متن الحديث
*رواية
رياض الصالحين
وعن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها
قالوا : يا رسول الله ، فما تأمرنا قال : تودون الحق الذي عليكم ،
وتسألون الله الذي لكم ))(161)
( متفق عليه ) .
(( والأثرة )) الانفراد بالشيء عمن له فيه حق .
*رواية البخاري
قال البخاري في صحيحه :
حدثنا محمد بن كثير ، قال أخبرنا سفيان ،عن الأعمش ،
عن زيد بن وهب ، عن ابن مسعود
عن النبي صلىالله عليه وسلم قال:
" ستكون أثرة وأمور تنكرونها ،
قالوا يا رسول الله : فماتأمرنا ؟
قال ": تؤدون الحق الذي عليكم
وتسألون الله الذي لكم "
صحيح البخاري / كتاب المناقب /
باب علامات النبوة في الإسلام /حديث رقم 3335
*رواية مسلم
قال مسلم في صحيحه :
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة،قال حدثنا أبو الأحوص ووكيع ح ،
قال و حدثني أبو سعيد الأشج ،قال حدثنا وكيع ح ،
قال وحدثنا أبو كريب وابن نمير ، قالا حدثنا أبو معاوية ح ،
قال و حدثنا إسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم ،
قالا أخبرنا عيسى بن يونس ، كلهم عن الأعمش ح ،
قال وحدثنا عثمان بن أبي شيبة واللفظ له ، قال حدثنا جرير ،
عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ،عن عبد الله قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها،
قالوا يا رسول الله : كيف تأمر من أدرك منا ذلك ؟
قال:" تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم" 0
صحيح مسلم / كتاب الإمارة /
باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول /
حديث رقم 3430
شرح الحديث
قال المؤلف رحمه الله
ذكر المؤلف هذا الحديث في باب الصبر لأنه يدل على ذلك .
حديث عبد الله بن مسعود فأخبر ـ رضي الله عنه
أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
( إنها ستكون بعدي أثرة )
والأثرة يعني : الاستئثار بالشيء عمن له فيه حق .
يريد بذلك صلى الله عليه وسلم أنه
سيستولي على المسلمين ولاة يستأثرون بأموال المسلمين،
يصرفونها كما شاؤوا ويمنعون المسلمين حقهم فيها .
وهذه أثرة وظلم الولاة ،
أن يستأثروا بالأموال التي للمسلمين فيها الحق ،
ويستأثروا بها لأنفسهم عن المسلمين .
ولكن قالوا : ما تأمرنا ؟
قال : ( تودون الحق الذي عليكم )
يعني : لا يمنعكم استئثارهم بالمال عليكم أن
تمنعوا ما يجب عليكم نحوهم من السمع والطاعة،
وعدم الإثارة وعدم التشويش عليهم ،
بل اصبروا واسمعوا وأطيعوا،
ولا تنازعوا الأمر الذي أعطاهم الله
(( وتسألون الله الذي لكم ))
أي : اسألوا الحق الذي لكم من الله ،
أي : اسألوا الله أن يهديهم حتى
يؤدوكم الحق الذي عليهم لكم ،
وهذا من حكمة النبي صلي الله عليه وسلم ؛
فإنه عليه الصلاة والسلام ـ
علم أن النفوس شحيحة ،
وأنها لن تصبر على من يستأثر عليهم بحقوقهم ،
ولكنه ـ عليه الصلاة والسلام
أرشد إلى أمر قد يكون فيه الخير ،
وذلك بأن نؤدي ما علينا نحوهم من السمع والطاعة
وعدم منازعة الأمر وغير ذلك ،
ونسأل الله الذي لنا ،
وذلك إذا قلنا :
اللهم اهدهم حتى يعطونا حقنا ،
كان في هذا خير من جهتين .
وفيه دليل
على نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛
لأنه أخبر بأمر وقع ،
فإن الخلفاء والأمراء منذ عهد بعيد
كانوا يستأثرون المال ،
فنجدهم يأكلون إسرافا ،
ويشربون إسرافا ، ويلبسون إسرافا ،
ويسكنون ويركبون إسرافـًا ،
وقد استأثروا بمال الناس لمصالح أنفسهم الخاصة ،
ولكن هذا لا يعني أن ننزع يدا من طاعة ،
أو أن ننابذهم ، بل نسأل الله الذي لنا ،
ونقوم بالحق الذي علينا .
وفيه ـ أيضا ـ
استعمال الحكمة
في الأمور التي قد تقتضي الإثارة ،
فإنه لا شك أن استئثار الولاة بالمال
دون الرعية يوجب أن تثور الرعية وتطالب بحقها ،
ولكن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ
أمر بالصبر على هذا ،
وأن نقوم بما يجب علينا ،
ونسأل الله الذي لنا .
تم بحمد الله