المطلب الرابع
بيع الوفاء
عرف ابن عابدين من الحنفية بيع الوفاء بقوله :
( بيع الوفاء هو : أن يبيعه العين بألف على أنه إذا رد عليه الثمن رد عليه العين )(1) فبيع الوفاء ، بيع يشترط فيه البائع على المشتري ، أن يرد له المبيع إذا رد عليه الثمن، وإنما سمي ( بيع الوفاء ) لأن المشتري يلزمه الوفاء بالشرط •
التكييف الفقهي لبيع الوفاء :
اختلف الفقهاء في التكييف الفقهي لبيع الوفاء على مذاهب عدة ، المشهور منها ثلاثة•
المذهب الأول :
يرى أصحابه ، أن بيع الوفاء رهن حقيقي ، يأخذ أحكام الرهن فلا يملكه المشتري ويسترده البائع إذا دفع الثمن للمشتري ، ويستوفي منه المشتري حقه ، إذا عجز البائع عن دفع الثمن عند الأجل وإلى هذا ذهب بعض الحنفية (2) •
المذهب الثاني :
يرى من ذهب إليه أن بيع الوفاء رهن باطل ، وإليه ذهب بعض المالكية (3) •
المذهب الثالث :
يرى أصحابه أنه بيع باطل ، وإليه ذهب المتقدمون من الحنفية ، وهو مذهب جمهور المالكية ، والشافعية ، والحنابلة (4) •
الأدلة :
استدل أصحاب المذهب الأول على أن بيع الوفاء رهن حقيقي بما يلي :
المعقول :
إن المتعاقدين إنما قصدا من هذا البيع الرهن والاستيثاق بالدين • والعبرة في العقود للمعاني ، لا للألفاظ والمباني ولهذا كانت الهبة بشرط العوض بيعاً ، وكانت الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة ، فكذلك البيع بشرط رد المبيع عند رد الثمن يكون رهناً (1) •
استدل أصحاب المذهب الثاني على أن بيع الوفاء رهن باطل بما يلي :
المعقول :
إن البيع بشرط رد المبيع إذا رد البائع الثمن ، وهو سلف بمنفعة لأن المشتري ينتفع بالمبيع بلا مقابل بمقتضى عقد البيع وذلك من الربا المنهي عنه (2) •
استدل أصحاب المذهب الثالث على أن بيع الوفاء بيع باطل بما يلي :
المعقول :
1 - إن اشتراط البائع أخذ المبيع إذا رد الثمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه ، وهو ملك المشتري المبيع على سبيل الاستقرار والدوام ، وفي هذا الشرط منفعة للبائع ولم يرد دليل معين يدل على جوازه فيكون شرطاً فاسداً يفسد البيع باشتراطه فيه •
2 -إن البيع على هذا الوجه لا يقصد منه حقيقة البيع بشرط الوفاء وإنما يقصد من ورائه الوصول إلى الربا المحرم ، وهو إعطاء المال إلى أجل ، ومنفعة المبيع هي الربح ، والربا باطل في جميع حالاته (3) •
والراجح من هذه المذاهب ، هو ما ذهب إليه بعض الحنفية ، من أن هذا المبيع رهن حقيقي ، فيأخذ أحكام الرهن ، لأن الدافع إليه في الغالب هو الحاجة الملحة ، فإن من الناس من يفتقر إلى المال ، ولا يجد ما يخرجه من هذه الضائقة إلا بيع عقاره ، أو منقوله إلى شخص آخر ، فيشترط على المشتري أن يرجع إليه ملك المبيع إذا رد إليه الثمن ، فهذا في الواقع يدل على أن البائع إنما قصد الرهن ، وقد أجبرته الضرورة على إخراج ملكه عنه هذه المدة التي عينت للوفاء ، وواقع حال المشتري أنه قبل ابتياعه للانتفاع به هذه المدة فإن عجز البائع عن رد الثمن ، فإن المشتري يملك المبيع دون عقد جديد أو إجراء آخر ، وإذا كان مقصود الشريعة المحافظة على الأموال حتى لا يحصل غبن لأحد من المتعاملين ، فإن القول بأن بيع الوفاء بيع باطل أو رهن باطل، فيه غبن على المشتري بترك ماله دون توثق ، وهو مالا يأمن البائع على ما دفعه له فقد يدعي الإفلاس ، وقد يتصرف في ماله على وجه يجعله معدماً فيضع على المشتري مادفعه ، وفي القول بأن هذا البيع رهن حقيقي يحقق حفظ مال البائع والمشتري ، فإن المبيع بمقتضى اعتباره رهناً لا يملكه المشتري ولا ينتفع به ، ولكن له حق استيفاء ثمنه منه عند أجل الوفاء ، ويجعل المبيع وثيقة يستوفي منها ماله ، وبذلك يتحقق مقصود الشارع من المحافظة على الأموال على وجه لا ظلم فيه •
مستند القائل بجواز بيع الوفاء :
إذا كان مذهب المتقدمين من الحنفية وجمهور الفقهاء أن بيع الوفاء رهن باطل لأنه بيع اقترن بشرط - وفيه منفعة لأحد المتعاقدين - وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط ، إذاً ، فما المستند الذي استند إليه متأخرو الحنفية في حكمهم على جواز بيع الوفاء ، وكيف وفقوا بين قوله صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع وشرط وهذا البيع ؟
ومن المقرر فقهاً وأصولاً أنه لا عبرة للعرف إذا عارض نصاً تشريعاً ، سواء كان العرف عاماً ، أو خاصاً ، لفظياً كان أو عملياً •
تعارض العرف مع النص وتحليل ذلك :
إذا عارض العرف نصاً تشريعاً عاماً شاملاً بعمومه الأمر المتعارف ففي سلطان العرف عندئذ تفصيل بحسب كون العرف مقارناً لورود النص ، أو حادثاً بعده •
أولاً : العرف المقارن لورود النص العام المعارض له :
العرف القائم عند ورود النص التشريعي إما أن يكون لفظياً ، أو عملياً •
أ - فإذا كان لفظياً فلا خلاف بين الفقهاء في اعتباره فينزل النص التشريعي العام على حدود معناه العرفي عند الخلو عن القرائن لو كانت دلالة اللفظ الذي استعمله الشارع هي في أصل اللغة أوسع من دلالته العرفية ، لأن العرف اللفظي العام هو لغة التخاطب فيوجه الألفاظ إلى معانيها في حدودها المألوفة مالم توجد قرينة دالة على أن الشارع أراد بلفظه حدوداً أوسع ، وهذا في الواقع فرع من قاعدة وجوب حمل اللفظ على معناه الحقيقي مالم تضم قرينته على إرادة المجاز ، لأن العرف اللفظي يجعل المعنى المتعارف حقيقة عرفية ، وهي مقدمة في الفهم على الحقيقة اللغوية التي تصبح هي بالنسبة إلى الحقيقة العرفية مجازاً يحتاج إلى قرينة ، فألفاظ البيع ، والشراء ، والإجارة ، والسلم ، وغيرها كل ذلك وغيره من النصوص يحمل على معانيه العرفية عند ورود النصوص بها وإن اختلفت عن المعاني الوضعية في أصل اللغة •
ب - وأما إذا كان العرف القائم عند ورود النص المخالف له عرفاً عملياً فقد اختلفت الاجتهادات في كونه صالحاً لتخصيص النص العام أو غير صالح • ولدى من يعده صالحاً يجد تفصيلاً بين أن يكون العرف عاماً أو خاصاً نلخصه فيما يلي :
أ - العرف المقارن العام :
فإذا كان العرف القائم عند ورود النص العام المعارض له عرفاً عاماً فإنه في الاجتهاد الحنفي يكون مخصصاً للنص ، فيعد عندئذ ذلك النص مقصور الشمول على ماسوى الأمر المتعارف إذ يكون ذلك العرف قرينة قائمة دالة على أن الشارع لم يرد شمول ذلك الأمر المتعارف بعموم نصه المعارض له في الظاهر •
والنظـر الفقهـي في ذلك أن النص إذا كان عامـاً فإن العمل بالعرف في موضعه لا يكون تعطيلاً للنص كما في حالة خصوص النص ، بل يبقى النص معملاً في مشمولاته الأخرى التي يتناولها عمومه ، فليس في تخصيص النص بالعرف عندئذ إهمال للنص ، بل هو إعمال للعرف والنص معاً ، والعرف العملي يدل على حاجة الناس إلى ما تعارفوا عليه ، وفي نزع الناس عما تعارفوه عسر وحرج ، فالعمل بهما أولى وأوفى بالحاجة (1) •
ب - العرف المقارن الخاص :
وأما إذا كان العرف القائم المعارض للنص العام عرفاً خاصاً بمكان دون آخر أو بفئة من الناس دون سواهم ، كعرف التجار ، والصناع في بعض البلدان ، أو بعض الأصناف فالراجح من الآراء في الاجتهاد الحنفي أنه ليس له عند معارضة النص ما للعرف العام من قوة وسلطان ، فلا يصلح العرف الخاص مخصصاً للنص العام المعارض ولو كان قائماً عند ورود النص لأنه إذا كان عرف بعض البلاد أو الناس يقتضي تخصيص النص فإن عدم هذا العرف لدى بقية الأماكن أو الناس مالا يقتضيه فلا يثبت التخصيص بالشك (2) •
ثانياً : العرف الحادث بعد النص العام المعارض له :
وأما إذا كان العرف المعارض للنص العام حادثاً بعد ذلك النص ، فإن هذا العرف لا يعد ولا يصلح مخصصاً للنص التشريعي باتفاق الفقهاء ولو كان عرفاً عاماً ، لأن العرف الحادث هو طارئ بعد أن حدد مفهوم النص التشريعي ومراد الشارع منه وأصبح نافذاً منذ صدوره عن الشارع ، فإذا ساغ تخصيصه بعد ذلك بعرف طارئ مخالف له كان ذلك نسخاً للنص التشريعي بالعرف ، وهذا غير جائز ، إذ لو جاز لأدى إلى تبديل معظم أحكام الشريعة بأعراف طارئة تلغيها وتحل محلها فلا يبقى للشرع معنى •
ولا فرق بين العرف العملي ، والعرف اللفظي في عدم صلوح الطارئ منهما لتخصيص النص السابق عليه ، بل العرف اللفظي الحادث هو أبعد عن الصلوح لهذا التخصيص •
فبعد ورود نصوص القرآن والسنة إذا تبدل عرف الناس في معاني بعض الألفاظ الواردة في نصوصهما فلا عبرة لهذا التبدل ، بل العبرة لتلك المعاني والحدود التي كانت هي المفهومة منهما عند الورود لأن العرف اللفظي القائم عند ورود النص التشريعي هو الذي يحدد مراد الشارع من كلامه (1) •
وعلى هذا الأساس يجب تطبيق نصوص الفقهاء ، وتفسير صكوك الوقفيات ، والوصايا ، والبيوع ، والهبات ، وسائر الصكوك العقدية وما يرد فيها من شروط واصطلاحات ، فإنها جميعاً يجب أن تفسر بحسب عرف العاقدين المنشئين لها في زمانهم قياساً على نصوص الشارع ولا يسوغ تنزيلها في الفهم على عرف حادث يخرج به كلامهم عن مرادهم •
قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر تحت القاعدة السادسة ما نصه: ( العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر ولذا قالوا : لا عبرة بالعرف الطارئ )(2) •
وقد عرفنا فيما سبق أن عدم اعتبار العرف الطارئ في تخصيص معاني النصوص وتقييدها لا ينحصر في العرف اللفظي ، فالعرف العملي الطارئ ليس له أيضاً هذا السلطان تجاه النص ، ولو كان عرفاً عاماً • إلا أن يكون النص معللاً بالعرف أو معللاً بعلة يزيلها العرف كما سنرى قريباً •
فهذا هو المبدأ الفقهي المقرر عند تعارض العرف والنص التشريعي العام ، يتلخص بأنه :
أ - إذا كان العرف قائماً عند ورود النص كان للعرف العام في الاجتهاد الحنفي سلطان يخصص النص ، ويفيد قصر حكمه على غير الأمر المتعارف وليس للعرف الخاص مثل هذا السلطان إلا على رأي ضعيف مرجوح •
ب - وإذا كان العرف حادثاً فإنه لا يصلح مخصصاً للنص العام السابق ، بل العبرة لعموم النص دون العرف ولو كان العرف عاماً •هذا ، والمتتبع للفروع الفقهية ، والناظر في تعليلاتها التي يعلل بها الفقهاء يجد أن العرف الحادث ولو خالف ظاهر النص التشريعي يعتبر ويحترم في حالتين :
1 - إذا كان النص التشريعي نفسه معللاً بالعرف ، أي مبنياً على عرف عملي قائم عند وروده ، فعندئذ إذا تبدل ذلك العرف يتبدل تبعاً له حكم النص ولو كان النص خاصاً بالموضوع • وهذا الرأي انفرد به أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة ، وهو الرأي الأقوى مدركاً وحجة وإن كان الجمهور على خلافه (1) •
2 - وإذا كان النص التشريعي معللاً بعلة ينفيها العرف الحادث سواء أكانت علة النص مصرحاً بها فيه أو مستنبطة استنباطاً بطريق الاجتهاد • ففي مثل هذه الحال يعتبر العرف الحادث ويحترم وإن خالف النص لأن هذه المخالفة تصبح ظاهرية غير حقيقية ما دامت علة النص تنتفي بوجود العرف ، إذ من المقرر في قواعد الأصول أن الحكم الشرعي يدور مع علته فيثبت عند ثبوتها وينتفي بانتفائها •
الشواهد الفقهية على هذا المبدأ :
هناك شواهد فقهية عديدة على هذا المبدأ في اعتبار العرف الحادث نورد بعضها لنصل من خلالها إلى موضوعنا •
الشاهد الأول :
يذكر فقهاء الحنفية في بحث الشرط المفسد في عقود المعاوضات كالبيع ، أن الشرط المفسد لعقد المعاوضة هو كل شرط تشترط فيه منفعة خارجة عن الحكم الأصلي للعقد وعما يلائمه ، كشرط المشتري على البائع طحن الحنطة المشتراة ، أو حمل البضاعة على حسابه ، أو إصلاح الآلة المبيعة إذا تعطلت عند المشتري ، أو اشتراط البائع أن يستعمل المبيع مدة بعد البيع(2) فكل ذلك في أصل نظريتهم شروط مفسدة • وقد أخذ الحنفية في ذلك بظاهر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( نهي عن بيع وشرط ) (1) •
وقد استثنوا من هذا النص نوعين من الشروط التعاقدية حكموا بصحتها وإلزامها إذا اشترطا في العقد ، وهما :
1 - الشرط الذي ورد بجوازه نص شرعي كشرط الخيار (2) •
2 - الشرط الذي تعارف الناس باشتراطه •
فالشروط التي تعتبر عند الحنفية مفسدة بحسب تفسيرهم لهذا النص الوارد في السنة إذا تعورف شيء منها يصبح بالعرف صحيحاً ملزماً واجب الاحترام شرعاً ، ولو كان العرف فيه حادثاً •
ومن فروع هذا النظر تصحيحهم بيع الوفاء لجريان العرف به رغم أنه في الأصل يقوم على أساس اشتراط مفسد عندهم وقد أفتى متقدمو الحنفية بفساده قبل أن يفشى فيه العرف ولهذا نجد متأخريهم أفتوا بجوازه لجريان العرف فيه •
ومستندهم في ذلك هو النظر إلى علة الحديث النبوي الذي نص على منع الشرط في البيع ، فقد اعتبروا أن الغرض التشريعي منه هو منع سبب المنازعة ، لأن هذه الشروط الزائدة على أصل عقد البيع يفضي تنفيذها وكيفيته إلى النزاع غالباً فرأوا أن العرف إذا جرى على بعضها ينفي النزاع إذ يجعل الأمر معلوماً مألوفاً فلا يكون العرف قاضياً على النص بل موافقاً لغرضه وروحه ولو كان عرفاً حادثاً (1) •
ولم يوجبوا لتصحيح الشرط المتعارف أن يكون العرف فيه عاماً بل يكفي العرف الخاص ، فإن الشروط الممكنة متنوعة أنواعاً لا تحصى وهي في كل مكان وزمان بحسب حاجات أهله ، فقد يتعارف في بلد من الشروط العقدية مالا يتعارف في غيره، فيصح من كل قوم أن يشترطوا في بيوعهم وسائر معاوضاتهم مايتعارفونه من الشروط مالم يوجد نص خاص يمنع شرطاً مخصوصاً بعينه ، فحينئذ لا يعتبر عرف على خلافه (2) •
الشاهد الثاني :
يصرح فقهاء الحنفية في بابي الربا والقرض من كتاب البيوع بأنه يجوز اقتراض الخبز عدداً بين الجيران ، لأن ذلك أصبح متعارفاً بينهم للحاجة إليه • وهذا رأي الإمام محمد صاحب أبي حنيفة ، وهو الراجح المفتى به في المذهب فيجوز ذلك ولو اختلف رغيف القرض عن رغيف الوفاء وزناً مع أن الخبز مال ربوي من صنف الموزونات ، والنصوص العامة في الشريعة توجب التساوي في مبادلة الأموال الربوية بجنسها وزناً في الموزونات وكيلاً في المكيلات وتعد الفضل الزائد في أحدها عن الآخر محرماً وعقده باطلاً أو فاسداً • بل إن شبهة الربا كتحققه في الحرمةوالمنع وعقده باطلاً أو فاسداً • باتفاق الفقهاء (1) •
وهذا التجويز لاقتراض الخبز عدداً بين الجيران دون النظر إلى تفاوت الوزن قد استند فيه الإمام محمد إلى العرف الشائع محتجاً بأنه قد تعارف الجيران إهدار فرق الوزن واعتبار العدد فقط (2) •
وبذلك أصبح هذا التعامل غير صالح لأن يتخذ طريقاً للمراباة الممنوعة شرعاً• فكانت علة النصوص العامة في تحريم الربا ( وهي الاسترباح ) غير متحققة بهذا الطريق ، والحكم يدور مع علته ، ولا يوجد نص خاص يمنع اقتراض الخبز عدداً بين الجيران على سبيل التخصيص والتعيين ليكون هذا العرف مصادماً للنص الصريح ، فأصبح المقياس المنظور إليه هو علة النصوص العامة في منع المراباة • وهذه العلة لا تتحقق في هذا العرف بين الجيران حيث لا يعتبرون فرق الوزن بين الأرغفة •
فهذه طائفة من الشواهد الفقهية المقررة تنطق هي وتعليلاتها المنقولة عن الفقهاء بأن العرف إذا كانت تزول وتنتفي به علة النص المعارض يحترم شرعاً ولو كان عرفاً حادثاً • أما إذا كانت علة النص المعارض لا ينفيها العرف الحادث فلا عبرة لهذا العرف تجاه عموم النص ، لأن اعتبار العرف الحادث عندئذ يكون نسخاً للنص ، والعرف ليس له هذا السلطان (3) •
بعض صور بيع الوفاء الحديثة :
إذا كان بيع الوفاء هو : أن يبيع الرجل داره ، أو أرضه لشخص أخر بشرط أنه - أي البائع - متى رد الثمن يرد المشتري المبيع له •
وهو - أي بيع الوفاء - في الحقيقة عقد توثيقي في صورة بيع على أساس احتفاظ الطرفين بحق التراد في العوضين ، فهو عقد مزيج من بيع ورهن غير أن أحكام الرهن فيه هي الغالبة • وإنما احتيج إلى هذا العقد ولم يغن الرهن عنه ، لأن الرهن لا يفيد المرتهن حق الانتفاع به ، أو إيجاره في مقابل الدين ، وإذا أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع فله أن يرجع عن هذا الإذن شرعاً ، فاستحدثوا بيع الوفاء ليدخلوا به من أحكام البيع على أحكام الرهن حق الانتفاع للمرتهن بمقتضى العقد ، لأن الناس أمسكوا أموالهم عن إقراضها بلا منفعة فتعورف هذا العقد في صورة شراء وانتفاع وفي معنى رهن ليكون فيه للناس مندوحة عن الالتجاء إلى المراباة •
لكن بمرور الزمن قد استحدث الناس صوراً لهذا العقد لم تكن مألوفاً أو معروفاً لدى الفقهاء ، وأدرجوا تلك الصور تحت بيع الوفاء •
ومن هذه الصور :
اعتاد بعض التجار - في أفغانستان ، وباكستان ، والهند - القيام ببناء عمارات ، أو بيوت ، وبيعها وفاءً على الناس مقابل مقدار من المال - كخمسين ألف ريال مثلاً - ويبرم البائع والمشتري عقداً مؤداه إنهما متى أرادا إنهاء العقد ، يرد كل واحد منهما ما أخذه من صاحبه•
والهدف من جراء هذا العقد هو : أن البائع يبتغي من وراء هذا العقد زيادة دخله ، ورواج تجارته • والمشتري يقوم بدوره هو الآخر بالاستفادة من الانتفاع بالدار ، أو الأرض ، ويربح كل واحد منهما ربحاً حسناً من وراء هذا العقد •
ولما كان هذا العقد يدر بربح حسن على صاحبه لم يمض وقت طويل حتى أصبح الشغل الشاغل عند الناس ، وبالخصوص عندما أفتى بعض العلماء في تلك البلدان بجواز هذا التعامل مستنداً في فتواه أنه من بيع الوفاء الذي حكم متأخرو الحنفية بجوازه ، مع أن هذه الفتاوى قد عارضها كبار العلماء في تلك البلدان •
ولما كان هذا الموضوع موضع الخلاف بين العلماء آثرت أن أتطرق إليه وذلك من خلال مقارنته مع بيع الوفاء ، وأختتم به هذا البحث •
المقارنة بين هذا العقد وبين بيع الوفاء :
بعد أن عرفنا حقيقة بيع الوفاء • ومستند القائل بجوازه ، والأسباب الداعية إلى انعقاده نجد أن هناك فرقاً بين بيع الوفاء وبين هذا العقد الذي يتعامل به الناس الآن في أفغانستان ومن هذه الفوارق :
1 - أن بيع الوفاء رهن حقيقي - عند القائل بجوازه - ومن ثم فقد اشترط لصحته شرطان وهما :
1 - أن ينص في العقد على أنه متى رد البائع الثمن رد المشتري المبيع •
2 - سلامة البدلين •
فإن تلف المبيع وفاء وكانت قيمته مساوية للدين - أي الثمن - سقط الدين في مقابلته ، وإن كانت زائدة على مقدار الدين ، وهلك المبيع في يد المشتري سقط من قيمته قدر ما يقابل الدين (1) •
فإذا انعدم هذان الشرطان ، أو انعدم أحدهما ، فلا يصح بيع الوفاء • ولا يترتب عليه أي أثر من آثاره •
بينما الأمر ليس كذلك في هذا العقد ، وذلك لانعدام الشرط الثاني - وهو سلامة البدلين - لأن هلاك الدار أو العمارة يكون من ضمان بائعها ولا يرجع بشيء في ذلك على المشتري ، اللهم إلا إذا كان الهلاك بسبب فعل المشتري فإنه في هذه الحال يتحمل تبعة الهلاك ، وفي غير ذلك يكون البائع مسئولاً عن هلاك العقار وتلفه • وبهذا فارق هذا العقد ، بيع الوفاء الذي حكم بجوازه متأخرو الحنفية •
2 - إن بيع الوفاء جُوّز للضرورة الملحة إليه ، لأن الناس يمتنعون عن اقتراض أموالهم إذا لم يكن ثمنه منفعة ينتفعون بها من هذا الاقتراض ، وقد جرى عرف الناس على ذلك ، حتى لجأ الفقهاء إلى جوازه ، مع أن هذا العرف متعارض مع نص تشريعي ، فقام الفقهاء بتعليل النص بما يوافق مع هذا العرف ، وهو أن علة النص إذاً تنتفي وتزول بالعرف ، وحينها يجوز التعامل بهذا العرف الطارئ •
أما الناظر في هذا العقد فإنه يرى أن الضرورة معدومة من أساسها ، لأن التاجرالذي يأخذ أموال الناس في مقابل بيع العقار وفاء عليهم ، لا يقصد من وراء هذا العقد سوى زيادة دخله ورواج تجارته ، وليست هناك أية ضرورة تستدعيه إلى هذا التعامل سوى الطمع والجشع • ثم إن هذا العرف متعارض تماماً مع نص تشريعي وهو النهي عن بيع وشرط • لأن علة النص - وهو وقوع المنازعة والمشاحنة - لاتزول بهذا العرف بل تزيد وتكثر، والواقع خير شاهد على ذلك ، حيث أكثر المنازعات والخصومات تكون بسبب هذا العقد، وبالتالي فلا يصح مقارنة هذا العقد مع بيع الوفاء ، ولا وجه قياسه على بيع الوفاء في الجواز والإباحة •
3 - إن الإباحة في العقود مشروط بعدالتها ، وعليه فكل عقد يحل حراماً حرمه الله على عباده ، أو يحرم حلالاً أحله لهم يكون باطلاً وغير مشروع •
ومن هنا نرى أن العدالة معدومة في هذا العقد لأن التاجر الذي يبيع عمارته في مقابل مقدار من المال إلى أجل معلوم ، قد يستفيد المشتري ويكسب في خلال تلك الفترة من الربح مايزيد أضعافاً عما دفعه إلى التاجر مضافاً إليه أنه في النهاية يأخذ ماله كما هو • أليس هذا هو عين الربا الذي نهى عنه الشارع • وأين العدالة التي اشترطها الفقهاء في إباحة العقود وكيف حققت ؟
ولما كان الأمر كذلك ، التجأ الفقهاء - في أفغانستان وباكستان - إلى حرمة هذا التعامل ، وأفتوا بحرمته •
واستندوا في فتاواهم إلى الأدلة التي تحرم التعامل بالربا ، بالإضافة إلى أن هذا العقد لا يندرج تحت أي صنف من أصناف العقود التي بينها الفقهاء ووضعوا لكل عقد أحكامه الخاصة به يميزه عن غيره من العقود (1) •
وبهذا أكون قد وصلت إلى نهاية المطاف في هذه الدراسة الفقهية ، عسى الله أن أكون قد قربت به بعيداً أو قنصت به شارداً •
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا •
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى أهله وصحبه وكل من أعانه على رفع منارة الدين ، وتفقه في دينه •
أهم نتائج البحث
1- جعلت الشريعة الإسلامية عقد الرهن من الوثائق المالية محافظة على أموال الناس ، وصوناً لحقوقهم من الضياع • ليكون المرهون بمنزلة وثيقة مالية لدى المرتهن ليستوفي منها حقه بالبيع عند تعذر الوفاء وحلول الأجل ، ويقدم المرتهن على سائر الغرماء في استيفاء حقه •
2 - إن عين المرهون ومنافعه ملك للراهن ، فلا يحل للمرتهن الانتفاع بشيء منه إذا لم يأذن له الراهن ، ولم يكن المرهون مركوباً ، أو محلوباً أو صالحاً للخدمة •
3 - رجح البحث - بعد مناقشته أقوال الفقهاء وأدلتها - عدم جواز انتفاع المرتهن من المرهون مطلقاً - سواء كان الدين قرضاً ، أو غير قرض ، وسواء اشترط في العقد أو لم يشترط • وإن صدر له الإذن من الراهن بالانتفاع •
4 - إن ما يحتاج إلى النفقة من المرهون ، من مركوب ، أو محلوب ، أو صالح للخدمة وامتنع الراهن عن الإنفاق عليه ، فيجوز للمرتهن الانتفاع منه شريطة أن يكون الانتفاع بمقدار النفقة وإن لم يأذن له الراهن ، لما فيه الحفاظ على ذي روح وهذا ما يتفق ومبادئ الشريعة السامية المقتضية بالمحافظة على كل ذي روح من الضياع والهلاك •
5 - يعد بيع الوفاء رهناً حقيقياً ، فيأخذ أحكام الرهن •
6 - استثنى فقهاء الحنفية - المتأخرون - بيع الوفاء من نهي الشارع عن بيع وشرط • وعللوا لذلك بأن العرف إذا كانت تزول وتنتفي به علة النص المعارض - وهي وقوع النزاع والمشاحنة بين المتعاقدين في بيع وشرط - يحترم شرعاً ولو كان عرفاً حادثاً •
7 - ما يتعامل به الناس في بعض البلدان من قيام التجار ببناء العمارات والمحلات التجارية ، ثم بيعها وفاءً مقابل مقدار معلوم من المال مستهدفين بذلك رواج تجارتهم وزيادة دخلهم ليس من بيع الوفاء كما زعموا •
8 - بالمقارنة بين بيع الوفاء وهذا العقد رأينا أن هناك فروقاً عدة بينهما• ومن هذه الفروق :
أ - يشترط لصحة بيع الوفاء ، سلامة البدلين ، فإن تلف المبيع وفاء وكانت قيمته مساوية للدين - أي الثمن - سقط الدين في مقابله ، وإن كانت زائدة على مقدار الدين وهلك المبيع في يد المشتري سقط عن قيمته قدر ما يقابل الدين •
ورأينا أن هذا الشرط معدوم في هذا العقد ، فالبائع هو الذي يتحمل تبعة هلاك المعقود عليه دون المشتري - سواء كان الهلاك بالآفة أو بفعل الآدمي - اللهم إلا إذا كان للمشتري يد في هلاكه ، ففي هذه الحالة يكون مسئولاً عن الهلاك أو التلف •
ب - جوز بيع الوفاء للحاجة الملحة إليه ، والدافع إلى جوازه افتقار المرء إلى المال ليخرجه عن الضائقة ، فلا خيار أمامه سوى بيع عقاره وفاءً • بينما الناظر في هذه المعاملة يرى أن الدافع إلى هذا العقد هو رواج التجارة وزيادة الدخل والضرورة والحاجة •
ج - الإباحة في العقود مشروطة بعدالتها ، فكل عقد خلا عن هذا الوصف يعد باطلاً، كما هو الحال في هذا العقد • فإن المشتري في هذا العقد يكسب من الأرباح والخيرات في خلال المدة المضروبة للعقد ما يتجاوز أضعاف ما دفعه إلى البائع ، بالإضافة إلى ذلك أنه يسترد أو يرد إليه حقه كاملاً • فيبقى الانتفاع من المعقود عليه وما اكتسبه من الأرباح دون مقابل وهذا بعينه يعد ربا •
وأخيراً أصدر كبار العلماء في أفغانستان وباكستان فتوى بعدم جواز هذا العقد ، وعدوه من الربا المنهي عنه شرعاً •
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين •
الهوامش:
(1)الزبيدي : تاج العروس : 9/122-222 ، والفيومي : المصباح المنير : 1/249 ، والأزهري: تهذيب اللغة : 6/572•
(2)المصادر السابقة •
(3)سورة الطور من الآية 21 •
(4)تاج العروس : 9/222 ، وتهذيب اللغة : 6/572-672 ، والمعجم الوسيط : 1/973 •
---------------
(1)البابرتي : شرح العناية على الهداية : 8/981 وحاشية الطحطاوي على الدر : 4/439 •
(2)ابن عرفة : حاشية الدسوقي : 3/139-239 وحاشية العدوي على الخرشي : 5/639 ، والحطاب : مواهب الجليل : 5/2-3 •
(3) الرملي : نهاية المحتاج : 4/992 ، والشربيني : مغني المحتاج : 2/191 •
(4) ابن قدامة : المغني : 4/512 ، والبهوتي : كشاف القناع : 3/123 •
--------------
(1)المغني : 4/512 •
(2)سورة البقرة من الآية 382 •
(3)سورة البقرة من الآية 283 •
(4)الجصاص : أحكام القرآن : 1/625 وأبو السعود : فتح المعين على منلا مسكين : 3/344•
---------------
(1)الحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة - رضي الله عنها -• صحيح البخاري: 3/421 كتاب: الرهن ، باب: من رهن درعه ، وصحيح مسلم : 2/ق 1/94 باب : الرهن في الحضر ، والسفر •
(2)الحديث أخرجه ابن ماجة في سننه عن نصر بن علي الجهضمي عن أبيه ، عن هشام ، عن قتادة ، عن أنس - رضي الله عنه - سنن ابن ماجة : 2/618 ، ح/7342 •
(3)المرغيناني : الهداية : 4/621 ، والموصلي : الاختيار لتعليل المختار : 2/36، والشربيني : مغني المحتاج : 2/121، وابن قدامة : المغني : 4/512 •
(4)السرخسي : المبسوط : 11/46 ، المرغيناني : الهداية : 4/621 ، البابرتي : شرح العناية : 8/981، ابن العربي أحكام القرآن: 11/901، القرطبي : الجامع لأحكام القرآن : 13/5121 الشافعي : الأم : 3/831 ، الشيرازي : المهذب : 1/503 الشربيني : مغني المحتاج : 2/121، المغني : 4/512 ، البهوتي : كشاف القناع : 3/123 •
------------
(1)الجصاص : أحكام القرآن : 1/625 ، المغني : 4/512 ، ابن حزم : المحلى : 6/263 •
(2)المحلى : 6/263 •
(3)الجامع لأحكام القرآن : 3/5121 •
(4)ابن حجر : فتح الباري : 01/922 •
-------------
(1)تقدم تخريجه •
(2)تقدم تخريجه •
(3)السرخسي : المبسوط : 12/46 •
(4)ابن قدامة : المغني : 4/512 •
(5)الجامع لأحكام القرآن : 3/5121 •
--------------
(1)سورة النساء من الآية 23 •
(2)المبسوط : 12/46 الجامع لأحكام القرآن : 3/5121 ، كشاف القناع : 3/123 •
(3)سورة البقرة الآية 282 •
(4)سورة البقرة الآية 283 •
-------------
(1)الحديث أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة • صحيح البخاري : 3/331 كتاب : المكاتب •
(2)سورة المائدة من الآية 2 •
(3)المحلى : 6/263 - 463 •
--------------
(1)الجامع لأحكام القرآن : 3/5121 •
(2)الآمدي : الإحكام في أصول الأحكام : 3/441-541 ، مطبعة المعارف بمصر 2331هـ ، الشوكاني : إرشاد الفحول ص 971 ، ط مصطفى البابي الحلبي بمصر 6531هـ •
--------------
(1)المغني : 4/052 - 152 •
(2)مجمع الأنهر : 2/885 ، الأم : 3/551 ، تحفة المحتاج : 5/25 •
--------------
(1) البابرتي : شرح العناية : 8/691 ، داماد أفندي : مجمع الأنهر : 2/785 ، البغدادي : مجمع الضمانات : ص 901 ، وابن عابدين : رد المحتار : 5/23 ، الرملي : تحفة المحتاج مع حاشيتي الشرواني والعبادي عليه : 5/25 •
(2)النفراوي : الفواكه الدواني : 2/331، مواهب الجليل : 5/71 ، شرح الخرشي : 5/542 ، تحفة المحتاج : 5/25 ، المغني : 4/152 •
(3)الفواكه الدواني : 2/331-431 ، المغني : 4/152 •
--------------
(1)الحديث أخرجه البيهقي ، والدارقطني في سننهما ، وعبد الرزاق في مصنفه ، عن طريق معمر، ويونس بن يزيد الآيكي عن الزهري ، عن سعيد ( مرسلاً ) إلا أن رواته قد جعلوا قوله ( له غنمه وعليه غرمه ) من قول سعيد •
وأخرجه الشافعي في مسنده • والبيهقي في سننه ، وعبد الرزاق في مصنفه ( مرسلاً) من حديث ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد ( بمعناه ) وأخرجه البيهقي عن سفيان عن ابن أبي ذئب وقال في سننه : ( الرهن ممن رهنه له غنمه ••• )
وأخرجه أبو داود في مراسيله عن ابن المسيب وجعل هذه اللفظة ( له غنمه ••• ) من قول سعيد بن المسيب •
وأخرجه الحاكم ، والبيهقي ، والدارقطني ( موصولاً ) من حديث زياد بن سعد عن الزهري ، وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف فيه على أصحاب الزهري ، وقد تابعه مالك ، وابن أبي ذئب وسليمان بن أبي داود ، والحراني ، ومحمد بن الوليد الزبيدي ، ومعمر بن راشد على هذه الرواية • وقال الدارقطني : زياد بن سعد من الحفاظ الثقات ، وهذا إسناد متصل وصححه عبد الحق في أحكامه •
وأخرجه البيهقي ، والحاكم ، والدارقطني ( موصولاً ) عن طريق إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ( بلفظه ) • وأخرجه الحاكم، والدارقطني عن طريق سليمان بن أبي داود ، وإسماعيل بن عياش ، عن الزبيدي ، وكديد بن يحيى ، عن معمر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ( بمعناه ) •
سنن البيهقي : 6/93 - 04 ، سنن الدارقطني : 3/03-33 ، المستدرك : 2/15 - 25 ، بدائع المنن في ترتيب مسند الشافعي : 8/981-091 ، المصنف : 7/732 ، مراسيل أبي داود : ص 12 نصب الراية : 4/023 - 123 •
(2)مجمع الأنهر : 2/885 •
----------------
(1)الدكتور الشهاوي : المذاهب الفقهية في الشفعة والرهن : ص 04 •
(2)مجمع الأنهر : 2/885 ، شرح العناية : 8/691 •
(3)الحديث أخرجه البيهقي في سننه عن يحيى بن سعد ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه • وقال فيه الحافظ ابن حجر : وفيه الحارث بن محمد الفهري وهو مجهول ، وفيه أيضاً داود ابن الزبرقان وهو متروك الحديث •
سنن البيهقي : 6/79-001 ، تلخيص الحبير : 3/54 - 64 •
-------------
(1)الحديث أخرجه البيهقي في سننه ، عن عبد الله بن عياش ، عن يزيد بن حبيب ، عن أبي مرزوق النجيبي عن فضالة بن عبيد ( موقوفاً ) ، وقال الحافظ : لم يصح فيه شيء • وإن إمام الحرمين ، قال : إنه صح وتبعه الغزالي •
سنن البيهقي : 5/053 ، تلخيص الحبير : 3/43 •
(2)السيوطي : الجامع الصغير : 2/49 ، المناوي : كنوز الحقائق : 2/04 •
(3)مفهوم اللقب : هو : دلالة منطوق اسم الجنس ، أو اسم العلم على نفي حكمه المذكور عما عداه ، وقد مثل الآمدي للأول بحديث الأصناف الستة في تحريم الربا وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ••• ) و للثاني بقوله : زيد قائم • فإذا قلنا بمفهوم اللقب فما عدا الأصناف الستة التي تناولها الحديث لا تعد أصنافاً ربوية ، وماعدا زيداً فهو غير قائم ، ولم يقل بهذا المفهوم غير الدقاق من الشافعية وبعض الحنابلة ، أما الجمهور فهم على خلاف ذلك •
راجع : الآمدي : الإحكام في أصول الأحكام : 2/312 ، الغزالي : المستصفى : 2/64 •
---------------
(1)الفواكه الدواني : 2/431 ، تحفة المحتاج : 5/25 •
(2)ابن حجر: فتح الباري : 01/332 الشوكاني: نيل الأوطار:5/462-562المحلى : 6/763 •
----------------
(1) الكاساني : بدائع الصنائع : 6/641، مجمع الأنهر : 2/885 الاختيار : 2/66-76، مواهب الجليل : 5/22، شرح الخرشي : 5/832، ابن جزي : القوانين الفقهية ص 312 الأم : 3/551، تحفة المحتاج : 5/25 ، المغني : 4/152 ، كشاف القناع : 3/243 •
(2)المغني : 4/152 •
(3)المحلى : 6/663 •
(4)تقدم تخريجه •
---------------
(1)الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، والبيهقي في سننهم من حديث زكريا عن الشعبي ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم •
وقال أبو داود : هو عندنا صحيح • وقال الترمذي : حديث حسن لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الشعبي عن أبي هريرة • وقد روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي هريرة ، مرفوعاً •
صحيح البخاري : 3/421-521 باب : الرهن مركوب ومحلوب • ، سنن أبي داود : 3/093-193، ح /6253 ، سنن الترمذي : 3/645 ، ح 4521 ، سنن ابن ماجة : 2/618 ، ح/0442 ، سنن البيهقي : 6/83 •
(2)رواية حماد أخرجها ابن حزم في المحلى ، عن حماد بن سلمة ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم النخعي ، وقال ابن حزم ، إن عبارة : ( فإن استفضل من اللبن •••• ) زيادة من إبراهيم • وليس من قوله صلى الله عليه وسلم • المحلى : 6/763 •
(3)المغني : 4/152 •
(4)الجصاص : أحكام القرآن : 1/235 ، المغني : 4/152 •
---------------
(1)تقدم تخريجه •
(2)الأم : 3/551 •
(3)المغني : 4/152 •
(4)تقدم تخريجه •
(5)نيل الأوطار : 5/562 •
(6)الشهاوي : المذاهب الفقهية : ص 54 •
(7)الزيلعي : نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية : 4/023 - 123 •
--------------
(1)الجصاص : أحكام القرآن : 1/925 ، مراسل أبي داود : ص 12 •
(2)نصب الراية : 4/123 •
(3)المغني : 4/152 •
-------------
(1)المغني : 4/15 ، نيل الأوطار : 5/562 •
(2)أحكام القرآن : 1/925 •
(3)نيل الأوطار : 5/562 •
(4)تقدم تخريجه •
(5)السرخسي : المبسوط : 12/801 •
(6)المذاهب الفقهية : ص 74 •
(7)نيل الأوطار : 5/562 •
--------------
(1)الحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر • صحيح البخاري : 2/46 صحيح مسلم : 2/621 •
(2)نيل الأوطار : 5/562 •
(3)تقدم تخريجه •
(4)نيل الأوطار : 5/662 •
(5)ابن القيم : إعلام الموقعين : 2/73 ، نيل الأوطار : 5/662 •
وقد بين ابن القيم والشوكاني أن هذا الحديث على وفق القواعد ، والأصول الشرعية وليس مخالفاً للقياس ، ولا يرد إلا بما هو أرجح منه •
-------------
(1)المغني : 4/452•
(2)سورة النساء من الآية 29 •
(3)سورة البقرة من الآية 188 •
(4)الحديث تقدم تخريجه •
(5)الحديث أخرجه البخاري في صحيحه عن طريق عبد الله بن محمد ، عن أبي عامر ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، صحيح البخاري : 1/003 •
--------------
(1)المحلى : 6/563-663 ، نيل الأوطار : 5/562 - 662 •
(2)تقدم تخريجه •
------------
(1)الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، والبيهقي في سننهم من حديث زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً•
وقال أبو داود : هو عندنا صحيح •
وقال الترمذي : حديث حسن لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الشعبي عن أبي هريرة •
وقد روى غير واحد هذا الحديث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً •
صحيح البخاري : 3/421-521 باب الرهن مركوب ومحلوب •
سنن أبي داود : 3/093-193 ، ح/6252 •
سنن الترمذي : 3/645 ، ح/4521 •
سنن ابن ماجة : 2/618 ، ح/0442 •
سنن البيهقي : 6/83 •
(2)الحديث أورده ابن حزم في المحلى عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي •
وقال ابن حزم : إن عبارة : ( فإن استفضل من اللبن بعد ثمن العلف فهو ربا ) زيادة من إبراهيم النخعي وليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم •
المحلى بالآثار : 6/763 ، تحقيق : الدكتور عبدالغفار البنداري •
--------------
(1)رد المحتار : 4/752 •
(2)الزيلعي : تبيين الحقائق : 5/381 ، وابن البزاز : الفتاوى البزازية بهامش الهندية : 4/504•
(3)مواهب الجليل : 4/373 •
(4)تبيين الحقائق : 5/481 ، وابن نجيم : البحر الرائق : 6/8 والفتاوى الهندية : 3/802 - 902 ورد المحتار : 4/642 - 742 ومواهب الجليل : 4/373 ومغني المحتاج : 2/13 ونهاية المحتاج : 3/334 والحجاوي : الإقناع : 3/85 •
---------------
(1)مصادر أصحاب هذا المذهب •
(2)مصادر أصحاب هذا المذهب •
(3)مصادر أصحاب هذا المذهب •
----------
(1) ومن الأمثلة التي يذكرها الفقهاء على ذلك عقد الاستصناع - وهو : شراء ما سيصنع قبل صنعه • والقواعد تأباه لأنه من باب بيع ما ليس عند الإنسان وقد نهى الشارع عن بيع ما ليس عند الإنسان ، ولكن الاستصناع عقد قد تعارفه جميع الناس في كل البلاد لاحتياجهم إلى طريقته ، ولا سيما في الأحذية ونحوها مما فيه مقاييس وأوصاف يختلف فيها الشخص عن غيره • فلذلك آثر الاجتهاد جواز عقد الاستصناع للعرف الجاري فيه ، وعد هذا العرف مخصصاً لعموم النص العام المانع •
(2)ابن نجيم : الأشباه والنظائر : 1/431 ، ابن عابدين : رسالة نشر العرف : 2/611 • من مجموعة رسائله •
----------------
(1)ابن نجيم : المرجع السابق : 1/331 القرافي : الفروق : 1/6 والزرقا : المدخل الفقهي العام 2/009 •
(2)1/331 •
--------------
(1)الهداية بشروحها : 6/751 •
(2)الهداية وشروحها : 6/67 - 77 •
-------------
(1)الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الوسيط عن أبي حنيفة ، عن عمرو بن شعيب ، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم •
الزيلعي : نصب الراية لأحاديث الهداية : 4/81 •
(2)وقد ثبت في السنة جواز اشتراط الخيار للمشتري في عقد البيع ، أي اشتراط حق الفسخ أو الإبرام خلال مدة معينة ويسمى : خيار الشرط ، لأن المشتري قد يحتاج إلى التروي خشية الغبن ، وقد شكا أحد الصحابة وهو حبان بن منقذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كثيراً ما يغبن في البياعات فأرشده إلى اشتراط الخيار بقوله : ( إذا اشتريت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام ) •
فقاس عليه الفقهاء جواز اشتراط الخيار المذكور للبائع أيضاً لأن حاجته إلى ذلك كحاجة المشتري • وقاموا أيضاً على أصل خيار الشرط في الجواز حالة أخرى سموها : خيار النقد • وهو أن يشترط البائع على المشتري المستمهل في دفع الثمن أنه إن لم يحضر الثمن خلال مدة معينة فلا بيع بينهما وذلك خوفاً من أن يغيب المشتري طويلاً ويتأخر في الدفع وقد أصبح المبيع ملكاً له بالعقد لايستطيع البائع التصرف فيه فيتعزر البائع ويبقى معلقاً تحت رحمة المشتري • ووجه قياسه على خيار الشرط هو دفع لحاجة مشروعة •
راجع : الزرقا : المدخل الفقهي العام : 1/37-47 •
---------------
(1)العناية شرح الهداية : 6/67 - 77 •
هذا ، ويتضح من ذلك أن اعتبار العرف الحادث المخالف في الظاهر لعموم النص التشريعي العام ليس من قبيل تخصيص النص العام بعرف حادث ، لأن من شرائط تخصيص النص التشريعي العام أن يكون دليل تخصيصه مقارناً له في الوجود ، إذا التخصيص تفسير لمراد الشارع من نصه منذ صدوره عنه فلا يمكن أن يعد النص العام النافذ على عمومه مخصصاً منذ صدوره بعرف سيحدث فيما بعد وربما لا يحدث • ولكن اعتبار العرف الحادث الذي يزيل علة النص هو نتيجة لاعتبار النص مخصصاً بمقتضى علته فهو تخصيص بالعلة لا بالعرف الحادث فالنص المانع للشرط في البيع بعد أن حدد الاجتهاد علة المنع فيه يعد منذ صدوره مخصوصاً ومقصوراً على الحالات التي تتحقق فيها علته ، دون سواها من الحالات التي تنتفي فيها تلك العلة • ومن هذه الحالات التي تنتفي فيها علة هذا النص صيرورة الشرط متعارفاً •
فالتخصيص هنا في الحقيقة إنما هو تخصيص بعلة النص ، وما اعتبار العرف الحادث إذا كان نافياً لتلك العلة إلا تطبيق لذلك التخصيص السابق الاعتبار •
(2)شرح العناية : 6/77 ورد المحتار : 4/121-321 •
---------------
(1)شرح العناية : 6/451 •
(2)رد المحتار : 4/781 •
(3)الشاطبي : الموافقات : 2/382 - 482 •
---------------
(1) راجع في الشرطين : ابن عابدين : رد المحتار : 4/742، مجلة الأحكام العدلية مادة 993-004 •
----------------
(1)الفتاوى المعاصـرة : 1/401 - 211 تأليف : لجنة من كبار علماء أفغانستان وباكستان • ط: دهلي تعلبندي ، كراتشي ، باكستان ، الطبعة الثانية 3141هـ - 3991م •