تعليم ، كتب ، الرياضة ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات ، أدب وشعر ، الهندسة الإلكترونية بكل أنواعها ، اللغات ، التعليم التقني والجامعي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
style
date الإثنين 15 مايو - 11:57
date الإثنين 8 مايو - 22:14
date الأحد 19 أغسطس - 16:42
date الأحد 19 أغسطس - 15:17
date السبت 18 أغسطس - 17:10
date السبت 18 أغسطس - 17:00
date السبت 18 أغسطس - 16:56
date السبت 18 أغسطس - 14:52
date السبت 18 أغسطس - 10:07
date الخميس 16 أغسطس - 17:02
date الخميس 16 أغسطس - 16:54
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:13
date الأربعاء 15 أغسطس - 18:08
date الأربعاء 15 أغسطس - 10:21
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعشاطر
 

 أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:27

سبل الإسلام في القضاء على ظاهرة التشاؤم والتطيّر

لم يترك الإسلام البشريّة نهبةً لهذه الأفكار الباطلة والمعتقدات البالية خصوصاً مع ارتباطها بصميم العقيدة وتعلّقها بحياة كثير من الناس، فقد أبانت الشريعة المنهج السليم والعلاج القويم الذي يعيد التوازن للنفس والرشد للعقل، لتتمكّن من النظر المتبصّر والفكر المتعقّل في التعامل مع مختلف القضايا ، وبعد تشخيص الداء يكون وصف الدواء.

فإذا كان أصل العلّة ومنشؤها النظر المشوّش للمستقبل، فهنا يأتي التذكير بمسألة الإيمان بالقضاء والقدر وضرورة الرّضا بالمقدور والتأكيد على ركنيّته، فلسنا إذن أمام سنّة مستحبّة ولا مجرّد واجبٍ مطلوب، بل نحن أمام سادس ركنٍ من أركان الإيمان لا يتمّ إيمان العبد إلا به، ومن خلاله نؤمن بعلم الله الأزلي الواسع، الذي أحاط بكل شيءٍ علماً، وأنه لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماوات والأرض، وبأنّ الله سبحانه وتعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وأمر القلم أن يكتب كلّ ما سيحدث حتى قيام الساعة، وأنه لا يقع شيء في الكون إلا بمشيئته وإرادته سبحانه وتعالى، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن نؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأنه هو الذي يُدبّر الأمور ويُصرّف الأقدار، كما دلت على ذلك النصوص الشرعيّة الكثيرة.

فإذا تكاملت هذه الصورة أورثت العبد القدرة على مواجهة المصائب والأحداث، فلا يستسلم أو ينهار ، ولا تضعف نفسه أو يعيش رهن المخاوف، ولا يجد الهلع إليه سبيلاً، بل تجده مطمئنّ النفس هاديء البال، لأنه يعلم أن الله هو المعطي وهو المانع، وأن الرزق مقسوم والأجل محدود، فيسلَّم أمره إلى ربّه ، ويقنع بما رُزِق، موقناً بأن ما كُتب له سيأتيه ولو لم يرد أهل الأرض، وأن ما لم يكتب لن يأتيه ولو وقفت معه جميع الخلائق.

والمطلوب من العباد أن يُحسنوا الظنّ بخالقهم ورازقهم ومدبّر أمورهم؛ فإن الله لا يخيب لا يخيب أمل آمل، ولا يضيع عمل عامل، يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( قال الله عزّ وجل: أنا عند حسن ظنِّ عبدي بي ) متفق عليه، وهذا الرجاء من العبد لخالقه مرتبطٌ بتمام ثقته بالحكمة الإلهيّة وتمام عدله وإحسانه، فإذا قضى للعبد ما يرجوه ويريده من مسارّ الدنيا ومطلوباتها فذلك من نفحات إحسانه، وإذا قضى عليه ما يسوؤه ويحاذره أيقن أن الخيرة فيما اختاره الله له، وأن مآلات ما جرى عليه خيرٌ للعبد في دنياه وآخرته، فيستوي عنده العسر واليسر، وينشرح صدره لذلك.

وحين يُقدم المرء على أمرٍ ويخاف ألا يكون في صالحه فلا عليه سوى أن يُلقي بظنونه وراء ظهره، ثم يُسلم أمره لله ويتوكّل عليه ويفوّض أحواله إليه، ومن توكل عليه كفاه، ومن لاذ بحماه حفظه ووقاه، ولذلك قال ابن مسعود: "وما منا إلا..ولكن الله يذهبه بالتوكل" رواه أبو داوود.

لكن قد يقف المرء أحياناً أمام مفترق طرقٍ ويُخيّر بينهما فلا يدري أيهما يختار وماذا يُرجّح، فبدلاً من اللجوء إلى تصرّفات غير عقلانيّة كزجر الطير حقّق الله هذه الحاجة من خلال تشريع أمرين اثنين، أولهما: المشورة، وهي التي تمكّن الإنسان من اختيار الأصلح والأنفع من خلال تبادل الرأي مع أرباب العقول الراجحة، والبديهة الحاضرة، والفهوم السليمة، بعد النظر في آرائهم، والتأمّل في مقترحاتهم، ومعلومٌ أن الصواب إلى الجماعة أقرب، وتأكيداً لذلك طبّق النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا المنهج على نفسه فعلى الرغم من سداد رأيه وثاقب نظره وتسديده بالوحي لم يكن أحدٌ أكثر مشورةً لأصحابه منه عليه الصلاة والسلام، ليكون أنموذجاً عمليّاً وقدوة حيّة للبشريّة.

أما الأمر الآخر فهو ما شرعه الله لنا من الاستخارة، وهي العلاج الناجع لمن اختلطت عليه الأمور والتبست عليه، فلم يستطع أن يوازن بين الاحتمالات ويحسم أمره في الاختيار، فيلجأ إلى الله تعالى بعد أن يتبرّأ من حوله وقوّته ويطلب منه أن يوفّقه إلى خير الأمرين، وباللجوء إلى عالم الغيب والشهادة تزول الحيرة فلا يُقدم المرء إلا وهو واثق النفس.

والاستخارة بصلاتها ودعائها قبل الشروع في الأمور عظيمة الأثر كثيرة النفع، ولذلك كان النبي –صلى الله عليه وسلم- شديد العناية بها حريصاً على تعليمها، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: " كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال في عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به )" رواه البخاري.

ولا مراء في أن الاستخارة تحوي من أسرار الشريعة وكمالها وعظمها ما لا تهتدي إليها العقول على وجه التفصيل وإن أدركتها جملة، فقد: " عوّض رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أمته بهذا الدعاء عما كان عليه أهل الجاهلية من زجر الطير والاستقسام بالأزلام الذي نظيره هذه القرعة التي كان يفعلها إخوان المشركين يطلبون بها علم ما قسم لهم في الغيب، عوّضهم بهذا الدعاء الذي هو توحيد وافتقار وعبودية وتوكل وسؤال لمن بيده الخير كله، الذي لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يصرف السيئات إلا هو، الذي إذا فتح لعبيده رحمةً لم يستطع أحد حبسها عنه، وإذا أمسكها لم يستطع أحد إرسالها إليه، من التطير والتنجيم واختيار الطالع ونحوه، فهذا الدعاء هو الطالع الميمون السعيد، طالع أهل السعادة والتوفيق الذين سبقت لهم من الله الحسنى، لا طالع أهل الشرك والشقاء والخذلان الذين يجعلون مع الله إلهًا آخر".

وإذا عرض للعبد شعور بالتطير والتشاؤم ، فعليه ألا يلتفت إليه، وإذا وقع في نفسه شيء من ذلك ردّه بالدعاء النبوي : ( اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك ) رواه أحمد، ويقول أيضاً: (اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك) رواه أبو داوود .

ومن سبل العلاج التي جاءت بها الشريعة النهي ابتداءً عن تنفير الطيور عن أعشاشها، وهو المذكور في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (أقروا الطير على مكناتها) رواه أبوداوود، وقد مرّ معنا من قبل معنى الحديث.

وفي مقابل الطيرة والتشاؤم تأتي عادة حسنة دعا إليها الإسلام، وهي التفاؤل، فقد كان – صلى الله عليه وسلم – يعجبه الفأل رواه أحمد . وكان: ( إذا خرج من بيته يحب أن يسمع: يا راشد يا نجيح ) رواه الترمذي وصححه .

والتفاؤل يبعث في النفس الرجاء في عطاء الله وتيسيره، فيقوى عزمه، ويتجدد أمله في نجاح مقصوده، ويحمله التفاؤل على صدق الاستعانة بالله، وحسن التوكل عليه، فلا يعدو سماع الكلمة الطيبة أن يكون محركاً وباعثاً للأمل عنده.


رد مع اقتباس
#2
قديم December 2, 2016, 07:34 PM
منتهى الحنان

Icon23 أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم (6)
أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم (6)

هل الشؤم ثابت في الدار والمرأة والفرس؟

على الرغم من وضوح التصوّر الحاصل تجاه مسألة التشاؤم، إلا أنه قد ورد في السنّة حديثاً يوهم خلاف ما تقرّر من نفي التشاؤم والنهي عنه، في عدد من الأحاديث الواردة عن ثمانية من الصحابة رضوان الله عليهم مع اختلافٍ يسير بين نصوص تلك الأحاديث، وسوف نستعرض تلك الروايات ثم نورد مسالك العلماء في الجواب عن الإشكال الحاصل وإزالة وجه التعارض.
رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ( إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار) رواه البخاري، وثمّة رواية أخرى من غير طريق الزهري عن ابن عمر رضي الله عنهما ليس فيها هذا الجزم مذكورة في الصحيحين، ونصّها: ( إن كان الشؤم ففي المرأة والفرس والمسكن ).

ولابن ماجة أن أم سلمة رضي الله عنها كانت تزيد مع هذه الثلاثةSadوالسيف) إلا أنها رواية معلّقة لا تصحّ عنها.

ورواية جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي –صلى الله عليه وسلم-قال : ( إن كان في شيء –أي الشؤم- ففي الربع والخادم والفرس) رواه مسلم، وقريباً من هذا ما جاء عند النسائي: ( إن يك الشؤم في شئ ففي الربعة والمرأة والفرس) والربع والربعة هو المنزل ومحلّ الإقامة.
وتقارب رواية سهل بن سعد ألفاظ حديث جابر رضي الله عنه، فقد روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( إن كان –أي الشؤم-ففى المرأة والفرس والمسكن) رواه مسلم.

وروي عن مخمر بن معاوية رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا شؤم ، وقد يكون اليمن في الفرس والدار والمرأة) رواه ابن ماجة، وبمثلها روي عن حكيم بن معاوية رضي الله عنه كما جاء في الترمذي، وقد ضعّف إسنادها الإمام ابن حجر.

ورواية عائشة رضي الله عنها وما نُسب فيها من قول لأبي هريرة رضي الله عنه، وفيها: "قيل لعائشة : إن أبا هريرة يقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الشؤم في ثلاثة : في الدار والمرأة والفرس) ، فقالت عائشة : لم يحفظ أبو هريرة؛ لأنه دخل ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : (قاتل الله اليهود؛ يقولون: الشؤم في ثلاثة : الدار ، والمرأة ، والفرس) فسمع آخر الحديث ، ولم يسمع أوّله" أخرجه أبو داوود الطيالسي في مسنده.

ومن مجمل هذه الروايات نلاحظ الآتي:
-أن الروايات التي وردت على سبيل الحصر والتأكيد على حصول الشؤم هي رواية عبدالله بن عمر رضي الله عنه وما نُسب إلى أبي هريرة رضي الله عنه.
-أن أغلب الروايات اقتصرت على ذكر هذه الثلاثة: المرأة والدار والفرس، عدا رواية أم سلمة رضي الله عنها والتي لم تصحّ، وما جاء من إبدال الخادم مكان المرأة في رواية جابر رضي الله عنه.
- أن رواية حكيم بن معاوية، ومخمر بن معاوية رضي الله عنهما تنفي الشؤم مطلقاً، وتُثبت اليمن في هذه الثلاثة.
-أنه لم ترد نسبة هذا الحديث إلى أبي هريرة رضي الله عنه إلا من خلال الرواية المذكورة عن عائشة رضي الله عنها من طريق مكحول، يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني: "ومكحول لم يسمع من عائشة فهو منقطع، لكن روى أحمد وابن خزيمة والحاكم من طريق قتادة عن أبي حسان أن رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فذكرا ما قال أبو هريرة فغضبت غضبا شديدا وقالت : ما قاله وإنما قال: ( إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك) ، ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك".

هذا، وقد سلك العلماء مسالك شتّى في الجواب عن هذه الروايات، وبيان ذلك فيما يلي:
أولاً: مسلك النسخ، وهو الذي مال إليه الإمام ابن عبدالبرّ حيث قال: " كان في أول الإسلام خبراً عما كانت تعتقده العرب في جاهليتها، على ما قالت عائشة، ثم نسخ ذلك وأبطله القرآن والسنن"، ولا يُسلّم للإمام دعوى النسخ لهذا الحديث لعدّة أمور: أن النسخ لا يدخل في الأخبار وإنما هو مختصّ بالأحكام، وأن القول بالنسخ يحتاج إلى معرفة الترتيب الزمني لورود هذه الأحاديث بحيث يُتيقّن من تأخّر الأحاديث الناسخة لوجود الشؤم في هذه الثلاث المذكورة في الحديث وهو الأمر المتعذّر هنا، ثم إن القول بالنسخ يكون عند تعذّر الجمع بين الأحاديث المذكورة في هذا الباب، فإن أمكن الجمع فلا معنى للقول بالنسخ، وقد ردّ الحافظ ابن حجر على ذلك فقال ما حاصله: " النسخ لا يثبت بالاحتمال لا سيما مع إمكان الجمع ولا سيما وقد ورد في نفس هذا الخبر نفي التطير ثم إثباته في الأشياء المذكورة".

المسلك الثاني: الترجيح، ولا نعني بذلك الترجيح المطلق لأحاديث حرمة التطيّر والتشاؤم على الأحاديث المذكورة في هذا المبحث، إنما المقصود هو ترجيح روايات الشرط في هذه الأحاديث ( إن كان الشؤم ) على روايات الجزم (إنما الشؤم)، ومستند ذلك أن الروايات التي جاءت عن بقيّة الصحابة لم تأتِ بالجزم، بل إن إحدى الروايتين عن ابن عمر رضي الله عنهما جاءت موافقة لهؤلاء الصحابة مما يُشعر بوقوع وهمٍ من الراوي أو روايته للحديث بالمعنى، يقول الإمام ابن القيم: " قالوا ولعل الوهم وقع من ذلك وهو أن الراوي غلط وقال الشؤم في ثلاثة وإنما الحديث إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة"، ولذلك حكم الشيخ الألباني على هذا اللفظ بالشذوذ.

المسلك الثالث: مسلك الجمع بين الأحاديث، وهو الأمر الذي ائتلفت عليه آراء جماهير أهل العلم والشرّاح، وإن كانوا قد اختلفوا في طرق توجيه هذه الأحاديث.

فمنهم من رأى أن النبي –صلى الله عليه وسلم كان يُخبر عن معتقدات الناس في ذلك الوقت، فجاء الحديث لبيان أعظم الأسباب المثيرة للطيرة مما هو كامنٌ في الغرائز، والنفوس يقع فيها التشاؤم بهذه الثلاث أكثر مما يقع بغيرها لطول ملازمتها للإنسان فلذلك خُصّت بالذكر.

وقد اعترض الإمام ابن العربي على هذا القول بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ُيبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية والحاصلة، وإنما بعث ليعلمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه، ويمكن الجواب عن ذلك بأن ذكر هذه الأمور لم يكن إخباراً محضاً من النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما كان القصد منه التحذير، بدليل ما جاء في رواية عائشة رضي الله عنها: ( قاتل الله اليهود؛ يقولون: الشؤم في ثلاثة) ونظيره في السنّة قوله عليه الصلاة والسلام: ( قاتل الله اليهود ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) متفق عليه.

ومن العلماء من رأى استثناء الثلاثة من عموم النهي، وهو ما صرّح به الإمام الخطابي حيث رأى أنه استثناء من غير الجنس ومعناه إبطال مذهب الجاهلية في التطير، فكأنه قال : إن كانت لأحدكم دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس يكره سيره، فليفارقه، ومقتضى ذلك أن يُفسّر الحديث على ظاهره، بمعنى أن الإنسان قد تفوته منفعةٌ أو يلحقه ضررٌ من هذه الثلاث وأنه قد يحصل الشؤم منها، فعندها يُباح للإنسان أن يفارق هذه الأعيان التي تشاءم منها.

ونحا بعض العلماء منحىً مغايراً في موقفهم من هذا التعارض، فركّز اهتمامه في معنى "الشؤم" وبيان المقصود منه، حيث فسّروا شؤم الدار بضيقها، وبمجاورة أهل السوء وأذي الجيران، وببعد الدار عن المساجد، وفسّروا شؤم الفرس بحرانها –وهو عدم الانقياد لسائسها- وبغلاء ثمنها، وشؤم المرأة بعقمها وسلاطة لسانها وسوء خلقها، والخادم برداءة طباعه وقلّة عمله.

هذه هي مجمل الأقوال في تأويل هذه الأحاديث التي قد يبدو منها معارضةٌ للموقف الشرعي من الطيرة والتشاؤم، ويمكننا أن نتلمّس الحق الذي ترسمه تلك الآراء من خلال ملاحظة ما يلي:

أولاً: أن الصفات الذميمة التي فُسّرت بها "الدار-المرأة-الفرس-الخادم" إنما هي من تقدير الله عزّ وجل وليست من عندها.

ثانياً: أن الإسلام لم يزل حريصاً على صيانة المعتقد لئلا يقع الناس في الشرك: صغيره وكبيره، دقيقه وجليله، حتى جاء النهي لألفاظٍ وأعمالٍ لا يكاد يُلمح فيها جانب الخلل في التوحيد ولا تُبصر الشائبة فيه إلا بتدقيق النظر كقول أحدهم: "ما شاء الله وشئت" أو نداء الخدم والعبيد بـ"يا عبدي ويا أمتي".

ثالثاً: أن هناك تناسباً أو تنافراً بين الأعيان المختلفة، وذلك أمرٌ لا يمكن إنكاره، ومثله ما يحدث بين الأرواح التي تلتقي فتتعارف أو تتناكر كما جاء في الحديث النبوي، وكذلك سوء طباع الدابة عند صاحبها دون غيره من الناس، وبركة البيت لأفراد دون آخرين.

رابعاً: أن هذه الأوصاف ليست أوصافاً مطلقة ولا لازمة على الدوام لهذه الأمور المذكورة سابقاً، فمن سعادة المرء المسلم المسكن الواسع، والخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنساء من زينة الحياة الدنيا التي قال عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ( حبب إلى من دنياكم النساء والطيب) رواه الإمام أحمد.

إذا تبيّن ما سبق، علمنا أن الناس كانوا ولا يزال منهم من يتشاءم من هذه المذكورات لطول ملازمتها للناس وليس الحصر فيها مقصوداً، والتشاؤم الحاصل فيها ناتجٌ عن عدم التوافق بين بعض الناس وبين هذه المحَالّ، فإذا انتقلت هذه الأعيان إلى غيرهم حصل التوافق، فدلّ ذلك أن هذه الصفات الذميمة التي تلبّست بها إنما هو من تقدير الله عزّ وجل.

وإذا حصل للمرء توقّع حصول الشرّ من هذه الأعيان، فعجز عن استصلاح أهله بالطرق الشرعيّة المتدرّجة التي حدّدها الإسلام: وعظاً وهجراً وضرباً غير مبرّح، واستخداماً للتحكيم دونما فائدةٍ تُذكر، عندها قد يكون الحلّ في المفارقة، كذلك فيما يتعلّق بالدار والضيق منها وكثرة منغّصاتها، والفرس وسوء طباعه والعجز عن ترويضه، فصيانةً لجناب التوحيد، وحتى لا يظنّ أحدٌ أن هذه الأمور لها تأثيرٌ بذاتها بما يتعارض مع الإيمان بانفراد الله تعالى بالنفع والضرّ، جاز له ترك هذه الأعيان لوجود مؤشرات تدلّ على عدم المناسبة وانعدام التوافق، ونظير هذا الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى، والمراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر فيعتقد من وقع له أنه من العدوى أو من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهي عنه ،وبذلك يحصل الجمع بين هذه الأقوال.

ومما يؤيد ما سبق ما جاء من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: " يا رسول الله، إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقلَّ فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا"، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ذروها ذميمة) رواه أبو داود، ويذكر الإمام ابن قتيبة أنه أمرهم بالتحول منها؛ لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، فأمرهم بالتحول، وقد جعل الله في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه، وإن كان لا سبب له في ذلك، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لم يردهم به.

قال الخطابي: " اليُمن والشؤم سمتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر والنفع والضر، ولا يكون شيء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه، وإنما هذه الأشياء محالٌّ وظروفٌ جعلت مواقع لأقضيته، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره أُضيف اليُمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه"، ونحوه ما ذكره الإمام ابن القيّم بأن إخباره عليه الصلاة والسلام بالشؤم في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها، وإنما غايته أن الله_سبحانه_قد يخلق منها أعياناً مشؤومة على من قاربها، وسكنها، وأعياناً مباركة لا يلحق من قاربها منه شؤم ولا شر، وهذا كما يعطي_سبحانه_الوالدين ولداً مباركاً يريان الخير على وجهه، ويعطي غيرهما ولداً مشؤوماً يريان الشر على وجهه، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها فكذلك الدار، والمرأة، والفرس.

والله سبحانه خالق الخير والشر، والسعود والنحوس، فيخلق بعض هذه الأعيان سعوداً مباركة، ويقضي سعادة من قارنها، وحصول اليُمْن له، والبركة، ويخلق بعض ذلك نحوساً يتنحس بها من قارنها، وكل ذلك بقضاء الله وقدره؛ كما خلق الأسباب، وربطها بمسبباتها المتضادة المختلفة؛ فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة، ولَذَّذ بها من قارنها من الناس، خلق ضدها، وجعلها سبباً لإيذاء من قارنها من الناس، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحـس؛ فكذلك في الديار، والنساء، والخيل؛ فهذا لون، والطيرة الشركية لون آخر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:27

التنجيم .. تعريفه وأقسامه


دأب البشر منذ القدم على الولع بمعرفة الحوادث المستقبلة عن الكون والإنسان، وسلكوا في سبيل نيل هذه المعرفة طرقاً شتى كالاستعانة بالجن، وممارسة أنواع من الرياضات الذهنية والبدنية، وملاحظة حركة الطير، وحركة الأفلاك في السماء اقتراناً وافتراقاً، والربط بينها وبين أحوال الإنسان؛ كل ذلك لنيل المعرفة بالغيب، خوفاً من نوائب الدهر، ومصائب الحياة.

لكن لم يكن في كل ما فعلوه من غنية أو سبيل لمعرفة ما ستره الله عن البشر من غيبه سبحانه، قال تعالى : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا } (الجـن:27)، فقطع الله عز وجل كل طريق سوى الوحي لمعرفة غيبه سبحانه.

ونحاول من خلال هذا الموضوع تسليط الضوء على إحدى هذه الطرق التي سلكها البشر لمعرفة الغيب والاطلاع على حوادث الدهر، وهي ما يسمى بالتنجيم، فنتناول تعريفه، ونبيّن أقسامه.

تعريف التنجيم
من حيث الأصل اللغوي فكلمة (تنجيم) مصدرٌ من الفعل (نَجّمَ)، وهذه الكلمة مأخوذة من (النَجم) وهو الكوكب أو الثريّا، والنُّجوم كلمةٌ تَجمع الكواكب كلها وبعبارة أخرى: الأجرام المضيئة في السماء، وقد أُطلق على المشتغل بعلم النجوم ومراقبة سيرها ومداراتها بالمُنجِّم أو المتنجِّم، ويُطلق عليهم أحياناً بعلماء الهيئة، ويعنون بذلك هيئة النجوم وأحوالها.

هذا ولكلمة (التنجيم) إطلاقٌ آخر ليس له علاقةٌ بموضوعنا، وذلك عند التعبير عن نزول القرآن مفرّقاً، مأخوذ من كلمة (نجّم) بمعنى قطّع، ومنه قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: { فلا أقسم بمواقع النجوم} (الواقعة:75) ما نصّه: " أنزله الله تعالى-أي القرآن الكريم- من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكاتبين ، فنجّمه السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة ، ونجّمه جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام عشرين سنة".

وتقاربت أقول العلماء في تعريف مصطلح (التنجيم) وبيان المقصود من علم النجوم، فقال الإمام الخطّابي: "هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع،وستقع في مستقبل الزمان، كإخبارهم بأوقات هبوب الرياح ومجيء المطر وظهور الحر والبرد، وتغيرّ الأسعار وما كان في معانيها من الأمور، يزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها، وباجتماعها واقترانها، ويدَّعون لها تأثيراً في السفليات وأنها تتصرف على أحكامها وتجري على قضايا موجبها"، وعرّف شيخ الإسلام ابن تيمية التنجيم بقوله: " الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية كما يزعمون" واختار ابن خلدون في مقدّمته نحواً من هذا التعريف.

ويتّضح مما سبق: أن علم النجوم قائم على ادّعاء معرفة الأمور الغيبيّة سواءً ما كان في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، كما أنّه يحاول أن يربط بين حركة النجوم والأفلاك وبين بعض الأحداث التي تجري على الأرض ارتباط الأثر بالمؤثّر.

وبين الكهانة والتنجيم علاقة عموم وخصوص، فالكاهن هو اسم عامّ لكل من يدّعي الاطلاع على الغيب ومعرفة المستقبل من الحوادث والأمور، ويدخل في ذلك صورٌ كثيرة، منها التنجيم القائم على التماس الغيب من خلال مطالعة حركة الأجرام وادّعاء تأثيرها.

أقسام علم النجوم
عند النظر إلى الدراسات المتعلّقة بحركة النجوم وإلى ارتباط البشريّة بها فإنها لا تخرج عن ثلاثة أقسام:

الأوّل: الدراسات الحسابيّة:
وهي التي تستفيد من جريان الأفلاك والكواكب في عمل التقاويم واستخراج التواريخ، وتحديد بدايات الشهور وانتهائها، ومعرفة مواقيت الصلاة واختلاف المطالع وما يتبعه من التفاوت في أوقات الليل والنهار، وتعيين الفصول وأوقات اشتداد الحرّ والبرد واعتدالهما، وإدراك أفضل الأوقات لنتاج المواشي وبذر البذور ومواسم الأمطار المتوقّعة، ومواعيد هبوب الرياح وغيرها، ومثل هذا النوع من التعامل مع حركة النجوم مذكورٌ في الشرع والأدلّة عليه كثيرة، منها قول الله عزّ وجل في كتابه: { هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} (يونس:5)، وقوله تعالى:{ يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } (البقرة:89)، وقوله عزّ وجل: { والشمس والقمر حسباناً } ( الأنعام:96) يقول الحافظ ابن كثير: "أي يجريان بحساب مقنّن مقدّر، لا يتغيّر ولا يضطرب، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء، فيترتب على ذلك اختلاف الليل والنهار طولا وقصراً"، وجاء في آيةٍ أخرى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب}(الإسراء:12)، وهذا كلّه من تسخير ما في السماوات لأهل الأرض.

الثاني: الدراسات الطبيعيّة:
وهي التي تهتمّ بالنظر في طبيعة الأفلاك ومواقع النجوم ومطالعها ومساقطها لتحديد الاتجاهات على الأرض والاستدلال منها على القبلة، والذي جاءت الإشارة إليه في قول الحق تبارك وتعالى، :{ وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر } (الأنعام:97)، وقوله تعالى:{ وعلامات وبالنجم هم يهتدون} (النحل:16)، ويدخل في ذلك الدراسات الحديثة المهتمّة بالكون بجميع تفاصيله ومكوّناته لما يخدم البشريّة في المجالات الفيزيائيّة والتقنيّة وغيرها من العلوم الطبيعيّة.

كما يندرج تحت ذلك النظر والادكار والاعتبار من خلق السماوات والأرض والاستدلال على عجيب خلقهما وإتقان صنعهما بوجود الله سبحانه وتعالى وعلى تفرّده ووحدانيّته، وتلمّس آثار صفاته وأفعاله ، وعلى استحقاق شكره وعبادته، والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} (الأعراف:54)، وقوله تعالى: { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار}(ص:28)، وقوله تعالى: { أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض} (يونس:185).

وهذان القسمان لا غبار على جواز تعلّمهما وأنهما ليسا داخلين فيما نُهي عنه، فضلاً أن يكون في بعض حالاته مستحبّاً أو واجباً، يقول الإمام الخطابي: "أما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحس، كالذي يُعرف به الزوال، وتُعلم به جهة القبلة فإنه غير داخل فيما نهي عنه"، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " ليس خبر الحاسب بذلك من باب علم الغيب، ولا من باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه فيها أعظم من صدقه"، كذلك الأدلّة العامّة والخاصّة التي تحثّ على النظر في آيات الله الكونيّة والتفكّر فيها، ومن ذلك قول المصطفى –صلى الله عليه وسلم- فيما صحّ عنه: ( لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: { إن في خلق السموات والأرض } (آل عمران: 190) الآية كلها) راوه ابن حبان.

الثالث: علم التأثير:
وهو القسم الذي يدّعي وجود علاقة وارتباطٍ بين النجوم والكواكب وبين الحوادث الأرضيّة تأثيراً عليها، أو إعلاماً بمستقبلها، واتّخذ ذلك صوراً عديدة.

فمن المنجّمين من يدّعي استقلال هذه الأجرام بالتأثير والتدبير في الكون، فتكون فاعلةً مؤثّرة ومتصرّفة بذاتها، ولا شكّ أن قائل مثل هذا القول كافرٌ بالاتفاق؛ لأن مؤدّى ذلك اعتقاد أن يكون لله سبحانه وتعالى شريكٌ في ربوبيّته، وأصحاب هذا القول هم قوم إبراهيم عليه السلام، والصابئة الدهريّة، كذلك الحلوليّة وإخوان الصفا وعدد من الفلاسفة.

ومنهم من لا يعتقد باستقلالها في التأثير، ويؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المالك المدبّر، لكنّه يرى أن الله قد جعلها سبباً من الأسباب في التأثير والتغيير، وصحيحٌ أن مثل هذا القول لا يُخرج معتنقه من دائرة الإسلام، إلا أنه يظلّ شركاً أصغر بسبب الاعتقاد بسببيّة النجوم في وقوع الأحداث حيث لم يجعلها الله سبباً في ذلك، بل جاء في الشرع تسمية هذا الاعتقاد (كفراً) والذي هو كفران النعمة، فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( قال الله تعالى : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافرٌ بالكواكب، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمن بالكواكب) متفق عليه.

وبعيداً عن هذه النِحَل الباطلة التي تحاول نسبة التأثير للنجوم، فهناك من يجعل لها قوّة وقدرةً كاشفةً للغيب فيستنطق من حركتها في أفلاكها على ما سيحصل في مستقبل الأزمان وقادم الأيّام، وهذا من الكفر الأكبر؛ لأنّه من ادعاء علم الغيب الذي اختصّ الله به، قال الله تعالى: { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله} (النمل:65)، كما أنّه من السحر المذكور في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( من اقتبس شعبة من النجوم؛ فقد اقتبس شعبة من السحر؛ زاد ما زاد ) . رواه أبو داود، وابن ماجة وغيرهما .

ولله درّ الإمام الخطيب حينما قال: " وإن أناساً جهلةً بأمر الله قد أحدثوا في هذه النجوم كهانةً : من أعرس بنجم كذا وكذا؛ كان كذا وكذا، ومن سافر بنجم كذا وكذا؛ كان كذا وكذا .. ولعمري؛ ما من نجم إلا يولد به الأحمرُ والأسودُ والطويلُ والقصيرُ والحسنُ والدميمُ، وما علم هذه النجوم وهذه الدابة وهذا الطائر بشيء من هذا الغيب، ولو أن أحدا علم الغيب؛ لعلمه آدم الذي خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء .. " أ.هـ.

وبذلك يُعلم أن المذموم شرعاً هو اعتقاد تأثير هذه النجوم دون ما عداه من العلوم، الأمر الذي سمّاه الإمام ابن رجب الحنبليّ علم التسيير في قوله : "والمأذون في تعلّمه علم التسيير لا علم التأثير؛ فإنه -أي : علم التأثير- باطلٌ محرّمٌ قليلُه وكثيرُه، وأما علم التسيير؛ فيتعلم ما يحتاج إليه من الاهتداء ومعرفة القبلة والطرق" أ.هـ .

العلاقة بين علم النجوم وعلم الفلك
يندرج علم الفلك تحت قسم الدراسات الطبيعيّة الذي ذكرناه آنفاً، إذ يتعلّق بدراسة الأجرام السماوية من منظورٍ علمي، ورصد الظواهر الكونيّة التي تحدث خارج نطاق ما يُعرف بالغلاف الجوّي الغازي، ومحاولة تفسير تطوّر الكون وإيجاد تصوّر لتاريخ حدوثه وطريقة تكوّن أجرامه.

ومن حيثيّات هذا العلم: بيان الآثار الديناميكيّة والفيزيائيّة والإشعاعيّة للأجسام السماويّة على الأرض، وقد يُشكل هذا الجانب على بعض من لا يُدرك حقيقة هذا العلم وتفصيلاته ويظنّ فيه التناقض أو الدخول تحت "علم تأثير النجوم" الذي ذمّه العلماء، فيظنّ مثلاً أن حديث الفلكيّين عن الآثار الفيزيائيّة للبقع الشمسيّة على الأرض أو أثر الكسوف في إصدار الإشعاعات الضارّة هو نوعٌ من التنجيم المذموم.

والحقّ أن مقصود علماء الشرع بـ"علم التأثير" المذكور في التنجيم هو الذي يربط بين الأجرام السماويّة والحوادث الأرضيّة دون أن يكون بينهما رابطٌ حقيقيّ يجري على وفق سنن الله تعالى في الكون، فالحديث عن أفولِ نجمٍ أو سقوط مذنّبٍ لا يمكن أن يكون له علاقةٌ بنجاح شخصٍ أو ولادة عظيمٍ أو هزيمة حربٍ أو غيرها من الصور التي لا يمكن فيها ربط الأثر بالمؤثّر وإيجاد وجه التأثير، ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته) متفق عليه فكيف يمكن لعاقلٍ أن يدّعي أثر موت شخصٍ أو حياته على حركة الشمس أو القمر وكسوفهما؟!، بينما يمكننا أن نجد وجه العلاقة بين البقع الشمسيّة والتأثير على المجال المغناطسي للأرض، وبين موضع القمر وحركة المدّ والجزر، وبين الكسوف وزيادة نسبة الأشعّة الضارّة معلومٌ من خلال ربط الأسباب والمسببات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:27

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم (4)


أمر ليس من التشاؤم المنهي عنه
مرّ معنا من قبل ذكر التشاؤم وبيان حقيقته وذكر صوره في الماضي والحاضر، وبين يدينا ظاهرةٌ طبيعيّة رصدها علماء الطبيعة منذ عدّة قرون قد يكون فيها اشتباه وتوهّم بما قد نُهي عنه من الطيرة والتشاؤم.

يمكننا أن نعبّر عن هذه الظاهرة بـ"متلازمة ما قبل الزلازل والبراكين"، وحاصلها أن العلماء وبالاستقراء والتتبع وجدوا أن المناطق التي تتعرّض للكوارث الطبيعيّة والهزّات الأرضيّة والانفجارات البركانيّة يحدث فيها تغيّرٌ مفاجيءٌ يطرأ على سلوك الحيوانات والطيور وبعض الهوام والحشرات.

يتحدّث المراقبون وشهود العيان عن خروجٍ للديدان من الأرض ومفارقة الطيور لأعشاشها، ومغادرة الأفاعي والعقارب لجحورها، وهيجان يصيب الأنعام بمختلف أنواعها، ونزوحٍ جماعي للحيوانات إلى المناطق المرتفعة، وصعود الحيتان إلى سطح البحر ومغادرتها الأعماق.

والسؤال هنا: إذا قُدّر لأحدٍ أن يرى هذه المشاهد فأصابه القلق والتوجّس، وترقّب نزول البلاء وحلوله، وربما أحجم عن البقاء في تلك الأرض، أيمكن أن يُقال عن هذا الإحجام وذلك القلق بأنه من جملة المحرّمات، وأنه داخلٌ في حدّ التشاؤم المنهي عنه؟

لمعرفة الجواب على هذا السؤال ينبغي علينا أن نعود إلى ما قاله أرباب الشريعة وعلماء الطبيعة معاً، لنجد أن تعريف التشاؤم هو: " سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق"، فالمنهي عنه أن يكون الظنّ السيء حاصل بغير سببٍ حقيقي يقتضيه، كما أن الطيرة هي: " أن يسمع الإنسان قولاً ، أو يرى أمرًا يخاف منه ألا يحصل له غرضه الذي قصد تحصيله"، فإذا أراد الإنسان أن يستوطن أرضاً مشهورة بالنشاط البركاني أو واقعة في خط الزلازل، فـ"رأى" أو "سمع" تلك الأحوال غير المعهودة التي ذكرناها آنفاً، فخاف ألا يحصل له مقصوده من الاستيطان والسكنى فغادر المكان، فهل الظاهرة التي نتكلم عنها هي من هذا القبيل؟

يأتي الجواب في ثنايا كلام علماء الطبيعة حينما يُفسّرون هذه الظاهرة، فإنهم يذكرون أن الله سبحانه وتعالى قد وهب تلك المخلوقات قدراتٍ مذهلة تفوق ما عند الإنسان في مجال الاستشعار، والدراسات تؤكد أن حواسها قدارةٌ على التقاط الذبذبات الضعيفة التي تُحدثها الموجات الزلزاليّة والانفجارات البركانيّة القادمة من بطن الأرض؛ ولذلك نجد أن تفاعلها مع هذه الذبذبات يأتي في أوقاتٍ سابقة لحصول الكارثة في حين يتعذّر على الإنسان إدراكها بحواسه الضعيفة، فسبحان من خلق فأبدع!.

ونستنتج من ذلك أن الإنسان قد استفاد من معرفة هذه الأحوال بأن جعلها مؤشّراً حقيقيّاً للكارثة قبل وقوعها، الأمر الذي يساعده على الفرار والنجاة بنفسه قبل فوات الأوان، فشتّان بين الموقف من هذه الظاهرة وبين زجر الطيور الذي لا حقيقة له، وبينها وبين التشاؤم المجرّد من الاقتران بين السبب والمسبّب، والأثر والمؤثّر.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:27

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم (2)


التشاؤم والتطيّر بين الماضي والحاضر
عادة التطير عادة موغلة في القدم، استخدمها أعداء الرسل في رد دعوة الحق والهدى بدعوى أنها سبب لحلول المصائب والبلايا، فقد تشاءم قوم صالح بنبيهم – عليه السلام – حيث قالوا له: {اطَّيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون }(النمل:47) . أي تشاءمنا بك وبمن اتبعك .

وتطيّر فرعونُ وقومه بموسى – عليه السلام – ومن معه، قال تعالى: { فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون }(الأعراف: 131 ).

وتطير أصحاب القرية برسل الله عز وجل حيث قالوا لهم: { قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم }(يس:18).

وقد كان الرد عليهم جميعاً: أن ما حلَّ بكم من شر وبلاء إنما هو بسبب كفركم وعنادكم واستكباركم، ولا يخرج عن قضاء الله وحكمته وعدله، قال تعالى: { ألا إنما طائرهم عند الله }(الأعراف: 131).

ويذكر المؤرّخون أعاجيب المعتقدات الجاهليّة فيما يتعلّق بالتشاؤم من الحيوانات، فقد كانوا يظنّون أن السّباع والطير الجبلية إذا تحوّلت عن أماكنها ومواضعها دلّت بذلك على أن الشتاء سيشتدّ ويتفاقم، وأن الجرذان إذا قرضت ثياب أحدٍ دلّت بذلك على نقص ماله وولده، وإذا أكثرت الضفادع النّقيق دلت على فشوّ الموت، وإذا صرخت ديوك صراخاً كالبكاء فشا الموت في النساء، وإذا صرخ الدجاج مثل ذلك الصراخ فشا الموت في الرجال، وإذا صفّق ديك بجناحيه ولم يصرخ دل على أن الخير محتبس عن صاحبه، وإذا نبح كلب بعد هدأةٍ نبحة بغتة دل على أن السّرّاق قد اجتمعوا بالغارة على بعض ما في تلك الدار أو ما جاورهم، ومن سقطت أمامه حيّة من جحر أصابته مضرة، وإذا رئي في الهواء دخانٌ وظلمة من غير علة تخوّف على الناس الوباء والمرض، وإذا عوت ذئاب من جبال وجاوبتهم الكلاب من القرى المجاورة تفاقم الأمر في التحارب وسفك الدماء، فضلاً عن صورٍ أخرى كثيرة يضيق الوقت عن ذكرها وهي مبثوثةٌ في كتب التاريخ.

ومن إرث الجاهليّة التشاؤم من شهر صفر، واعتقاد كونه شهراً يجلب الشرّ معه، ولقد أورد الإمام أبي داوود صاحب السنن عن محمد بن راشد قوله: " سمعت أن أهل الجاهلية يستشئمون بصفر فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- ( لا صفر )".

ويرى بعض الباحثين أن التشاؤم من الغربان ربما يكون منشؤه من اسمه الموحي بالغربة والفراق، من هنا كثر تشاؤمهم به واستيحاشهم من رؤيته، وأشعارهم تظهر ذلك بجلاء، كمثل قول علقمة بن عبدة:
ومن تعرض للغربان يزجرها* على سلامته لابد مشؤوم
وقول غيره:
يبشرني الغراب ببين أهلي*فقلت له: ثَكِلتُكَ من بشير
وعلى الرغم من ذلك فإن العقلاء من أهل الجاهليّة كانوا يُنكرون مثل هذه التصرّفات ويسخرون ممن يُصدّقها ويتعلّق بها، وقد قالوا قديماً:
ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتم
فإذا الأشائم كالأيامن والأيامـن كالأشائم
وكـذاك لا خير ولا شرٌّ على أحـد بدائم
لا يمنـعنَّك من بغا ء الخير تعقاد التمائم
لا والتشاؤم بالعطا س ولا التيامن بالمقاسم
قد خط ذلك في السطو ر الأوليَّات القدائم

ويقول آخر:

لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانع
سلوهُنَّ إن كذَّبتـموني متى الفتى يذوق المنايا أو متى الغيث واقع
ويقول آخر:
الزجر والطير والكهان كلهم مضللون ودون الغيب أقفال

ومما يُسجّل أنفتهم من هذه المعتقدات:
وما أنا ممن يزجر الطير همه* أصـاح غراب أم تعرض ثعلب
ولا السانحات البارحات عشية* أمرَّ سليم القرن أم مرَّ أغضب

وصدق قائلهم:
وما عاجلات الطير تدنى من الفتى نجاحا ولا عن ريثهن قصور

ومن طريف الأخبار ما حكي عن بعض الولاة أنه خرج في بعض الأيام لبعض مهماته فاستقبله رجل أعور فتطيّر به وأمر به إلى الحبس، فلما رجع من مهمته ولم يلق شراً أمر بإطلاقه، فقال له الأعور: "سألتك بالله ما كان جرمي الذى حبستني لأجله؟"، فقال له الوالي: "لم يكن لك عندنا جرم، ولكن تطيرت بك لما رأيتك!"، فقال: "فما أصبت في يومك برؤيتي؟"، فقال: "لم ألق إلا خيراً"، فقال: أيها الأمير، أنا خرجت من منزلي فرأيتك فلقيت في يومي الشر والحبس، وأنت رأيتني فلقيت في يومك الخير والسرور، فمن أشأمنا والطيرة بمن كانت؟"، فاستحيا منه الوالي ووصله بالعطايا.

وعن واقعنا المعاصر فإن المرء يقف مدهوشاً أمام حجم الخرافات التي تغلغلت في الشعوب حتى أصبحت جزءاً من ثقافتهم، مما يصنع مفارقة عجيبة بين تلك المعتقدات التي تطفح بها أدبيّاتهم وتطغى على سلوكهم وبين التقدّم البشري والمستوى التقني والتكنولوجي الذي وصلت إليه تلك الشعوب.

لنذهب إلى بعض الدول الغربية ولننظر مثلاً كيف يتشاؤم أهلها من بعض الأرقام الفرديّة خصوصاً الرقم: "ثلاثة عشر" نتيجةً لأسطورة قديمة تتحدّث عن حواريِّي نبي الله عيسى عليه السلام وأن عددهم اثنا عشر حوارياً، فانضم إليهم يهوذا الأسخريوطي وهو التلميذ الذي خان النبي وأراد تسليمه لليهود، فصاروا ثلاثة عشر، ومن يومها والناس تتشاءم من هذا الرقم ويعتقدون أنه جالبٌ للنحس، مما حدا ببعض الفنادق والمنتجعات ألا تستخدم هذا الرقم عند ترقيم الغرف، فتجد الغرفة الثانية عشرة وتليها الغرفة الرابعة عشرة، والبعض الآخر لجأ إلى ترقيم الغرف بالأرقام الزوجيّة فقط حتى لا يقع فيما يحذر منه!.

أما عادة التطيّر من الغراب والتشاؤم من صوته فلم تتغير أبداً، كذلك التشاؤم من بعض الطيور كطائر البوم واعتقاد أنه مخبرٌ بالشرّ أو أنه ينعى للسامع نفسه، ولذلك نجد أن هذين الطائرين من الرموز الأساسيّة التي لا غنى عنها في روايات الرعب وقصصه ومنتجاته السينمائيّة.

وعلى الجانب الآخر فإن الشرق "أوسطه وأقصاه" زاخرٌ بصور التشاؤم ونماذجه البعيدة كلّ البعد عن العقلانيّة والنضوج الفكريّ والفطريّ، ولا يزال العلماء والمثقفون يعانون من تأثير تلك التصوّرات الباطلة على حياة الناس.

فمن ذلك أن كثيراً من الناس يمنعون دخول النساء اللاتي أصابهنّ الحيض على المرأة التي توشك على الوضع، أو حتى على النفساء!، ولو كان دخولهنّ بقصد السلام والتحيّة؛ اعتقاداً منهم أن ذلك من أسباب قطع النسل أو موت الوليد.

والبعض يتشاءم جداً من رؤية القط الأسود –وليس له ذنبٌ في سواده- أو رؤية كبير السن، فإذا خرج من بيته ورأى واحداً منهما نقض عزمه وعاد إلى بيته، وبالمثل فإن بعض أصحاب المحلاّت التجارية إذا دخل عليه أعور في أوّل يومه تشاءم وأغلق المحلّ اعتقاداً منه بمجانبة التوفيق له سائر يومه وليلته!.

ومن إرث الجاهليّة الذي لا يزال عالقاً في النفوس ما نسمعه من البعض إذا دخل عليه أحدٌ يكرهه أو طرق طارقٌ بابه أو جاءه اتصال هاتفي على غير موعد إذا به يقول وعلى الفور: "خير يا طير!" لتعيد هذه الكلمة إلى الأذهان عادة زجر الطير التي كان يمارسها العرب وإن لم يقصد القائل ذلك.

ومن الأمثلة الحاضرة في الأذهان: التعامل مع بعض الظواهر الطبيعيّة والأعمال الاعتياديّة باعتبارها مؤشرّات على أحداثٍ خفيّة أو مستقبليّة،كالتعامل مع "طنين الأذن" وتفسيره بوجود غيبةٍ أو نميمية تستهدف صاحب الطنين، أو تفسير "الحكة في اليد اليسرى" كمؤشّر على جائحةٍ ماليّة تستأصل الموارد والمدّخرات، أو اختلاج الجفن أو رمش العين بصورة لا إراديّة واعتقاد أن ذلك فأل شر على صاحبها!.

والبعض يعتقد أن فتح المقصّ وغلقه مراراً دون سبب وجيه أنه مؤثّر على مستوى العلاقات الأسريّة وباعثُ على الكراهية والتوتّر بين أفراده، أو يعتقد أن قيام أحد الناس بالتشبيك بين أصابعه أو كسر عودٍ في مجلس عقد النكاح أنه سببٌ في فساد الزيجة، أو يظن أن العبور فوق طفلٍ صغير سببٌ في حدوث الأمراض المستعصية لاحقاً، أو أن اللعب بالمياه والتراشق بها محدثٌ للفرقة والخلاف بين الحاضرين.

ومن الغرائب أن يتشاءم البعض من سماع آيات القرآن المتضمّنة للتهديد أو التخويف والوعيد، بل وُجد من الناس من يتجنّب قراءة تلك الآيات خوفاً أن يكون من أهلها!، وتبلغ الغرابة مداها من قيام بعض السذج والحمقى بالاستقسام بالقرآن!، وصورته أن يفتح المصحف بصورة عشوائيّة، فإذا وقعت عينه على آية فيها ذكر الطيّبات أو وصف الجنّة أو غيرها من الأمور المفرحة استبشر واعتبر أن ذلك فألاً طيّباً وأقدم على مراده، وإن أبصر آية فيها النذير أو ذكر النار أو نحوهما تشاءم وأحجم عما كان يريد، وهذا والله من الإلحاد في آي الكتاب والتعامل معها بما لم يأذن به الله، وليس ثمة فرق بينه وبين "الاستقسام بالأزلام".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:27

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم(1)


عادةٌ موغلةٌ في القِدَم، ضاربةٌ في أعماق التاريخ، ارتبطت ارتباطاً مباشراً بمخاوف الإنسان من المجهول، وتوجّسه من المفاجآت، وترقّبه لحلول المصائب والفواجع، والأحزان والمكاره، وتنزّل الأقدار التي يتمنّى المرءُ خلافها، ويرجو ضدّها، إنها عادة توقّع حصول الشرّ، أو ما يُعرف بالتشاؤم والتطيّر.

إنها تلك العادة الجاهليّة التي نجحت في التسلّل إلى النفوس الضعيفة المتذبذبة، واستطاعت أن تستغلّ أوهامها وظنونها، حتى تمكّنت من جعل أصحاب تلك النفوس يلتمسون الخير ويربطون عزائمهم ويضعون قراراتهم بيد من لا يعقل من الحيوانات والطيور، ويرتكبون حماقاتٍ يتعجّب المرء منها كزجر الطير والاستقسام بالأزلام، وغير ذلك مما يأباه العقل وتستهجنه الفِطَر السليمة ويتنافى مع الشرع.

فما هو التشاؤم؟ وما معنى التطيّر؟ وما هي صوره؟ وما وجه منافاته للعقيدة الصحيحة السليمة؟ وما الذي سجّله التاريخ من مظاهر هذه العادة؟، سنحاول بإذن الله تعالى ومن خلال هذه السلسلة الإجابة على الأسئلة السابقة ومتعلّقاتها

التشاؤم والتطيّر في اللغة والاصطلاح

مادّة "التشاؤم" مأخوذةٌ من الفعل شأم، يقول صاحب تاج العروس: "الشؤم خلاف اليُمن، ويقال شأم فلان أصحابه إذا أصابهم شؤم من قِبَلِه..ويقال تشاءم الرجل إذا أخذ نحو شماله وفي حديث عدي: ( فينظر أيمن منه وأشأم فلا يرى إلا ما قدّم) رواه البخاري "، وفي المعجم الوسيط: " تشاءم: تطيّر به وعده شؤماً"، ويضيف الإمام ابن عبد البر: " الشؤم في كلام العرب: النحس"، وفي اصطلاح أهل الشرع لا يختلف المعنى كثيراً، فإنه يعني عندهم توقّع حصول الشرّ مطلقاً، والإمام ابن حجر يُفسّر الشؤم بقوله: " التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق".

أما التطيّر فهو مأخوذ من الطِيرة بفتح الياء وتسكينها أحياناً، والمقصود به التشاؤم من الأشياء، كما قال ابن منظور في لسان العرب: " والطيرة بكسر ففتح والطيرة بسكون الياء ما يتشاءم به من الفأل الرديء، وفي الصحاح : تطيّرت من الشيء وبالشيء، واطّير معناه : تشاءم وأصله تطيّر . وقيل للشؤم : طائر وطَير وطِيَرة"، وأما عند أهل الشرع فهو كما عبّر عنه الإمام القرطبي: " الطِيَرة : أن يسمع الإنسان قولاً ، أو يرى أمرًا يخاف منه ألا يحصل له غرضه الذي قصد تحصيله"، وجاء في شرح صحيح مسلم للإمام النووي:" والتطير التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي"، ومبنى العلاقة بين كلمتي " الطيرة والتطيّر" هي العلاقة السببيّة، ووجه ذلك كما قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى : " التطير هو الظن السيء الذي في القلب , والطيرة هي الفعل المرتب على الظن السيء "، ويفيدنا صاحب الكشّاف باستعمال الطيرة عند العرب في الخير والشرّ جميعاً، ثم غلبة استعمالهم لهذه اللفظة في الشرّ : " الفأل والطيرة قد جاءا في الخير والشر ، واستعمال الفأل في الخير أكثر، واستعمال الطيرة في الشر أوسع".

والأصل في لفظة "الطيرة" ما كان يفعله العرب قبل بزوغ فجر الإسلام من عادة زجر الطير، وحاصلها أن المشرك إذا أراد السفر بكّر إلى أوكار الطير فهيَّجها، فإن ذهبت عن يمينه تيامن وتفائل واستبشر خيراً ثم مضى في سفره، وإن ذهبت عن شماله تشاءم، وردّه ذلك عن إمضاء أمره، يصوّر الإمام ابن القيم تلك العادة الجاهليّة بقوله: "وأصل هذا أنهم كانوا يزجرون الطير والوحش ويثيرونها، فما تيامن منها وأخذ ذات اليمين سمّوه سانحاً، وما تياسر منها سمّوه بارحاً، وما استقبلهم منها فهو الناطح، وما جاءهم من خلفهم سمّوه القعيد، فمن العرب من يتشاءم بالبارح ويتبرك بالسانح، ومنهم من يرى خلاف ذلك"، وللعرب تسميةٌ أخرى لعادة زجر الطيور –حسب كلام بعض أهل العلم- وهي: "العيافة" والتي جاء ذكرها في قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (العيافة والطيرة والطرق من الجبت) رواه أبوداوود، ومن القائلين بهذا المعنى الإمام ابن الأثير و الإمام ابن دقيق العيد والإمام ابن قتيبة وغيرهم.

وإذا كانت هذه هي حقيقة التطيّر وصورته، فإن مما يدخل في بابه دخولاً أوليّاً عادة الاستقسام بالأزلام، والمذكورة في قوله تعالى: { وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق} (المائدة:3)، وقوله تعالى: { ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (المائدة:90)، وهذه العادة اتخذت صوراً متقاربةً إلى حدٍ كبير، أبسطها أن العرب في السابق إذا أراد أحدهم سفرا أو غزوا أو تجارة أو نكاحاً أو نحوها من المقاصد كان يأتي بسهامٍ ويضعها في جِراب، ثم يكتب على بعضها: "أمرني ربي" ، وعلى بعضها "نهاني ربي" ، ويترك الباقي خالية من الكتابة ، ثم يضع يده في الجِراب و يختار سهماً، فإذا خرج السهم الذي فيه الأمر أقدم على العمل ، وإذا خرج النهي أمسك وأعاد ، وإن خرج ما ليس عليه كتابة استقسم مرة أخرى، وبذلك تتّضح المقاربة الكبيرة بين فعل "زجر الطير" وبين عادة "الاستقسام بالأزلام".

العلاقة بين الطيرة والتشاؤم
يمكن القول أن الطِيرة هي مظهرٌ من مظاهر التشاؤم وصورةٌ من صوره، فإذا كان مؤدّى التشاؤم هو توقّع حصول الشرّ مطلقاً، فإن التطيّر –من حيث الأصل- يتعلّق بتوقّع حصول الشرّ حينما يذهب الطير ذات الشمال، ثم أُطلِق اللفظ على كل أمر يُتوهم أنه سبب في لحاق الشر والضر فأصبح مرادفاً للتشاؤم، كالتشاؤم بالمرئيّ: كرؤية الأعمى، أو النعل المقلوب، أو شاهد قبرٍ، أو نحو ذلك، والتشاؤم بالمسموع: نحو سماع نعيق الغراب وصوت البوم، أو بسماع ما يسوء، نحو سماع أحدهم يقول لآخر: يا خسران، أو يا خائب، كذلك التشاؤم بمعلوم، ومن أمثلته التشاؤم بالرقم سبعة أو ثلاثة عشر، أو بيوم الأربعاء، أو الجمعة، أو بشهر صفر، وغير ذلك من الخرافات التي لا تليق بمسلم.

هل توجد علاقة بين الطيرة والتفاؤل ؟
إذا كانت الطيرة إجمالاً تتعلّق بتوقّع حصول الشرّ، والفأل بحصول الخير، فكيف يمكننا فهم حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: ( لا طيرة وخيرها الفأل). قيل: يا رسول الله وما الفأل؟ قال: (الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم) متفق عليه؟، وما معنى قوله عليه الصلاة والسلامSad أصدق الطيرة الفأل) رواه أحمد؟.

في الواقع أن الطِيرة والتفاؤل يشتركان من جهةٍ ويختلفان من أخرى، أما الاشتراك فهو حاصلٌ من جهة التأثير في القلب، ومن جهة الاستبشار والتيامن، وأما الاختلاف فهو من جهة أن الاستبشار الحاصل من طريق الطِيرة فهو بشيءٍ لا معوّل عليه -وهو حركة الطير- على نحوٍ ينقص من توكّل العبد على ربّه تبارك وتعالى ، بينما الحال في التفاؤل أن يكون الأثر المعنوي الحاصل من سماع الكلمة الطيّبة كائنٌ من جهة تقوية العزم ورجاء الخير والحضّ على صالح الأعمال، ثم إنه لا ينقص من معاني التوكّل المطلوب، ولا تُفضي بصاحبها إلى المعصية أو الشرك، ولذلك كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة.

يقول الإمام ابن القيّم: " وهذا الذي جعله الله سبحانه في طباع الناس وغرائزهم من الإعجاب بالأسماء الحسنة والألفاظ المحبوبة وهو نظير ما جعل في غرائزهم من الإعجاب بالمناظر الأنيقة، والرياض المنورة، والمياه الصافية، والألوان الحسنة، والروائح الطيبة، والمطاعم المستلذّة، وذلك أمر لا يمكن دفعه ولا يجد القلب عنه انصرافاً، فهو ينفع المؤمن ويسرّ نفسه وينشطها، ولا يضرها في إيمانها وتوحيدها، وأخبر صلى الله عليه وسلم- أن الفأل من الطيرة وهو خيرها، فأبطل الطيرة وأخبر أن الفأل منها ولكنه خيرها، ففصل بين الفأل والطيرة لما بينهما من الامتياز والتضاد، ونفع أحدهما ومضرة الآخر، ونظير هذا منعه من الرقية بالشرك وإذنه فيها إذا لم تكن شركا؛ لما فيها من المنفعة الخالية عن المفسدة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:28

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم (5)


سبب تحريم الطيرة
إذا تأملنا في النصوص الواردة في الطيرة والتشاؤم وما ذكره الشرّاح في حقيقة ومظاهر كلٍّ منهما، أمكننا أن نصل إلى الأسباب التي أدّت إلى تحريمها والتشديد في النهي عنها وهي كالآتي:

أولاً: مناقضة هذه المعتقدات وتلك التصرّفات لمقتضى التوحيد وحقيقته، خصوصاً ما يتعلّق بتوحيد الألوهيّة، إذ الواجب على العباد أن يفردوا الله سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة، ويدخل ضمن ذلك العبادات القلبية ومنها التوكّل، والحال أن المتطيّرين قد أخلّوا بهذه العبادة حين انصرفت قلوبهم إلى غير الله عزّ وجل واعتمدت على غيره، وتلك أمارةٌ بيّنة وعلامةٌ واضحة على ضعف يقين العبد بربّه وإخلاله بهذا الأصل، وهو الأمر الذي يفتح أبواب الخوف من المخلوقين.

ثم إن الالتفات الحاصل من المتطيّرين والمتشائمين إلى غير الله تعالى هو بالضرورة تعلّقٌ بأوهامٍ لا حقيقة لها ولا مستند لصحّتها، بل هي ضربٌ من ضروب الدجل والخرافة، ولا شكّ في مباينتها لما هو واجبٌ من إخلاص الاستعانة بالله وحده دون ما سواه.

يقول الإمام ابن القيم: "التطير هو التشاؤم بمرئيٍ أو مسموع ، فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفر ، وامتنع بها عما عزم عليه فقد قرع باب الشرك ، بل ولجه ، وبرئ من التوكل على الله سبحانه، وفتح على نفسه باب الخوف والتعلق بغير الله والتطيّر مما يراه أو يسمعه ، وذلك قاطع على مقام: { إياك نعبد وإياك نستعين} وقوله: {فاعبده وتوكل عليه} وقوله: {عليه توكلت إليه أنيب} فيصير قلبه متعلقاً بغير الله عبادة وتوكلاً ، فيفسد عليه قلبه وإيمانه وحاله ، ويبقى هدفاً لسهام الطيرة ، ويُساق إليه من كل أرب ، ويقيض له الشيطان من يفسد عليه دينه ودنياه ، وكم هلك بسبب ذلك وخسر الدنيا والآخرة".

ثانياً: التطيّر يحمل في طيّاته سوء ظنٍّ بالله عزّ وجل، ويُنافي الثقة به وتسليم الأمور إليه والرضا بقضائه وقدره، وهذا هو ظن الجاهلية ، واعتقاد السوء الذي لا يليق به سبحانه ولا بحكمته وحمده ويتنافى مع جلاله وكماله وصفاته ونعوته ، فضلاً عن كونه من أبرز صفات الجاهليّة كما قال تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية}( آل عمران:154 ) وفي آيةٍ أخرى: { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء} (الفتح:6 )، وإلا فإن الواجب على المؤمن أن يُحسن الظن بربّه الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، فيثق في حكمته سبحانه فيما قضى وقدّر على عباده وأنّه خيرٌ كلّه حالاً أو مآلاً ولو كان ظاهره ابتلاء وعذابٌ وشدة.

ثالثاً: ظهور آثار سلوكيّة سلبيّة على أصحاب هذه المعتقدات، فإنه من كان معتنيا بها قابلاً لها تفتَّحت له أبواب الوساوس فيما يسمعه ويراه ويعطاه، ويفتح له الشيطان فيها من المناسبات البعيدة والقريبة في اللفظ والمعنى ما يفسد عليه دينه، ويُنكد عليه عيشه.

والمتطير متعب القلب، منكد الصدر، كاسف البال، سيء الخلق، يتخيَّل السوء من كل ما يراه أو يسمعه، وإنك لتجده من أشد الناس خوفاً، وأنكدهم عيشاً، وأضيق الناس صدراً، وأحزنهم قلباً، كثير الخوف من المجهول والتوجّس من المستقبل، أبعد الناس عن اطمئنان النفس، وهدوء البال، وقرّة العين، وارتياح الضمير، كثير الاحتراز والمراعاة لما لا يضره ولا ينفعه، إذا سمع كلمةً سيّئةً أوّلها أسوأ تأويل، وحملها أسوأ محمل، ينظر إلى الدنيا بمنظارٍ أسود، وكم قد حرم نفسه بذلك من حظ، ومنعها من رزق، وقطع عليها من فائدة، ويالتعاسة من ضعف توكّله على ربّه ومولاه.

مواقف الناس من الطيرة والتشاؤم
للناس مواقف متباينة تجاه ما يرونه من الأحوال الداعية إلى التشاؤم، فمن الناس من يتطيّر ويُحجم عن أفعاله التي كان ينوي فعلها، فإذا كان عازماً على السفر نقض عزمه في ذلك، وإذا أراد سلوك طريق فرأى ما يُفزعه تحوّل إلى طريق آخر، فهذا مستجيبٌ لداعي التطيّر واقعٌ في المحرّم المنهي عنه شرعاً، بل جاء في حقّه الوعيد الشديد في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك) رواه الإمام أحمد، ويُخشى عليه إن استمرّ في هذا الطريق أن يتلاشى عنده الأمل تماماً فيفقد الثقة بخالقه وييأس من روحه، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

ومن الناس من إذا رأى تلك الأمور لا ينقض عزمه ويترك ما نوى فعله، لكن يساوره قلق عظيم وتخوّف كبير مما قد يحدث له ويظلّ متوجّساً حتى يُتمّ فعله، ولا شكّ أن هذا القسم أهون من سابقه لا يكون قد ولج باب الشرك أو استحقّ البراءة من الإسلام على ما جاء في قول النبي -صلى الله عليه و سلم- قال : ( ليس منا من تَطير ولا تُطير له ) رواه البزار، إلا أن تشاؤمه مشعرٌ بضعفِ إيمانه وقلّة توكّله على الله عزّ وجل.

أما أوفر الناس حظّاً من هذين الفريقين من لا يتطيّر ابتداءً، ولا يستجيب لداعي التطيّر، ولا يلتفت قلبه إلى هذه الهواجس بل تمرّ على قلبه مروراً سريعاً ثم تخرج منه، لأنه حقّق إيمانه وامتلأ قلبه بالتوكّل فصدق اعتماده على الله وتوكله عليه ، فكان حقّه أن يدخل الجنّة بغير حسابٍ ولا مساءلةٍ ولا عذاب كما صحّ بذلك الحديث.

هل كل من تطيّر فهو مشرك؟
إن كل هذه الأحاديث التي أوردناها من قبل تبين حرمة الطيرة وعظيم خطرها وأنها من الشرك، إلا أن الحكم يختلف بحسب اعتقاد المتطير، فإن اعتقد المتطير تأثير الطيرة بنفسها دون تقدير الله سبحانه كان ذلك من الشرك الأكبر المخرج من الإسلام. والعرب كانت تعتقد تأثير الطيرة ويقصدون بها دفع المقادير المكتوبة عليهم، فكان حقيقة حالهم أنهم طلبوا دفع الأذى من غير الله تعالى.

وأما إن اعتقد أن حركة الطير مجرد سبب لجلب الخير ودفع الشر فيكون شركاً أصغر لا يخرج من الإسلام ، وذلك لأنه أثبت سببا لم يثبت تأثيره شرعا ولا قدراً . والقاعدة هنا أن كل من اعتمد على سبب لم يجعله الشارع سببا لا بوحيه ولا بقدره فإنه مشرك شركاً أصغر.

عن قولهم: فأل الله ولا فألك
اشتهر على ألسنة الناس في أيامنا هذه قولهم: "فال الله ولا فالك"، فما مرادهم من هذه العبارة وهل ثمّة محذورٌ في إطلاقها، في الحقيقة أن الناس يقولون "فأل الله" ويقصدون به أنهم يلتمسون الفأل من الله سبحانه وتعالى، لاعتقادهم أن كل قضاء الله خيرٌ، وكلّ أفعاله منوطةٌ بالحكمة، ولذلك صحّ من دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم- قوله: ( والشرّ ليس إليك)، فيكون التفاؤل بالله سبحانه وتعالى دون التفاؤل بما يسمعونه من كلام من يتوجّسون منه ويتخوّفون شرّه، وهي بهذا المعنى إطلاقٌ صحيح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
Labza.Salem
Admin
Labza.Salem

عدد المساهمات : 43954
نقاط : 136533
تاريخ التسجيل : 12/09/2014
العمر : 29
الموقع : سيدي عامر

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم   أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم Emptyالأحد 28 مايو - 3:28

أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم (3)


منافاة التطيّر لحقيقة التوكّل
التطيّر والتوكّل ضدان لا يجتمعان، وما بينهما من الفرق كما بين المشرق والمغرب، فالمرء إما أن يُسلم وجهه لله ويتعلّق به ويتوكّل عليه ويُخلص في ذلك كلّه، عندها يعيش هاديء البال مطمئناً بقضاء الله وقدره؛ لأنه يعلم أن ما أصابه ما كان ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وتلك هي عقيدة المسلم التي يتسلّح بها في مواجهة مرّ البلاء.

وإما أن يضعف توكّله على خالقه، ويلتفت قلبه إلى سواه، لتجد الضلالات والخرافات إليه سبيلاً، وتسيطر جرثومة الأوهام والأساطير على عقله حتى يلتمس من حركة الطير والحيوانات القدر، ويستنتج سيء الطالع من خلال مشاهدة المزعجات أو سماع المقلقات أو معايشة الأزمنة التي يظنّها موطناً للشؤم والنحس، فأي مباعدةٍ عن خالص التوحيد وصافي العقيدة أوضح من هذه الحال؟.

إن الإسلام يبطل هذا كلّه من خلال التأكيد على ضرورة الاستعانة بالله عزّ وجل والتوكّل عليه، ولذلك أمرهم بهذه العبادة الجليلة في العديد من المواضع من كتابه، فقال سبحانه: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} (المائدة:23)، وقال سبحانه: {وتوكل على الحي الذى لا يموت} (الفرقان:58)، وقال سبحانه: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا} (المزمل:9)، بل إن التوكل هو عين الاستعانة التي أُمرنا بامتثالها ونرددها كل يوم في صلواتنا: { إياك نعبد وإياك نستعين}(الفاتحة:4).

وإذا كان المقصد عند العبد أن تحصل له الكفاية مما قد يهمّه ويقلقه من أمور دنياه، فلا يكون ذلك إلا بالتوكّل على الله سبحانه وتفويض الأمور إليه، وذلك هو السبيل لنيل محبّة الله ورضاه، قال تعالى: { فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} (آل عمران:159)، وقال سبحانه: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} (الطلاق:3)، والأحاديث في هذا المعنى لا تخرج عما ذكرناه، ومنها وصيّة النبي –صلى الله عليه وسلم- الشهيرة لابن عباس رضي الله عنهما: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي.

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله : "وحقيقة التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة كلها، أي أن تكل الأمور كلها إليه سبحانه وتعالى ، وتحقق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا ينفع سواه".

ولأجل هذا المعنى الدقيق ربط النبي –صلى الله عليه وسلم- بين ترك التطيّر ولزوم التوكّل على الله عزّ وجل في الحديث الصحيح المتفق عليه والذي يحكي عن السبعين ألفاً ممن يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، وسوف نورد الحديث لاحقاً .

أدلّة تحريم التطيّر
وردت العديد من النصوص الشرعيّة التي تُحذّر من هذه المعتقدات والتصرّفات وتنهى عنها، وتشدّد النكير على من قارفها ووقع في حبائلها، وقد أخذت الأدلة مساراتٍ متنوّعة في النهي عن الطيرة، ونجد أنها كالآتي:

أولاً: بيان أن الطيرة من أعمال المشركين: فقد أورد القرآن الكريم الطيرة في معرض الذمّ عندما ذكر أحوال الرُسل مع أقوامهم، فوردت عن قوم صالح عليه السلام وعن آل فرعون تطيّراً بموسى عليه السلام وبمن معه، وذُكرت عن أصحاب القرية التي جاءها المرسلون، يقول الإمام ابن القيم: " لم يحك الله التطير إلا عن أعداء الرسل"، والعجب من أهل الفساد والطغيان كيف يتشاءمون ويتطيّرون بأهل الصلاح والاستقامة معدن الخير والبركة!.

ثانياً: بيان أن الطيرة بابٌ من أبواب الشرك وضربٌ من ضروب الجبت –أي السحر-، ورد في ذلك حديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال : (الطيرة شرك –قالها ثلاثاً)، ثم قال ابن مسعود رضي الله عنه : "وما منا إلا..ولكن الله يذهبه بالتوكل" رواه أبو داوود.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك) قالوا: "يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟"، قال: (أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك) رواه الإمام أحمد.

وعن قبيصة بن المُخارق رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (العيافة والطيرة والطرق من الجبت) رواه أبوداوود، والطَّرق : الضَّرب بالحصا الذي يَفْعله النساء ، وقيل: هو الخطُّ في الرَّمْل .

ثالثاً: النهي عن زجر الطيور: وذلك مستفاد من حديث أم كرز الكعبية أن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال يوم الحديبية: (أقروا الطير على مكناتها) رواه أبوداوود، ومعنى الحديث كما ذكر الإمام الطحاوي: " أقروا الطير في مكناتها، أي: لا تحرّكوها؛ فإن تحريكها وما تعملون له من الطيرة لا يصنع شيئاً، وإنما يصنع فيما تتوجهون له قضاء الله سبحانه وتعالى"، فالحديث إذن صريحٌ في النهي عن هذا الفعل.

رابعاً: البراءة من الطيرة والمتطيّرين: فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال : ( ليس منا من تَطير ولا تُطير له، ولا تَكهّن ولا تُكهِّن له، ولا سَحر أو سُحر له) رواه البزار، ومثل هذه البراءة الواردة في الحديث تدلّ على دخول ذنب الطِيرة دائرة الكبائر.

خامساً: نفي تأثير الطيرة: وهر مرويٌ عن عددٍ كبير من الصحابة ، منهم أبو هريرة وأنس بن مالك وعبدالله بن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وعمير بن سعد رضوان الله عليهم أجمعين، كلّهم يُسند إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- قوله: ( لا عدوى ولا طيرة)، فنفى وجود أي تأثير لحركة الطير في فعل الإنسان سلباً أو إيجاباً، فقال – عليه الصلاة والسلام - : ( لا طيرة ) متفق عليه . أي: لا حقيقة لما يعتقده المشركون من أن لحركة الطير تأثيراً، فكل ذلك من خرافات الجاهلية وأوهامها .

والنفي هنا ليس نفياً مجرّداً، ولكنّه نفي يُستفاد منه النهي عن التطيّر إذ لا حقيقة له ولا أثر فكيف يجوز فعله؟، يوضّح ذلك الإمام ابن القيم بقوله: " والنفي في هذا أبلغ من النهي؛ لأن النفي يدل على بطلان ذلك وعدم تأثيره؛ والنهى إنما يدل على المنع منه".

وفي حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال: "يا رسول الله، ومنّا أناس يتطيرون"، فقال له: (ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدّنه) رواه مسلم فدلّ الحديث على انتفاء وجود الأثر من هذه الطيرة، وفي كتاب مفتاح السعادة كلام نفيس في بيان هذا المعنى، ونصّه: "فأخبر أن تأذّية وتشاؤمه بالتطير إنما هو في نفسه وعقيدته لا في المتطير به، فوهمه وخوفه وإشراكه هو الذي يطيّره ويصده لا ما رآه وسمعه، فأوضح -صلى الله عليه وسلم- لأمته الأمر وبين لهم فساد الطيرة ليعلموا أن الله سبحانه لم يجعل لهم عليها علامة ولا فيها دلالة، ولا نصّبها سبباً لما يخافونه ويحذرونه؛ لتطمئن قلوبهم ولتسكن نفوسهم إلى وحدانيتة تعالى التى أرسل بها رسله وأنزل بها كتبه ،وخلق لأجلها السموات والأرض، وعمر الدارين الجنة والنار".

سادساً: عظم الثواب المترتّب على من ترك التطيّر: فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب)، وعندما سئل عليه الصلاة والسلام عن أوصافهم قال: (هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيّرون، وعلى ربهم يتوكلون ) متفق عليه، ولا فضلَ يعدل دخول الجنّة بغير سابقة عذاب، ولا نقاش حسابٍ، في يوم عصيبٍ شديد الحرّ كيوم القيامة، ولا شكّ أنهم ما نالوا هذه المنزلة العظيمة والمرتبة الجليلة إلا لأنهم حقّقوا منزلة التوكّل وعلّقوا أمورهم بمن بيده مقاليد السماوات والأرض لا يجلب المنافع ويحقق المطالب ويدفع المضار ويزيل البأس ويكشف البلاء سواه سبحانه وتعالى.

ومثل هذه الأجور العظيمة محجوبةٌ عمن فسد قلبه بتعلقه بغير الله تعالى بالتطيّر، ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم-: ( لن يلج الدرجات العلى من تكهّن، أو استقسم، أو رجع من سفر تطيّراً) رواه الطبراني.

سابعاً: تشديد الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح في النهي عن الطيرة: وكتب السنة والتاريخ مليئةٌ بمثل هذه المواقف، فعن عكرمة رحمه الله قال: "كنا جلوسا عند ابن عباس رضي الله عنه، فمرّ طائر يصيح، فقال رجل من القوم: خير خير!، فقال له ابن عباس: لا خير ولا شرّ"، وعن فضال بن عبيد رضي الله عنه أنه قال: " من ردته الطيرة فقد قارف الشرك".

وعندما كان العرب يتشاءمون بشهر شوّال أرادت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تبيّن بطلان هذا المعتقد الجاهليّ، فقالت: "تزوجني النبي -صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نسائه كان أحظى عنده مني؟" رواه مسلم، يوضّح الإمام النووي ذلك بقوله: " أرادت عائشة رضي الله عنها بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه، وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوّج والتزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الأشالة والرفع ".

وعن زياد بن أبي مريم قال: "خرج سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سفر، فأقبلت الظباء نحوه، حتى إذا دنت منه رجعت، فقال له رجل : أيها الأمير ارجع، فقال له سعد: أخبرني من أيها تطيّرت؟ أمن قرونها حين أقبلت؟ أم من أذنابها حين أدبرت؟، ثم قال سعد عند ذلك : إن الطيرة لشعبة من الشرك. رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنّفيهما.

وخرج طاووس رحمه الله مع صاحب له في سفر، فصاح غراب، فقال الرجل: خير، فقال طاووس: "وأي خير عنده؟ والله لا تصحبني".

وقال وهب بن منبه رحمه الله: " ثلاث من مناقب الكفر: طول الغفلة عن الله، والطيرة، والحسد".

وقال مزاحم بن عبد الحكم رحمه الله: "لما خرج الخليفة عمر بن عبد العزيز من المدينة، فنظرت فإذا القمر في الدبران –منزلة من منازل القمر-، فكرهتُ أن أقول له، فقلت: ألا تنظر إلى القمر ما أحسن استواءه في هذه الليلة؟، فنظر عمر فإذا هو في الدبران، فقال لي: كأنك أردت أن تعلمني أن القمر في الدبران، يا مزاحم إنا لا نخرج بشمس ولا بقمر، ولكنا نخرج بالله الواحد القهار".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.sidiameur.info
 
أوهام الجاهليّة الأولى: الطيرة والتشاؤم
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أوهام هيكل وحقائق حرب الخليج.pdf
» حرب الخليج أوهام القوة والنصر.pdf
» الهرم الأكبر - بين عبث السحرة - أوهام العلماء
» د. محمد مندور بين أوهام الادعاء العريضة وحقائق الواقع الصلبة (ثلاث قضايا ساخنة)
» بحث عن موقعة الجمل الأولى عام 656 م أسبابها ونتائجها - بحث مفصل عن موقعه الجمل الأولى

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
سيدي عامر إنفو :: منتديات اسلامية :: المنتدي الاسلامي العام :: الفقه الاسلامي والفتاوي الدينية والاعجاز العلمي والصوتيات-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: