصالحة، وقد يقع الصراع بين متطلبات كل من البدن والروح ويعجز الإنسان عن تحقيق قدر معقول من التوازن بينهما فقد يميل إلى الأسراف فى إشباع دوافعه البدنية. وفى كلا الحالتين يحدث انحراف عن الفطرة السليمة، ويحتل التوازن فى شخصية الإنسان. 
واقد اعتنى رسول الله  بتحقيق التوازن بين البدن والروح، وعلى سبيل المثال أنه اعتبر العمل عباده. فمن سعى فى سبيل كسب قوته، وأعاله والديه وزوجته وأولاده، فهو فى سبيل الله. كان الرسول جالساً مع أصحابه ذات يوم فرأى شاباً ذا جلد وقوة قد خرج مبكراً يسعى فقالوا: ويح هذا الشاب. لو كان شبابه وجلده فى سبيل الله ! فقال . "لا تقولوا هذا، فإنه إذا كان يسعى على نفسه ليكفها عن المسألة، ويغنيها عن الناس، فهو فى سبيل الله، وأن كان يسعى على أبوين ضعيفين أو ذريه ضعاف ليعيهم ويكفيهم، فهو فى سبيل الله، وأن كان يسعى تفاخراً وتكازا فهو فى سبيل الشيطان"( ). 
2- الشعور بالأمن النفسى 
يذكر عثمان لبيب خراج (د.ت) أن مؤشرات الصحة النفسية هو الشعور بالأمن النفسى وهذا أيضاً ما أشارت إليه معظم الدراسات السيكلولوجية فى مجال الصحة النفسية الأجنبية والعربية والسنة النبوية المطهرة قد سبقت تلك الدراسات والكتابات، فقد كان رسول الله  دائم الدعوة لأصحابة إلى الايمان بالله تعالى، ودائم الترغيب لهم فى تقوى الله تعالى أخلافى الفوز غفرنه ورضوانه، وفى ثوابه العظيم باليقين الدائم فى الجنة. 
وكان هذا الأمل دافعا قويا لهم فى الاخلاص فى عبادة الله، وفى الاستقامة فى السلوك، وفى الابتعاد عن كل مظاهر الانحراف، مما كان له أثر كبير فى شعورهم بالطمأنينة والأمن النفسى. 
وكان الرسول  يبث فى أصحابه روح الإخاء والتعاون والتماسك أو التكامل الاجتماعى، ويقوى فيهم روح الانتماء إلى الجماعة ، ويقرر بينهم أواصر العلاقات الاجتماعية، ويدعوهم إلى حب الناس، مما جعل المجتمع الاسلامى فى عصر الرسول نموذجاً مثالياً للمجتمع الإنسانى، فالشعور بالحب نحو الأفراد الآخرين والشعور أيضاً بأنه مقبول ومحبوب منهم، من العوامل الهامة لشعور الفرد بالراحة النفسية والأمن النفسى- وقد أشار الرسول  فى حديث عن عبيد الله بن محصن الخطمى أن الرسول  قال: "من أصبح آمنا فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذا فيرها( )". 
ففى هذا الحديث أشار الرسول  إلى ثلاثة أسباب رئيسية للسعادة، وهى الشعور بالأمن فى الجماعة، وصحة الجسم، والحصول على القوت. ولا شك فى أن شعور الإنسان بالأمن النفسى فى معيشته فى الجماعة التى ينتمى إليها، وصحته البدنيه وخلوه من الأمراض، وإشباعه لحاجاته الفطرية بطرق مشروعه من مؤشرات الصحة النفسية. 
(عثمان نجاتى، 1993)

التوصيات والمقترحات
وفى ضوء نتائج الدارسة توصى الباحثة التوصيات الآتية:- 
1- أوصى الآباء والمربين والمهتمين بالأبناء والطفولة والمراهقة والمسئولين عن النشء، إتباع الأساليب التربوية المستمدة من السنة النبوية المطهرة تى نصل بهم جميعاً إلى أجيال أصحاء نفسياً. 
2- توصيه إلى وزارة التربية والتعليم بوضع مناهج دراسية – للمرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية وهما المرحلتين التربويتين التى تقابل مرحلتى الطفوله والمراهقة – نتناول فيها السنة النبوية ومخاطبتها للجانب العقلى والجانب الوجدانى من الشخصية الإنسانية وخاصة فى منهج التربية الدينية. 
3- توصية لوسائل الإعلام والمسئولين عنها فى الوطن العربى والإسلامى بضرورة الاهتمام بصورة أكبر بالسنة النبوية وتوجيهها للصحة النفسية من خلال الدراما المرئية والمسموعة، وكذلك من خلال المقالات وقصص الأطفال المقروءة. 
4- ولا ننسى دور وزارات الثقافة فى الوطن العربى والإسلامى بعمل ندوات إرشادية نفسية دينية لغرس القيم الدينية والخلقية التى اهتمت بها السنة النبوية الشريفة للنهوض بشبابنا ضد الصراعات النفسية الناشئة عن سلبيات الثقافة الغربية التى يستمدها الشباب من القنوات الفضائية والانترنت. 
وفى ضوء نتائج الدراسة يمكن وضع المقترحات لبحوث ودراسات أخرى فى مجال علم النفس الدينى (الإسلامى)
أولا: على المستوى النظرى اقترح الدراسات الآتية :-
1- دراسة أثر السنة النبوية فى توجيه الشباب للابتكار.
2- دراسة السنة النبوية وتنمية الإبداع لدى الأطفال.
3- دراسة السنة النبوية وتوجيه المسلم لمحاربة قضايا الفساد الاجتماعى.
ثانياً: على المستوى التطبيقى اقترح عمل البحوث التالية:
- مدى فاعلية برنامج ارشادى معرفى دينى / سلوكى لتغيير اتجاهات الشباب نحو ادمان الانترنت (المواقع الاباصية) فى ضوء السنة النبوية المطهرة.
- مدى فاعلية برنامج ارشادى معرفى دينى / سلوكى لتغيير اتجاهات الشباب نحو ادمان المخدرات فى ضوء السنة النبوية المطهرة.
- فاعلية برنامج ارشادى نفسى معرفى سلوكى لإرشاد الشباب المعرض للاضطرابات النفسية فى ضوء السنة النبوية المطهرة.
والله الموفق لما فيه الخير لما يرضى الله ورسوله،،،

المراجـــــــع
القرآن الكريم 
1) أ. ى ونسنك، وى ، ب، منسنج (1936-1969) المعجم المفهرس لالفاظ الحديث النبوى، ليدن.
2) ابن منظور (د.ت) "لسان العرب"، إعداد يوسف الخياط، دار لسان العرب، بيروت.
3) أبو الحسين مسلم (1924): "صحيح مسلم ـ شرح النووى) الجزء الثانى المطبعة المصرية ومكتبها، القاهرة.
4) أبو حامد محمد بن محمد الغزالى (د.ت) "أحياء علوم الدين، دار المعرفة"، بيروت.
5) أبو داود سليمان بن الاشعث السجستانى (د.ت): سنن أبى داود تحقيق: حجى الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت.
6) أبو زكريا يحيى النووى "د.ت" رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين دار ابن الهيثم، القاهرة.
7) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن على بن بحر النسائى (د.ت) سنن النسائى، شرح الحافظ جلال الدين السيوفى، دار الكتاب العربى، بيروت.
Cool أبو عبد المالك (1983): مواطأ الإمام مالك، رواية يحيى بن يحيى الليثى، ط7، إعداد أحمد راتب موسى، دار النقائس، بيروت.
9) أبو عيسى الترمذى (د.ت) صحيح الترمذى، شرح الإمام ابن العربى المالكى، دار الكتاب العربى، بيروت.
10) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدرامى (1984): "سنن الدرامى"، تحقيق وتعليق: عبد الله هاشم، فيصل آباد، نشاط أمادة حديث، الكادحى.
11) اسعاد عبد العظيم البنا (1990): دور الادعية الدينية والأذكار فى علاج القلق، الجمعية المصرية للدراسات النفسية، المؤتمر السادس لعلم النفس، بالقاهرة.
12) سعيدة محمد أبو سوسو (1989): أثر التدين على المخاوف لدى طالبات المرحلة الجامعية، مجلة كلية الدراسات الإنسانية، بنات جامعة الأزهر، القاهرة.
13) سعيدة محمد أبو سوسو (1991): سمات شخصية الطفل المسلم، مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر، القاهرة.
14) سعيدة محمد أبو سوسو (2003): "أساليب المعاملة الوالدية واثرها على شخصية الطفل فى ضوء القرآن والسنة".
15) سعيدة محمد أبو سوسو (2004): "رعاية الطفل المعوق وذوى الاحتياجات الخاصة فى الإسلام" مؤتمر جامعة المنصورة بعنوان: تربية الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، مجلد المؤتمر، المنصورة.
16) عبد العلى الجسمانى (1997): القرآن وعلم النفس، الدار العربية للعلوم، القاهرة.
17) محمد عثمان نجاتى (1987): "القرآن وعلم النفس، ط3، دار الشروق، بيروت.
18) محمد عثمان نجاتى (1993): "الحديث النبوى وعلم النفس، ط2، دار الشروق، القاهرة.
19) منصور على ناصف (1975): التاج الجامع للأصول فى أحاديث الرسول ، ط4، دار الفكر، القاهرة.
20) هناء يحيى أبو شهبه (1990): الاتجاهات الوالدية نحو تربية الطفل من منظور إسلامى كما يدركها الذكور والإناث، مجلد مؤتمر الطفولة فى الإسلام كلية الدراسات الإنسانية، جامعة الأزهر، القاهرة.
21) هناء يحيى أبو شهبه (2003): الصحة النفسية للطفل، دار الفكر العربى، القاهرة.
22) هناء يحيى أبو شهبه (2004): "فاعلية برنامج ارشادى نفسى دينى لتخفيف الإحساس بالمشكلات لدى المراهقات الجامعيات" مجلد مؤتمر التوجهات التنموية فى تطوير التعليم الجامعى العربى، جـ2، كلية الدراسات الإنسانية، جامعة الأزهر، بنات القاهرة.
23) هناء يحيى أبو شهبه (2006): "سيكولوجية المرأة بين الشريعة الإسلامية وآراء علماء الغرب" مؤتمر المرأة ، كلية الدراسات الإسلامية والعربية، بنات جامعة الأزهر، القاهرة.
24) هناء يحيى أبو شهبه (2006) "التشخيص والإرشاد والعلاج النفسى فى ضوء الإسلام"، بحث ألقى ونوقش ونشر فى مؤتمر العلاج النفسى رؤية تكاملية، كلية الأداب ، جامعة المنوفية. 
25) هناء يحيى أبو شهبة (1992) الدلالات الكلينكية لاستجابات قاتلة الزوج على اختبار بقع الحبر لروشاح (دراسة حالة)، العدد الواحد والعشرون – السنة السادسة- يناير- الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
26) هناء يحيى أبو شهبة (1990) "دينامية شخصية مدمن الهيروين" العدد الحادى عشر، السنة الخامسة- يناير – مجلة كلية التربية، جامعة الزقازيق.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
 
بحث عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية - بحث علمى عن السنة النبوية وتوجيه المسلم إلى الصحة النفسية
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدي عامر إنفو :: القسم الدراسي والتعليمي :: التوظيف والمسابقات دروس و البحوث :: البحـوث والكتب الجـامعية والمـدرسيـة الشـاملة-
انتقل الى: