العلاقة بين المريض والطبيب أساس نجاح معالجة الاضطراب الوجداني ثنائي القطب
هذا المرض العقلي المنُتشر بين الناس بنسبة عالية نسبياً تصل إلى 2.5% حسب الإحصائيات العلمية في الدول الغربية، وهذه النسبة قد تزيد في مجتمعاتنا العربية، نظراً لتزاوج بين الأقارب بنسبة عالية، ولأن هذا المرض تلعب الوراثة فيه بمعدل 60% وهو أعلى مرض عقلي للوراثة دورٌ فيه. يتميز هذا المرض بأن المريض يُعاني من انخفاض في المزاج (إكتئاب) والأشد خطورة هو الهوس، حيث يشعر بأنه في قمة السعادة ويتصرف بسلوكيات خارجة عن الإطار الاجتماعي مثل أن يُصبح لا يُقيم حدوداً لما يقوله ويفعله، خاصةً في الأمور الجنسية، حيث يُصبح بذئ اللسان وربما قام بأفعال غير أخلاقية تحت وطأة المرض مثل أن يُقيم علاقة جنسية مع شخص أو أشخاص عديدين تحت وطأة المرض، وهذا ليس لأنه إنسان فاسد ولكن لأنه إنسان مريض. كذلك يُصبح قليل النوم وكثير الكلام وكثير الأفكار ويُعاني مما يُعرف بجنون العظمة حيث يعتقد أنه إنسان مهم أو أنه نبي أو لديه علاقة خاصة بالخالق سبحانه وتعالى. كذلك يُفرط في صرف الأموال مما يوقعه في مآزق مالية قد تكون كبيرة ويعاني من ديون بعد أن تذهب هذه النوبة المرضية. هذا المرض حظي بإهتمام الباحثين والدارسين في مجال الصحة النفسية بشكلٍ كبير وموسع. الأمر الجيد أن هذا المرض يستجيب للعلاج إذا واظب المريض على علاجه وكانت علاقته مع الأطباء المُعالجين جيدة.
دراسات جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت أن العلاقة الجيدة بين المرضى والأطباء المُعالجين أمرٌ ضروري، بل ربما يكون أساس العلاج الناجح للمرضى الذين يُعانون من الإضطراب الوجداني ثُنائي القطب. وحسب هذه الدراسات فإن هذه العلاقة بين الأطباء ومرضى الإضطراب الوجداني ثُنائي القطب أظهرت بأن انتكاسة المرضى، خاصة نوبات الهوس أصبحت أقل بكثير إذا كانت العلاقة وطيدة بين المرضى والمعالجين. أحد هذه الدراسات قام بها مجموعة من الباحثين بقيادة الطبيبة Jennifer Strauss من جامعة ومركز دوك الطبي، في نورث كارولينا.
وقامت هذه المجموعة بدراسة حالة 58مريضاً بإضطراب الوجدان ثُنائي القطب، متوسط أعمارهم 45عاماً، والذين قاموا بتعبئة استبيان ذاتي، يقيس مدى نوعية العلاقة بينهم كمرضى مع أطبائهم المُعالجين، وهذا الاستبيان هو استبيان مدروس ومخصص لقياس العلاقات في الأسبوع الثاني، والسادس، والثاني عشر، والأسبوع الرابع والعشرين (نهاية الدراسة).
بالإضافة لهذا الاستبيان، تم قياس الأعراض بمقياس هاملتون للإكتئاب وهذا مقياس معروف عالمياً لقياس شدة الاكتئاب، وكذلك مقياس لقياس شدة الهوس. كذلك تم تقييم العوامل الإجتماعية بصورة مُقننة، وكذلك تم تقييم الشخصية لجميع المرضى بمقياس موحّد ومُقنن وأيضا تم قياس مدى الإستجابة للعلاج بمقياس علمي مُقنن.
أظهرت هذه الدراسة بأن هناك إرتباطاً وثيقاً بين التحسّن بين الاكتئاب والدعم الإجتماعي.
ووجد فريق البحث بأن العلاقة الجيدة بين الأطباء المُعالجين والمرضى يُقللّ من إنتكاسة الهوس بين المرضى حسب التقييم الذي تم في الأسابيع التي ذكرناها، وتبّين أنه بعد ستة أشهر تكون النتيجة أفضل ما يكون من تحسّن أعراض الهوس.
هذه الدراسة بيّنت أن العلاقة الوطيدة والمهنية وتعاون الطبيب المُعالج والمريض بمرض الإضطراب الوجداني ثُنائي القطب تتحسّن بشكلٍ كبير في هذا الجو الصحي والإيجابي بين المعالج والمريض.
الإثنين 15 مايو - 11:57
