تعليم ، كتب ، الرياضة ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات ، أدب وشعر ، الهندسة الإلكترونية بكل أنواعها ، اللغات ، التعليم التقني والجامعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style
date الإثنين 15 مايو - 11:57
date الإثنين 8 مايو - 22:14
date الأحد 19 أغسطس - 16:42
date الأحد 19 أغسطس - 15:17
date السبت 18 أغسطس - 17:10
date السبت 18 أغسطس - 17:00
date السبت 18 أغسطس - 16:56
date السبت 18 أغسطس - 14:52
date السبت 18 أغسطس - 10:07
date الخميس 16 أغسطس - 17:02
date الخميس 16 أغسطس - 16:54
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:13
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:08
date الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعشاطر
 

 عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي Empty
مُساهمةموضوع: عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي   عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي Emptyالجمعة 2 يونيو - 20:29

عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي















1 - أهمية المحبة


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعــد:
فنحن في زمان قست فيه القلوب، وانقطعت فيه أواصر المحبة، وقلبت فيه المفاهيم، ولبس الأعداء ثياب الأصدقاء، وتبارى المبغضون والمعادون ليتزيوا بزي المحبين والمخلصين، في هذا الزمان نحن أحوج ما نكون إلى الحديث عن المحبة، ولا نعني المحبة التي فقدها الناس فيما بينهم، وإنما: المحبة العظمى، التي لا سعادة ولا راحة ولا طمأنينة للقلوب البشرية إلا بها، وهي محبة الله تبارك وتعالى ومحبة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
و المحبة شأنها عظيم وأمرها جليل، فإنها من أعظم أعمال الإيمان، لأن الإيمان قول وعمل كما هو عليه إجماع أهل السنة والجماعة ، والمحبة هي أساس كل عمل من الأعمال، كما أن الصدق هو أساس كل قول من الأقوال، فأعظم أعمال القلوب هما: المحبة والصدق، ولهذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الدين النصيحة } والنصيحة تتضمن الصدق والمحبة معاً، فإنك إذا نصحت لأحد أو نصحت أحداً فإنك تحبه وتصدق له، وهذان هما أعظم أعمال القلوب،والمحبة هي أساس جميع الأعمال سواء أعمال القلوب أم أعمال الجوارح.
فلا دين ولا إيمان لمن لا محبة له، ونعني بذلك المحبة الشرعية أو المحبة الإرادية الاختيارية، لا المحبة الطبعية الفطرية، فهذه المحبة الشرعية الإرادية الاختيارية هي التي وقع فيها الضلال والانحراف، وبسببها عبد غير الله تبارك وتعالى، ووقعت الإنسانية في أعظم ذنب عُصي الله به وهو الشرك به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فلو تأملنا حقيقة العبادة التي خلقنا من أجلها، وخلق الله تبارك وتعالى الجن والإنس لها، لوجدنا أن العبادة إنما هي درجة من درجات المحبة، فمن عبد شيئاً فإنما عبده لأنه أحبه حباً عظيماً في قلبه اقتضى واستوجب ذلك الحب أن يعبده ويطيعه ويرجوه ويخافه ويصرف له جميع أنواع العبادات.
شرك المشركين كان في المحبة


ومن هنا نرى كيف أن المشركين مع أنهم لم يكونوا يشركون بالله تبارك وتعالى شيئاً في الخلق أو الرزق أو التدبير أو الإحياء أو الإماتة ونحو ذلك، إلا أنهم كانوا مشركين بالله تعالى شركاً أكبر وما ذلك إلا لأنهم كما قال الله تعالى فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه [البقرة:165] فبهذا ينحل الإشكال الذي لم يفقهه كثير من الناس في باب الإيمان بالله ومعرفة التوحيد والشرك، وهي أنهم لم يفهموا كيف أن الله تبارك وتعالى يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1] فالمشركون كانوا يعدلون بربهم كما نطق بذلك القرآن، وفي الآية الأخرى تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:97-98] فقد وقع من المشركين العدل بالله، فقد عدلوا به غيره وجعلوه مثله، ووقع منهم التسوية بين الله وبين غيره، فكيف نوفق بين هذا وبين إيمانهم بأن الله هو الخالق والرازق والمدبر كما نطق القرآن في كثير من الآيات بأن الله تعالى متفرد بالخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير الأمر؟
ومن هنا نقول ونعلم أن سبب ذلك هو المحبة، فإنهم لما عظموا وأحبوا هذه المعبودات، وأعطوها من الإجلال والتقدير والانقياد القلبي مثل ما هو لله عز وجل؛ كانوا بذلك مشركين، ولذلك أرسلت فيهم الرسل لتبين لهم أنه لا تُصرف أي نوع من أنواع العبادة إلا لله وحده، فالحب إذاً لله وحده، وهذا هو الحب الشرعي الاختياري الإرادي.
أول شرك وقع في المحبة


وأول أمة ارتكبت الظلم العظيم والشرك بالله هي أمة نوح عليه السلام، وقد قص الله تبارك وتعالى علينا أمرهم، وبين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، فبداية ذلك الشرك كان بالضلال في المحبة، فقد ضلوا في محبة الصالحين: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً [نوح:23] وهؤلاء كما فسرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَْهِ وَسَلَّمَ أسماء رجال صالحين من قوم نوح، كان قوم نوح يحبونهم ويعظمونهم لله وفي ذات الله؛ لأنهم يعبدون الله، ولأنهم أولياء الله عز وجل؛ لأنهم يرونهم أقرب إلى الله منهم، فأحبوهم وعظموهم من أجل ذلك، فلما ماتوا قالوا: نخشى أن تموت ذكراهم بموتهم، فقالوا: لا بد أن نتذكرهم لنحبهم ولنحب الله ولنعبد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما كانوا يعبدونه، فصوروهم، ثم تناسخ العلم وعبدت تلك الصور وأصبحت أصناماً، وأصبحت الصور والأصنام آلهة معبودات من دون الله عز وجل حتى إنه لما بُعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لكل قبيلة من العرب صنمها المسمى بأسماء هؤلاء، كما بين ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الحديث نفسه.
فإذاً معرفة حقيقة المحبة ضرورية جداً، والانحراف فيها قد يوقع في الشرك وفي الذنب العظيم الذي يحبط كل طاعة، ولذلك أيضاً نجد أنه لا بد أن يحب العبد ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأن يحب رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمن لم يكن في قلبه حب لله ولرسوله فهذا ليس بمؤمن وليس بمسلم، بل ذلك مقتضٍ لأن يحبط عمله وترد جميع أفعاله وأعماله، وإن كانت حسنة في ظاهرها، والله سبحانه قد بين ذلك من حال المنافقين الذين يزعمون الإيمان ولكنهم كانوا في حقيقة قلوبهم يكرهون ما أنـزل الله ويكرهون أوامره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فقال: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:9] فلما كرهوا ما أنـزل الله أحبط أعمالهم، وفي الآية الأخرى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة:54]، فالإنفاق والعمل إذا لم يكن عن محبة للمتقرب إليه وهو الله تبارك وتعالى، وإذا لم يكن عن محبة لهذا العمل الذي شرعه الله وأمر به، فإن ذلك لا ينفع صاحبه شيئاً ولا يجدي ذلك العمل مهما كان.
عاقبة شرك المحبة


ومن هنا جاء الوعيد الشديد في حق هذه الأمة إن هي ركنت إلى أي صارفٍ أو مُغرٍ أو ملهٍ عن محبة الله ومحبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24] فهذا فسق وعمل يستوجب الوعيد الشديد: فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [التوبة:24] وهذا الأمر من أول بداياته أن يُذهب الله تبارك وتعالى النصر والعز والتمكين، ويورث تلك الأمة الذل والخسارة والضياع، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديث الذي يقارب معنى هذه الآية: {إذا تركتم الجهاد وتبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر، سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم }، وهذا هو الوهن الذي أخبر عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو حب الدنيا وكراهية الموت، لكن إذا كان الله ورسوله أحب إلينا من كل هذه المغريات والشهوات والملهيات فهذه هي حقيقة الإيمان، ولهذا يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً } ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الحديث الآخر: {ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار } فهذه هي حقيقة أو ضرورة المحبة، أن يكون قلب الإنسان ممتلئاً بحب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحب رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحب ما أمر الله ورسوله به، ولا يكون في قلبه أدنى مثقال ذرة من كره الله، أو كره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو كراهية شيء مما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد وقع في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصة ذكرها الله تبارك وتعالى في القرآن في شأن المنافقين الذين خلت قلوبهم من محبة الله ومحبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -عافنا الله وإياكم من النفاق- يقول الله تبارك وتعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66] فهذه الآيات نـزلت في المنافقين لما أظهروا بغض أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكرههم واستهزاءهم بهم، فهم لم يستهزئوا بالله عز وجل بعباراتهم التي قالوها، ولم يستهزئوا برسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يظهروا بغض الله عز وجل، أو بغض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما أظهروا بغض الصحابة على طريق الاستهزاء بهم، الاستهزاء الذي ينمُّ عما في القلب من بغضاء وعداوة وحقد يتنافى مع المحبة التي أمر الله تعالى بها له ولرسوله وللمؤمنين، فقالوا: {ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أوسع بطوناً ولا أجبن عند اللقاء }، فهم سخروا واستهزءوا بالصحابة الكرام من القراء، بأنهم يقبلون عند الطعام، ويتأخرون عند الفزع وعند مجيء العدو، وكأن حال المنافقين العكس، وهذا هو أبطل الباطل وأكذب الكذب فماذا كانت النتيجة، أنـزل الله تبارك وتعالى هذه الآيات: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة:65] وهذا الذي وقع، فعندما سألهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: إنما كنا نمزح ونلهو ونخوض ونلعب، ولم نكن نقصد الإساءة إلى الصحابة وإلى هؤلاء القراء، فبماذا رد الله تبارك وتعالى؟

أرشد الله رسوله وعلمه كيف الرد عليهم: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة:65] فهم لم يذكروا الله عز وجل في كلامهم ولم يذكروا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي: لم يستهزئوا بهما، وإنما استهزءوا بالقراء، ولكن الرد أتى من عند الله عز وجل: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة:65] ثم يقول: لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:66] فعملكم هذا لا يغفره عذر، ولا يطهره ما تقولون وما تزعمون، بل هذا مخرج لكم من دين الإسلام -والعياذ بالله-.
لوازم ادعاء المحبة


محبة والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تبع لمحبة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومحبة الله من لوازم الإيمان ولا يُحب الله ولا يدعي محبته أحد لا يتابع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولهذا قالت اليهود والنصارى كما حكى الله عنهم: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة:18]، فالدعوى المجردة كلٌ يدعيها، حيث يدعي اليهود أنهم أحباب الله، ويدعي النصارى أنهم أحباب الله، ويدعي أصحاب الضلال أو أصحاب البدع أنهم أحباب الله وأحباب رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن ما الذي يميز ذلك ويصدقه أو يكذبه؟
أقول: هنا آية عظيمة قال عنها السلف : إنها آية الامتحان، التي يقضي الله بها على الدعاوى ويبين الحقيقة من الزيف: يقول الله تبارك وتعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31] فسماها السلف آية الامتحان: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2] فهل الأمر متروك لكل من ادعى دعوى محبة الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعباده الصالحين، وهل هذه دعاوى تقال أم أنها حقائق تصدقها الأقوال والأعمال- أعمال القلوب وأعمال الجوارح-؟
لا، فالأمر أعظم من ذلك: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31] وهذه الآية من تدبرها وجد فيها دلالة عظيمة على ما بلغه القرآن مما لا يبلغه كلام أي أحد، لأنه كلام الله عز وجل، الذي قال فيه: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] فيها بيان وبلاغة عظيمة؛ لأن هذه الآية تضمنت شرطين في آية واحدة، شرطين اتصل بعضهما ببعض، الشرط الأول وهو: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ [آل عمران:31] فـ(إن) أداة الشرط، و(تحبون الله) الشرط، وجوابه فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31]، ثم جعل جواب الشرط شرطاً وجعل له جواباً آخر قال: فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31].
ولهذا إذا أردتم أن تعرفوا فقه السلف الصالح وفهمهم لكتاب الله، وكيف أحبوا الله ورسوله حق المحبة، وذلك عندما فهموا كلام الله وفهموا حقيقة الإيمان، فانظروا إلى قول القائل منهم: "ليس الشأن أن تُحِب ولكن الشأن أن تُحَب ' كيف هذا؟
اليهود قالوا: نحن نحب عزيراً، ونحب موسى، ونحب الله، والنصارى ألّهوا المسيح عليه السلام من دون الله، وقالوا هو ابن الله، فهم يحبونه ويدعون ذلك ويزعمونه، ويرون أنه من محبتهم لعيسى أن يقولوا: إنه ابن الله، وأنه إله، فليس الشأن بأن تُحبوا، لكن الشأن بأن تُحَبُّوا أنتم، أي: أن يحبكم الله عز وجل، ويحمد لكم هذه الأعمال التي تزعمونها والمحبة التي تدعونها، والله يقول: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ [آل عمران:31] فيا من تدعون محبة الله، وما من مؤمن ولا مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا وهو يقول أنا أحب الله، ولو كان في قلبه مثقال ذرة مما يضاد ذلك لما كان مؤمناً، فيقولون: نحن نحب الله، إذاً: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي [آل عمران:31] فإذا اتبعناه ماذا يحصل، فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] فهذا هو الأساس والغرض وهو أن يحبنا الله عز وجل، فلا يحبنا الله إلا إذا كنا متبعين لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظاهراً وباطناً.
أما ادعاؤنا بأننا نحب الله، أو نحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا يلزم منه ذلك، فقد ندعي ذلك ونكون غير محبوبين عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولكن إذا أحبنا الله فلن يحب الله عز وجل إلا من كان حقيقة محباً لله ومحباً لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يكون ذلك إلا لمن كان متبعاً لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يطابق قوله فعله، ولا يأتمر إلا بأمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما كان يفعل الصحابة الكرام.
2 - المحبة الشرعية


الصديق الأعظم أبو بكر رضي الله عنه، بلغ الدرجة العليا في الصديقية؛ لأن هواه وميوله طابقت ما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول، فكان لا يبلغه عن النبي شيء إلا ويقول: [[إن كان قاله فقد صدق ]]، قبل أن يسمعه منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر إلا وهو ممتثل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي   عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي Emptyالجمعة 2 يونيو - 20:29

2 - المحبة الشرعية


الصديق الأعظم أبو بكر رضي الله عنه، بلغ الدرجة العليا في الصديقية؛ لأن هواه وميوله طابقت ما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول، فكان لا يبلغه عن النبي شيء إلا ويقول: [[إن كان قاله فقد صدق ]]، قبل أن يسمعه منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر إلا وهو ممتثل.
محبة أصحاب الرسول له


ثم الصحابة في ذلك درجات في نفس ذلك الأمر، ولهذا لما قال عمر الفاروق رضي الله عنه وهو ثاني رجل في هذه الأمة في الإيمان وفي الدرجة العليا بعد الصديق الأكبر: ' يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ' وانظروا إلى صدق الصحابة رضي الله عنهم، حيث كان يقول ذلك وهو صادق، ومن الذي يزعم أنه يحب رسول الله أكثر من أصحابه، فمن قال ذلك فهو كاذب كائناً من كان.
فهذا الفاروق الذي يلي الصديق في الدرجة يقول: ' لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي -فهل أقره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
قال: لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال: والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الآن يا عمر ' الآن أصبح عمر عمراً ، وأصبح فاروقاً، وأصبح على الدرجة المطلوبة التي ينبغي أن يكون عليها عمر ومن يقتدي بـعمر ، وهو أن يكون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إليه من نفسه {لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين } هذا ما قاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاتباعه وطاعته وتحكيمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل أمر، هي التي تستوجب ذلك وتقتضيه وهي التي تدل وتترجم هذه المحبة، لأنها -كما قلنا- ليست محبة عاطفية، وليست مجرد ميل قلبي، وإنما هي محبة شرعية إرادية اختيارية، وبلا شك أنها مع ميل القلب ومع إرادته، لكن لا نترك ميول القلب وإرادته تذهب ذات اليمين وذات الشمال وإلا لوقعنا في أمور إما أنها انتقاص لمنزلة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإما أنها غلو فيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلو لم تكن محبة شرعية منضبطة بأمر الله ورسوله، فلا بد إذا خرجت عن ذلك أن تذهب تشطح إما يميناً وإما شمالاً، حتى محبة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
أمثلة للانحراف في المحبة


إذا نظرنا إلى واقع الناس، فإن أي إنسان يحب إنساناً مهما كان صادقاً في ذلك الحب وحتى لو كانت أماً تحب أبناءها، لكنها لا تعرف حقيقة هذا الابن، فإنها قد تمدحه بما يسخر منه الناس وتظن أنها تمدحه، والناس يعلمون أن هذا ذم في الواقع، وكذلك محبة أي شخص.
وقد ورد في أثر إسرائيلي -وكما هو معلوم أننا لا نصدق ولا نكذب هذه الآثار، ولكن المقصود منا هو أخذ العبرة- ورد أن عابداً من عباد بني إسرائيل وكان عمله رعي الحمير، وله حمار يرعاه ولا يعرف هذا الراعي من أحوال الدنيا شيئاً، ولكنه كان مجتهداً في العبادة ومجتهداً في طاعة الله فيما يرى وبقدر ما يعلم، فبلغ في نظره من محبة الله عز وجل عنده أنه قال: يا ربي لو أن لك حماراً لرعيته مع حماري، وهذا من المحبة، وهل هو كاذب في هذا الكلام؟
لا، فهذه هي درجة تعظيم الله في قلبه، هذا هو ظنه وهذا غاية ما يعتقد، ولذلك نهينا عن طريق المغضوب عليهم وعن طريق الضالين، وأمرنا باتباع الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فطريقنا طريق الاتباع لا طريق الضلال.
وقد ورد أن الشاعر علي بن الجهم لما قيل له أنت شاعر من شعراء البوادي والصحاري، فلو ذهبت إلى الخليفة ومدحته لأعطاك الجوائز وأصبحت من المعظمين في الدنيا، فقال: أذهب، فذهب إلى الخليفة وأعد قصيدة في نظره أنها لا أمدح للخليفة منها، ولا أشد منها في نظره وفي حدود تعبيره ولغته، ففيها الثناء والتعظيم وفيها التقدير للخليفة، الذي يطمع الشاعر من ورائه بالعطاء الجزل والحياة المترفة في بغداد ، فقال له:
أنت كالكلب في الحفاظ على العهد وكالتيس في قراع الخطوب
فضحك منه الناس، كيف تخاطب أمير المؤمنين وتقول أنت كالتيس وكالكلب؟!
ففعل هذا الرجل هل كان يقصد به الضحك على نفسه؟
هل كان يقصد أن يسيء إلى الخليفة ويسيء إلى نفسه؟
لا، أبداً، لم يقصد ذلك، ولكن هذه غاية محبته وغاية ما يستطيع أن يعبر عنه، لذا قال هذه العبارات.
الغلو في المحبة


والمقصود أن الأمر ليس أمر عاطفة، كما يقول صاحب البردة:
دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

فهو يقول: لا تقل ابن الله وقل أي شيء، فهذا ليس من محبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا من تعظيم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا من تعزيره وتوقيره الذي أمر الله به، فكل إنسان إذا أطلق سجيته فقد يشطح ذات اليمين وذات الشمال، ولهذا الغالبية من الناس انحرفوا في محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخاصة في القرن التاسع والعاشر والحادي عشر، إلى أن أصبح الحال أنك إذا قرأت ما كتبوه عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقارنته بما تعلم وبما يعلمه المسلمون الذين يقرءون سيرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المصدر الأول للسيرة وهو القرآن الكريم، الذي فيه سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفاته وكثير من أعماله وأحواله وحدود بشريته وحدود مقامه في القرآن، وأيضاً في الأحاديث الصحيحة، فإذا قارنت ذلك مع ما تقرأه لهؤلاء المتأخرين عن وصف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطابقته بما تجده في القرآن والسنة تجد الفارق العجيب، تجد أن هؤلاء لا يتكلمون عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك الإنسان المكرم الذي أوحى الله إليه، وأنزل إليه الروح الأمين، وهدى به العالمين، ونشر به وقوم به الملة المعوجة، وفتح به الآذان الصم، والقلوب الغلف، والأعين العمي و....، مما هو معروف من صفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل عن شخصية غريبة أسطورية لا تظن ولا تتوقع أنها وجدت على هذه الأرض أو توجد، فيصفونه بأنه خلق من نور الله، وأنه وجد قبل الكائنات، وأنه حي أبداً، وأنه يحضر كل مكان يقام له فيه محافل بدعية وما أشبه ذلك، وأنه يتكلم ويرى ويسمع ويخاطب، ويُرى في اليقظة، ويأمر وينهى ويشرِّع، ويخاطب الأولياء ويقول لهم أشياء وصفات غريبة، إذا قارنتها بما تعلم من صفات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، علمت أن هذا ليس هو رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الذي نعرف صفته من القرآن ومن السنة الصحيحة، فبلغ بهم الغلو إلى هذا الحد -نسأل الله العفو والعافية-.
ومع ذلك يزعمون ويدعون أن ذلك محبة واتباع وأن من خالفهم في ذلك فهو عدو للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو مبغض له، وهذا هو المعيار الذي جعلوه، أما ما جعله الله في كتابه فهو قوله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31] وقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] فهذا هو الذي أمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى به، وقال: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] وقال في سورة النور: وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ [النور:47] وإن ادعوا الإيمان وإن ادعوا المحبة لا يمكن أن يكونوا مؤمنين ولا محبين إذا خالفوا ما أمر الله به وما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأعظم ما جاء به المرسلون صلوات الله عليهم هو التوحيد، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36] فهذا أعظم شيء جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاهد الناس فيه.
وقد قال له ربه عز وجل وهو المجاهد في التوحيد وللتوحيد، والذي سد كل الذرائع إلى الشرك: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66] والخطاب لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إمام الموحدين، المجاهد في ذات الله، وعمره كله في توحيد الله يقول له ربه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] وكما قال من قبل لإبراهيم الخليل، وهو إمام الموحدين قبله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ.. [الحج:26] فنهاه عن الشرك كما نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونحن من بعدهما تبعٌ لهما، فإذا كان هذا أعظم ما أمر الله تعالى به وأعظم ما جاء الأنبياء به وعلى رأسهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد ولد آدم يوم القيامة، الذي أظهر الله تبارك وتعالى به الدين القويم، ونشر الله به دينه وأظهره على الدين كله، حتى دانت له الأرض جميعاً إلا ما قل، وإذا كان التوحيد هو أعظم الأمور عند النبي صلى الله عليه سلم فأعدى عدو له هو من يأتي بالشرك، ومن يدعو إلى الشرك، كائناً من كان وزاعماً ما زعم من محبة الله أو محبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فالرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقبل من أصحابه أن يرفعوه فوق منـزلته التي أنزله الله إياها، مع ما كانوا يقدرونه ويوقرونه ويعزرونه وهم أعرف الناس بذلك، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: [[ما كان أحد أحب إلى أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أبداً لا يمكن أن يكون أحد، وقال:- وما كانوا يقومون له لعلمهم أنه كان يكره ذلك ]] مع هذه المحبة العظيمة للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كانوا يتتبعون آثار وضوئه، ويأخذون شعره إذا حلق، ويتمنون أن يصافحوه أو أن يروه، فمجرد رؤيته كانت شيئاً عظيماً بالنسبة لهم، ومع محبتهم العظيمة له كان إذا دخل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرادوا أن يقوموا له -لأنهم يشعرون بالمحبة- ولكن لا يفعلون ذلك لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكره ذلك، وقد نهاهم عنه، وقال: {إنما هذا فعل الأعاجم مع ملوكهم } فهذا ليس من دين الإسلام، وليس من اتباع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولهذا لا يفعلونه مع شدة محبتهم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تلك المحبة التي كانوا يحتسبونها عند الله على أنها أعظم عمل من الأعمال كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه: {قدم أعرابي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما أعددت لها؟
فقال: ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة، غير أني أحب الله ورسوله، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المرء مع من أحب، يقول أنس رضي الله عنه: فما فرحنا بشيءٍ يومئذٍ فرحنا بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المرء مع من أحب فأنا والله أحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر وأرجو أن أحشر معهم }.
فهم كانوا يعرفون المحبة ويحتسبونها كأعظم عمل من الأعمال، ويرجون بها أن يبلغوا من المنـزلة والدرجة ما لا تبلغه أعمالهم من المنـزلة والدرجة، ولكن مع ذلك ورغم هذه المحبة وعمقها، هل كانوا يخالفون أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى فيما يتعلق بتعظيمه؟
لا، لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سد جميع الطرق والذرائع التي تؤدي إلى ذلك.
3 - مقام العبودية والرسالة بين الغلو والتفريط


وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين : {من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.. أدخله الله الجنة على ما كان من العمل } والشاهد فيه قوله: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله)، فهذه هي الشهادة التي استهان بها من ضل في محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: كل الناس يقولون هو عبد الله ورسوله، ونحن نريد شيئاً جديداً وخيل إليهم أنهم بغير ذلك يعظمونه ويعزرونه ويوقرونه، وكأن هذا لا يكفي، مع أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما نص عليه، ولهذا قال العلماء في شرح هذا الحديث: إن هذا الحديث تضمن الرد على الطائفتين المنحرفتين في شأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الطائفة التي غلت فيه، والطائفة التي قصرت في حقه وفي محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذه فكلمة ( عبده وسوله) عظيمة غير هينة، كيف ذلك؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي   عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي Emptyالجمعة 2 يونيو - 20:30

وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين : {من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.. أدخله الله الجنة على ما كان من العمل } والشاهد فيه قوله: (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله)، فهذه هي الشهادة التي استهان بها من ضل في محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: كل الناس يقولون هو عبد الله ورسوله، ونحن نريد شيئاً جديداً وخيل إليهم أنهم بغير ذلك يعظمونه ويعزرونه ويوقرونه، وكأن هذا لا يكفي، مع أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما نص عليه، ولهذا قال العلماء في شرح هذا الحديث: إن هذا الحديث تضمن الرد على الطائفتين المنحرفتين في شأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الطائفة التي غلت فيه، والطائفة التي قصرت في حقه وفي محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذه فكلمة ( عبده وسوله) عظيمة غير هينة، كيف ذلك؟
أقول: قوله (عبده): هذه الكلمة هي أعظم مدح يمدح به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أن يكون عبداً لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مع تضمنها ألا يزاد عن قدره، لأنه مهما كان فهو عبد، فالعبودية هي أخص أوصافه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا قيل عبد الله ورسوله فهو ينصرف إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث الشفاعة، عندما قال عيسى عليه السلام عندما جاءه الناس يستشفعون به: {اذهبوا إلى محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر }، ولما خير رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين العبودية والرسالة وبين الملك والرسالة، فاختار أن يكون عبداً رسولاً، فالعبودية أكبر من الملك وأكبر من كل شيء، قد وصفه الله بالعبودية في أعظم وأشرف أحواله، فقال جل شأنه: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الإسراء:1] فلم ينل أحد من المخلوقين الدرجة التي نالها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ليلة الإسراء، فهذه الحادثة العظيمة العجيبة التي لم يبلغها أحد، قال الله في وصفه وهو يخبر عن هذا الحدث العظيم: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:1] أي: كامل العبودية الذي استحق هذه المنقبة وهذه المفخرة العظيمة التي لم ينلها أحد غيره. وهذا في مقام التعظيم.
وفي مقام الدعوة قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عنه وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً [الجن:19] أي الذي لا عبد له سواه، والحقيقة أن المقصود منها أي: لا عبد كامل العبودية أو لا عبد وصل إلى كماله الذي وصله في كمال العبودية.
فإذاً العبودية أمرها عظيم، فإذا وصفت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه عبد الله ورسوله فقد وصفته بأخص أوصافه وأعظم أوصافه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع ذلك يُشعر هذا الوصف بأنك لا تتجاوز به حده، فهو عبد مهما ترقى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو يترقى في مقام العبودية، وما أكرمه الله تعالى به من شيء، أو أطلعه على شيء من الغيب، أو سخر له شيئاً مما في السماوات أو في الأرض، أو امتن عليه بأي أمر خارق عظيم، فهو بتحقيقه للعبودية ولبلوغه كمال العبودية.
فمن دعاه أو استغاث به مع الله أو من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أو من قال أنه يتصرف في الكون كما يشاء، أو أنه يعلم الغيب كله، أو أن بيده مقاليد كل شيء، ويعلم متى تقوم الساعة، وغير ذلك مما قاله المفترون والمبطلون، فهذا معتقداً أن محمداً عبد الله، لأنه أعطاه وأصبغ عليه صفات الألوهية، فهذا ناقض لقوله (عبده) هذا طرف.
والطرف الآخر: هم المفرطون المقصرون في محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي اتباعه، فكلمة (ورسوله) توحي بأنه لا رسول له إلا هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي الحقيقة أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرسول الكامل الرسالة الذي بعث لجميع العالمين، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] وقال: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ [سبأ:28] وبدين عام شامل لكل ما يحتاج إليه الإنسان مما يقربه إلى ربه، ومما يحقق له السعادة في معاشه وفي دنياه، فالرسول الكامل الرسالة هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمن لم يحب هذا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو لم يشهد أنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن اتبع شرعاً غير شرعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو لم يشهد أن محمداً عبده ورسوله، قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] فمن قصر في متابعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن قدّم قول أحد على قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كائناً من كان؛ فإنه لم يشهد حقيقة الشهادة بأن محمداً رسول الله، لأن مقتضى ذلك ومعناه أن يُحبَّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر حتى من النفس، قال تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب:6] فيحب ويعطى الأولوية حتى على النفس؟
وكونه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقتضي أن يصدق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل خبر يخبر به، دون أن نعرض ذلك الخبر على رأي فلان أو فلان، أو أي مقياس من المقاييس، وأن نطيعه في كل أمر ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وأن نبتعد عن كل ما نهى عنه وزجر، وألا نعبد الله تبارك وتعالى إلا بما شرع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو العبد الكامل العبودية، والرسول الذي بين الدين وأكمل الله به الرسالة وختمها، فنعبد ربنا كما شرع صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نبتدع في دين الله ولا نزيد ولا ننقص ولا نضل ولا ننحرف، فبذلك نكون قد حققنا الشهادة، وهي أن محمداً عبده ورسوله، وهذا هو أكمل وأخص أوصافه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
4 - انحراف الأمة الإسلامية في المحبة


والأمة الإسلامية قد وقعت في كلا طرفي الانحراف، فوجد منها من غلا في رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أخرجه عن العبودية فجعله إلهاً معبوداً من دون الله تبارك وتعالى، وهذا ماحصل من كثير من الطوائف وحصل حتى مع غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عباد الله من الصحابة، كما فعل مع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، أو الحسين أو من التابعين أو من بعدهم من عباد الله الصالحين، أو من يدعي صلاحهم، فحصل الغلو وفتح هذا الباب الذي هو باب هلاك، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إنما هلك الذين من قبلكم بالغلو } لما غلو في الدين وغلو في أنبيائهم فغلت هذه الأمة تبعاً لهم، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذه بالقذه حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه } فرفع هؤلاء أنبياءهم فوق حقيقتهم، ورفعت طوائف من هذه الأمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوق حقيقته التي هي معلومة بصريح القرآن وصريح السنة، وهذا ما وقع وعَمَّ به البلاء، وواجب على كل من يؤمن به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحبه -جعلنا الله وإياكم منهم- أن يدافع عن التوحيد ويسد الذرائع المفضية إلى الشرك، بأن يبين للناس منزلة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحقيقية، ويحذرهم من الوقوع في الشرك ومن الغلو فيه.

والجانب الآخر: وقع فيه أكثر المسلمين من العامة، بل حتى من العلماء وغيرهم، وهو أنهم قصروا في متابعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقدموا أحوال غيره على أحواله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت مصيبة المسلمين في العشرة القرون الماضية أنهم يقدمون أقوال بعض العلماء على قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويتعصبون لهم، وهذا بخلاف ما أمر به أولئك العلماء الأجلاء أنفسهم، وكان ذلك يُعدُّ -وهو كذلك- تقديماً بين يدي الله ورسوله، وإساءة للأدب مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولما ناظر ابن القيم رحمه الله أحد هؤلاء ممن يأتيه الحديث الصحيح فيرده لأن فلاناً قال كذا، فقال له: أرأيت لو أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيٌّ الآن يخاطبنا بأمرٍ وقال: افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا، أكنت تأتمر بأمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو تقول: أعرض هذا الأمر على قول فلان، أو هذا الأمر يخالف ما قاله فلان من الناس؟
قال: بل أمتثل وأبادر تواً وفوراً، قال: فما الفرق؟
فإذا كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد لحق بالرفيق الأعلى فسنته وأمره بعد وفاته كأمره في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا بد من التأدب مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتأدب مع سنته كما كان التأدب مع شخصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته، بألا يقدم أحد بين يدي الله ورسوله، ولا يرفع صوته فوق صوت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكذلك يجب أن يتأدب معه بعد وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألا يرفع رأياً فوق سنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهذه كانت مصيبة الأمة الإسلامية التي حلت بها إلى أن جاءنا الغزو الفكري الحديث، وجاءنا الضلال الكبير الذي وقعت فيه الأمة في الأزمنة الأخيرة، وهي أنها قدمت القوانين الوضعية والأحكام البشرية على كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأعرضت عما جاء به من الكتاب والسنة والهدي، فحصل بذلك الضلال العظيم، وحصل الكفر المبين لكثير من الناس الذين شَرَّعوا هذه القوانين وسنوها وألزموا الناس بها -نسأل الله العفو والعافية-.
فلم يعد للمسلمين في كثير من البلاد شيء يتمسكون به إلا أنهم يؤدون بعضاًَ من الشعائر التي تشابه ما يؤديه النصارى من الشعائر، أما حقيقة الإيمان والاتباع الكامل وحقيقة الإذعان الذي هو حقيقة الشهادة بأن محمداً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد أشرك به غيره، وأصبح الاتباع لغيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمناهج التعليم، ومناهج الحياة، ومناهج الاقتصاد كل هذه تؤخذ من غير شرعه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم مع ذلك يقولون: نحن نحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ويوجد فيهم من يقول: إنه يحب الله ورسوله، فيأكل الربا أو يستحله ويزعم أنه يحب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! ويوالي أعداء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليهود والنصارى والمجوس والبوذيين ويزعم أنه يحب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
إذا ما نظرنا إلى واقعنا اليوم -مثلاً- التاجر الذي يستقدم العمال الكفرة، هل هذا في الحقيقة محققاً لمحبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!
لِمَ لا يأتي بالمسلمين؟
يأتي بمن لو سأله عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقال: دجال كذاب مفتري -والعياذ بالله- فيأتي به ويكرمه ويعطيه المبالغ العظيمة التي ربما كانت أكثر مما يعطي المسلم، ثم يقول: أنا أحب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهل هذا حق؟!
وكيف تقرأ أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يبغض الزنا، والربا، والنفاق، ثم تأتي ويقع منك الزنا والربا والنفاق والغيبة والنميمة والإساءة إلى الجار والخيانة، كل ذلك مما يتنافى مع دعوى محبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا لا يرضاه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولو رأى ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغضب أشد الغضب، وتألم أشد الألم، ثم يفعله من يفعله ويقول: أنا أحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!!
فهذا هو المعيار، وبهذا نعرف أين نحن من محبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا حكمنا غير شرعه وأطعنا غير أمره، وصدقنا غير خبره، وعبدنا الله بغير سنته، فماذا بقي لنا من محبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!!
والواقع كثير، وظلامه كثيف، والانحرافات كثيرة، ولكن هذا كله لا يعفينا من أن نقول الحقيقة، وأن ندعو إليها، وأن نبدأ بأنفسنا، وأن نعرف أين نحن من الشهادة لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعبودية والرسالة التي أمرنا الله بها، وهل محبتنا وهوانا وقلوبنا وخيرتنا تبعاً لما يقضيه الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أم أنها تتبع الهوى وإن ضربنا بما جاء به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفحاً؟
فهذا هو المحك، وهذا هو المعيار.
نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، ونكتفي بهذا المقدار، وفي أسئلتكم ما يذكرنا بما أنقصنا ولا بد أننا أنقصنا، فالحديث عن محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طويل وعظيم، ونحن دون أن نوفيه حقه، نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم من المحبين له حق المحبة، المطيعين له حق الطاعة، إنه سميع مجيب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
 
عناصر إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول , ندوه للشيخ الدكتور سفر بن الحوالي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المؤامرة على الإسلام , الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
» تكفير أهل القبلة , الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
» جوانب من توحيد الألوهية . الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
» لقاء مع طلبة الجامعة , الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
» مفهوم الدعوة , رحلة التوحيد , الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدي عامر إنفو :: منتديات اسلامية :: المنتدي الاسلامي العام :: الفقه الاسلامي والفتاوي الدينية والاعجاز العلمي والصوتيات-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: