تعليم ، كتب ، الرياضة ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات ، أدب وشعر ، الهندسة الإلكترونية بكل أنواعها ، اللغات ، التعليم التقني والجامعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style
date الإثنين 15 مايو - 11:57
date الإثنين 8 مايو - 22:14
date الأحد 19 أغسطس - 16:42
date الأحد 19 أغسطس - 15:17
date السبت 18 أغسطس - 17:10
date السبت 18 أغسطس - 17:00
date السبت 18 أغسطس - 16:56
date السبت 18 أغسطس - 14:52
date السبت 18 أغسطس - 10:07
date الخميس 16 أغسطس - 17:02
date الخميس 16 أغسطس - 16:54
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:13
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:08
date الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style

شاطر
 

 بحث عن صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية - بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

بحث عن صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية - بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة Empty
مُساهمةموضوع: بحث عن صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية - بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة   بحث عن صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية - بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة Emptyالجمعة 2 ديسمبر - 12:35

بحث عن صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية - بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة الإسلاميِّة






تأليف
الدكتور ناصر بن عبد الرحمن بن محمد الجديع
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض


بدأ المؤلف الكتاب بالتعريف بالصخرة ، ثم بيان بناء القبة عليها , وبعد ذلك أوضح مكانة هذه الصخرة في الإسلام , ثم بين حكم تقديس الصخرة ، وأعقب ذلك بعرض الأدلة على عدم تقديس الصخرة وتعظيمها , ثم عرض شبه المخالفين في ذلك مع مناقشتها والرد عليها ، وقد بلغ عددها ست شبهات , وأخيراً ذكر نماذج من البدع الحاصلة حول الصخرة .
ثم ختم البحث بخاتمة دون فيها أبرز النتائج والمقترحات حول هذا الموضوع.

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً ، أما بعد :
فلقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ( صخرة بيت المقدس ) ومن ثم تساءل البعض عن مدى قدسية هذه الصخرة ومكانتها في الإسلام ، فأدليت بدلوي في الكتابة عن هذه المسألة ، والتي لم يتطرق إلى بيانها أحد على وجه التفصيل – على حسب عملي – بل إن عامة ما كُتب حول هذه الصخرة يندرج ضمن الكلام عن فضائل بيت المقدس أو المسجد الأقصى ، الذي نسأل الله تعالى أن يطهره قريباً من أيدي اليهود قاتلهم الله .
كما أن من الأسباب التي دعتني للكتابة في هذه المسألة : الاعتقاد الخاطئ في هذه الصخرة ، والمبالغات الحاصلة حول تعظيمها نظرياً وعملياً لدى بعض الناس ، حتى غلا أحدهم فقال : إن الصخرة في المسجد الأقصى كالحجر الأسود في المسجد الحرام ، وزعم أحدهم أن الدعاء عند الصخرة مقطوع بإجابته .
فأحببت تجلية هذا الموضوع من جميع جوانبه رغبة في إحقاق الحق ورد الباطل ، معتمداً على النصوص الشرعية ، ومستهدياً بمنهج السلف الصالح ، ومستنيراً بأقوال العلماء المعتبرين ، والأئمة المحققين .
وقد سميت هذا البحث : ( صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية ) .
وبعد تأمل مادة موضوع البحث واستقراء جزئياته رأيت أن يتم بحثه وفق عدة فقرات ، كما يأتي :
بدأته بالتعريف بالصخرة ، ثم بيان بناء القبة عليها , وبعد ذلك أوضحت مكانة هذه الصخرة في الإسلام , ثم بينت حكم تقديس الصخرة ، وأعقبت ذلك بعرض الأدلة على عدم تقديس الصخرة وتعظيمها , ثم عرضت شبه المخالفين في ذلك مع مناقشتها والرد عليها ، وقد بلغ عددها ست شبهات , وأخيراً ذكرت نماذج من البدع الحاصلة حول الصخرة .
ثم ختمت البحث بخاتمة دونت فيها أبرز النتائج والمقترحات حول هذا الموضوع.
هذه مقدمة مختصرة عن هذا الموضوع المهم ، الذي قد بذلت فيه جهدي ومبلغ طاقتي ، فما كان فيه من صواب فمن توفيق الله تعالى وتيسيره ، وما كان فيه من خطأ أو سهو أو خلل فمني ومن الشيطان ، وأستغفر الله تعالى من ذلك ، والله المستعان ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .

التعريف بالصخرة :
هي إحدى صخور مرتفعات القدس ، وتقع وسط فناء المسجد الأقصى ، ويبلغ طولها 18 متراً وعرضها 13 متراً تقريباً ، ويتجه جانبها المنحدر إلى الشرق ، بينما يتجه جانبها المستقيم المرتفع إلى الغرب ، وترتفع بعض نواحيها عن سطح الأرض بحوالي متر ، وشكلها غير منتظم ، أما محيطها فيبلغ عشرة أمتار ، ومن أسفلها فجوة هي بقية كهف عمقه أكثر من متر ونصف ، وتظهر الصخرة فوقه وكأنها مُعاَّقة بين السماء والأرض ، وهي محاطة بسياج من الخشب المنقوش .

بناء القبة على الصخرة :
ذكرت المصادر التاريخية أن بناء القبة على الصخرة يرجع إلى عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان حيث أمر سنة 66 هـ ببناء القبة على صخرة بيت المقدس تكنّ المسلمين من الحر والبرد وعمارة الجامع الأقصى – وقد كمل البناء سنة 70 هـ وقيل 73 هـ - وقد وكل عبد الملك للقيام بذلك رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه ، وجمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس ، وأرسل إليهم الأموال الجزيلة وأمر رجاء بن حيوة ويزيد أن يُفرغا الأموال إفراغاً ولا يتوقفا منه ، فبنوا القبة على أحسن بناء ، وفرشاها بالرخام الملون ، وحفّا القبة بأنواع الستور ، وأقاما لها السدنة والخدام بأنواع الطيب والمسك والعنبر والزعفران ، ويبخّرون القبة من الليل ، وجعلا فيها من قناديل الذهب والفضة والسلاسل شيئاً كثيراً ، وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة ، وكانوا إذا أطلقوا البخور شُم من مسافة بعيدة ، وكان الرجل إذا رجع من بيت المقدس إلى بلاده توجد معه رائحة المسك والطيب أياماً ، ويُعرف أنه أقبل من بيت المقدس ودخل الصخرة ، وكان في الصخرة من الفصوص والجواهر والفسيفساء وغير ذلك شيء كثير ، وبالجملة فإن صخرة بيت المقدس لما فُرغ من بنائها لم يكن لها نظير على وجه الأرض بهجة ومنظراً .
ويبلغ ارتفاع القبة حوالي 30 متراً .
ومع مرور الزمن حتى وقتنا الحاضر فقد عمل بعض ولاة المسلمين على ترميم هذه القبة وإصلاحها ، والمحافظة عليها .

مكانة الصخرة في الإسلام

قال تعالى : ( سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لله الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ ) .
وقال تعالى : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهِكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) .
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستقبل في الصلاة بيت المقدس أول الأمر وهي قبلة اليهود ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب التوجه إلى الكعبة فأنزل الله تعالى : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّمَاءِ ) الآية ، فقال السفهاء من الناس وهو اليهود والمنافقون: ما صرفهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ .
وجاء في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قــال : ( صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً ثم صُرفنا نحو الكعبة ) .
وجاء في صحيح البخاري عن البراء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً ، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ، .. ) الحديث .
والمقصود مما تقدم أن بيت المقدس كانت قبلة المسلمين الأولى ، ولكن هل المراد بهذه القبلة صخرة بيت المقدس بالذات ؟.
وللإجابة على هذا أقول : إن هناك آثاراً لبعض التابعين صرحت بذكر الصخرة وأنها كانت القبلة .
ومن ذلك ما رواه الإمام الطبري رحمه الله بإسناده عن عكرمة والحسن البصري رحمهما الله أنهما قالا : ( أول ما نُسخ من القرآن القبلة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل صخرة المقدس ، وهي قبلة اليهود ، فاستقبلها النبي صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهراً ... ) .
كما أن الإمام ابن كثير رحمه الله عند تفسيره للآيات السابقة قد جزم بأن تلك القبلة كانت الصخرة .
فقد قال رحمه الله بعد كلام تقدم : ( وحاصل الأمر أنه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس ، فكان بمكة بين الركنين ، فتكون بين يديه الكعبة ، مستقبل صخرة بيت المقدس ، فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجميع بينهما ، فأمره الله بالتوجه إلى بيت المقدس ، قاله ابن عباس والجمهور ) .
وقد أورد صاحب كتاب ( إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى ) ما يفيد أن صخرة بيت المقدس كانت قبلة المسلمين ، وأن أنبياء بني إسرائيل كانوا يصلون إليها ، واستدل لذلك بما روى فتح بيت المقدس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشار كعباً أن يضع المسجد ، فقال : أجعله خلف الصخرة ، فتجتمع القبلتان ، قبلة موسى ، وقبلة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( ضاهيت اليهود ) .
وممن جزم من العلماء بأن القبلة الأولى كانت صخرة بيت المقدس ، وأنها كانت قبلة اليهود : شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمهما الله تعالى .
وأخيراً لاشك أن اعتقاد كون الصخرة خاصة قبلة المسلمين الأولى يحتاج إلى دليل قطعي يعتمد عليه ، ومهما كان الأمر ، فعلى افتراض صحة ذلك فإن الأمر لا يعدو القول بأن صخرة بيت المقدس كانت قبلة للمسلمين فترة وجيزة ، ثم نسخت بالكعبة .
وهذا هو ما يمكن إيراده فيما يتعلق بمكانة الصخرة في دين الإسلام .
حكم تقديس الصخرة
بما أن الصخرة تقع داخل حدود المسجد الأقصى – كما تقدم – وبما أن الكلام هنا عن حكم تقديس الصخرة ، فلعل من الأجدر التحدث عن مكانة المسجد الأقصى وشيء من أحكامه بإيجاز ، وذلك عبر الوقفات الآتية :
إن المسجد الأقصى أحد المساجد الثلاثة من حيث جواز شد الرحال إليه ، ومضاعفة الصلاة فيه .
جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، ومسجد الحرام ، ومسجد الأقصى ) .
وقد روي أن الصلاة فيه تضاعف بخمسمائة صلاة ، وروي بغير ذلك .
إن الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم كان إلى المسجد الأقصى ، ثم العروج منه إلى السماء ، كما قال تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) .
إن الأقصى اسم للمسجد كله ، ولا يختص بالمسجد القائم بالناحية القبلية الجنوبية ، كما يظنه بعض الناس .
ليس ببيت المقدس مكان يقصد للعبادة سوى المسجد الأقصى ، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
العبادات المشروعة في المسجد الأقصى هي من جنس العبادات المشروعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من سائر المساجد إلا المسجد الحرام ، فإنه يشرع فيه زيارة على سائر المساجد : الطواف بالكعبة ، واستلام الركنين اليمانيين ، وتقبيل الحجر الأسود . أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى وسائر المساجد فليس فيها ما يُطاف فيه ، ولا يُتمَسَّحُ به ، ولا ما يُقبل ، فهذا كله ليس إلا في المسجد الحرام خاصة ، كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
زيارة المسجد الأقصى للصلاة فيه ، والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف مشروعة في أي وقت ، ولا علاقة لهذه الزيارة بالحج ، كما ظنه بعضهم .

من خلال ما سبق اتضح لنا عدم اختصاص الصخرة بمزية معينة في الإسلام ، وإنما هي واقعة ضمن حدود المسجد الأقصى ، وتسري عليها أحكامه ، كمضاعفة الصلاة عندها .
وإن قصارى ما يمكن أن يقال عن مكانتها في الإسلام أنها كانت قبلة لليهود ، وأما المسلمون فقد كانت قبلة لهم فترة من الزمن أول الإسلام ، ثم نسخ ذلك باستقبال الكعبة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه الصخرة : ( كانت قبلة ، ثم نُسخت ، وهي قبلة اليهود ، فلم يبق في شريعتنا ما يوجب تخصيص يوم السبت ) .
وقال ابن القيم رحمه الله : ( وأرفع شيء في الصخرة أنها كانت قبلة لليهود ، وهي في المكان كيوم السبت في الزمان ، أبدل الله بها هذه الأمة المحمدية : الكعبة البيت الحرام ) .
وبما أن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع ، فلا يجوز تخصيص تلك الصخرة بعبادة ، كتخصيص زيارتها للصلاة عندها ، كما لا يجوز تعظيمها ، ولا التبرك بها بأي وجه كان ، كتقبيلها ، أو التمسح بها ، أو الطواف حولها ، ونحو ذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( لا تستحب زيارة الصخرة ، بل المستحب أن يصلي في قبليّ المسجد الأقصى الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين ) .
وقال رحمه الله عن حكم الطواف بغير الكعبة : ( لا يجوز لأحد أن يطوف بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين ، ولا بصخرة بيت المقدس ، ولا بغير هؤلاء ... بل ليس في الأرض مكان يطاف به كما يُطاف بالكعبة ) .
وذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من بدع بيت المقدس : تعظيم الصخرة بأي نوع من أنواع التعظيم ، كالطواف بقبتها تشبهاً بالطواف بالكعبة ، أو التمسح بالصخرة ، أو تقبيلها ، ونحو ذلك .
وبعد أن قررنا عدم مشروعية تقديس الصخرة في الإسلام ، ولا تعظيمها بأي وجه كان ، فسأخصص الفقرة التالية – بعون الله تعالى – لبيان الأدلة على ذلك .

الأدلة على عدم تقديس الصخرة وتعظيمها :
أولاً : لم يرد في مشروعية ذلك دليل من الكتاب ولا السنة ، ما عدا ما روي من الأحاديث والآثار في فضائل الصخرة ، ولكنها لا تخلو من مقال سنداً ومتناً ، حتى قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( كل حديث في الصخرة فهو كذب مفترى ) .
وسيأتي الكلام عن تلك الأحاديث والآثار مفصلاً عند عرض شُبه المخالفين ومناقشتها .
ثانياً : لم يفعل ذلك الصحابة ولا التابعون ممن زار منهم بيت المقدس .
وأفاد الإمام محمد بن وضاح القرطبي – وهو من علماء القرن الثالث – في كتابه ( البدع والنهي عنها ) أنه سمع علماء المدينة يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس فصلى فيه ، ولم يتبع تلك الآثار ، ولا الصلاة فيها ، وكذلك فعل غيره ممن يقتدى به ، وأنه قدم وكيع أيضاً مسجد بيت المقدس فلم يعدُ فعل سفيان .
ثم عقب على ذلك مؤكداً على ضرورة الاقتداء بمنهج هؤلاء الأئمة المعتبرين ، وعدم الاغترار بمن سواهم ، بقوله رحمه الله : ( فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين ، فقد قال بعض من مضى : كم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكراً عند من مضى .. ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – أيضاً – مقرراً منهج السلف الصالح عند زيارتهم بيت المقدس : ( لم يصل عمر ولا المسلمون عند الصخرة ولا تمسحوا بها ولا قّبلوها .. وقد ثبت أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا أتى بيت المقدس دخل إليه ، وصلى فيه ، ولا يقترب الصخرة ولا يأتيها ، ولا يقرب شيئاً من تلك البقاع وكذلك نُقل عن غير واحد من السلف المعتبرين ، كعمر بن عبد العزيز ، والأوزعي ، وسفيان الثوري ، وغيرهم ، وذلك أن سائر البقاع لا مزيّة لبعضها على بعض إلا ما بناه عمر رضي الله عنه لمصلى المسلمين ) .
وقال رحمه الله تعالى في موضع آخر : ( كانت الصخرة مكشوفة ، ولم يكن أحد من الصحابة ، ولا ولاتهم ولا علماؤهم يخصها بعبادة .. ) .
وقال رحمه الله : ( لم يكن الصحابة يعظمون الصخرة ويتحرون الصلاة عندها ، حتى ابن عمر رضي الله عنهما ، مع كونه كان يأتي من الحجاز إلى المسجد الأقصى ، كان لا يأتي الصخرة ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبيناً لزوم إتباع أهل العلم من سلفنا الصالح الذين لم يعظموا الصخرة : ( ومعلوم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين والتابعين بإحسان ، قد فتحوا البلاد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وسكنوا بالشام والعراق ومصر وغير هذه الأمصار ، وهم كانوا أعلم بالدين ، وأتبع له ممن بعدهم ، فليس لأحد أن يخالفهم فيما كانوا عليه ، فما كان من هذه البقاع لم يعظموه ، أو لم يقصدوا تخصيصه بصلاة أو دعاء ، أو نحو ذلك ، لم يكن لنا أن نخالفهم في ذلك ، وإن كان بعض من جاء بعدهم من أهل الفضل والذين فعل ذلك ؛ لأن اتباع سبيلهم أولى من اتباع سبيل من خالف سبيلهم ) .
وما أحسن قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنهSad من كان منكم مستناً فليستنّ بمن قد مات ، فإن الحي لا تُؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا أفضل هذه الأمة ، أبرّها قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ) .
ثالثاً : إن تعظيم الصخرة وتقديسها فيه مشابهة لليهود ، وقد أُمرنا بمخالفة الكفار ، ونُهينا عن التشبه بهم وخاصة أهل الكتاب ، وهم اليهود والنصارى .
ولهذا فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كان في بيت المقدس لما أشار عليه كعب الأحبار أن يصلي خلف الصخرة أنكر عليه ذلك وقــال :
( ضاهيت اليهود ، لا . ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتقدم إلى القبلة فصلى ) .
وفي قول عمر ( ضاهيت اليهودية ) إشارة إلى أن تعظيم الصخرة شأن اليهود ، فكيف نتشبه بهم في ذلك ؟ .

شبه المخالفين والرد عليها

ذكرت في الفقرة السابقة الأدلة على عدم مشروعية تعظيم الصخرة وتقديسها ، ومع ذلك فإن هناك من المتأخرين من خالف ورأى شرعية تقديس الصخرة والتبرك بها متعلقاً ببعض الشبه الشرعية والعقلية .
وسأورد الآن أبرز هذه الشبه مع مناقشتها والرد عليها :
الشبه الأولى : كون الصخرة قبلة المسلمين الأولى :
ويلحظ أن الكثير ممن كتب عن فضائل الصخرة قديماً وحديثاً ينوه بهذا الأمر للصخرة ، وأنه فيه للدلالة على شرفها وقدسيتها ، وأن لها مكانة عظيمة في الدين .
الرد على هذه الشبهة :
يمكن الرد على هذه الشبهة من وجهين :
الوجه الأول : لقد تقدم الكلام قريباً عن هذه المسألة ، وبيان أنه على افتراض صحة كون الصخرة هي القبلة الأولى للمسلمين فإنها قد نُسخت ، وأبدل الله تعالى بها الكعبة ، وأن مجرد هذا الأمر لا يترتب عليه مزية أو حكم .
الوجه الثاني : كما أنه لا يجوز استقبال الصخرة بعد نزول نسخها في القرآن الكريم ، فكذا لا يجوز تخصيصها بعبادة فضلاً عن إحداث بدعة .
وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله : ( من اتخذ الصخرة اليوم قبلة يصلي إليها فهو كافر مرتد ، يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، مع أنها كانت قبلة ، لكن نُسخ ذلك ، فكيف بمن يتخذها مكاناً يُطاف به كما يُطاف بالكعبة ، والطواف بغير الكعبة لم يشرعه الله .. ) .
الشبه الثانية : ما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم في شأن الصخرة ليلة الإسراء والمعراج ، حيث صلى عندها وعرج به إلى السماء منها :
ولقد قرر هذا بعض كتاب الفضائل ، واستدلوا به على مزية الصخرة وفضائل الصلاة عندها .
الرد على هذه الشبهة :
يمكن الرد على هذه الشبهة من عدة وجوه كما يأتي :
الوجه الأول : لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ببيت المقدس ليلة الإسراء والمعراج،ولكن هل كان موضع الصلاة عند الصخرة ؟.
إن خلاصة ما وقفت عليه عند تتبع روايات هذه المسألة في حديث الإسراء والمعراج ما يأتي :
جاء في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضـي الله عـنه : ( أُتيت بالبراق ، فركبته ، حتى أتيت بيت المقدس ، فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء ، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ) .
وجاء في صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( وقد رأيتُني في جماعة من الأنبياء ، فإذا موسى قائم يصلي ، فإذا رجل ضرْب جعْد كأنه من رجال شنوءة ، وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائم يصلي ، أقرب الناس به شبهاً عروة بم مسعود الثقفي ، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي ، أشبه الناس به صاحبكم ( يعني نفسه ) فحانت الصلاة فأممتهم ) .
وجاء في مسند الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى قام يصلي ، ثم التفت ، فإذا النبيون أجمعون يصلون معه ) .
وقد أفادت هذه الروايات أن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في المسجد الأقصى – هكذا دون تحديد موضع معين – وليس فيها ذكر للصخرة البتة .
الوجه الثاني : لم أقف على دليل صحيح يثبت صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم عند الصخرة ، بل جاء مسند الإمام أحمد في قصة بيت المقدس – كما تقدم – قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكعب لما أشار عليه بالصلاة خلف الصخرة : ( لا ، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتقدم إلى القبلة فصلى ) .
الوجه الثالث : أن الروايات الصحيحة لحديث الإسراء والمعراج لم تحدد موضع العروج من المسجد الأقصى ، لا الصخرة ولا غيرها .
فقد جاء في صحيح مسلم على سبيل المثال قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم عُرج بنا إلى السماء ) .
الشبه الثالثة : الاحتجاج بالأحاديث والآثار الواردة في فضل الصخرة :
الرد على هذه الشبهة :
لقد وردت عدة أحاديث وآثار في فضل الصخرة ، منها المرفوع والموقوف والمقطوع .
ولكن بعد التأمل فيها ودراسة أسانيدها واتضح أنها لا تنهض دليلاً على أن للصخرة مزية تُعظم لأجلها ؛ ولهذا قطع العلامة ابن القيم رحمه الله بأن كل حديث في الصخرة فهو كذب مُفترى ، كما تقدم – وإليك التفاصيل :
أولاً : الأحاديث المرفوعة :
حديث رافع بن عمرو المزني رضي الله عنه مرفوعاً : ( العجوة والصخرة من الجنة ) .
أخرجه ابن ماجة في سننه ، والحاكم في المستدرك ،وأحمد في المسند ، والطبراني في المعجم الكبير ، وأبو نعيم في الحلية .
وهذا الحديث مداره على المشمعل بن إياس المزني ، وقد اضطرب في روايته ، فتارة يقول : الصخرة ، وتارة الشجرة ، وتارة بينهما ويشك ، والاضطراب دليل ضعف الحديث ، وبهذا ضعفه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، وأضاف أيضاً : ليس في الحديث ما يدل على أن الصخرة هي صخرة بيت المقدس .
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ( لما أُسري بي إلى بيت المقدس مرّ بي جبريل إلى قبر إبراهيم عليه السلام فقال : انزل فصل ههنا ركعتين ، فإن ههنا قبر أبيك إبراهيم عليه السلام ، ثم مر بي ببيت لحم فقال : انزل فصل ههنا ركعتين ، فإن ههنا ولد أخوك عيسى عليه السلام ، ثم أتى الصخرة فقال : من ههنا عرج ربك إلى السماء ، فألهمني الله أن قلت : نحن بموضع عرج منه ربي إلى السماء ، فصليت بالنبيين ، ثم عرج بي إلى السماء ) .
أخرجه ابن حبان في المجروحين ، وابن الجوزي في فضائل القدس ، والمقدسي في فضائل بيت المقدس ، وقال : ابن حبان رحمه الله بعد روايته له : وهذا شيء لا يشك عوام أصحاب الحديث أنه موضوع ، فكيف بالبُزَّل في هذا الشأن ؟.
وقد عقب الذهبي رحمه الله على هذا بقوله : ( قلت صدق ابن حبان ) . وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن هذا الحديث من الموضوعات المختلقات في حديث الإسراء والمعراج ، وقال عنه : فهذا ونحوه من الكذب المختلق باتفاق أهل المعرفة .
أقول : في إسناده بكر بن زياد الباهلي . قال عنه ابن حبان : شيخ دجال يضع الحديث على الثقات ، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه .
وعن أبي هريرة أيضاً مرفوعاً : ( الأنهار كلها ، والسحاب ، والبحار ، والرياح من تحت صخرة بيت المقدس ) .
أخرجه ابن الجوزي في فضائل القدس ، والمقدسي في فضائل بيت المقدس .
وفي إسناد هذا الحدث غالب بن عبيد الله ، وهو متروك الحديث ، وعليه فالإسناد ضعيف جداً .
وعن أبي هريرة أيضاً مرفوعاً : ( ... إن المياه العذبة ، والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس ) .
أخرجه ابن عدي في الكامل ، وقال عنه : هذا منكر لا يرويه عن الزهري غير الموقري ، وذكره السيوطي في اللآليء المصنوعة ، وقال : لا أصل له ، والوليد كذاب – يعني الموقري - .
حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً : ( الأنهار أربعة : سيحان ، وجيحان ، والنيل ، والفرات ، فأما سيحان فنهر بلخ ، وأما جيحان فدجلة ، وأما النيل فنهر مصر ، وأما الفرات ففرات الكوفة ، فكل ما يشربه ابن آدم فهو من هذه الأربعة الأنهار ، تخرج من تحت الصخرة ) .
أخرجه المقدسي في فضائل بيت المقدس .
وإسناده ضعيف ، حيث إن فيه علتين :
عبد الله بن محمد بن صخر بن القاسم ، لم أجد له ترجمة .
فيه شبيب بن بشر وهو ضعيف .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info متصل
 
بحث عن صخرة القدس في ضوء العقيدة الإسلامية - بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث علمى عن صَخرة القُدس في ضوء العقيدة الإسلاميِّة
» بحث عن جغرافيا القدس الموقع والأبعاد الجغرافية والمساحة - بحث علمى عن جغرافيا القدس
» بحث عن القدس عربية - بحث علمى عن القدس عربية كامل بالتنسيق
» بحث عن القدس عربية - بحث علمى عن القدس عربية كامل بالتنسيق
» بحث عن حقوق الطفل فى الشريعة الإسلامية - بحث علمى عن حقوق الطفل فى الشريعة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدي عامر إنفو :: القسم الدراسي والتعليمي :: التوظيف والمسابقات دروس و البحوث :: البحـوث والكتب الجـامعية والمـدرسيـة الشـاملة-
انتقل الى: