وإذا كانت الهجرة يوما بالجسد من دار الكفر إلي دار الإيمان، فهي ألآن بالقلب من التعلق بالحياة إلي طاعة الله وإتباع سنة رسول الله، هي هجرة من محبة غير الله الي محبة الله ومن عبودية غير الله الي عبودية الله ومن خوف غير الله إلي خوف الله، ومن دعاء غير الله الي دعاء الله وسؤاله!!
لقد ثار المهاجرون علي الخيانة وضياع الامانة: فرغم كل الظروف، النبي صلى الله عليه وسلم- قائد المهاجرين ورسول رب العالمين - يعلم صحابته وكل أمته حرصه على أداء الأمانات التي كانت مودعة لديه إلى أهلها، وهو القائل: أد الأمانة إلى مَن ائتمنك ولا تخن مَن خانك ترك علياً بن أبي طالب رضي الله عنه في فراشه، وهو أمر عجيب، هؤلاء الناس استباحوا دمه وأرادوا قتله، بل أدموه وأذوه وطردوه لكنه لم يشأ قتلهم، ولم يستبيح أموالهم، ولو كلفه ذلك بالمخاطرة بابن عمه، وصدق الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58] والذين من بعده صلي الله عليه وسلم تحملوا أمانة الوطن والمواطن، فلم يحجبهم ظلم وقع عليهم او عزلهم من وظائفهم او تصفية شركاتهم او تعذيب ابنائهم حتي الموت من أن ينقضوا العهد ويخلفوا الوعد ويضيعوا الأمانة وإنما تحملوها ولا زالوا حتي يقضي الله أمرا كان مفعول ا.